مواد تنظيف مزورة في الأسواق تسبب أمراضا للأردنيات

مواد تنظيف مزورة في الأسواق تسبب أمراضا للأردنيات

في أسواقنا مواد تنظيف مـزورة ومقــــــــــلدة تسبــب أضــراراً صحــية للنساء

أين مؤسسة المواصفــات والمقايـيـس مــن مواد التنظيف المزوّرة التي تباع في أسواقنا؟

الأمراض التي تسببها مواد التنظيف تبدأ من الحكّة وتنتهي بالأمراض الخطيرة

المقلدون يحصلون على عبوات بضائعهم من حاويات القمامة

مواد سامة في مادة الكلور تسبب في قتل أم لطفلها

اللواء - محمد أبو عريضة

.. أخيراً قالت السيدة ناديا لنفسها: لم يعد بالإمكان السكوت عن الأمر، ولا بد لي من مراجعة طبيب جلدية شاطر. حسمت أمرها وحزمت تفاصيل معاناتها بمعية ادويتها داخل حقيبة يدها، وخرجت مسرعة إلى ''جراج'' منزلها، وركبت سيارتها، وانطلقت إلى شارع مادبا، حيث تقع به عيادة د. عمر أبو لبن، طبيب الجلدية الذي اتصلت به لتحديد موعد لها، صحيح ان بامكانها اختيار طبيب آخر ممن يمتلكون عيادات في عمان الغربية كما نصحها زوجها، ولكنها اختارت هذا الطبيب لأسباب ثلاثة، أولها ان عيادته تقع في الوحدات، وهي تحب هذا المكان، فلها معه وله معها تفاصيل ذاكرة عمرها أكثر من ثلاثة عقود حينما انتقلت من عملها مُدرسة في إحدى مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الـ ''اونروا'' في الأغوار الشمالية إلى مجمع مدارس الوكالة في الوحدات وهي تشعر بالارتياح كلما وضعت قدميها في هذا الحي الشعبي، وثانيها ان الوحدات مكان قريب من بيتها في جبل الزهور الشرقي، وثالثة الأثافي انها استشارت صديقتها الطبيبة نوال فنصحتها بهذا الطبيب.

دلفت السيدة ناديا إلى حجرة ''د. أبو لبن'' بعد ان انتظرت أكثر من نصف ساعة في غرفة الانتظار في انتظار خروج مريض كان الطبيب يعاينه، وما ان جلست إلى المقعد الذي يقابل الطبيب حتى بدأت بسرد قصتها وتفاصيل معاناتها، فقالت ان الحكة بدأت بيديها قبل أربعة أيام، فاعتقدت في البداية ان الأمر يتعلق بنوع سائل الجلي الذي اشترته مؤخرا من أحد البقالات القريبة من منزلها، خاصة انها شعرت ان المادة داخل العبوة - أي مادة سائل الجلي- مختلفة قليلاً عن سائل الجلي الذي اعتادت عليه، برغم انها اشترت نفس الماركة التجارية، ولكن ما الذي يمنع ان يكون سائل الجلي الموجود داخل العبوة التي استعملتها مؤخراً مختلفاً عن غيره في العبوات التي استخدمتها سابقاً؟ بهذا السؤال اوضحت للطبيب هواجسها تجاه تلك العبوة، وعادت لتسأل من جديد: ألا تختلف كل خلطة لسائل الجلي عن الأخرى؟

تابعت السيدة ناديا روايتها بقولها انها ايقظت زوجها في الليلة الأولى بعد شرائها تلك العبوة، وقالت له انها غير قادرة على النوم أو الجلوس أو الوقوف، لقد استحمت ثلاث مرات وغسّلت يديها أكثر من عشرة مرات، ولكن من دون فائدة، فاخذها زوجها إلى طوارئ اقرب مستشفى، وبعد الفحص الروتيني سألها الطبيب المناوب: هل استعملت أي مادة جديدة لم تستعمليها سابقاً مثل سائل الجلي أو ''الكريمات'' أو الشامبوهات.. الخ مؤخراً أو هل تناولت أية أطعمة لم تأكليها في السابق؟

