خرجــــا.. كرسي الســـــرو 1,2,3


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خرجــــا.. كرسي الســـــرو (1-3)



مفلح العدوان - أسير الى هناك، حيث تنتظرني ذاكرة قرية أخرى.. هذه المرة شمالا، والطريق إلى خرجا معبّد بفيض من ترانيم القرى الأخرى، وهو درب توشحه الخضرة، وتثرية تفاصيل التاريخ، وها أنا أسلك مسار الطيبة هذا، ومعي واحد من أبنائها..
عند بدء رحلتي هذه من عمان، كان معي الأستاذ محمد تيسير محمد الزعبي، وهو معلم لغة عربية في إحدى مدارس العاصمة، وكانت هذه الزيارة بمبادرة منه، وبحماس، وشوق، وانتماء لقريته (خرجا) التي يعشقها ويصفها بأنها عشه الدافىء الذي يعود إليه كل نهاية أسبوع، واليوم هو الخميس(18 حزيران 2009م)، ورفيق ربي معي، عقدنا النية، واتجهنا شمالا الى أن وصلنا إربد، ثم تجاوزناها شمالا أيضا، ومررنا على قرية بيت راس، عند مدخل هذه القرية قلت لمحمد الزعبي أنني كتبت عن بيت راس ذات بوح قبل عدة شهور، وقابلت معمر تلك القرية هو أبو مطر، وتعتبر هذه القرية هي احدى مدن الديكابولس.

عقد القرى

بعد بيت راس جزنا قرية حريما، وهنا التفت الى رفيق درب البوح الأستاذ محمد، وقد كان درس في العراق، في جامعة الموصل، وذكرته بأغنية (يا حريما) للفنان العراقي حسين نعمة، ثم تجاوزنا قرية أبو اللوقس، وفي نهاية المطاف، بعد ذلك، دخلنا قرية خرجا، وهنا بدأ بوحه، وبوح أهل القرية، فتفتحت أمامي صفحة جديدة لقرية أخرى، أضيفها إلى عقد القرى التي ألظمها واحدة واحدة، إلى أن يكتمل تاريخ الوطن، كما أقرأه، وكما أحب أن يكون ثريا، عميقا، ممتلئا بالتاريخ، وبمواقف الناس الطيبين، وقصصهم وحكاياتهم التي تشكل جزءاً من مدونة التراب والإنسان والمكان في الأردن.

اللابات البركانية

العتبة الأولى للبوح كانت حين التقيت في جمعية خرجا الخيرية بـ(أبو محمد)، الأستاذ تيسير محمد الزعبي، وكان عنده بانتظاري هناك المؤرخ والكاتب الدكتور أحمد شريف الزعبي(أبو أكرم)، وكانا مشوقين لهذا للقاء، وقد أعدا نفسيهما اليوم لنبش تاريخ وذاكرة وواقع قرية خرجا، وناولني الدكتور أحمد ما ان جلست دراسة أعدها عن جوانب مختلفة من قرية خرجا، وفي الصفحة الأولى من هذه الدراسة يقول حول أصل تسمية خرجا، أن (معنى كلمة خرجاء في اللغة هي الشاة التي اختلط بياضها بسوادها، ولو أننا نظرنا الى بلدة خرجا لوجدنا أن القسم الغربي منها حجارته بيضاء كلسية، أما المنطقة الشرقية منها فيكثر بها اللابات البركانية (الحجارة) ونسميها نحن بالحجارة الزرقاء الذي يصل وزن الواحدة منها أكثر من طن).
وهنا أتذكر أنه في أثناء دخولنا القرية قال لي محمد أن هذه الحجارة البركانية هي مخلفات بركان حوران عندما ثار منذ قديم الزمان، فوصلت جزء من حجارته الى هذا المكان.

الصلح

يضيف الدكتور أحمد الزعبي عن تحولات اسم القرية، قائلا بأنه قد أطلق على خرجا قديما اسم كرسي السرو، حيث أن السرو ناحية من نواحي قضاء اربد الذي كان يضم خرجا، ومرو، وحريما، وأبو اللوقس، وسما الروسان، وابدر، وحاتم، وأم قيس، وملكا، والمخيبة الفوقا، والمخيبة التحتا، وسميت بهذا الاسم بعد إجراء الصلح العشائري الكبير ما بين عشيرتي العبيدات والمناظرة في الجولان إثر المعارك التي حدثت بين العشيرتين الكبيرتين، حيث تم إجراء مراسيم الصلح العشائري بين العشيرتين في خرجا قبل أكثر من مئة سنة، وتم اطلاق اسم كرسي السرو على القرية على اثر هذا الحدث الكبير.

