سوف: ( ديون ) .. جارة ( جراسا) 1 و 2 و3

سوف: (ديون).. جارة (جراسا) (1-3)

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


(وفردوسنا بسوف الهوى يطيب من أم الدرج لن هب يكشف صوابي)

البدء شعرا، حين يكون الحديث عن سوف..
وهي القرية القريبة إلى أهلها، والحاضرة في وجدان من يزرها، ولذا فحين حاكاها الشاعر ''عطا سلامة عضيبات''، وكأنها فردوسه، كان يعبر عن روح ارتباطه بهذا المكان، ويصر بأن يؤكد هذا في مطلع قصيدة أخرى، فيها يقول:
(يا ما حلا وبسوف عند المسيّة
جمعة ارفاقه، ونقظب الدرب تغريب
هوى مشخّل من جبال عذيّه
وصفّاه ربي بسنديان العراقيب
وزهر النبق إذا وبريحه زكيه
ولن صافح الخدّين قلبك به يطيب)
هناك هي سوف..
وتلك بعض صفاتها، حيث موقعها غرب جرش، مسافة ثمانية كيلومترات، ثم يكون الاستقبال للقادم بهوائها العليل، وطبيعتها الزكية، وعبق التاريخ الذي تتشربه تربتها، وهو مكتوب على أشجارها، ومحفور على هامة بيوتها.

الخانوقة

غرب جرش..
إنها سوف.. القرية التي تشير الكتابات القديمة إلى أن اسمها هو كلمة لاتينية معناه النهر، أو مدينة الينابيع، أو المنتجع، أو المنتزه، على حد رواية نفر من أهلها، وتذكر أحيانا دير ياسوف، وكفر ياسوف، وياسوف، ولكن الكتب تشير أيضا إلى أنه أطلق عليها عند تحديدها تسمية جارة جراسا(هذه التسمية'' جراسا أو جراسيا'' تطلق على جرش في العصور القديمة)، كما أنه في العهد التركي أطلق الأتراك على سوف تسمية الخانوقة أو حنوق أو الخندق.
ولكن فريدريك بيك في كتابه تاريخ شرقي الأردن وقبائلها يشير إلى أن سوف هي ديون القديمة، وهذا يفصله في هامش الصفحة 37 قائلا بأنه ''حسب الخارطة 38 من الأطلس التاريخي للأرض المقدسة لآدم سميث، تكون ديون هي قرية سوف الحديثة، وابلا اربد..''، وبذلك تكون سوف قد ''بنيت حوالي النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد''.
ولعل التسمية نسبة إلى المياه هي الأقرب إلى وصف واقع سوف، وهي أفضل توصيف للمكان، حيث الينابع الكثيرة في سوف، حتى أنه يمكن رصد أكثر من أربعين عين ماء فيها، ويورد كبار السن في القرية أسماء بعض تلك العيون على النحو التالي: (عين سوف، وعين وادي سوف، وعين أم ظاهر، وعين مفرج، ونبع الفوار، وبصاص عبيد''الفوقا، والتحتا''، وعين الذيبة، وبصاص الدب الشرقية والغربية، وعين نبهان، وعين المرج، وبصاص قرع، وبصاص حسان، وعين أم جرن، وعين القرقة، وعين علي الدخل الله، وعين بصت لوزه، وعين السبطة، وعين عدامه، وبصاص فخاره، وعين المنصورة، وعين واد الدن، وبصاص سعد، وعين أم الدجاج، وعين الميته، وبصاص منديل''أم الخيرات''، وعين أبو الخون، وعين ظهر المدينة، وعين الشواهد،وعين الحنيش، وعين الخراج، عين المغاسل..).
وتتقاطع بعض هذه التسميات للعيون، والتي دونت من ذاكرة أهل القرية، مع ما كتبه الباحث عليان عبد الفتاح الجالودي في كتابه'' قضاء عجلون 1864-1918م''، حيث رصد الينابيع في تلك الفترة في سوف على النحو التالي:'' الديبي، الشواهد، زيلة، أم جرين، العقدة، نبهان، الغزال، أم فرج، أم الجرم، بصة عبيد، بصة لوزة، البلد، الغراقة، الطيبة، الفوار''.

المنصورة

عند تحديد موقع قرية سوف، نعود الى الوصف الذي كان يطلق قديما عليها عند تحديدها، بأنها تقع '' في مطلع الشمس''.
وموقعها التاريخي القديم كان في أراضي المنصورة (وهي خربة قديمة ضمن أراضي سوف الآن، واسمها خربة سوف) التي تعتبر منطقة ذات آثار أرضيات فسيفسائية وأبنية وينابيع، هذا كما أشار إليه مصطفى علي العتوم وياسر عبد المجيد العضيبات في كتابهما '' تاريخ سوف الاجتماعي''، ويضيفان كذلك بأن ''تاريخ تلك الآثار في المنصورة يرجع الى زمن الرومان والبيزنطيين واليونان، وقد أقيم فيها كنيسة أثرية كتب عليها عبارات ذات حكم، وأقوال للعبادة والتوحيد، ولما جاء الحكم الإسلامي بعد قدوم القائد العربي شرحبيل بن حسنة، وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، حوّلت هذه الكنيسة الى مسجد كتب عليه (في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز)، وأقيم عليه العمران، وسمي باسمه..''.
ولكن حدود قرية سوف الحديثة يمكن تثبيتها على النحو التالي في أنه يحدها من الشرق بني حسن، قرية دخل، ومن الشمال قفقفا وبليلا وحدود النعيمة، ومن الغرب الشمالي صخرة وحدود عبلين وحدود عنجرة، ومن الجنوب الغرب ساكب وحتى سيل الزرقاء، ومن الجنوب سد الملك طلال، والمجدل، وسيل الزرقاء.

