السُخنة: نبض المهاجرين، وسيرة الماء 1,2,3

السُخنة: نبض المهاجرين، وسيرة الماء (1-3)



لها ذاكرة مختلفة... وتختزن في مخطوط تكوينها، تاريخ يستحق التدوين.. هي القرية التي شهدت على استقبال المهاجرين في غير مرحلة من مراحل تشكلها، ولذا فإن الكتابة عنها، عن قرية السخنة، الواقعة على مسافة 10 كيلومترات شمال الزرقاء، تأخذ أبعادا لها علاقة بالإنسان والمكان فيها، وتعكس صورة ناصعة عن التنوع الذي يلون نسيج الديموغرافيا هناك.
أول ما استقبلتني السخنة، تجولت قليلا فيها، قبل أن التقي الدكتور طه سلطان مراد (مواليد 1934م)، بدماثة خلقة، وطيب حضوره، وهو من وجوه مشيخة الشيشان في السخنة، ثم استكملت الجولة معه في القرية، والمخيم، ومع تلك الجولة كان الحديث ذو شجون حول تفاصيل متنوعة من جوانب فسيفساء تاريخ السخنة الذي لا يمكن المرور به دون الغوص في جذور القضية الشيشانية، وتاريخ الهجرة من تلك الأصقاع البعيدة، حتى لحظة استقرارهم في السخنة، وفي غير مكان في الأردن، ومن ثمة بعد ذلك كان اندماجهم في المجتمعات التي تآلفوا معها، وانسجمت معهم، فصار تلقائيا، وحقيقيا، هذا الانتماء للأرض التي زرعوها، وطوروها، وفي ذات الوقت كان هذا النسيج الجديد والمميز مع المجتمع والناس في هذه المناطق.

ماء دافئ..عين ساخنة

السخنة.. ها هي تمتد أمامي، وأريد أن أعرفها، وأتتبع تاريخها، وأتأمل أماكنها، وأسمع قصص وحكايات أهلها، غير أني أريد أن يكون مدخلي لها عبر عتبة معرفة سبب تسميتها، وبعدها تحديد دقيق لموقعها، في سبيل رسم مبدأي لخريطة تكوين القرية، قبل أن يكون التوسع إلى كافة التفاصيل فيها.
يقول الدكتور طه مراد إن سبب تسمية السخنة هي في أنه «كانت القرية في بداية التأسيس قريبة من عين ماء السخنة(عين السخنة)، وهذه العين كان ماؤها دافئا، وكان يخرج منها بخار، فسميت بالعين الساخنة، وينطقها أهل المنطقة عين السخنة، ومع مرور الزمن صارت التسمية بالسخنة، وتم الاستغناء عن كلمة العين في التسمية، وقد عزز هذا جفاف عين الماء، ونضوب الماء فيها، فبقي اسم السخنة، وصار اسم القرية بعد ذلك السخنة».
أما الباحث ركاد نصير، في كتابه «المعاني اللغوية لأسماء المدن والقرى وأحواضها في المملكة الأردنية الهاشمية»، فيورد معنى السخنة بقوله «سخن، سُخنة: ارتفعت حرارته، والسُخنة: الحمى والحرارة في الجسم». بينما يشير الباحث محمود سالم رحال إلى تسمية السخنة في كتابه «المشترك السامي في أسماء ومعاني المدن والقرى الأردنية»، حيث يقول «السُخنة: وبالسامي المشترك بمعنى موضع الحر. والجذر الآرامي شحَن (سخن): حَمي. وبالعربية سَخُن. سَخَن: كان سُخنا».

وادي حسيه

تلك هي السخنة، التي أخذت اسمها من حرارة الماء، وسخونته، حين كانت عين السخنة عنوانا للمكان، ومعلما رئيسا فيه، تشكل بؤرة البلدة، حيث يبدأ الدكتور طه مراد استرساله في تحديده للسخنة، ونحن نتأمل بقايا العين، والدرب الترابي أمامها، حيث يشير الى حدود السخنة بقوله أن « الحد الشمالي للسخنة هو وادي حسية، وهذا الوادي هو ملتقى وادي ظليل ووادي سعيد، حيث يتشكل وادي حسية الذي يلتقي بعد ذلك مع وادي الزرقاء. ويحد السخنة من الجنوب دوار ابو الزيغان/ طريق جرش، والحد من الشرق مع الهاشمية، ومن الغرب جبل ارحيل/طريق جرش».
وعند تأمل السخنة، يلاحظ بأن تقسيمها الجغرافي الداخلي يمكن تتبعه بحسب الأحياء، والأحواض، والشوارع، وأن مركز السخنة هو في البلدة القديمة التي يتكون معظم سكانها من الشيشان، وهناك أيضا الحي الشمالي، حيث أغلب سكانه من بني حسن، بينما الجزء الآخر على تخوم السخنة فهو المخيم وموقعه في شمال شرق السخنة. ويضاف الى ذلك أيضا؛ السخنة الجديدة، وحي الصالحية، ويمكن ذكر أحواض القرية بأنها حوض البساتين، وحوض الغرابيه، وحوض البتراوي، وحوض قلعمة، وحوض ابو السوس، وحوض القبر الأبيض، وحوض البلد. ولكن بسبب التوسع، والتغير الحضري للمكان، والهجرات من وإلى السخنة، فإنه تم التداخل في السكن، بحيث أنه يصعب فصل جماعة عن أخرى في السخنة، فصارت نسيجا اجتماعيا واحدا.