الحدود

قبل أن أكمل تصفح مخطوط الدراسة، قال لي الأستاذ تيسير الزعبي (أبو محمد) نبذة عن حدود القرية، وموقعها، حيث أشار الى أن خرجا تبعد عن اربد شمالا حوالي 12 كم، وهي على مسافة 8 كم من سد الوحدة على نهر اليرموك، ويحدها من الشرق وادي الشلالة الذي يفصلها عن قرى ذنيبة، وعمراوة، والطرة، والشجرة، ومن الغرب الخريبة (منطقة اليرموك)، ومن الشمال حرثا، وبرشتا، ومن الجنوب علعال، وأبو اللوقس، وحريما، كما أن وادي خرجا يمتد من القرية ليلتقي مع وادي الشلالة، قبل أن يصب في نهر اليرموك. وإن ثراء القرية بماء هذا الوادي، إضافة الى وجود عيون الماء على الجهات الأربعة منها، جعلها مأهولة بالسكان منذ أقدم الأزمنة.

الأحواض

يكمل أبو محمد رسم خريطة القرية موضحا بأن مناطق القرية وأحواضها هي على النحو التالي: (حوض العلاه، وحوض أم العقارب، وحوض السلّة، وحوض البرنس، وحوض المخبّة، وحوض برشته، وحوض العجرة، وحوض الزويّة، وحوض المفقر (هذا فيه شِعب أبو نياص)، وحوض العرقوب، وحوض القصر(هذا عليه الآن مبنى المركز الصحي، والمقبرة الجديدة).
هنا يضيف الدكتور أحمد الزعبي، حتى تكتمل المعلومات عن جغرافية القرية وطبيعتها، بأن مساحة خرجا تقدر بـ(12) كيلو مترا، وتحديدا 089,12 دونما، باستثناء الجدر، أو الجذر، وتقدر مساحته بألف دونم.
وهذه القرية ترتفع عن سطح البحر بحوالي 376 مترا، ويسود بها مناخ البحر المتوسط (حار جاف صيفا، ومعتدل بارد شتاء)، ومعدل سقوط الأمطار بها 410 ملم، وتربتها طينية حمراء تصلح لمختلف أنواع الزراعات الحقلية والشجرية.

السرداب

عودا الى مخطوط خرجا القديم، لقراءة تفاصيل ماضيها، وثراء ذاكرتها.
هناك.. في الكتب العتيقة، يشار الى أن تاريخ القرية يعود الى عصور قديمة حيث أن الآثار المتبقية في خرجا وما حولها من الأماكن تدل على أن القرية سكنت منذ عصور قديمة وخاصة في العصرين اليوناني والروماني، الى أن جاء الفتح الإسلامي، وكان دخولها على يد القائد العربي يزيد بن أبي سفيان، وحدثت بالقرب منها معركة اليرموك الخالدة، ويقال أن الجيش الإسلامي كان يحتشد فيها.
وقد سُكنت القرية في العصر الاسلامي، وكانت أرض حشد لجيوش صلاح الدين الأيوبي، ويوجد فيها هناك العديد من السراديب، وأهمها السرداب الذي يقع في الجهة الجنوبية من عين (عبدة).
حول هذه النقطة يشير الدكتور أحمد الزعبي الى أنه قد حدثه أحد كبار القرية بأن والده سار بهذا السرداب عشرات الأمتار، وبه مرابط الخيل، وقد وجد به عِملة نقدية اسلامية أيوبية، وهذا يدل على أن الفرق الفدائية التي كانت تغير على الصليبيين في فلسطين، وكانوا يختبئون به، خاصة وأنه قريب من عين ماء، وقد كانت البلدة مسكونة في العهد العثماني، وكان بها سبع عائلات، وعدد من الانفار، وهؤلاء كانوا غير متزوجين.

الجامع القديم

إن من أهم معالم قرية خرجا الجامع القديم، وربما يمكن البدء به لمتابعة تفاصيل الأماكن في القرية، حيث أنه قد بني قبل حوالي مئتي عام، وتتولى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عملية ترميمه بكلفة تبغ 30 ألف دينار، وهناك مخطط أعد لذلك، وعند زيارة المسجد لوحظ الإهمال الذي وقع عليه مع السنين، فهو بناء حجري، وداخله عقود محكمة، وسقفه من الخشب والقصيب، بينما في زواياه هناك حجارة سوداء، وتوابيت أثرية منحت عليها وجوه وأشكال، وهو في مجمله تحفة معمارية، بينما في الخارج فهناك درج حجري من الحجارة البركاني، بقيت بعض آثارها، وكان يصعد عليها المؤذن الى سقف الجامع للأذان.
وتفتح سيرة الجامع القديم صفحة المساجد في القرية وعددها عشرة، منها مسجد فاطمة الزهراء الذي قام على بنائه المرحوم محمد صالح الزعبي المعروف بالحوراني، وقد افتتح عام 1979م.
والمساجد الأخرى هي مسجد الرحمن ومسجد السلام في الزوية، ومسجد خليل الرحمن، ومسجد معاذ بن جبل، ومسجد حسان بن ثابت، ومسجد البشير، ومسجد الفرقان، ومسجد رقية بنت الرسول.