حديث الرحالة

لأنها قديمة، عريقة، وحاملة إرث عتيق، فقد وثقها الرحالة عندما مروا بها، أو كتبوا عن المنطقة التي تقع فيها.
لذلك فإنه عند العودة الى ما دونوه عن سوف، نلاحظ أن الرحالة بيركهارت في رحلته الشهيرة الى الحجاز والشام والنوبة مرّ بأراضي سوف وكتب عنها قائلا: '' وبعد سبع ساعات وربع الساعة ابتداء من الرمثا وصلنا الى نبع سوف، وأطفأنا ظمأنا من مائه، بعد أن أمضينا يومنا دون ماء، وتقع سوف على منحدر الجبل، في جنب الوادي الغربي الذي يدعى الدير، ويتزود الجدول الذي يجري في الوادي، ويدعى القيروان من ينابيع غزيرة تتدفق من تحت صخرة قرب القرية. تضم قرية سوف حوالي أربعين عائلة تتكون أملاكها الرئيسية في المنطقة التي تدعى المعراض. في سوف بناية مربعة قديمة متهدمة، مع عدة أعمدة محطمة، وقد نسخت كتابات قديمة من خرائبها، وعلى مقربة من منابع العين توجد عدة كهوف تقيم فيها عائلات''.
كما أن ج.س. بكنجهام زارها في رحلته سنة 1816م، ووثق الزيارة في كتابه رحلات في الأردن وفلسطين حيث قال عنها: ''سوف بلدة مهمة في الزمن القديم، تضم في الوقت الحاضر ما بين 40-50 منزلا وعدد سكانها 500 نسمة، وتتبع باشا دمشق، ويزرع الأهلون أراضيهم بحبوب القمح، كما تكثر أشجار الزيتون والكرمة فيها''.
وذكر القس كلاين الذي زار المنطقة في عام 1868م، أن سكان سوف كانوا يبلغون مائة عائلة مسلمة وأربع عائلات مسيحية.

دفاتر الطابو

كما أن سوف دونت في الوثائق العثمانية، وقد تم رصد بعض ما اختص بها في الجزء الثاني من كتاب ''مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه'' للباحث المهدي عيد الرواضيه، حيث وثق ما ورد عن سوف في دفاتر الطابو العثمانية، وفي هذا السياق هو يشير إلى أن سوف ذكرت في دفتر دفتر مفصل لواء عجلون رقم 970، وورد عنها ما يلي: '' قرية وادي شوف(سوف) تابع عجلون، تيمار موسى بن أوغور وبيرام وجاوش محمد، فيها إحدى وسبعون خانة وأربعة مجردين وإمامان، وعدد النصارى ثمانية أنفار، حاصل قسم من الربع: سبعة عشر ألفا وتسعمائة وثمان وتسعون آقجة. من الحنطة: ست عشرة غرارة قيمتها ألفان وثمانون آقجة. من الشعير: ثمان غرارات قيمتها خمسمائة وستون آقجة. وخراج كروم العنب اثنا عشر ألفا وتسعمائة واثنتان وستون آقجة. يؤخذ عن كل مائتي دالية عشر آقجات، وخراج الزيتون: ألف وخمسمائة آقجة، عن كل شجرتين آقجة واحدة. وخراج الفواكه خمسمائة آقجة، عن كل خمس شجرات آقجة واحدة. ورسم المعزة(الماعز): ثلاثمائة آقجة. ورسم المعصرة ست وتسعون آقجة. وجزية النصارى(8 في 80) ستمائة وأربعون آقجة خاص شاهي(سلطاني)''.
كذلك هو يذكر أيضا أن سوف وردت في دفتر مفصل لواء عجلون رقم 185، حيث كانت الإطلالة عليه في ذلك الزمن على النحو التالي: '' قرية حنوق(خندق) تابع بني علوان، وتدعى أيضا وادي سوف، فيها خمس وسبعون خانة وخمسة مجردين، وعدد جماعة النصارى في هذه القرية عشر خانات، جزيتهم تسعمائة آقجة. وحاصل قسم من الربع؛ من الحنطة: ثلاثون غرارة قيمتها أربعة آلاف وثلاثمائة آقجة. من الشعير: عشرون غرارة قيمتها ألف وستمائة آقجة. وخراج الأشجار وغيره: عشرة آلاف آقجة. ورسم المعز والنحل: ثلاثة آلاف وثلاثمائة وعشرون آقجة. ورسم المعصرة ثمانون آقجة. وبادهوا: ألف آقجة؛ فيكون المتحصل عشرون ألف ومائتي آقجة''.