نفت السيدة ناديا استعمالها مادة جديدة أو تناولها طعاماً لم تاكله في السابق، ولكنها ذكرت له ملاحظتها عن عبوة سائل الجلي وشكها في أمرها، وبعد ان عرف الطبيب المناوب ان السيدة ناديا استعملت نفس نوع سائل الجلي، رجح ان تكون الحساسية التي أصيبت بها السيدة ناديا ناتجة عن نوع من أنواع ثمار الطلح التي تتطاير في مثل هذه الأيام من كل عام، فأعطاها الدواء اللازم وعادت مع زوجها إلى البيت، ومع انها نامت بعد ان أخذت حبتين من اقراص الدواء، ولكنها سرعان ما عادت إلى سابق عهدها من المعاناة بعد ان نظفت اطباق الطعام التي استعملها أفراد اسرتها بعد الغداء في اليوم التالي، فاسرعت إلى علبة الدواء الذي وصفه لها طبيب الطوارئ وبرغم ان تعليمات تناوله تفيد بتناول قرص واحد ليلاً إلا انها وضعت قرصين بسرعة داخل فمها وابتلعتهما بسرعة من دون ماء.

العبوة بشلن

المهم في حكاية السيدة ناديا كما أوضح لها ''د. أبو لبن'' بعد سماعه قصتها، ان سائل الجلي الذي اشترته مؤخراً هو السبب فيما أصيبت به فهي ليست الأولى التي تراجعه في الآونة الأخيرة مصابة بنفس الأعراض، كلهن اشترين سائل جلي اعتدن على استعماله ولم يكنّ يتأثرن منه، ولكن ما حدث كما شرح طبيب الجلدية أبو لبن انه كما يبدو ان أحد منتجي مواد التنظيف من غير المرخصين، أي من الذين ينتجون منتجاتهم بطرق بدائية داخل بيوتهم أو في تسويات -جمع تسوية- بعيداً عن الأعين قد جمع كمية من العبوات الفارغة من نفس ماركة سائل الجلي الذي تستخدمه السيدات اللواتي اصبن بالحساسية، فهؤلاء -أي المنتجين غير المرخصين- يدفعون لأطفال ثمناً للعبوة الفارغة (شلن -خمسة قروش-)، فنجد الأطفال خاصة في الأحياء الشعبية ينبشون حاويات النفايات بحثاً عن عبوات بلاستيكية، فتجد ثم يقوم المنتج غير المرخص بإنتاج كمية من سائل الجلي بنفس لون ورائحة سائل الجلي الأصلي، الذي كان في العبوات قبل استعمالها، ويبيعها مباشرة إلى البقالات أو يوزعها عبر موزعين يجوبون الأسواق في شاحناتهم الصغيرة لبيع اصناف مختلفة من السلع على البقالات الصغيرة والمتوسطة من ضمنها سائل الجلي المزوّر.

ما حكاية مواد التنظيف المزورة أو المقلدة؟ هل هي ضارة أم ان مواد التنظيف جميعها بوصفها مصنعة من مواد كيماوية تضر بصحة الإنسان؟ كيف يمكن للمستهلك التمييز بين المنتج الحقيقي والاخر المزور؟ وما الذي يدفع إلى تزوير مواد التنظيف، واين هي الجهات الرقابية في كل ذلك؟

Copy - Paste

حملنا هذه الأسئلة وأخرى تصب في ذات السياق وانتقلنا بعد سماعنا قصة السيدة ناديا وما عانته إلى أحد مصانع مواد التنظيف المرخصة لاستجلاء الأمر ومعرفة تفاصيل أكثر عما يجري في الأسواق، ولأن قصة المنظفات وتقليدها حمّالة أوجه فإن بعض التفاصيل سترد هكذا من دون ذكر مصدرها لتفادي الإضرار بأطراف من شأن التصريح بمصدر المعلومات الوقوع في اشكالات جمة، وعلى كل حال فإن صاحب ومدير مصنع المنظفات الذي زارته ''اللواء'' م. محمود العمد يرى ان الضرر وقع ولم يعد بالإمكان العودة إلى الوراء ربع قرن حينما أخذت معامل تصنيع المنظفات تنتشر بشكل ملفت للنظر، خاصة في تسعينات القرن الماضي.