سيرة قرية





تقع خرجا على مسافة حوالي 12 كيلومترا شمال مدينة اربد، وتتبع إداريا إلى بلدية اليرموك الجديدة، وهي من ضمن لواء بني كنانة، من محافظة اربد.

الديموغرافيا

يبلغ عدد سكان خرجا حوالي 7000 نسمة، ويعملون في الزراعة، والوظائف الحكومية

التربية والتعليم

توجد في قرية خرجا المدارس التالية: مدرسة خرجا الثانوية الشاملة للبنين (من الصف الثامن حتى التوجيهي بكامل الفروع)، ومدرسة خرجا الأساسية للبنين (من الصف الأول حتى السابع)، ومدرسة خرجا الثانوية الشاملة للبنين (تأسست عام 1958م)، ومدرسة الزوية الأساسية المختلطة (تأسست عام 1975م)، ومدرسة خرجا الأساسية للبنات(تأسست عام 1987م)، ومدرسة خديجة بنت خويلد الأساسية للبنات (تأسست سنة 1999م)، وستنشأ مدرسة مختلطة في الحي الشرقي في بداية العام الدراسي الجديد.

الصحة

يوجد في القرية مركز صحي أولي.

المجتمع المدني

يوجد في القرية المؤسسات التطوعية التالية: جمعية خرجا الخيرية، وجمعية سيدات خرجا، وجمعية الصالحين لتحفيظ القرآن، وفرع لصندوق الزكاة، ونادي رياضي ثقافي اجتماعي، ومكتبة البلدية، وحديقة للأطفال.
* يوجد في القرية مكتب بريد و10 مساجد.


خرجــــا.. كرسي الســـــرو (2-3)

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لها التحيات الطيبات..
ها أنا ما أزال أتتبع مسار البوح في قرية خرجا، حيث أراوح في الكتابة عنها بين ما يرويه أهلها من تاريخ شفوي مرتبط بها وبهم، وبين ما هو مثبت في بطون الكتب من وثائق، ومعلومات، متناثرة عنها.

دفاتر الطابو

أقلب أوراق الجزء الأول من مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه للباحث المهدي عيد الرواضية، فألاحظ أن اسم القرية في العنوان كتب بألف مقصورة على النحو التالي (خرجى)، ثم وعلى مساحة عدة فقرات تم تثبيت ما وجد عنها في دفاتر الطابو العثمانية، حيث يقول الرواضية: قيدت في دفتر الطابو رقم (430): قرية من ناحية بني كنانة من معاملة حوران، فيها سبع خانات (أسر). وحاصلاتها الزراعية؛ من الحنطة: ثلاثون غرارة قيمتها ثلاثة آلاف آقجة. ومن الشعير: عشرون غرارة قيمتها ألف وأربعمائة آقجة. وعادت دورة (رسوم إضافية) مائتان وخمسون آقجة ورسم المعزة (الماعز): مائة وخمسون آقجة. ورسوم متفرقة (بادهوا): خمس آقجات.
وفي دفتر الطابو رقم (401): قرية خرجى إقطاع طره باي فيها اثنتا عشرة خانة ومجردان اثنان وإمام واحد، وحاصل قسم من الربع: عشرة آلاف آقجة. من الحنطة: ستون غرارة قيمتها سبعة آلاف وثمانمائة آقجة. ومن الشعير: ثلاثون غرارة قيمتها ألفان ومائة آقجة. ورسوم متفرقة مع رسم المعزة(الماعز): مائة آقجة.
وفي دفتر الطابو رقم (99): قرية خرجى من زعامة بياله وبهرام متفرقة وباقي الشركاء تابع ناحية بني كنانة، فيها ثلاث وعشرون خانة وسبعة عشر مجردا. وحاصل قسم من الربع: خمسة وأربعون فدانا؛ من الحنطة: خمس وثمانون غرارة قيمتها اثنا عشر ألفا وسبعمائة وخمسون آقجة. من الشعير: ثلاثون غرارة قيمتها ألفان وسبعمائة آقجة. من المال الصيفي ألفا آقجة. ورسم معزة ونحل ثلاثمائة وخمسون آقجة. ورسم عروس وبادهوا: مائتا آقجة، فيكون المجموع من الرسوم: ثمانية عشر ألف آقجة. .

