قطر ورحمة .. الضيغم .. سبيل الحوريات

بوح تفاعلي: قطر ورحمة .. الضيغم .. سبيل الحوريات



طَيّبة هي تلك القرى، وأهلها من كثرة حبهم لها يتهافتون على توثيق كل ما يعرفونه عنها، كنوع من التعبير عن المحبة لها، والحنين لسنين الخير فيها.
وهنا في هذا البوح التفاعلي هناك ثلاث رسائل، تجسد هذه الحالة، بكل تجلياتها، حيث هناك كتابة استعادية لبعض قرى وادي عربة، ومنها قطر ورحمة، كما أنه في رسالة أخرى إشارة تبشر بميلاد كتاب حول ديوان الضيغم، وفي الرسالة الثالثة حنين الى وسط عمان حيث سبيل الحوريات.

قطر.. ورحمة

الباحث راشد بن حمدان الأحيوي، من العقبة، كتب رسالة مطولة حول الجوانب المكانية والتاريخية والاجتماعية لقريتي قطر ورحمة، نورد جزءاً منها في هذا البوح، وسننشر ما تبقى منها في أسابيع قادمة، وفي رسالته يقول راشد الاحيوي:
«تفاعلاً مع ما سبق أن كتبتموه في بوح القرى عن قريتي قطر ورحمة في جنوبيّ وادي عربة في جريدة الرأي الغراء في عددها الصادر نهار السبت 10 آذار 2007 م، وفي عددها الصادر نهار السبت 7 نيسان 2007 م، أودّ أن أطرح بين يديكم ما يلي :
إن قرية قطر كان قد أسّسها الشيخ الحاج حميد بن سليمان بن عودة الكبيش الحمدي الأحيوي رحمه الله تعالى، حيث أنه كان أوّل من استقرّ في هذه القرية، ثم التحق به بعض جماعته من عشائر الكبيشات. وبعد استقرارهم تم تأسيس مدرسة لأطفال المنطقة. وقد أسّس الشيخ رحمه الله تعالى مسجد القرية الأوّل حيث كان يؤذن ويؤم من حضر ويصلّي بهم، وأصبحت المنطقة مكان استقرار للكثير من عشائر الكبيشات، وتم تنظيم القرية وتوزيع قطع الأراضي على كثير من أبناء عشائر الأحيوات عامة والكبيشات خاصة .
أما بخصوص منطقة طابا، فهي تعتبر من معالم ديار الأحيوات في وادي عربة. وهي منطقة تشتهر بأشجار النخيل فيها، وتنسب عين طابا لابن كرداش من الغراقين الأحيوات، وأقدم نصٍّ وقعت عليه عن طابا يعود إلى القرن العاشر للهجرة حيث جاء ذكرها كمزرعة تتبع للشوبك (دفتر مفصّل لواء عجلون، طابو دفتري رقم 185، محمد عدنان البخيت، نوفان رجا الحمود، ص 18 و 26 و 321).
وعن قرية رحمة، أشير الى أنها كانت تعرف باسم ضربة. حيث أن ضربة هو وادٍ، وفيه عين ماء تحمل الاسم نفسه، فلّما استقرّ فيها أبناء عشائر الأحيوات نسبت القرية إلى الوادي فعرفت باسم قرية ضربة، ثمّ تمّ تغيير اسمها إلى رحمة باسم سموّ الأميرة رحمة بنت الأمير الحسن بن طلال. وقد كانت ضربة من مياه درب الظهر من المدينة المنوّرة على القاهرة، قال الجزيري (ت نحو 977 هــ 1570 م) في ذكر درب الظهر: « وهو من المدينة المنوّرة إلى القاهرة ويعرف ذلك بين العربان بدرب حسما الشرقي». وذكر مياه هذه الدرب إلى رمّ في جنوبيّ الأردن. وذكر أن الطريق تفترق من رمٍّ على غزة وإلى مصر وقال: « وامّا من رمّ على مصر فاوّل المياه ضربة بضاد مفتوحة بعدها راء ساكنة. غيظان بغين مكسورة وظاء معجمة ساكنة (؟) « (الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكّة المعظّمة، عبد الرحمن الجزيري، تحقيق حمد الجاسر، ج 2 ن ص 1580 ــ 1582).
قلت : غيظان تصحيف غظيان وهو لغة في غضيان وهي عين ماء تقع مقابل ضربة (رحمة) غرباً في الجانب الغربيّ من وادي عربة وكانت غضيان من أهمّ معاقل قبيلة الأحيوات في وادي عربة».