الأحواض

وحتى يكون هناك توثيق لجغرافية السخنة، وأحواضها، بشكل علمي، توثيقي، نعود الى الباحث ركاد نصير الذي رصد في كتابه «المعاني اللغوية لأسماء المدن والقرى وأحواضها»، حيث يرصد في السخنة خمسة أحواض، ويوضح تسميتها، ومعانيها، وهي على النحو التالي: «حوض حسيا: الحَسيُ والحِسي والحسا: أرض أسفلها غليظ وأعلاها رمل تمسك ماء المطر، فإذا نبث الرمل ظهر الماء باردا عذبا، ولكما نزحت دلواً جمّت أخرى، أو الماء تحت الأرض، لا يفطن له في الأباطيح، فإذا حفر ذراع جاش الماء. حوض النَمِر: من السحاب: قطع متدانٍ بعضها من بعض، وهي بُردة فيها خطوط بيض وسود من لباس الأعراب، والنَمِرة: المصيدة، والنُمرة: النكتة من أي لو كان، أو البلق، أو الرقم أو العدد. حوض الجويعيدية: الجعدة: نبت طيب الرائحة ينبت في الربيع ويجفّ سريعا، وأبو جعدة كنية الذئب: وتراب جعد أي نَدٍ. حوض أبو السوس: السوس: نبات معمِّر، أزهاره ضاربة الى الزرقة، وجذوره طويلة وعميقة تسحق جذوره السكرية وتستعمل في الطب. حوض قحويان: القُحوان والأقحوان: نبات له زهر أبيض وأوراق زهره مفلّجة، صغيرة، يشبّهون بها الأسنان».

بوابتان رئيستان

تشير ذاكرة الكبار في قرية السخنة، وما رشح من معلومات تم تدوينها حول بدء تكوين السخنة، خاصة ما ورد في موقع شيشان الأردن على شبكة الإنترنت، الى أن «القرية في الأصل بنيت على تلة ترتفع 480 الى 520 مترا عن سطح البحر، وتطل على عين السخنة، ومنطقة البساتين من الناحية الغربية. وكانت أبعادها طولا وعرضا لا تتجاوز 350 مترا، حيث أن المساحة التي كانت تحتلها القرية في وقت بنائها لم تتجاوز 100 دونم. وقد بنيت بيوت السخنة في البدء من الطوب الطيني، وأسقف من الخشب والقصيب والطين الممزوج بالتبن. وكان للقرية بوابتان رئيسيتان؛ واحدة في المدخل الغربي، وهو المدخل الرئيس باتجاه الزرقاء. والبوابة الثانية في المدخل الشرقي، مع وجود بوابات أخرى صغيرة على الجوانب. أما شوارع السخنة، فعند تأسيسها كان قد تم احتساب عرض تلك الشوارع بحيث تستطيع عربتان محملتان بالبرسيم المرور بسهولة اذا التقتا في الشارع».

إكتفاء ذاتي

ويرد في أحاديث الكبار أيضا، بأنه قد «كانت السخنة عند بداية التأسيس معزولة، حيث كانت أقرب بلدة لها من الشمال جرش، ومن الشرق الصحراء حتى الأزرق، ومن الغرب كانت صويلح بينما من الجنوب كانت الزرقاء، وهي أقرب بلدة لها، أي على بعد 10 كيلومترات، وكان يربطها بها طريقان ترابيان أحدهما يتجه جنوبا وهو الأقصر، والثاني دائري ويتجه في البداية الى الشرق، ثم يميل نحو الجنوب، وكانت واسطة النقل الخيل والعربات التي يجرها زوج من الثيران. وبالرغم من أن السخنة كانت في البدايات شبه معزولة، إلا أنها كانت تكاد تكون مكتفية ذاتيا، حيث أهلها كانوا ينتجون من الحبوب أكثر مما يحتاجون، فيبيعون الفائض عن الحاجة. وكان الحال مشابه بالنسبة لإنتاج اللحوم، إذ أنهم كانوا يبيعون الأغنام والماشية الزائدة عن الحاجة في سوق عمان. وكانوا ينتجون الفاكهة والخضار اللازمة ويبيعون الفائض على نطاق ضيق الى سوق الزرقاء المحدود والذي كان يتكون من عدد قليل من الدكاكين والبقالات».