الينابيع.. والدورة الزراعية

واستمرارا لتلك الوثائق لا بد من الإشارة إلى ما ذكره الدكتور عليان عبد الفتاح الجالودي في كتابه قضاء عجلون/1864-1918م ، عن القرية، وهنا أشير إلى رصده للينابع وتوزيعها في منطقة السرو، حيث يشير في كتابته إلى قرية خرجا وأنه توجد فيها عيون الماء التالية: عين برشتا، عين الشلالة(عين خرجا)، عين الميايا.
وحتى ينتظم إيقاع البوح نستمع إلى ما ذكره أهل القرية حول جوانب مختلفة منها، وهنا أعود إلى الدكتور أحمد شريف الزعبي(أبو أكرم)، وتيسير محمد الزعبي(أبو محمد)، فيسير بنا الحديث نحو الزراعة في القرية، والخيرات المسكونة فيها، إذ أنه في العملية الزراعة كانت تستعمل في البلدة الدورة الزراعية الثلاثية: القمح والشعير، وفي السنة الثانية القطاني (العدس والحمص والكر سنة)، والقطاني يعطي التربة مادة النيتروجين التي تزيد من خصوبة الأرض، وفي السنة الثالثة تزرع الأرض بالزراعة الصيفية، ألا وهو البطيخ والشمام.

اقتصاديات القرية

كما أنه كانت توجد في القرية الحاكورة، التي لا غنى عنها في كل بيت، حيث هي المساحة التي حول البيت، وملحقة به، وتقدر بحوالي الدونم، وتزرع في الحاكورة البندورة والكوسا والفقوس والباميا، فيؤكل منها أيام الصيف، ويدّخر منها لأيام الشتاء، حيث تسطح البندورة وترش بالملح وتجفف تحت أشعة الشمس، وكذلك الكوسا، أما الباميا فتُشكّ قلائد، وتنشر بالظل حتى تجف، ويمكن اعتبار الحاكورة شكلا من اقتصاديات القرية لسد احتياجات البيوت والعائلات، حيث أنه كان هناك اعتماد على الذات، وسيدة البيت تتابع شؤون تلك المونة، وما تحققه من وفر من خلال الحاكورة، حيث أنه لا يتم شراء إلا الحاجات الأساسية من خارج البيت كالسكر والشاي والقهوة.
واستكمالا لحديث الزراعة فإنه يلاحظ أنه في الفترة الحالية تزرع في خرجا أشجار الزيتون التي يقدر عددها بمئة ألف شجرة، والخوخ المعطر الذي يقول أهل القرية بأن أول من أدخل زراعته إلى خرجا هو سالم المصطفى الزعبي، وكان هذا في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وتقدر أشجاره في القرية بثلاثين ألف شجرة، وهناك أيضا في خرجا الكرز أو الجرنك الأخضر، ويقال بأن أول من أدخل زراعته، (عن طريق الصُدفة)، غازي المصطفى الزعبي، وكان هذا في نهاية السبعينات من القرن الماضي، وتقدر عدد أشجاره في القرية بأكثر من أربعين ألف شجرة، وكذلك تزرع في خرجا العديد من أنواع اللوز كاللوز المخملي، ولوز العوجا، واللوز الأمريكي، ولوز الفرك، وتقدر عدد أشجار اللوز بأكثر من ثلاثين ألف شجرة، ويضيف أهل القرية بأن أشجر الرمان مزروعة بوادي الشلالة الذي جفت مياهه، وتصحرت أراضيه، ولم يبق مزروعا من الرمان إلا بمنطقة عين غزال، وبمساحة حوالي مئة دونم.

مرسوم تأسيس المدرسة

أما التعليم في خرجا، فله قصة تروى، حيث يقول كبار القرية أنه كان لوجود المسجد في خرجا الأثر الكبير في محو الأمية، إذ أن شيخ الكتّاب كان يدرّس الأطفال، ويعلمهم القراءة والكتابة.
كان هذا في البدء، ولكن الذي زاد في تعميق أثر التعليم في النفوس وفي القرية هو تأسيس المدرسة المبكر في خرجا، وهنا يروي الدكتور أحمد الزعبي، بأنه في مؤتمر أم قيس الذي دعى له نائب المندوب السامي السيد سومرست، والذي حضره شيوخ الشمال، وكان ذلك في 2/9/1920م، وكان من أحد مقرراته، بالإضافة للترحيب بأمير عربي ليحكم البلاد، كان هناك تأكيد على ضرورة فتح المدارس في القرى الكبرى، وكان الشيخ أحمد العيسى الزعبي حاضرا المؤتمر، وقد وقع على المعاهدة باسم أحمد المحمد، وهو نفسه كان يعرف في الرمثا بأحمد الخرجاوي.
عندما عاد أحمد العيسى إلى خرجا، جمع أهل القرية وأخبرهم بما حدث، وأطلعهم على تلك التفاصيل، وبعدئذ قررت حكومة إربد المحلية برئاسة علي خلقي الشرايري في 5/10/1920م فتح مدرسة في القرية، وقد تابع عملية اصدار مرسوم تأسيس المدرسة من حكومة اربد المحلية كل من صلاح المحمد الزعبي، وقاسم المحمد الزعبي.