المناطق القديمة

ولأن البداية من الجغرافيا، والموقع، فإنه لا بد من الإشارة الى المناطق التاريخية القديمة، لتكون الصورة واضحة حول المكان، قبل أن يكون السرد لتاريخ الإنسان الذي شكل ذاكرتها، وقد قدم سردا لها عبد الله علي أحمد أبو كشك الزريقات، وهو من أبناء سوف، وله حانوت عطارة في جرش، وقد سرد الأماكن على النحو التالي: '' طرون، أبو المغر، وادي الدن، الطوال، المنصورة، طربون، طور غيث، طور نقرش، خربة المرج، خربة ظهر المدينة، خربة المصلى، خربة أبو المغر، خربة فاميا، خربة أم الدرج، الطور الأحمر، خربة الماشوح، المضبعة، خربة السبطة، طاقة النمرة، خربة زقريط، خربة دير عمود، خربة عرامة، خربة المنصورة، خربة الحجرين، درجة سعدا، المعصاة، مقطع القرمية، رجس، الحروث، باب أم الصفا، الكوم، عراق راجح، وادي صرصر، البرج، المنارة، حبلة مطة، خلة لبوة، بيدر الحمص، المدابس، أبو الروس، السراب''.


ســـيرة قريـــة

تقع سوف في الجهة الغربية من جرش، على مسافة 8 كيلومترات، على خط الطول 35 درجة و50 دقيقة شرقا، ودائرة العرض 32 درجة و19 دقيقة شمالاً، ومساحتها تقريبا 39 ألف دونم، وهي إحدى مناطق بلدية جرش الكبرى، وتتبع إداريا إلى لواء القصبة في محافظة جرش.

الديموغرافيا:

يبلغ عدد سكان سوف بحسب التعداد العام للسكان والمساكن عام 2004م 11616 نسمة(5961 ذكورا و 5655 إناثا)، يشكلون 2067 أسرة تقيم في 2716 مسكنا.

التربية والتعليم:

توجد في سوف 10 مدارس هي: مدرسة سوف الثانوية الشاملة للذكور، مدرسة سوف الأساسية للذكور، مدرسة سوف الأساسية الجديدة للذكور، مدرسة البرج الثانوية للذكور، مدرسة سوف الثانوية الشاملة للإناث، مدرسة سوف الأساسية للإناث، مدرسة نفيسة بنت الحسن الأساسية المختلطة، مدرسة البرج الثانوية الشاملة المختلطة، مدرسة سوف الأساسية المختلطة، ومدرسة بيدر الحمص الأساسية المختلطة.

الصحة:

يوجد في سوف مركز صحي شامل.

المجتمع المدني:

توجد فيها جمعية سوف التعاونية، ومركز شباب سوف، ومركز شابات سوف، ونادي شباب سوف(وقد تم إغلاقه)، وجمعيات خيرية خاصة.


سوف: ( ديون ) .. جارة ( جراسا) (2-3)


كتابة وتصوير مفلح العدوان - مثل نبع لا ينضب هو البوح عن قرية سوف.. إذ أنه توجد في كل زاوية من المكان حكاية، وتحت كل حجر قصة، وفي ذاكرة كل فرد في البلدة أسطرا من كتابها الحافل بالتاريخ، والزاخر بالأحداث التي تراكمت فيها. زرتها مرات، وأحيانا كنت أمر منها في طريقي إلى عجلون، فأرى دروبها المتشعبة، وأشجارها العتيقة، وأهلها الطيبين وهم يحفرون معالم الحياة فيها.
بقيت سوف تستفزني للكتابة عنها، وقد زاد هذا التوق حين حدثني الزميل الأستاذ عبد الله العتوم (أبو علي)، عن مآثر المكان والتاريخ المسكون فيه، ثم عندما جلست في جرش في حانوت شيخ العطارين ''أبو محمد رسول عبد الله علي أبو الكشك''، وسرد لي ما سمعه من أبيه وجده عن ذاكرة سوف، إضافة إلى ما وعيه من سيرة المكان الذي يسكن فيه، زاد شغفي بالقرية أكثر، وبعد ذلك كان لقاء في منزل الشيخ أحمد توفيق العتوم، وبحضور كل من المختار علي اليوسف دندن ''أبو حسين''، ورشيد الحسين ''أبو صبري''، وشبلي عبد المجيد العتوم، ومصطفى دندن ''أبو حيدر''، وخالد التوفيق، وأحمد التوفيق، ومعهم ''عبد الله العتوم''، وغيرهم من أهل سوف.
استطعت عبر تلك الجلسات، واللقاءات، أن أضع تصورا لملامح تلك القرية، اكتملت حين قرأت عنها في الكتب المتفرقة، وزادت حضورا عندما تجولت فيها، وصورت كثيرا من تفاصيلها، وعيونها، وبيوتها، ومواقعها المختلفة.