المطحنة

أما عن سيرة الماء والعين والسيل في السخنة، فإنه يشار في هذا الإطار الى أن عين السخنة كانت العين الرئيسية وكانت تعطي حوالي 100 متر مكعب في الساعة، وكان يوجد قريبا منها ثلاثة عيون أخرى، تصب في عين السخنة، وكانت تغذي سيل الزرقاء القريب منها. وكانت المنطقة هناك عيون ماء، وغدران، وكان يعيش فيها السمك، وحولها البساتين، والخضرة الممتدة. وكان يوجد على السيل هناك مطحنة بحجرين تدار بالماء، وتلك المطحنة هي مطحنة الحاج وشي ارسلان. وأقرب مطحنة بعدها كانت في عين النمرة. كما أنه كان هناك مطحنة للحاج بورسي آخو، ولكنه باع الأرض بعد فترة، وبها المطحنة، الى نزار شعشاعة.
وتشير ذاكرة الماء في السخنة الى أن سيل الزرقاء كان يسقي أحواض ابو السوس، والقبر الأبيض والجويعدية، وعندما صار الجفاف في المنطقة، بدأ المزارعين يحفرون في أراضيهم آبار على حسابهم الخاص، ولكن هذه الآبار لحقها الجفاف أيضا.
وعندما يعود كبار القرية الى الذكريات القديمة، يقولون بأن الحياة في السخنة كانت كلها خير، وكانت زراعية تعاونية، حيث «العونة» سمة أساسية وأصيلة عند أهل السخنة. كما أنه وبسبب الماء الوفير في السخنة، فقد كان «يجي البدو في الصيف من سوريا والعراق، ويجي معهم جمال كثيرة، وكانوا يردوا من السيل، وكانوا في تلك الفترة يسكنوا في مكان المخيم الآن. وكان أهل القرية، في تلك الفترة، يقوموا ويعزموا شيوخ البدو، وجماعتهم، لتعزيز العلاقات الطيبة معهم».

سيرة قرية السخنة

تقع السخنة شمال الزرقاء، على مسافة 10 كيلومترا، وهي تتبع إلى لواء الهاشمية في محافظة الزرقاء، وتعتبر منطقة من مناطق بلدية الهاشمية.
الديموغرافيا
يبلغ عدد سكان السخنة بحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2004م، ما يقدر بـ(12579) ( 6323 ذكور، و6256 إناث)، يشكلون 2316 أسرة، تقيم في 3123 مسكنا.

التربية والتعليم

توجد في السخنة المدارس التالية: مدرسة السخنة الشاملة للبنين، ومدرسة السخنة الشاملة للبنات، ومدرسة سمرقند الأساسية المختلطة، ومدرسة السخنة الأساسية للبنات، ومدرسة السخنة الأساسية للبنين. كما يوجد في مخيم السخنة مدرستان تتبعان الى وكالة الغوث.

الصحة

يوجد في القرية مركز صحي أولي.

المجتمع المدني: يوجد في السخنة فرع للجمعية الخيرية الشيشانية، وجمعية سيدات السخنة، ومركز المجتمع المحلي للمرأة (تابع لوكالة الغوث) ويضم فيه روضة السنافر التي تتبع للمركز، ونادي شباب مخيم السخنة.
يوجد في السخنة مقبرتان عامتان، ومقبرة خاصة بالشيشان.


السُخنة: نبض المهاجرين، وسيرة الماء (2-3)



أنصت أكثر لحديث التاريخ في السخنة، وأدقق في سيرة الإنسان الذي سكن المكان هناك، غير أن الكتب، والمخطوطات القديمة، والشهادات التي أسمعها من الأهل في تلك القرية، صارت تعيدني إلى المسيرة الأولى للمهاجرين من أقاصي بقاع الأرض، ليكون مقامهم هنا في السخنة.
بعد أن رصدت تفاصيل المكان في السخنة، بدأت بتتبع ذاكرة الناس، وتاريخهم، ودرب ترحالهم، وحكايات نضالهم، محاولا إعادة نسج خيوط هذا التاريخ من أراض الشيشان، والنضال هناك، والهجرة والترحال، حتى النهاية عند لحظة الاستقرار في السخنة، ومع هذا النسيج، يكون التعريف بشكل مبدأي بتاريخ الشيشان الذين واطنوا الأردن، وأخلصوا له، وفي ذات الوقت لم ينسوا وطنهم الأصل في الشيشان.