93 ليرة ذهبية عثمانية

بوشر التدريس في المدرسة في عام 1921م، وكان أول معلم فيها هو المرحوم إبراهيم ناجي، وقد بنيت المدرسة على حساب الأهالي، وكانت تكلفتها 93 ليرة ذهبية عثمانية، وقد وزّعوها على الأراضي، فكان نصيب كل ربعة ليرة ونصف ذهبا. وقد درس في مدرسة خرجا من أبناء القرى المجاورة(حكما، ومرو، وعلعال، وحريما، وأبو اللوقس، والقصفة، والسيلة، والخريبة، وبرشتا)، وبقيت المدرسة تُرفّع، وتتوسع، حتى عام 1977م، حيث ارتفعت إلى مستوى التوجيهي. وتأسست مدرسة خرجا الأساسية للبنين عام 1971م، وبقيت حتى 1978م، حيث ألحقت بالمدرسة الثانوية، ثم تأسست مرة أخرى عام 1985م، وكنت أول مدير لها( الحديث هنا للدكتور أحمد الزعبي).
أما مدارس البنات، فهي قد تأسست في مرحلة مبكرة نسبيا، حيث تأسست مدرسة خرجا للبنات في عام 1958م، ثم افتتحت مدارس أخرى كمدرسة الزاوية عام 1975م، ومدرسة خديجة بنت خويلد، ومدرسة رقية المختلطة، ومدرسة خرجا الأساسية المختلطة.
وهذه المدارس خرجت كثيرا من أبناء خرجا، حيث بلغ عدد الطلاب والطالبات الذين تخرجوا منها حوالي 2000 طالبا وطالبة، ومن هؤلاء من حصل على مراكز مرموقة في العمل العام، وفي الثقافة، وكافة القطاعات مثل النائب الأستاذ سليم الزعبي، والأستاذ صالح عبد الله الزعبي أمين عام مجلس الأمة الأسبق ومحمود حسين الزعبي مساعد أمين عام وزارة الإعلام، والمرحوم الدكتور أنور الزعبي مساعد أمين عام وزارة الثقافة، والمخرج الفنان فيصل فارس الزعبي، والمحلل الاقتصادي محمد نور الدين الزعبي، وغيرهم من أبناء القرية في تلك المواقع، وكذلك مواقع حكومية وفي القوات المسلحة وفي القطاع الخاص.

حديث الشعراء

وربما من المهم كذلك الإشارة إلى شعراء القرية، حيث يشير مخطوط ذاكرة خرجا إلى أنه كان هناك في عشرينيات القرن الماضي الشاعر الشعبي المرحوم إبراهيم القاسم الزعبي، وكذلك يوجد في القرية الشاعر علي عبده الزعبي، وله عدة دواوين شعرية، ونشير هنا إلى قصيدة كتبها، وعنوانها خرجا التاريخ.. والانتماء ، يقول في مقاطع منها عن خرجا: نحن يا خرجا، بنوك الأوفياء. قد عشقناك ربوعا وسماء.
وعرفناك شموخا.. وإباء. في حمى اليرموك أرض الشهداء.
ويقول موقع آخر يذكر فيه خرجا:.
دمت يا خرجا بود وصفاء
تنبتين الخير محمود الثناء
لك في المجد أياد وسخاء
ومن العلم منار وبناء.
ولك الجلّى إذا عزّ الفداء
تشهد الأيام صبحا ومساء

كما أن الشاعر الشاب أكرم أحمد شريف الزعبي، كتب في قريته قصيدة أسماها خرجا، يقول في مقطع منها:.
(إيه يا خرجا ذريني
أداعب قمحك النامي على تعبي
أهدهد جفنك الغافي على كرزٍ
يراني في حواري القلب
أغنية
وأملأ أذني السكرى
بموالٍ
يردده صديق الدرب
عند غروب صيفيّه..
***
إيه يا خرجا
وحقّ جبالك الأعلى
وحق جبينك الأندى
وحق قبورك الملأى
بأبنائي
بأني قد هتفت باسمك
يوم ميلادي.
وغنيت.
دخل عينيك أنا )



سيرة قرية



تقع خرجا على مسافة حوالي 12 كيلومترا شمال مدينة اربد، وتتبع إداريا إلى بلدية اليرموك الجديدة، وهي من ضمن لواء بني كنانة، من محافظة اربد.