الشيخ غنام
أكمل ما بدأت..
كنت دخلت في تفاصيل المكان، ومررت على المناطق، والعيون فيها، وأزيد الآن بأن من معالم سوف المعروفة فيها مقام الشيخ غنام، ومقام الشيخ ابن الأدهم، واسمه إبراهيم بن الأدهم حيث يقال بأنه قدم من العراق، وهو من الشيوخ الصوفيين، كذلك هناك مقام الشيخ نبهان، وكذلك قبر فافيان أو الفيومي ويسمى بقارون زمان المنطقة كناية على ما كان عليه من غنى وثراء، ويضاف إلى تلك المعالم الدينية والتاريخية المسجد العمري في سوف والذي بني في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، كما يمكن ذكر من الخرب، إضافة إلى ما سبق، خربة أم الصفا التي يقال أن هذا الاسم هو لملكة سكنت في الجبال المطلة على سوف من الجهة الشمالية، وخربة طرون نسبة إلى شيخ زاهد ويوجد له مسجد في المنطقة.

المنارة
ولا بد عند تتبع خارطة المكان في سوف من الإشارة إلى أن وديان القرية هي وادي سوف، ووادي المصرية، ووادي الدن، ووادي اقطيط، وأهم الجبال فيها جبل المنارة، وجبل الفنادق (ارتفاعه 1243م عن سطح البحر)، وجبل أم الدرج الذي توجد عليه محطة الرادار ونقطة البث للإذاعة، وجبل الطرون الذي يقع بين سوف وساكب.
كما أن من أهم جبالها ''جبل المنارة''، والمساحة حوله تسمى منطقة المنارة، ويبلغ ارتفاعها 1230 مترا عن سطح البحر، ويقال أن السوافنة كانوا ''أيام أول''، يوقدون فيها النيران كعلامة لأهل سوريا وحوران والصفة الغربية، ولتكون وسيلة اتصال مرئية، إيذانا بقدوم موسم العنب والقطين والزبيب في القرية، وفي هذا إشارة إلى أن سوف كان إنتاجها وفيرا من هذه المواد إضافة إلى الزيتون والخضار والحبوب واللوزيات، والتي كانت تنقل من القرية وتباع في مناطق عمان والبادية والضفة وبلاد الشام، كما أنه كان أهالي تلك المناطق البعيدة يأتون إلى سوف أيضا كما أشرنا لشراء هذه المواد من هنا.
ويشير أهل القرية إلى أن أبناء سوف اشتهروا في المراحل الماضية بأنهم تجار عبور بين العراق والأردن وسوريا وفلسطين، وهم معروفين بالتجارة والزراعة في ذات الوقت.

ضد الأتراك
من خلال بوابة الجغرافيا ندخل باحة التاريخ، ونقرأ هناك المخطوط القديم لسيرة القرية، فنتهجى في صفحة من الكتاب العتيق، ما تيسر من تفاصيل ثورة سوف التي قامت في عام 1870م، وكانت في تلك المرحلة ثورة موجهة ضد الأتراك، وقائدها من أهل القرية، وهو حسن بركات حيث كان الثوار آنذاك يوقعون الكمائن بالأتراك ردا على ظلمهم وتعسفهم، فكانت ردة الفعل تكون بإبعاد كثيرا من رجالات البلاد من سوريا، وقامت سوف بالثورة، وقتلوا الأعداء المتواجدين في المنطقة، وكان عددهم 26 نفرا دفنوا بملابسهم في مغارة تقع شرق سوف، وهذه الواقعة حدثت بعد معركة جرت بجانب طاحونة ستوت في تلك الجهة، ويقال بأن المنطقة جميعها سميت بالمعراض لأنها اعترضت الغزو حينا من جهة البادية، وحينا من بطش الحكم العثماني إبان مراحل ظلمه، ولذا أخذت هذا الاسم المعراض.

المؤتمر السوري
بعد ذلك، وفي الإطار السياسي، يلاحظ نشاطا لأهل القرية على صعيد المنطقة، حيث أنه كان هناك تمثيلا لأهالي سوف في المؤتمر السوري الذي عقد في سوريا ، وقد افتتحه، آنذاك،الأمير فيصل بن الحسين في دار النادي العربي بتاريخ 7 حزيران 1919م.
تشير الوثائق القديمة إلى أنه قد حضر المؤتمر من وجهاء سوف كل من عبد العزيز باشا الكايد، وعبد القادر الزيادة الحوامدة، ومخاتير سوف في تلك الفترة، ووقعوا على وثيقة المؤتمر، وكانوا في دمشق، في ضيافة خالد العظم الذي أحسن استقبالهم تقديرا لحسهم القومي العربي.