غرم سلطان

أتكىء في كتابة هذا التاريخ والترحال والاستقرار للشيشان، على شهادة شفوية من الدكتور طه سلطان رمضان، ومجموعة محاضرات له، إضافة إلى كتاب «احتلال الروس للقفقاس» تأليف جون.ف.باديللي، وكتاب «قتلة الأمم» تأليف روبرت كونكست، وكتاب «تاريخ الطبري»، وموقع شيشان الأردن على شبكة الانترنت.
يقول الدكتور طه رمضان «تأسست السخنة سنة 1329هـ على يد جماعة من المهاجرين الشيشان المتمسكين بعقيدتهم الإسلامية ممن تركوا وطنهم الأصلي في القوقاز الشمالي بعد جهاد طويل ودفاع مستميت ضد الغزو القيصري لوطنهم الأم، وهاجروا إلى حماية الدولة الإسلامية آنذاك، إبان عهد الإمبراطورية العثمانية، إلى بلاد الشام، حيث أقرب الأمكنة إلى القدس التي بارك الله حولها، وكانوا بزعامة غرم سلطان بن شوقي بن إبراهيم».

الشيشان

ولكن قبل تدوين مسيرة هجرة الشيشان إلى بلاد الشام، وتتبع تفاصيل استقرارهم في غير مكان في الأردن، ومعه تثبيت تاريخ وتداعيات استقرار مجاميع منهم في السخنة، سيكون المرور على تاريخ الشيشان، وموطنهم الأصلي، ولغتهم، ودخولهم للدين، حيث تشير الوثائق والكتابات والخرائط إلى أن بلاد الشيشان تقع في اقسم الشرقي من شمال القوقاز، ويحدها شرقا جمهورية الداغستان، وغربا جمهورية أوسيتيا وكاباردينو بلقار، وشمالا مقاطعة استافروبول، وجنوبا جورجيا. وقد اشتق اسم الشيشان من قرية تشيتشن على نهر أرغون، ويطلق الشيشان على أنفسهم اسم نختشي، أو ويناخ، كما يطلق عليهم كذلك اسم كيتسي، وهم الأنجوش الذين يعيشون حاليا ممرات ماكالدون وأرغون، وقد اشتق اسم الأنجوش من قرية كبيرة على نهر التيرك كانت تسمى اجوشتا، ويطلق الأنجوش على انفسهم اسم الغلغاي أو لامور أي الجبلي. والشيشان والأنجوش هم شعب واحد من الشعوب القوقازية الأصيلة.

الإسلام في القوقاز

أما عن دخولهم إلى الإسلام، وإتباعهم الشريعة المحمدية، فيشير التاريخ إلى أنه قد وصل الإسلام إلى حدود شمال القوقاز سنة 22هـ(643م)، أيام حكم الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد فتح القائد عبد الرحمن بن ربيعة، وبرفقته بكير بن عبد الله الليثي مدينة دربند بأمر من القائد العام سراقة بن عمرو، ولم تتعد الفتوحات الإسلامية في تلك الفترة مدينة دربند، وكان تأثيرها غير مباشر على بلاد الشيشان. بعد ذلك كان هناك عدة محاولات من المسلمين للتقدم إلى الشمال عبر مدينة دربند، في محاولة لفتح مدينة بلانجار اقرب مدن الخزر منهم، حتى تكون موطئ قدم لهم في القسم الأوروبي من القوقاز، إلا أن المحاولات فشلت، وكان آخرها سنة 652م حيث استشهد قائدهم عبد الرحمن بن ربيعة، في معركة عظيمة، وبعدها اتجهت جهود المسلمين إلى القسطنطينية. ولكن في سنة 731 هـ تقدم مسلمة بن عبد الملك، الذي حاصر القسطنطينية، إلى الشمال من دربند، وفتح بلانجار ووصل إلى سمندرن، لكن المسلمين لم يستطيعوا أن يحتفظوا بالمواقع الجديدة التي وصلوها. غير أن آخر حملة للمسلمين كانت بقيادة مروان بن محمد سنة 736-740م، وانتصر على الخزر، وأخذ الجزية منهم، وقد ساندت شعوب شمال القوقاز تلك الحملات(حملة مسلمة بن عبد الملك، وحملة مروان بن محمد)، ودخلوا الإسلام طواعية. كما أنه كان لحملات المغول دور في انتشار الإسلام في شمال القوقاز، وهذه الحملات امتدت من سنة 1220م إلى 1395م، وقد قاد تيمور لنك بعض هذه الحملات في الداغستان واذربيجان، وعلى اثر ذلك أصبح الدين الإسلامي سائدا في تلك المناطق، وأصبح اللاك (غازي غوموك) هم الدعاة الى الاسلام في شمال القوقاز.. وكان بعد ذلك للعثمانيين أثر كبير في انتشار الاسلام في تلك المناطق، ونشر روح الجهاد، كما اتسع الاسلام الى المناطق الشمالية عن طريق الدعوة والتجارة مع المناطق الخاضعة للحكم
الإسلامي