العمد يعتقد ان صناعة المنظفات لأسباب موضوعية بحتة يمكن تقليدها بسهولة، فهي صناعة تحويلية لا يتطلب تقليدها سوى إلمام بسيط، ويكفي لأي شخص ان يعمل عامين أو أكثر قليلاً في مصنع للمنظفات ليتحول بين ليلة وضحاها إلى منتج ينافس المصنع الذي كان يعمل به، فالأمر لا يتعدى "Copy - paste" أي عملية تقليد فقط، وبشكل عام فإن المصانع نفسها تتحمل جزءاً من المسؤولية، فضعف دخل العاملين في مصانع المنظفات، وتدني حجم الاستثمار في معظم هذه المصانع، لأن متطلبات التصنيع لا تحتاج آلات كثيرة يشجع بعض العاملين على ترك العمل في مصانعهم بعد اكتسابهم بعض المعارف عن معادلات الخلط وخلافه، والبدء بالانتاج بطرق يدوية بدائية، وطرح منتجاتهم في الأسواق، بعبوات تحمل علامات تجارية مرخصة ومعروفة، يقومون بجمعها من حاويات النفايات، أو يبيعونها بعبوات من دون علامات تجارية، أو بعلامات تجارية غير مرخصة أو بشكل سائب أي بالوزن.

مشكلات

قد يتمكن العامل الفني بعد ان ترك عمله في مصنع المنظفات المرخص وأخذ ينتج مواد تنظيف بشكل غير قانوني من إنتاج مواد جيدة الجودة، إذا ما استعمل مواد أولية ذات جودة عالية بكميات مناسبة كما تتطلبها معادلات الإنتاج الصحيحة، وهذا أمر حسن حتى لو اضر بالمنتجين المرخصين فمثل هؤلاء - أي غير المرخصين - قادرين على المنافسة لأن كلفة انتاجهم اقل من الكلفة لدى المصانع المرخصة، فهم لا يدفعون ايجارات عالية للمستودعات، ولا يدفعون ضرائب، وغالباً يستعملون عبوات بلاستيكية مستعملة اشتروها بأبخس الاثمان، فما بالك لو قام هؤلاء بإنتاج مواد تنظيف باستعمال مواد أولية مشكوك بجودتها ولم يراعوا المتطلبات الصحيحة في عمليات الخلط؟

الـ PH

العمد يشير إلى ان ''المعادل'' الموضوعي لمواد التنظيف السائلة، سائل الجلي والشامبو والصابون السائل وخلافها هو معدل الـ PH أي المقياس الكيميائي الذي بموجبه تصبح المادة حامضية أو قلوية، وفي هذه المواد يجب ان يكون مستوى الـ PH بحدود 7، فبارتفاعه تتحول المادة إلى حامضية وبالعكس تتحول إلى مادة قاعدية وفي كلا الحالتين فانهما مادتان تضران بصحة الإنسان، ولا تقومان بالدور المطلوب منهما في عمليات التنظيف.

يوضح العمد أكثر فيقول ان المادة الفعّالة في سائل الجلي على سبيل المثال هي مادة ''السلفونك أسد'' أو ''حامض السلفونيك'' وهي مادة حامضية يجب إضافة مادة ''الصودا'' الكاوية القاعدية لتحقيق مستوى الـ PH المطلوب، فإذا ما زادت نسبة المادة الفعّالة ''سلفونيك اسيد'' عن 22٪، فإن المنتج النهائي يصبح حامضياً يسبب تحسس جلد الذي يستخدمه وإذا مازادت نسبة ''الصودا'' الكاوية، فإن المنتج يصبح قاعدياً مما يؤدي إلى تحرش جلد المستخدمين.