ديوان الضيغم

الأستاذ سليم حداد (أبو مازن)، أرسل الى «بوح القرى» رسالة، وتعليق، إضافة إلى حديث شفوي طويل كان مع كاتب ديوان الضيغم، أبو مازن، وهنا أشير الى توصيف كاتب، لتحفظ لمسته عند الأستاذ سليم حداد على كلمة راوية التي قدمنا له من خلالها في إشارتنا له في مقدمة الحلقتين اللتين نشرناهما من ديوان الضيغم، وربما لديه أسبابه التي نحترمها لرأيه هذا، ولكن نشير الى هذه النقطة قبل نشر رسالته، فرحين بالانجاز الذي هو عاكف على انجازه الآن، في استكمال كتابة ديوان الضيغم ليتم نشره كتابا، يساهم في توثيق هذا التراث المهم، بطريقة سلسة، وبأسلوب قريب من القارئ، وبمذاق قريب من روح القصة، والملحمة، التي حفظتها الذاكرة الجمعية، وباتت تشكل جانبا من التراث غير المادي، فصار لزاما الاستعجال في تدوينها قبل أن تطويها عجلة الحياة، والتغيير، والنسيان، فتضيع قبل أن توثق مكتوبة، بين دفتي كتاب.
وبكل سرور، وتفاؤل، وفرح، أعود الى رسالة أبو مازن، التي بعثها، في البداية معاتبا، على كلمة راو، ولكن بعد نقاشه أكمل الكتابة للديوان، وتمخض النقاش عن مشروع توثيق الديوان كاملا، ولكن لتوثيق هذا المخاض لبداية تدوين هذه الملحمة، أنشر الرسالة كما وردت بتاريخ 7 /8/2010م، وهذا نصها:
«تحية طيبة.. نشرتم على صفحة بوح القرى يوم 3 آب/2010م، ما كتبته، وليس ما رويته، وشتان ما بين الاثنين، وأنا في الحقيقة يسرني جدا أن أكون كاتبا لهذه الملحمة التي اعتبرها جزءاً من تاريخنا. وقد سبق أن وجهت كلمة للقراء وعدتهم بها ما وعدت، وقد بدأتها كما تعرف بجملة (عزيزي القارىء.. أما وقد عزمت الكتابة عن ديوان الضيغم..الخ)، ولم أقل (أما وقد عزمت الرواية).. وإن ما جاء على صفحة بوح القرى المشار اليها، كان مغايرا تماما لما وعدت به، واصبحت بعد أن تحولت الى راوٍ في حل من وعدي، لا بل بدا وكأنني تنصلت من هذاالوعد، وهذا ما لا أرضاه أبداً، آملا أن تنشر كلمتي هذه على الصفحة إياها، كي نستأنف ما بدأنا به، بكل أمانة واخلاص.. مع أحلى الأمنيات عزيزي».
وبعد هذه الرسالة بعث لنا أجزاء مما كتبه من ديوان الضيغم، وتم نشرها، وتمخض النقاش معه عن مشروع كتابة الديوان، وهو عاكف على كتابته كاملا الآن، حيث كان أرسل مع الحلقة الثانية التي تم نشرها من ديوان الضيغم قصاصة بتاريخ 20/8/2010م، يشير فيها الى بدئه مشروع كتابة الديوان، كاملا، مع شروحات القصائد، وتفاصيل الأحداث، بحسب تسلسلها التاريخي، داعين له بطول العمر لانجاز هذا العمل المهم، والضروري، ليساهم في حفظ هذا التراث، وتدوينه، ليضيف كتابا مهما الى مكتبة التراث، كي يكون في متناول المهتمين، ومرجعا للدارسين والباحثين.