سيرة النضال.. الإمام شامل

عند استعراض تفاصيل هجرة الشيشان الى الأردن، لا بد من المرور على كثير من مراحل تاريخ الشيشان، وقد كان المرور على جزء من هذه المراحل فيما أوردناه حول دخول الدين الإسلامي الى مناطقهم، واعتناقهم إياه عقيدة، حيث يمتد هذا التاريخ من سنة 643م حتى المنعطف التاريخي عند ظهور الدولة الروسية كقوة في المنطقة، باحتلالها مدينة استراخان بقيادة ايفان الرهيب سنة 1556م، ومن هذا التاريخ بدأت سيرة نضال طويل ضد الروس، نشير في هذا السياق الى حملة بطرس الأكبر سنة 1722م ومعركة بلدة أندري، والاعتداءات على شمال القوقاز أيام كاترينا الثانية، وخلفائها، وردة الفعل القوقازية بزعامة الشيخ منصور أوشورما، ثم ثورة الشيشان بزعامة بيبولات سنة 1824م، وجهاد حركة المريدين ابتداء من سنة 1830م بزعامة الامام غازي محمد، ومن بعده حمزات، ثم الإمام شامل من سنة 1834 الى 1859 كزعيم ديني وقائد حربي وسياسي، وبقيت المقاومة حتى كان احتلال الروس لشمال القوقاز كاملة سنة 1864م، حرب ومقاومة دامت 164سنة. واستمرت سيرة النضال حتى مرحلة الاستقلال الأولى سنة 1917م، ومرحلة الاستقلال الثانية عام 1990م، وتداعياته حتى الآن.

الهجرات

هنا سنتوقف قليلا عند لحظة استسلام الامام شامل سنة 1859م، لنقرأ تفاصيل هجرة الشيشان بعد ذلك، حيث تشير مذكرات الجنرال موسى كوندوكو، وقد كان جنرال في الجيش القيصري الروس، تشير مذكراته، كما يدعي، الى أنه سعى لدى السلطات الروسية للسماح للقوقازيين بالهجرة، وفي المقابل سعى لدى السلطات التركية لقبول هذه الأعداد الكبيرة من المهاجرين في أراضي الدولة العثمانية، حتى لا يتم إبادتهم من قبل القوات الروسية. وكانت الهجرة الأولى سنة 1865م حيث هاجر حوالي ستمائة ألف شركسي، وخمسين ألف من الشيشان الى تركيا. والهجرة الثانية كانت سنة 1877م اثر الحرب الروسية التركية والثورة في شمال القوقاز، بمشاركة مريدي الطريقتين النقشبندية والقادرية. أما الهجرة الثالثة فكانت سنة 1901م وكانت دوافعها، إضافة الى الاضطهاد وتداعيات الحروب، هي في أنه ظهر زعماء دينيون يدعون للهجرة الى الأراضي العثمانية، خروجا بدينهم، وعقيدتهم.

في العراء.. وسط الثلج

عزم معظم الشيشان على الهجرة، بعد تلك الظروف، وهذه الدعوات، وحرصا منهم على عقيدتهم، ودينهم، إلا أنهم رأوا أن يهاجر في البداية قسم منهم بزعامة الشيخ توسولتا-من كورتلة، فإن رحبت بهم السلطات العثمانية تبعهم الآخرون. وفعلا وصل الشيخ توسولتا ومن معه من المهاجرين الى الحدود التركية في تشرين الثاني سنة 1901م، وبقوا في العراء، وسط الثلج، لمدة سبعة أيام، وفي هذه الأثناء جاء حاكم منطقة الحدود الروسي، يعرض مساعدته لترتيب رجوعهم الى قراهم، إلا أن رد المهاجرين كان بالإجماع في أنه «لن نرجع أبداً، ولو هلكنا جميعا على هذا الثلج، لأننا خرجنا مهاجرين في سبيل الله، لنحافظ على ديننا، ونتخلص من حكم الكافرين». ثم جاء الرد من السلطان عبد الحميد مرحبا بهم، وآمرا بتوزيعهم بشكل مؤقت على العائلات في القرى والبلدات المجاورة في ولاية أرض روم، لتفادي سوء الأحوال الجوية، وريثما يتم البحث لهم عن أراض خالية ليسكنوا فيها. وقد رحب سكان القرى والبلدات بهم، وأسكنوهم معهم، وجاء بعد فترة قسم آخر من المهاجرين عن طريق البحر بزعامة أولبي من بلدة بلتة، وأسكنتهم الحكومة التركية في ولاية برس.