الامونيا والكلور

من المواد السامة المستخدمة في المنظفات مادة الكلور، ولكن هذه المادة بحالتها السائلة بكميات مناسبة لا تضر، فهي تضاف إلى ماء الشرب، وتستخدم لتبييض الملابس، والسيدات يلامسنها من دون ان تُحدث أضراراً بهن، ولكن حينما يقع المحظور يمكن ان يؤدي سوء الاستخدام إلى أضرار جسيمة قد تصل إلى فقدان الحياة، كما حدث مع طفل في محافظة الزرقاء، حينما رغبت والدته في تنظيف حمامات منزلها فاجتهدت فخلطت الكلور المخصص لتبييض الملابس مع مادة ''الفلاش'' المخصصة لتنظيف الحمامات، فما ان سكبت الخليط من المادتين على الأوساخ في الحمام حتى انبعث غاز ذو رائحة نفّاذة أدى إلى فقدان الأم الوعي، ووفاة طفلها الرضيع الذي كان يرقد بالجوار، والحال ذاته ينطبق على مادة ''الامونيا'' التي تدخل في صناعة ملمع الزجاج فهي مادة سامة إذا ما تم استخدامها بشكل غير صحيح.

بطاقة البيان

أحد أصحاب مصانع المنظفات فضل عدم ذكر اسمه أشار إلى ان مسؤولية المصنع في توضيح الأخطار المترتبة على سوء استخدام المنتج عبر معلومات مطبوعة على بطاقة بيان المنتج، وهو شخصياً وقع بمشكلة بوصفه منتجاً لأحد اصناف المنظفات المطروحة في اسواق المؤسسة الاستهلاكية المدنية حينما اتصل به أحد مسؤوليها ليبلغه عن شكوى تقدمت بها إحدى السيدات أصيبت باضرار بسبب استخدامها هذه المادة ليتبين لاحقاً ان هذه السيدة لم تقرأ ما هو مكتوب على بطاقة البيان، فاستخدمت المنتج بطريقة غير صحيحة، ولأن ما وقعت فيه السيدة حدث بسبب عدم قراءتها لبطاقة البيان وعدم التزامها بما جاء فيها فإن المؤسسة الاستهلاكية لم تتخذ أية إجراءات بحق هذا المصنع، ولكن السؤال الذي يجب طرحه في هذا السياق ويجب الإجابة عليه من الجهات المعنية هو: هل كل مصانع المنظفات تلتزم باشتراطات المواصفة القياسية الأردنية الخاصة ببطاقة البيان؟

هو سؤال يحتاج إلى اجابة، فمؤسسة المواصفات والمقاييس وفقاً لقانونها معنية بشكل مباشر بالتحقق من التزام المصانع المحلية بالمتطلبات اللازمة للانتاج حسب المواصفة القياسية الأردنية، وهي أي مؤسسة المواصفات حسب العمد، تقوم بجولات ميدانية دورية إلى المصانع، وتاخذ عينات من المنتجات الجاهزة الموجودة في مستودعات المصانع وعينات من خطوط الإنتاج وتفحصها على حساب المصانع، فتنذر المخالفين بمنحهم مهلة لتصويب اوضاعهم، وتبلغ الآخرين أصحاب العينات الناجحة في الاختبار بالنتيجة وتطالبهم بالاستمرار بالالتزام بالمتطلبات اللازمة، وهذه الحالة تنسحب على المنتجات المستوردة عبر اخذ عينات منها في المنافذ الجمركية، ولكن هذه الإجراءات لا تعالج مشكلة المواد المزوّرة المطروحة في الأسواق، فهي من جهة - أي مؤسسة المواصفات - لا تستطيع تحميل صاحب البقالة تكاليف فحص عينات يمكن لها ان تاخذها من البقالة، وصاحب البقالة من جهة ثانية ليس الطرف المعني، فهو واقع بنفس الغبن الذي وقع به المواطن.