مبايعة الأمير
عندما زالت الحكومة السورية، في تموز عام 1920م، وانفصلت شرق الأردن عن سورية، انقسمت منطقة عجلون إلى عدة دويلات، كان واحدة منها حكومة سوف. تبين وثائق تلك المرحلة أن هذه الحكومة أخذت مقرا لها في جرش، وكان يرأسها المرحوم ''عبد العزيز باشا الكايد''، وكان قائد الجيش لها هو ''محمد الشبلي''، بينما كان مسؤول النواحي الإدارية ''نواش أبو دلبوح''، بينما المدعي العام كان ''محمد العيطان''، وكذلك من الأسماء الواردة في الجهاز العسكري كل من ''محمد القنج الزريقات''، و''سليمان عقلة عضيبات''، و''علي الحوامدة''، و''محمد البديوي''، و''مسلم الجعار''.
وقد كانت ميزانية هذه الدولة 9 ليرات ذهبية، لكن تلك الحكومة لم تستمر، وانتهت بالمبايعة للحكومة المركزية الأميرية في عمان لأمير البلاد عبد الله بن الحسين.
كانت زيارة الأمير عبد الله إلى سوف هي المدخل إلى اللواء الشمالي، حيث وجهت الدعوة إلى بقية حكومات الشمال لتناول طعام الغداء مع أمير البلاد في سوف، وحضرت تلك الحكومات من اربد والمزار والكورة، وكان كل من هؤلاء الممثلين لتلك المناطق يحمل علمه المميز ومعه مئة فارس على الخيول، وكل عشرة فرسان كان لهم علم الكوكبة، وما إن وصلت جموع الفرسان المدعوين، حتى استقبلهم أهل سوف، وبعد ذلك جاء الأمير واستقبلوه على مدخل سوف من الجهة الشرقية بأسلحتهم وعتادهم، وكان الاجتماع في منزل علي باشا الكايد، واكتملت المبايعة هناك.

سلطان باشا الأطرش
ولقرية سوف صفحة مضيئة في سجلات ثورة جبل العرب..
كان هذا عندما هاجم الجنود الفرنسيون منطقة الجبل، حيث بدأت الثورة في عام 1925م، وقائدها الزعيم السوري سلطان باشا الأطرش.
تقول الكتب التي سطرت ذلك التاريخ، ومنها ما كتبه حافظ أبو مصلح في كتابه ثورة الدروز، وكذلك مذكرات سلطان باشا الأطرش، أنه عندما طوقت القوات الفرنسية جبل العرب، وتم حصار تلك المنطقة، عانت الثورة من قلة السلاح والعتاد، فتم إرسال ''المراسيل'' إلى المناطق المجاورة لطلب النجدة والعون إلى هؤلاء الثوار. توجه الأمير علي الأطرش، وكان يتيما وعمره 13 سنة، عبر طريق الأزرق إلى عدة قرى أردنية، ومنها سوف التي وصلها، وكان معه أخوه زيد وعمه الثائر سلامة الأطرش ورجالات آخرون، ومعهم نساؤهم وأطفالهم، فاستقبلهم أهل سوف، ووقفوا إلى جانبهم، وكانت ضيافتهم الأولى في بيت شبلي اليوسف، وبعد ذلك في منزل محمد القاسم.
خلال فترة إقامة الثوار في سوف، كانوا، ومعهم أهل القرية، يجمعون السلاح والعتاد والبنادق والمال والمؤن، وكانوا يدخلون بها إلى جبل العرب في الليل في مناطق ما بين الأزرق والمفرق، كما أن الأمير عبد الله بن الحسين في تلك الفترة علم بلجوء هؤلاء الأمراء الضيوف إلى سوف والمناطق المحيطة بها، فأوصى عليهم خوفا من الإنجليز.
ويتذكر المعمرون في القرية، من رواسب تلك الفترة، قصيدة أهداها سلطان باشا الأطرش إلى أهل سوف، وبدايتها يقول فيها: البارح وانا غافي بنومي صافي.
جتني حلوة الأوصافي تقلي يافلان.
قلت بنيه علامك وش مرامك.
حاجه تلوحي بخزامك يا أم الذهبان''.
ويستمر في القصيدة وهي طويلة في وصف جبل العرب، ووقوف أهل البلاد معه، حيث ينتهي الى القول:
oيا باشا البنية هالحورية.
مني وإلك هدية خلفة ذوقان.
يا باشا افهم كلامي وش مرامي.
بخاطرك مع السلامه والدرب أمانa.

المندوب السامي
أما فلسطين، فلها مساحة في وجدان أهل سوف، وما تزال.
تقول ذاكرة القرية أنه في الأعوام بين 1930م و 1936م كانت أحراش سوف حاضنة للثوار الفلسطينيين ضد اليهود والإنجليز، وكان يساندهم ثوار أهل المنطقة، حيث يتم تجميع العتاد والسلاح في القرية، وبعد ذلك يكون تحميلها على الدواب، ومن ثمة يرافق رجال سوف هؤلاء الثوار حتى الشريعة، وأحيانا يستمرون معهم الى طوباس، وجنين، ونابلس، ووادي الباذان، ونهر العوجا حتى يطمئنوا أن تلك المساعدات وصلت الى اخوانهم الثوار هناك.
ويفيد كبار القرية أنه على إثر ذلك جاءت سرية من قوة الحدود مسلحة بالرشاشات، وكانت قيادتها انجليزية، وخيّموا في سوف لمنع الثوار من دخول سوف والجبال المحيطة بها، وبعد ذلك جاء المندوب السامي شخصيا الى القرية، لكن أهل سوف بقوا محافظين على عهدهم مع الثوار، ولم يسلموهم الى الإنجليز.