رحلة المندوبين

اختار الفوج الأول من المهاجرين الذين جاءوا عن طريق البر من بينهم سبعة مندوبين عنهم، وبطلب من السلطات التركية، ليبحثوا لهم عن أراض خالية لا يملكها أحد، ومناسبة، ليسكنوا فيها، وانتقلوا في الديار العثمانية، حتى وصلوا الطفيلة، ووادي موسى في جنوب الأردن، واستغرقت رحلتهم هذه حوالي سنة كاملة، فاختار ثلاثة منهم منطقة حوض نهر الزرقاء، من الرصيفة وحتى عين النمرة، لكونها من أرض الشام، وقريبة الى القدس، والحجاز، حيث أن هجرتهم كانت تقربا الى الله ومرضاة له، والثلاثة هم الحاج عبد الله، ومحمد جعفر، وغرم سلطان من بلدة (كيشني-آقة (أوخ)).
أما الأربعة الباقون فلم يرضوا بالموقع لعدم كفاية المنطقة لاستيعاب كل المهاجرين، وهم جمي خان من كيشني آقة، وأصحاب بن نوسلخان من غاتشيلق أقة، وعيل صلو (علي صلاح الدين) من زندق، وسعد الله من اشخ أويل، وقد تم اسكان أتباع هؤلاء الأربعة في ولايتي بتلز ومش-شرق تركيا، مكان الأرمن الذين كانوا قد هربوا منها اثر الأحداث التي قامت بين الأرمن والأتراك.

الزرقاء..السخنة..صويلح

تعهدت الحكومة التركية بعد ذلك بإعطاء الذين اختاروا حوض نهر الزرقاء أراض هناك، على أن يتحملوا هم نفقات السفر والانتقال اليها، وقد كان الأتراك يفضلون اسكانهم مكان الأرمن، ليسدوا الفراغ الحاصل في تلك الأراضي، ولكنهم أصروا على طلبهم، ورحلوا الى منطقة نهر الزرقاء بعربات تجرها الثيران في مدة تزيد على الثلاثة أشهر. وهكذا تم الاستقرار والاعمار في مدينة الزرقاء من قبل المهاجرين الذين وصلوا اليها بزعامة الحاج عبد الله (ايدل سولت) في 21 آذار سنة 1903م، وكانوا من أتباع الطريقة النقشبندية، وكان الحاج عبد الله مرشدهم. وفورا باشروا ببناء الدور لهم، وشق القنوات لسقاية الأراضي التي صارت ملكا لهم. ولكن قسما منهم فضل الأراضي البعلية، وتركوا أراضيهم في وادي نهر الزرقاء، تحاشيا للمشاكل التي كانت تنتج عن السقاية، في بعض الأحيان، وذهبوا الى منطقة صويلح، وأسسوا مدينة صويلح هناك عام 1906م.
وبعد عدة سنوات حضر قسم من المهاجرين الذين كانوا قد سكنوا في ولاية موش الى الزرقاء، وكانوا بزعامة غرم سلطان بن شوقي بن ابراهيم، وكلهم أصلهم من غاتشيلق-أقة. وعرض عليهم الحاج عبد الله أن يطالبوا بالأراضي التي تركها أهل صويلح، وأرسل مع غرم سلطان أمام ومختار الزرقاء الى الوالي في الشام، وبعد جهود ومثابرة من غرم سلطان، وافق الوالي في الشام على إعطاء تلك الأراضي لهم، وهكذا أسسوا بلدة السخنة سنة 1911م، ووضعوا وثيقة تنظم حياتهم الاجتماعية والزراعية والرعي وكثير من التفاصيل الحياتية في 8 شعبان سنة 1329هـ الموافق 4 آب 1911م.

سيرة قرية السخنة

تقع السخنة شمال الزرقاء، على مسافة 10 كيلومترا، وهي تتبع إلى لواء الهاشمية في محافظة الزرقاء، وتعتبر منطقة من مناطق بلدية الهاشمية.
الديموغرافيا
يبلغ عدد سكان السخنة بحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2004م، ما يقدر بـ(12579) ( 6323 ذكور، و6256 إناث)، يشكلون 2316 أسرة، تقيم في 3123 مسكنا.