المساحيق

صحيح ان تقليد صناعة مساحيق التنظيف المستخدمة بغسيل الملابس أصعب من تقليد مواد التنظيف الأخرى لأسباب عديدة، من أبرزها ان تصنيع المساحيق يحتاج إلى تجهيزات صناعية بمئات آلاف الدنانير، ما يدفع من يقدم على تصنيعها ان يلتزم بالقوانين والأنظمة المرعية، لأن خلاف ذلك يكبده خسائر كبيرة، ولكن هذا لا يعني ان هذه الصناعة بمناى عن عمليات الغش وعن الغشاشين، فالبعض حسب العمد يقوم بشراء عبوات كبيرة من ذوات الـ 25 كغم من هذه المساحيق، بسعر 25 دينارا أي بدينار واحد ثمناً لكل كغم واحد، فيعيد خلط كمية المسحوق في العبوة بكمية 50 كغم من المواد ''المالئه'' مثل ملح الطعام، و ''صوديوم سلفيت'' و ''كربونات الصوديوم'' وغيرها، فمتوسط كلفة الكغم الواحد من هذه المواد لا يزيد عن 20 قرشاً وبذلك فإن النتيجة تكون الحصول على 75 كغم من المسحوق المغشوش بكلفة 35 دينار، أي كلفة الكغم الواحد نصف دينار، وهذا ما يفسر وجود عبوات عادية من النايلون لمساحيق الغسيل دون اسم تجاري مطروحة في الأسواق بواقع كغم واحد لكل عبوة بسعر يقل عن أسعار الجملة في المصانع، أو طرح هذه المواد المغشوشة بشكل سائب - أي البيع بالوزن- في أكياس كبيرة.

الأسعار

يعتقد العمد ان الفرق في أسعار مواد التنظيف يبقى معقولاً ما دام بحدود 10٪، هي هامش يستطيع مصنع ما توفيره من الكلفة جراء اجتهاده في بعض بنود الإنتاج بشرط ان لا يكون ذلك على حساب الجودة، وغالباً ما تتمكن المصانع من ذلك عبر شراء كميات كبيرة من المواد الاولية باسعار تفضيلية، واما إذا ما زاد الفرق عن 10٪ فإن أمر جودة المنتج يصبح حاسماً بهذا الشأن، فحسبه تمثل كلفة المواد الأولية وتكاليف الإنتاج من أجور عماله، وأجور مستودعات، وثمن الطاقة، ونفقات ادارية، ومصاريف البيع والتوزيع، وأية نفقات تدخل في باب الإنتاج إضافة إلى الرسوم والضرائب الحكومية، كل هذه العناصر تمثل عوامل حاسمة في تحديد أسعار المنتجات النهائية التي يطرحها المصنعون في الأسواق.

المادة الفعّالة

1) سائل الجلي والشامبو

المهندس الكيميائي جواد جبر، يعمل مورداً للمواد الكيميائية، منها بالطبع المواد التي تدخل في صناعة المنظفات، يقول: إن كل صنف من اصناف المنظفات يدخل في تركيبته مادة فعّالة، نسبتها في الخليط تحدد جودة المنتج، فسائل الجلي والشامبو والصابون السائل يحتوي على مادة ''التكسابون''، وهي المادة الفعالة، وسعرها يتحدد عالمياً حسب العرض والطلب، وقد ارتفع سعرها مؤخراً ليصل إلى حدود الفي دولار للطن، وهي في الغالب مستوردة بالرغم من وجود مصنعين محليين ينتجانها بشكل جيد، وبشكل عام فانه بإمكان المواطن العادي الكشف حسياً على المنتجات التي يستعملها عبر لزوجتها، فكلما زادت كمية المواد الفعّالة زادت لزوجة المنتج النهائي، ولكن هذا الأمر يمكن التحايل عليه، فبالإمكان رفع درجة لزوجة سائل الجلي أو الشامبو أو الصابون السائل عبر إضافة ملح الطعام لتعويض النقص في المادة الفعالة، فملح الطعام يضفي لزوجة كما المادة الفعّالة، ولكن يمكن اكتشاف الأمر بعد الاستعمال أكثر من مرة.