سوف: ديون .. جارة جراسا (3-3)


قصر قديم، وهندسة مبدعة رتبت حجارة هذا المعمار.
ما إن يدخل الزائر سوف حتى يستقبله هذا البناء المميز في الجهة اليمنى من الطريق، إنه قصر علي باشا الكايد.
ورغم أن دائرة الآثار قامت بامتلاكه، إلا أنه ما زال مهملا، ولا يلقى اهتماما، ولا عناية تليق بحضوره المعنوي، وترقى إلى حجم الأحداث الجسام التي كان هذا البناء شاهدا عليها، إذ أنه كان من المفترض أن يستثمر كمتحف سياسي، أو كمركز ثقافي ليكون مرجعية وطنية، خاصة وأنه قد تمت فيه استضافة كثير من رجالات السياسة والفكر، بحكم موقع صاحبه، في منطقة المعراض من جبل عجلون، ونظرا لما كان يتمتع به من حضور حقيقي على مستوى الوطن.
وإن السرد حول تاريخ سوف، يعطي لهذا القصر مكانته، من حيث أثره على الأحداث، والأشخاص، ومن خلال العلاقة مع العشائر، واستقبال الضيوف المهمين، ومساندة الثوار، والالتفاف حول الدولة الأردنية عند تأسيسها، حيث أن علي باشا كان أول وزير للمواصلات في الأردن في حكومة توفيق أبو الهدى في 6 آب 1939م، وكان قبل ذلك مديرا للمساحة والأراضي في جرش، ورئيسا لبلدية جرش، وشارك في وضع نظام البرلمان عام 1923م، كما شارك مع أهل مأدبا في حربهم ضد الغزو الوهابي، وزاره كل من المعتمد البريطاني كر كبرايت ، والشاعر مصطفى وهبي التل، وكثير من الزعامات والوجهاء، ولذا فإن هذا القصر في سوف، يجسد تاريخ مرحلة بكاملها، ولم ينته بوفاة صاحبه علي باشا الكايد عام 1958م، بل يجب أن يبقى محتفظا بذلك الحضور لتعود إليه الأجيال المتعاقبة من أهل القرية.

زيارة شاه ايران

وفق هذا التقديم..
ومن خلال بوح المبنى الشاهد على مرحلة ماضية، نستطيع أن نرصد الرجالات والزعماء الذين زاروا سوف، ونوثق هذا عبر ذاكرة الكبار، والسير المكتوبة حول القرية في حقب مختلفة من مراحل تشكلها .
تشير سيرة المكان الى أن الأمير عبد الله بن الحسين كان يقضي فيها كل سنة حوالي أسبوعين، مستمتعا بطبيعتها، وطيب مقامها، حيث يشير أهل سوف أنه كان يقول إنني عندما أزور سوف أتذكر جبال الطائف، وجمالها في الجزيرة العربية ، كما أن كبار سوف يوضحون بأنه توجد عِليّة في منزل علي باشا الكايد، في الجهة الغربية منه، كان الأمير عبد الله عندما يزور سوف يجلس فيها، ويقرأ القرآن، ومن خلالها يرى كل القرية وما حولها.
كما زار سوف كذلك الملك فيصل ملك سوريا هو وإخوته علي وزيد أبناء الحسين، وتم استقبالهم والاحتفاء بهم في البلدة، ويشير كبار القرية الى أن الأشراف تحدثوا، وتبادلوا التيجان في سوف أثناء دعوتهم لها .
ويضيف أهل سوف أن المعتمد البريطاني في عمان كان معجبا بقريتهم، وقد زارها عدة مرات، كما أن المندوب السامي البريطاني على فلسطين عندما زار عمان طلب زيارة سوف، وبقي فيها ثلاثة أيام- هذا وفق ما هو موثق في كتاب تاريخ سوف الاجتماعي- وكذلك زارها الملك محمد رضا شاه بهلوي الذي استضافه الأمير عبد الله في سوف، ونصبت له مضارب الشعر، وأقيمت له الاحتفالات.
وتقول ذاكرة سوف بأن الشاعر نمر بن عدوان سكن في منطقة مغر المعازي في أراضي سوف، وسميت الأرض باسمه (جورة نمر)، وقد التقى هناك برجالات من قرية سوف مثل منديل السلامة، وعلي حسين بني مصطفى، وخليل القبلان أبو العدس قوقزة، وغيرهم.