التربية والتعليم

توجد في السخنة المدارس التالية: مدرسة السخنة الشاملة للبنين، ومدرسة السخنة الشاملة للبنات، ومدرسة سمرقند الأساسية المختلطة، ومدرسة السخنة الأساسية للبنات، ومدرسة السخنة الأساسية للبنين. كما يوجد في مخيم السخنة مدرستان تتبعان الى وكالة الغوث.

الصحة

يوجد في القرية مركز صحي أولي.

المجتمع المدني: يوجد في السخنة فرع للجمعية الخيرية الشيشانية، وجمعية سيدات السخنة، ومركز المجتمع المحلي للمرأة (تابع لوكالة الغوث) ويضم فيه روضة السنافر التي تتبع للمركز، ونادي شباب مخيم السخنة.
يوجد في السخنة مقبرتان عامتان، ومقبرة خاصة بالشيشان.


السُخنة: نبض المهاجرين، وسيرة الماء (3-3)



الحديث يتشعب نحو جوانب مختلفة من المكان والإنسان حتى يكتمل البوح عن قرية السخنة.. وعند كل فقرة هناك مجال للبحث والاسترسال لكتابة صفحات عديدة من تاريخ وذاكرة السخنة.
وحتى نستكمل الخريطة الاجتماعية للقرية، بعد أن مررنا على سيرة هجرة الشيشان، ومن ثمة استقرارهم في السخنة، فإننا سوف نشير هنا إلى أنه ومع بداية قدوم المهاجرين إلى السخنة، كان يتحرك في إطار منطقة الزرقاء، والسخنة، أبناء عشائر بني حسن، وعند رسم الفسيفساء الاجتماعية لهذه القرية، لا بد من الإشارة إلى أنه مع بداية وصول المهاجرين الشيشان، وتوطينهم في السخنة، كان هناك في ذات الوقت حضور وتواجد لعشائر من بني حسن في هذه المنطقة وجوارها أيضا، وبعد ذلك مع عوامل الجذب والمياه والتآلف تم الاستقرار، حيث يشار الآن عند توزيع الخريطة السكانية في السخنة إلى أنه يسكنها من بني حسن عشائر العليمات والثوابتة. وقد كان الجميع يعمل في الزراعة، والرعي على أطراف السيل، وقريبا من عيون السخنة.

المخيم

ويضاف على البنية المجتمعية للسخنة، تلك الزيادة في عدد سكان التي كانت بعد حرب حزيران في عام 1967م، حيث كانت اقامة «مخيم السخنة» في عام 1969م، على مساحة 68 دونما، لـ650 عائلة من مناطق طولكرم، ومن قضاء الخضيرة، ومن منطقة طمون والجفتلك، وكان يقدر عدد السكان للمخيم في تلك الفترة بحوالي 5500 نسمة.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن مخيم السخنة هذا، كان قد أقيم على أثر مخيم سابق كان قد أنشىء في ذات المكان بعد نكبة فلسطين عام 1948م بسنة، أي في عام 1949م، حيث نزل السخنة، في تلك السنة، عدد من اللاجئين وأقاموا على مسافة كيلومتر واحد شرقي السخنة، إلا أنهم لم يمكثوا هناك إلا سنة واحدة، وبعدها تم نقل المخيم إلى الأغوار.