2) المعقمات

المادة الفعّالة المستخدمة اليوم في المعقمات هي مادة "Benzalkanium Cloride" ففي السابق كانت المصانع تستعمل مادة "XD CMX" ولكن العالم اخذ يحد من استخدامها بعد ان تبين وجود آثار سلبية لها على البيئة، وسعر الطن من المادة الفعالة اليوم يتراوح ما بين الفين إلى الفين ومئتي دولار، وهي مادة مستوردة بالكامل، فلا يوجد منها بديل محلي، وتاتي على شكل عبوات كبيرة بداخلها المادة الفعالة على شكل سائل بتركيز 80٪، وعمليات التصنيع لا تحتاج إلا إلى إضافة مادة ملونة، ورائحة الصنوبر، وكميات من الماء وفقاً للمواصفة القياسية الأردنية التي تحدد الحد الأدنى والاقصى المسموح به، وللمعقمات (خلافاً لمعظم مواد التنظيف الأخرى) بُعد خطير يتمثل باضرار صحية جسيمة قد يصاب بها المستهلك إذا ما كانت نسبة المادة الفعّالة اقل من المطلوب وفق المواصفة الأردنية، وهو ما يمكن تكييفه بالقانون تحت بند ''الأضرار بالامتناع'' فالمواطن الذي يطمئن للمنتج ويستعمله واثقاً من انه قد قتل الجراثيم في الاسطح المطلوب تعقيمها، ويصاب باذى من هذه الجراثيم إذا ما كانت نسبة المادة الفعالة منخفضة ولم تقضِ على الجراثيم يكون قد اصابه الضرر بامتناع المنتج - بكسر التاء- عن إنتاج السلعة بالشكل الصحيح.

3) الفلاش والكلور

قليل الاستخدام، يستخدم لتنظيف الحمامات، والمادة الفعّالة هي حامض ''الهيدروكلوريد''، وهي مادة حارقة تباع بعبوات يكون التركيز فيها 33٪ بسعر لا يتجاوز مائتي دينار، وهي تصنع محلياً، وعملية الإنتاج لا تتطلب سوى تخفيف المادة إلى تركيز 6٪، واخطر ما يمكن ان يحدث باستخدام هذه المادة عند خلطها بالكلور كما ورد سابقاً، وكذلك بالنسبة لمادة الكلور تصنع محلياً، وسعرها لا يتجاوز 250 ديناراً للطن الواحد، وتُخفف في العبوات المستخدمة لتبييض الملابس إلى 6٪.

4) جل الارضيات

جل الارضيات من مواد التنظيف التي يصعب تقليدها، فعند تخفيض أي من المادتين الفعّالتين اللتين تدخلان في صناعته، يصبح الخليط اقرب إلى السيولة، والمادتان هما زيت الصنوبر غالي الثمن، وهو يستورد غالباً من الصين بحوالي 7 آلاف دولار للطن الواحد، بالرغم من ان سعره قبل أربعة اعوام كان الفي دولار فقط، والمادة الثانية هي حامض السلفونيك الذي يصنع محلياً، أو يتم استيراده من السعودية بسعر 1500 دينار تقريباً.

5) مسحوق الغسيل

المادة الفعّالة فيه ثلاثي فوسفات الصوديوم "STPP", يصل سعر الطن منه إلى 900 دينار، وغالباً ما يتم استيراده من الصين، وأما المادتين الزرقاء والخضراء التين تدخلان في صناعة هذه المساحيق فهي عبارة عن ملمعات ضوئية، تعطي الغسيل وهجاً يلمع مع الاضاءة، أي انها ليست ذات فعالية في أمر التنظيف بل هي محسنات تعطي رونقاً جميلاً للغسيل.