الديموغرافيا

يبلغ عدد سكان خرجا حوالي 7000 نسمة، ويعملون في الزراعة، والوظائف الحكومية

التربية والتعليم

توجد في قرية خرجا المدارس التالية: مدرسة خرجا الثانوية الشاملة للبنين (من الصف الثامن حتى التوجيهي بكامل الفروع)، ومدرسة خرجا الأساسية للبنين (من الصف الأول حتى السابع)، ومدرسة خرجا الثانوية الشاملة للبنين (تأسست عام 1958م)، ومدرسة الزوية الأساسية المختلطة (تأسست عام 1975م)، ومدرسة خرجا الأساسية للبنات(تأسست عام 1987م)، ومدرسة خديجة بنت خويلد الأساسية للبنات (تأسست سنة 1999م)، وستنشأ مدرسة مختلطة في الحي الشرقي في بداية العام الدراسي الجديد.

الصحة

يوجد في القرية مركز صحي أولي.

المجتمع المدني

يوجد في القرية المؤسسات التطوعية التالية: جمعية خرجا الخيرية، وجمعية سيدات خرجا، وجمعية الصالحين لتحفيظ القرآن، وفرع لصندوق الزكاة، ونادي رياضي ثقافي اجتماعي، ومكتبة البلدية، وحديقة للأطفال.
* يوجد في القرية مكتب بريد و10 مساجد.




خرجا.. كرسي الســرو (3-3)

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بوح القرى .. كتابة وتصوير مفلح العدوان


يقدحون صوان الذاكرة، فيلمع شرار القصص، ويتداعى لهب التاريخ منيرا درب أحاديثهم عن خرجا..
هم أهل خرجا، الذين يكمل كبار القرية البوح بحميمية، وبلهفة لاستكمال كل جوانب قصة المكان، حيث يستمرون في عطائهم، وهم ينسجون بتلقائية كلامهم مخطوط الأمكنة والناس عبر أكثر من زمن وظرف مضى، ويضيفون عليه ما استجد خلال السنوات الأخيرة من تغيرات.

الخريطة الاجتماعية

قلت أستمع إليهم..
لكنني، في هذه الأثناء، تتبعت بوصلة البوح التي سارت بها أحاديثهم نحو تفصيل الخريطة الاجتماعية لقرية خرجا، فكانت فاتحة القول في هذا الاتجاه، هو ما عبّروا عنه بأنه توجد في القرية كثير من المضافات ودواوين العائلات، وهي في مجملها تصل الى أكثر من عشرة مضافات.
بعد هذه الإشارة بدأ أهل القرية بالحديث عن العائلات التي سكنت خرجا، فيجملونها بأنها كلها نسيج اجتماعي مترابط، تآلف بينهم المحبة والتكاتف، وتلك العائلات في قرية خرجا هي : (الزعبي وهم في خرجا آل عيسى، وآل أبو علي، والحشاركة، وكذلك الفريوان، والتلاحمة، والحمادات، والرداد، والكناكري، والبدارنة(هؤلاء رحلوا فيما بعد الى فوعرة)، والعلاونة، والعفّان، و البشايرة، والعبيدات، وأبو خضير، والجراح، والمكاحلة، والحمادات، وآل أبو جبل، والفحيلي، وآل عبيد، وعائلات أخرى.

البلخي

الذاكرة الأقدم للحياة الاجتماعية لخرجا، ببعض تفاصيلها، وجوانبها، يوردها الدكتور أحمد شريف الزعبي، من خلال شهادة جمعها خلال أربعين سنة مضت من كبار السن في القرية، وصاغها على نحو ما عبّر عنه بأن: (خرجا كانت مسكونة من قبل عائلة تسمى عائلة البلخي، وهناك مقبرة في شمال البلدة ما زالت تسمى بمقبرة البلخي، وقد هجرتها تلك العائلة الى احدى قرى حوران في سوريا قبل أكثر من مئتين وخمسين سنة، إثر وباء الطاعون، وحلّ محلهم فرع من عائلة الروسان وعائلة الربابعة والصغير. وقد حدث سوء تفاهم بين عائلتي الروسان والربابعة ورحلا عنها، ثم جاء إليها فرعان من عشيرة الزعبي وهما آل عيسى، وآل أبو علي، وكان هذان الفرعان يسكنان في الرمثا، ثم انتقلا الى قرية ذنيبة، وبعدها استقرا في خرجا قبل حوالي مئتي سنة، أما عائلة الصغير فقد سكنت في قرية مجاورة هي أبو اللوقس. بعد ذلك ثم توالى قدوم عائلات البلدة، ومنهم الفريوان، والتلاحمة، والحمادات، والعبيد، وآل أبو خضير، والكناكري، والبشايرة، والعلاونة، والجرّاح، والعفافنة، وأبو نصير، وآل أبو جبل، والفحيلي، والجندي، وغيرهم من العائلات التي تشكل النسيج الاجتماعي للقرية.
ويضيف الدكتور أحمد الزعبي بأن: (عشيرة الفريوان قد أسسوا في منتصف القرن الماضي قرية تقع الى الشرق من بلدة خرجا على مسافة حوالي واحد ونصف كيلو متر، وأسموها الزويّه، وقد تم تسميتها نسبة الى اسم أحد أحواض البلدة، وبها مدرسة أساسية مختلطة، كما أنه بقي قسم منهم في بلدة خرجا).