السوافنة والمومنية

ومن الأحداث التي تتعلق بأهل المنطقة، ولها مساحة في الحكاية القديمة للمكان، ما كان من حرابة السوافنة والمومنية ، في عام 1919م، وقد مررنا على ذكرها سابقا عند مرور بوح القرى في قرى المومنية خاصة صخرة وعبين وعبلين ، حيث يقول الكبار بأنه في هذه الحرابة من الطرفين 34 رجلا، منهم 17 من سوف، و17 من المومنية، بالإضافة الى امرأة مومنية، ولكن هذا الخلاف والقتال انتهى في عهد الأمير عبد الله، وتم الصلح بين الطرفين.
الخريطة الاجتماعية.
وحتى تكتمل الصورة حول سوف، لا بد من تسليط الضوء على الخريطة الاجتماعية للقرية، ومتابعتها قديما وحديثا.
يفيد كبار القرية، وتؤيد أقوالهم الكتابات التي دونت حول الأحوال الاجتماعية للمكان، أنه في أزمنة ماضية، سكنت سوف عشائر كثيرة، ورحلت عنها، ومن الأمثلة على ذلك عشيرة النقارشة الذين يعيشون الآن في النعيمة، وكذلك المرجية وهم في حوارة، والغور، والصريح، وأيضا الطوال الذين كانوا في سوف ويتواجدون الآن في الرمثا ومأدبا، والقصير في البلقاء، والمخادمة في الرمثا، وعائلات أخرى سكنت سوف، وارتحلت إلى غير مكان في الأردن مثل النواصرة، والبنا، والفايفة، والصبح، والعرنوس، والقادرية، والمقابلة، والهندي، وعويس، والبطارسة، وحداد.
كما أنه توجد قرى بأكملها لها علاقة وطيدة من حيث أهلها، وعلاقتهم بسوف وهذه القرى هي كفر خل، ودير الليات وهذه قريبة من سوف حيث هناك الجد الشيخ بكري له مقام فيها ويرجع نسبه إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومقبلة، وبليلا، وجبا، والمحير، وزقريط، وعصفور.
أما عشائر سوف فهي على النحو التالي: عشيرة الحوامدة، وعشيرة الزريقات، وعشيرة الزطايمة، وعشيرة القواقزة، وعشيرة العضيبات، وعشيرة بني مصطفى، وعشيرة العتوم، وعشيرة الصمادية، وعشيرة البطارسة، والشواكرة، وانمورة، وحدادين، والعتمات، وقادرية، والعفايفة، وعفارات، والجعاعرة، والجعابنة، والبوارنة، والشريم، والبنا، والديري.

المضافات

ويتذكر كبار القرية أن سوف كان بها عدة مضافات قديمة منها مضافة علي باشا الكايد، ومضافة شبلي اليوسف، ومضافة حسن العلي، ومضافة مصطفى العلي، ومضافة عبد العزيز السلامة، ومضافة مصطفى السلامة، ومضافة الفلاحات (صالح الفلاح) كما أنه كان بني مصطفى عندهم مضافة.

سِير الأوائل

وحين يجتمع أهل القرية يتذكرون أن أول من سكن سوف هم الحوامدة، وهم كانوا قبل هيك في النبي هود(مقام النبي هود شرق جرش)، وظاع الهم ماشيه ودواب، وظل الأثر ماشي معهم لما وصلهم لعين سوف، ولقوا الدواب هناك، فاستراحوا، وشربوا من الميه، وقالوا ما نرحل من هان، وخلينا نقعد عند هالعين، ورحلوا ونزلوا في هالمكان هم وأهلهم، وهم كانوا قلال عند النبي هود، فاجوا واستقروا في سوف، وبعدين ردت الناس لحقوهم لهون.. .
يليهم في الإقامة عشيرة الزريقات، حيث كان سكنهم السابق في جرش في منطقة باب عمان، وهؤلاء كانوا تجارا وذا أموال وأراض، ومن أقاربهم عائلة أبو الكشك الذين ثاروا على اليهود والإنجليز معا بقيادة الشيخ شاكر أبو الكشك عام 1921م في مدينة الخضيرا، ويشير فريدريك بيك الى أن الزريقات من حمايل قرية الرمثا، وهم فرع من حمولة الزريقات بقرية سوف من أعمال ناحية المعراض، ويقطن بعضهم في قرية الشجرة ، وفي موضع آخر يقول عنهم من أقدم حمايل سوف، وهم بطن من عشيرة الزريقات الكركية، وينضم اليهم عائلة أبو كشك، وأصلها من عرب أبي كشك المعروفين والنازلين بجوار يافا .
وجاء أيضا في ذات الوقت الى سوف عشيرة القواقزة الذين كانوا في زقريط، وتنتمي هذه العشيرة في أصولها الى عشيرة شمر في الجزيرة العربية، وعنها يقول فريدريك بيك القواقزة من حمايل قرية سوف، قدموا اليها من خربة زقريط الواقعة في جنوبي سوف قبل 200 سنة تقريبا .
ويقول الكبار أن عشيرة الزطايمة قديمين في سوف، وقد جاءوا اليها من درعا من سوريا، ويرد ذكرهم لدى فريدريك عند الحديث عن العتوم، ويشير اليهم في كتابه بالعتامنه، وعنهم يقول : العتامنة(العتوم)، حمولة كبيرة من حمايل قرية سوف، ويقطن قسم منهم في قرية دورة الخليل، نزحوا منها على أثر نزاع بين أهل القرية، ونزلوا في قرية عزون من أعمال نابلس، وبعد حين تألب عليهم حمايل قرية عزون، وقتلوهم جميعا إلا رجلين وامرأة، حيث ذهبت المرأة الى نابلس وكانت حاملا فوضعت ذكرا هو جد عائلة عتمة هناك، وخرج أحد الرجلين الى قرية صنمين بحوران، وأعقابه ما زالوا فيها، وقدم الآخر الى خربة الوهادنة، ومنها رحل الى سوف واستوطنها، وكان فيها من الحمايل الزطايمة والحوامدة، وأعقب ذرية كثيرة هي حمولة العتامنة التي فيها زعامة المنطقة .
وكذلك هناك عشيرة العضيبات الذين أتوا من غور الأردن، وهم أصلا من منطقة عضيب في السعودية، ويشار اليهم في تاريخ سوف الاجتماعي الى أنهم يردون في نسبهم الى سعد العشيرة في اليمن.
وأما بقية العشائر فلها تواريخ مفصلة يمكن ذكرها في مساحات أخرى للإستزادة حول كل عشيرة على حدا، لثراء مادة كل عائلة من ناحية تاريخ ترحالها، وقصص رجالاتها.