سبيل الحوريات

رسالة وصلت من أسماء حمزة بدران، وفيها تشير الى ذاكرة عمان، وجزء من تلك الذاكرة مرتبط بسبيل الحوريات، حيث تشارك أسماء بدران ببوح تفاعلي حول هذا الجانب تحت عنوان سبيل الحوريات «النمفيوم» قائلة بأنه «على الرغم من أن الموقع بحد ذاته ليس بقرية يبوح سكانها بالكثير. وعلني لا أملك شخصياً ذاكرة ً تاريخية لأروي عنه الحكايات، إلا أن هذا الموقع بكل حجارته والغبار العالق في حناياها يبوح بالكثير، فوجوده وسط العاصمة عمان جعله شاهداً على جل الاحداث التي مرت منذ القرن الثاني الميلادي وحتى الوقت الحاضر .
لقد لعب هذا المبنى التاريخي دوراً حيوياً كمركز ترفيهي، ثقافي، سياسي، كلها في آن واحد فقد كانت الحمامات والمسابح العامة جزءاً هاماً لا يمكن إسقاطه أبداً من مخطط المدينة الرومانية كمركز للانسجام والراحة ومركز لعقد الندوات والمقابلات العامة ومنتدىً اجتماعي ثقافي يُجمع فيه الشعراء والادباء والفلاسفة ويقصده العابرون من زوار أو عابري السبيل. وكان لهذا المبنى ايضاً وظيفةً سياسية حيث كان الحكام الرومان يغدقون على مثل هذه المباني الاموال من اجل دعم حركتهم الانتخابية وكسب ود العامة، بكونه مبنى ً يجمع كل فئات الشعب. وللبناء مخطط نصف ثماني الشكل له ثلاث حنيات أكبرها أوسطها وله جدار خارجي يلفه ليخلق جواً من العزلة التي تبعده عن الضوضاء ويتكون البناء من طابقين مزخرفةٌ الواجهة بعدد من المحاريب الصغيرة « الحنايا « والاعمدة التي بقي منها ثلاث،وقد وصفها الرحالة بتلر الذي زار المكان ذاكراً وجود 18 عمودا أمام مصطبة الطابق الاول آن ذاك .
مر هذا المبنى منذ تشيده وسط العاصمة عمان حتى يومنا هذا بحقب تاريخية متسلسة تؤكد بدورها التواصل الحضاري للمنطقة فكان أولها العصر الروماني المبكر، ثم العصر الروماني المتأخر، العصر البيزنطي، فالعصر الاموي، ثم العصر العباسي، الى العصر الايوبي حتى يومنا هذا. و برغم كل ما تعرض له هذا المبنى من دمار بفعل ما أتت عليه العوامل الطبيعية مثل الزلازل والهزات الارضية خاصة التي خربت المنطقة في الاعوام 631و637ثم749 أوتلك التي أحدثها العامل البشري إثر التغييرات الدينية والسياسية التي توالت على المنطقة من إنتقال للفترة البيزنطية والنفوذ المسيحي، ثم الى الحكم الاسلامي عام 636 حيث أصبحت هذه التماثيل والمبنى بشكل عام أهدافاً للتدمير المتعمد، ورغم إنهيار الاجزاء العلوية الا أن جزءاً من سقف الحنية الشمالية ما زال ماثلاً ويظهر اليوم على شكل نصف قبة. بقي هذا المبنى شاهداً وكتاباً تاريخياً لا يمكن تزويره يبوح بكل ما مرت به المنطقة .
الجميل في يومنا هذا ان نجد هذا الاختلاط الرائع الغريب وسط العاصمة بين مبنى يقف منذ القرن الثاني الميلادي ومباني العصر الحديث وحتى مباني القرن التاسع عشر، الذي يشكل مزيجاً مدهشاً يدل بلا ريب أن الحاضر لا يمكن عزله أبداً عن الماضي، وأن الانسان هو الانسان بكل العصور والحضارات».

دعوة للمشاركة

alqora@jpf.com.jo

هذه صفحة تؤسس لكتابة متكاملة حول القرى الأردنية، وتطمح لتأسيس موسوعة جادة شاملة. ولن يتأتى هذا بجهد من طرف واحد، فما يكتب قد يحتاج إلى معلومات للاكتمال، أو قصص أخرى لم يلتقطها الكاتب في زيارة واحدة، وهي مفتوحة للإضافة والتعديل قبل أن ترتسم بشكلها النهائي لتكون وثيقة لكل قرية، والأمل بأن تأتي أية إضافات أو تصويبات أو معلومات أخرى من أهل القرى والمهتمين مع اقتراحاتهم، وعلى العنوان: بوح القرى - الرأي

ص.ب- 6710-عمان-1118-فاكس 5600814
بريد الكتروني alqora@jpf.com.jo

تعليقات