الزعبية

هي فرصة كل بوح لإلقاء الضوء على ما يتيسر لنا من معلومة مكتوبة حول تاريخ عشيرة، أو عائلة من العائلات في القرى التي نصل إليها، وهنا سيكون الحديث عن عشيرة الزعبية، ونبدأ من التفصيلات في القرية، حيث أنه في خرجا يوجد من الزعبية كل من آل عيسى، وبني علي، والحشاركة، وبالنسبة لآل عيسى فيتفرعون الى الفروع والأفخاذ التالية: فرع شحادة العيسى وهم (آل طالب شحادة ''الطوالب'' وهم العيسى وآل عبد الرحمن، وآل عثمان)، وفرع ابراهيم الشحادة(الشوخ)، وفرع آل علي الصالح الشحاده، وفرع آل علي الشحادة. وبعد فرع شحادة العيسى المذكورين سابقا، هناك آل غنيم العيسى(الغنيمات)، وآل عبد الله العيسى، وآل حمد العيسى(ويسكنون في حريما)، وآل عواد العيسى(ويسكنون في طفس/سوريا). أما بني علي فإنهم يتفرعون إلى آل محمد علي، وآل راشد العلي (الحجاحجة)، وآل عبد الرحيم وأحمد الخليل، وآل ابراهيم (حسن الإبراهيم ومحمد الابراهيم)، وآل مصلح. وحتى نعطي صورة أكمل عن عشيرة الزعبية في مختلف الأماكن التي توجد فيها، أعود في هذه المساحة من البوح الى كتاب (تاريخ شرقي الأردن وقبائلها) لفردريك ج بيك، حيث يكتب بشكل منفصل عن عشيرة الزعبية في ناحية الرمثا، ويشير في كتابه بأن: (الزعبية: أكبر وأقوى حمولة في ناحية الرمثا، وهم متوزعون في قرى الرمثا، والشجرة، والذنيبة. خرج منهم فرع الى قريتي خرجا وخريما بناحية الوسيطة، وإلى الصلت بالبلقاء، ولهم أقارب في فلسطين وحوران. يقولون بأنهم من أعقاب عبد القادر الكيلاني، ولديهم وثائق تؤيد ذلك محفوظة في قرية دير البخيت بوادي العجم في قضاء قطنا. ويروون أن الجد الذي تفرعوا منه خرج من العراق ونزل في حلب، ومنها نزح الى حما فطرابلس الشام. وبعد حين خرج بعض أبنائه الى قرية السهوة بحوران، ثم هاجروا الى قرية اللطيم بالجولان، ومنها الى ناحية الرمثا.
كان الزعبية الساعد الأيمن لصاحب عكا أحمد باشا الجزار.. خصص الجزار باشا جعلا ثابتا قدره 180 ليرة لرئيسهم شريده الابراهيم الزعبي ولذريته من بعده، وبعد خروج الأتراك من هذه البلاد انقطعت عنهم هذه الإعانة. وحوالي عام 1274هـ(1857م) تنازع الزعبية وسكان قرية تل شهاب على قطعة أرض، ودامت الضغائن ثماني سنوات، انتهت بتغلب الزعبية. وفي أواخر الحرب العظمى حدث حروب طاحنة بين الزعبية وبين بني صخر والسرحان وبني خالد وأسفرت المعارك عن سقوط عدد كبير من القتلى. وفي عام 1921م تداخلت الحكومة الأردنية وأصلحت ذات البين بين الطرفين).
كما أن فريدريك ج بيك يورد تفصيلات عن الزعبية في السلط، ويقدر عددهم في فترة كتابته للكتاب بـ( 150نفسا)، وكذلك يورد عشيرة الزعبية في ناحية الكورة، وهنا يصفها بأنها ''من أكبر حمايل جفين، وينتسبون الى عبد القادر الكيلاني، ويؤيدون نسبهم بحجة مصدقة بتاريخ 1000هـ، وبخطاب من متسلم عجلون الى مشايخ عجلون مؤرخ في 4 نيسان سنة 1236 رومي''، وبعد ذلك يورد نص الحجة، ثم يشير الى أنه ''سكن الزعبية أولا في خربة القصفة بناحية السرو، وبعد وفاة أحد آبائهم الشيخ بكار، نزح أحد أحفاده السيد ميسره الى قرية كفر الماء، ومنها خرج أولاده راضي وحمد وزيد الى قرية جفين وأنشأوها. وللزعبية أقارب في فلسطين وسوريا وجبل عجلون والرمثا والصلت''.