الشيخ شكري

من المهم فتح ملف التعليم في سوف حيث ان مدرسة الذكور تأسست فيها عام 1924م، بينما مدرسة الإناث كانت في عام 1953م، وكل هذا كان له مقدمات، وتسلسل يشكل بمجمله حكاية حول التعليم في هذه القرية، وكان لهذا التطور أثر على وعي أبناء هذه القرية.
العودة إلى البدايات الأولى، حيث عهد الكتاتيب والمشايخ الذي تشير ذاكرة الناس في هذا الإطار الى أنه في بداية القرن الماضي، تم الاتفاق بين أهل سوف على أن يتم استدعاء أحد العلماء ليقوم بالتدريس وتعليم الناس في سوف، وقد وافق على الحضور لهذه المهمة الشيخ شكري طبيله من نابلس، الذي بدأ بتعليم أهل البلد، وأقام الصلاة فيهم، وحدثهم في أمور الدين، ثم أحضر زوجته وأخيه الشيخ المؤذن عاهد، ثم بعد ذلك طرح الشيخ شكري مشروع اقامة مسجد في القرية، فتجاوب معه أهل سوف، وتبرعوا بالأرض وبالمال لبناء المسجد وبجانبه بيت للشيخ، وقد أحضر الشيخ شكري المعلمين للبناء من عائلة كلبونة، حيث تم بناء المسجد في عام 1913م، وتم استخدامه للعبادة، وكمدرسة للتعليم، وقد درّس الشيخ شكري في القرية 18 عاما، وتوفي في رمضان 1930م، ودفن في المقبرة الشرقية لسوف.
كما يتذكر أهل القرية الشيخ مصطفى مولوي وهو من دمشق، وقد اهتم بتعليم الكبار المدائح النبوية لمصاحبة لضرب الطبول والمزاهر، وفيه أثر صوفي، وقد كانت الجلسات تعقد أحيانا في ليالي الشتاء، وتوقد فيها النيران الكبيرة ذات الجمر، مع البخور المتواصل، ويقدم في العشاء في وقت متأخر .

أبو الكشك

ودرّس في سوف كذلك كل من الأديب الأستاذ عبد الحليم عباس الذي سكن في سوف في منزل عبد الله الديري، وكذلك الأستاذ يعقوب العودات الذي كان يلقب ب البدوي الملثم وقد سكن في سوف في منزل أحمد الصمادي قرب مياه عين المغاسل، وأيضا الأستاذ جميل شاكر الخانجي، الذي درّس في سوف، وأقام فيها مدة من الزمن، والأستاذ محمد الفرحان، والأستاذ محمد إسماعيل أبو نبيل ، وهو مصري الجنسية، والأستاذ فضل الدلقموني الذي كان مديرا للمدرسة، وقد نقلت المدرسة في عهده من وسط سوف الى عمارة حديثة صاحبها أحمد محمد أبو الكشك (أبو درّه)، وكانت عبارة عن سبع غرف حولها أرض مساحتها سبعة دونمات، تنازل عنها صاحبها أحمد أبو الكشك بكل كرم أخلاق، وقد أشاد بمبادرته وكرمه الأمير عبد الله في تلك الفترة.

فرقة كشافة

وقد أنشأ فضل الدلقموني في هذه المدرسة فرقة كشافة أسماها فرقة اليرموك، وكان لهذه الفرقة أنشطة مسرحية، ومن الأسماء الأخرى للمعلمين في سوف عيسى عريضة، وأحمد القر، وأحمد الدبعي، وصادق زكريا، وصايل الحسبان.
وهناك تجربة في تعليم البنات في سوف، حيث أنه في البداية كان بعض النساء يتعلمن على يد امرأة احد الشيوخ، وعدد النساء اللواتي استفدن من هذه التجربة لا يتعدى 10 نساء، ولكن في عام 1930م جاءت المعلمة منتهى جرار التي كانت تدرس مناهج وزارة المعارف في منزل ارشيد عبد الله الديري.

تعليقات