الرأي الطبي

د. عمر أبو لبن الذي زارته السيدة ناديا، بسبب اصابتها بحساسية من مادة سائل الجلي المزوّر الذي اشترته في عبوة ذات علامات تجارية اعتادت على استعمالها، دخلت مع ''أبو لبن'' في حديث طويل عن صناعة مواد التنظيف، خاصة ان تخصصها كيمياء، ومكثت تعلم هذه المادة أكثر من عشرين عاماً في مدارس وكالة الغوث، سألته في البداية: ما هو العامل الحاسم بشأن الضرر الذي يمكن ان يصاب به الإنسان عند استخدامه مواد التنظيف؟

اجاب أبو لبن بقوله: إن زمن الاستخدام هو أبرز عنصر حاسم في هذا السياق، فمن سائل الجلي مهما كانت جودته يمكن لأية سيدة ان تتحسس إذا ما تجاوزت مدة استخدامها له ربع ساعة في كل مرة، فجراء تعرض الجلد للمواد الكيماوية لفترة طويلة يصاب الجلد بالتحسس، الذي يمكن ان يتحول إلى مرض جلدي مع الوقت، صحيح ان استخدام القفازات يخفف من اثار مواد التنظيف على الجلد، ولكنها لا تلغي احتمال الإصابة بالتحسس.

حساسية ربات البيوت

أبو لبن أوضح أكثر، فقال: إن المواد الكيماوية تتفاعل مع القفازات ومع العرق فيتأثر الجلد وتصاب النساء بالحساسية المعروفة بمرض ''حساسية ربات البيوت''، وغالباً لا تنجو سيدة تقوم بتنظيف الأطباق والطناجر وخلافها من هذه الحساسية، ولكن بدرجات متفاوتة، وفقاً لطبيعة الجلد ومدة الاستعمال، وأكثر المتعرضات لهذا المرض هن الخادمات، فبسبب اجبارهن على العمل المتواصل لفترات طويلة يصبن بالحساسية، وغالباً ما يعرضن هؤلاء الخادمات على الأطباء بعد تدهور حالاتهن، بالتهاب الجلد وتشققه.

واما بخصوص الشامبو، فإن الشامبو سيء التصنيع، غالباً ما يتسبب بالإصابة بحروق جلدية، وبمرض ''الأكزيما''، وبالتحسس الحاد الذي ينتج فقاعات مائية في الجلد قابله للالتهاب البكتيري أو الفيروس، ويمكن له ان يزيد من تساقط الشعر.

التركيز والصحة

معادلة تركيز المادة الفعّالة وصحة المستهلكين معادلة معقدة، فوجود المادة الفعّالة بالتركيز المطلوب لتحقيق الفعّالية المطلوبة أمر ضروري لتقوم مواد التنظيف بدورها المطلوب على اكمل وجه، ولكن قد يصبح التركيز حتى لو كان في حدود ما هو موجود في المواصفة القياسية الأردنية عاملاً مؤثراً سلبياً على صحة الإنسان حسب ما يقوله د. أبو لبن، فحسبة يعتمد الأمر على نوعية جلد الإنسان وعلى مدة الاستخدام، لذا فهو ينصح السيدات ان لا تتجاوز المدة 15 دقيقة في كل مرة تستخدم السيدة فيه مواد التنظيف.

البيئة

يعتقد د. أبو لبن ان كثرة استخدام مواد التنظيفات من شأنه الأضرار بالبيئة، وهو الأمر الذي يدحضه المهندس الكيميائي محمود العمد، بقوله ان صناعة مواد التنظيف صناعة تحويلية من دون مخلفات تقريباً، ومن دون عوادم من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينطلق من المصانع التي تستخدم الطاقة المحروقة بشكل كبير، فباستثناء ما قد يؤثر على المستهلك إذا ما استخدم مواد التنظيف بشكل غير صحيح، وما قد يضر العمال في مصانع المنظفات من أضرار إذا لم يراعوا اشتراطات السلامة المهنية باستخدام القفازات والكمامات، فإن صناعة المنظفات صناعة صديقة للبيئة.

تعليقات

‏قال غير معرف…
عفوا مجرد ملحوظة عن الموضوع وهو كجرد راي انه الي كتب المنشور لايفقه شيئ بالكيمياء لانه ال ph لما تتعدا 7 تصبح قاعدية وليس العكس