الأئمة.. ومكتب البريد

سنحفر في ذاكرة القرية، ونلملم سيرة الأوائل فيها، والمؤسسات، ما استطعنا الى ذلك سبيلا، وهنا نأخذ تلك التفاصيل من أهل القرية، ونسردها كما عبروا عنها، والأمل بأن يتم استكمال أي نقص من أصحاب الذاكرة، وحفظة تاريخ القرية، وهنا نشير الى أن أقدم أئمة المساجد في خرجا هو الشيخ العديلي، ومن الأئمة من أبناء القرية هناك الشيخ صالح الراشد الزعبي(أبو عبد المعطي)، وهذا يرجع تاريخه الى قبل حوالي مئة سنة، وهناك الشيخ محمد إبراهيم الزعبي(أبو المنذر) الملقب بالخطيب، واستمر حوالي خمسين سنة.
وبالنسبة لمكتب بريد خرجا فقد تم افتتاحه في 23/1/1977م،''أيام ما كان عبد الرؤوف الروابدة وزير اتصالات، وكان مقسم ماناويل فيه ستون خط، ومن الذين خدموا فيه تيسير محمد الزعبي(أبو محمد) لمدة ثماني سنوات، وبقي حتى عام 1986م''.

البلدية

نمر على تاريخ إدارة القرية، فنعود إلى ما وعيه أهل القرية منذ لحظة تشكل البلدية عام 1982م، ويضيفون بأنه قد جرت أول انتخابات بلدية عام 1984م، وفاز بها طارق احمد العيسى الزعبي، الذي فاز كذلك مرة أخرى، وكذلك من رؤساء البلدية محمد حسن هزاع الزعبي، وخالد إبراهيم فريوان، والدكتور إبراهيم احمد الزعبي الذي فاز بالتزكية، بينما كان أحمد صالح الزعبي أول رئيس بعد اندماج البلديات وإجراء الانتخابات البلدية عام 2007م، وهو ما يزال الآن على رأس عمله.

العيادة

يشير أهل القرية الى أن المركز الصحي في خرجا '' تأسس عيادة في عام 1964م، وهذا على زمن وصفي التل، وكان يحضر الدكتور مرة في الأسبوع، وكان مستأجرا في بيت المرحوم عبد الحليم الزعبي، وكان مكونا من غرفة واحده للعيادة، وغرفة ثانية صيدلية، وبعد ذلك انتقلت العيادة لبيت المرحوم عيسى العلي الزعبي، ومن ثم صارت العيادة مركز صحي واستأجروا له بيت المرحوم أكرم محمد الزعبي، لكن على زمن الدكتور عبد الرحيم ملحس، لما كان وزير للصحة، تم بناء مركز صحي مستقل للقرية، وهو الآن يضم مركز أمومة وطفولة، وعيادة أسنان، وطبيب عام''.

oالتبرعات عالبيادرa

إن العمل الاجتماعي التطوعي قطع شوطا مهما في خرجا، وهناك مؤسسات وجمعيات تأسست بجهود أهل القرية، وتستحق المرور على ذكرها، وهنا سيكون البدء من جمعية خرجا الخيرية فقد كان تأسيسها في 22/4/1973م، أسسها أبناء القرية، وتعاقبت عليها هيئات إدارية كثيرة حتى وصلت الى وضعها المميز في الفترة الحالية، ويقول رئيس الجمعية تيسير محمد الزعبي(أبو محمد)، أنه ''كانت التبرعات للجمعية تصير على أيام البيادر، ونقبل تبرعات أي شيء، يعني قمح، عدس، أي نوع من الحبوب، وبدت الجمعية بجهود الخيرين، وتم شراء أرض لها، وكبرت وزادت، وصار لها الآن ثلاثة أبنية وقاعة، وفيها حضانة، وصف لذوي الاحتياجات الخاصة، وروضة، ومعظم الخدمات تقدم بالمجان لأهل القرية المحتاجين، وتعقد ندوات، وتشكل حالة من العمل التطوعي الخيّر الذي يخدم أهل القرية''.
وبالإضافة للجمعية هناك ناد ثقافي تأسس في 13/1/1981م، وكذلك جمعية الصالحين لتحفيظ القرآن التي تأسست في نهاية عقد الثمانينات بتطوع من أهل القرية، وهي كذلك تطورت وصار لها مبنى مستقل في عام 2003م. ومن المؤسسات التطوعية توجد كذلك جمعية سيدات خرجا التي تأسست عام 2003م، وهي تعنى بشؤون المرأة والأسرة.

تعليقات