الوثيقة

وقبل توثيق تأسيس المجلس البلدي لقرية السخنة، وتفاصيل التعليم، والجوانب المختلفة لتلك القرية، نعود إلى الشيشان، إبان المرحلة الأولى من استقرارهم، لنعرج على الوثيقة التي كانت تشكل عددا من الضوابط لتنظيم حياتهم الاجتماعية، والاقتصادية، في السخنة، حيث يذكر الدكتور طه سلطان رمضان بأنه قد اتفق كبار عشيرة الشيشان، وبعد وصولهم السخنة بعدة أشهر، على كتابة ميثاق ينظم حياتهم، ويضبط علاقاتهم الاجتماعية، وكان هذا في 8 شعبان سنة 1329هـ.
وقد كان من أبرز بنود هذا الميثاق كما وردت عند الدكتور طه وكذلك في كتاب «الزرقاء.. المدينة والمحافظة» لحمودة زلوم، وموقع شيشان الأردن: «التركيز على إقامة العدل بينهم/ وأن يكون صداق البنت أربعة دنانير عثمانية، وصداق الأرملة ثلاثة دنانير، وصداق العجوز دينارين/ ويكون رعي الأغنام والأبقار، مناوبة، لكل من يملك عددا منها في يوم واحد، ويُعلم الراعي الذي يكون عليه الدور بعده، بعد انتهاء يومه، قبل النوم، فإذا لم يذهب من عليه الدور لزمه دفع أجرة للراعي الأول/وصاحب المزرعة لا يملك إلا النباتات والمزروعات التي فيها، أما صاحب البستان فيملك كل ما فيه من الخشب والأعشاب/ وأن يخرج أهل القرية إلى النهر لشق القنوات ودفع الماء فيها، لسقي المزارع والبساتين، فإذا لم يذهب واحد من أهل القرية للعمل معهم، وثبت أنه غير معذور بسبب مرض أو عذر موجب وموجود في ذلك الوقت في بيته، يدفع لأهل القرية (جرك ويهكف)، ويغرم من يقطع الماء بدفع نصف مجيدي». وقد وقع هذه الوثيقة كل من الأسماء التالية «عظيم سلطان، والحاج أحمد، ويحيى، وبتي، وموسى، وإسماعيل لامهمات، ومحمد، ومني، وأيوب، وزكريا، وعبد الرحمن، وهارون، وعبد الحميد، وزيد، وحاج وشي، وحاج عمر، وعمر، وعلتسلتان، وازربي، وسيد، وحاصلبي، وعبد الباري، وبرسي، ومعد، وأولبي، وآلبي، وعادل شيخ، وإمام شيخ، وعبد الرشيد، وعبد الرحيم، وعبد الباري، ويوسف».

البلدية

تشير المدونة الإدارية لقرية السخنة إلى أنه كان قد تأسس أول مجلس قروي في السخنة في 1/4/1961م، برئاسة شفي بورسي، وبقي بموقعه هذا ثماني سنوات، إلى أن تم تأسيس أول مجلس بلدي للسخنة في 1/6/1969م، واستمر شفي بورسي بعد ذلك رئيسا للبلدية حتى 1/9/1971م، ثم جاء بعده محمد عادل شريف، وتعاقب بعد ذلك رؤساء آخرون في رئاسة البلدية، ومنهم د. طه سلطان مراد، وطه الحاج يسع.
وقد ابتدأت مع المجلس البلدي للسخنة النقلة الاجتماعية للقرية، إذ أنه قد تمت كهربة السخنة بعد تأسيس البلدية، بتاريخ 8/10/1969م، وتم تعبيد الشوارع الرئيسية والفرعية، وتصديق المخطط التنظيمي الهيكلي، وتوسعة مشاريع المياه، وبناء المدارس، وخطوط الهاتف، وإنشاء مجمع الدوائر الحكومية، وعيادة، وكتب بريد، ومكتب زراعة، وغيرها.
والآن تعتبر السخنة منطقة من مناطق بلدية الهاشمية منذ كان قرار ضم البلديات، حيث انضمت السخنة ومناطق اخرى تحت مظلة بلدية الهاشمية في 22/8/2001م.

التل الأحمر

غرب السخنة..
وعلى مسافة حوالي نصف كيلومتر، من منتصف القرية، يوجد هناك تل أثري يطلقون عليه اسم التل الأحمر، يقال في الأحاديث الشعبية عند أهل المنطقة بأنه كانت تسكن على هذا التل زوجة شبيب التبعي الحميري.
زرت التل، وصعدته برفقة الدكتور طه سلطان مراد، وكان فيه ركام حجارة، تشير إلى بقايا أبنية متهدمة، وهناك في الموقع حفرية أثرية تكشف معالم ما انجز منها عن آثار قديمة تحتاج الى مزيد من الحفر عمقا واتساعا حتى يتضح شكل الأثر بهيئته الأقرب الى ما كان عليه.
وقفت هناك، أعلى التل، وتأملت المناطق المختلفة حوله، في إطلالة على سيل الزرقاء، وعلى المزارع، وعلى أنحاء متعددة من قرية السخنة.

المدرسة

يشير الدكتور طه سلطان مراد في حديثه عن الجانب التعليمي في القرية إلى أنه «كان قد تنبه أهل السخنة، منذ تأسيسها، إلى ضرورة تعلم القراءة والكتابة، فعملوا في البداية على بناء الجامع عام 1911م، في مكان جامع السخنة القديم، وكانت مساحته تقريبا 50X25 ، وبجانب الجامع تم بناء غرفتين وصالة، لتكون كتّابا لأهل القرية، وبعد ذلك تم إحضار شيخ من عجلون ليُدرّس الطلاب، وثم بعد هذا الخطيب، جاء شيخ داغستاني، متفقها في علوم الدين، يعلم الطلاب القراءة والكتابة وعلوم الدين، وكان اسمه زاهد الداغستاني، وهذا درّس شيوخ الشيشان مثل عبد الحميد عبد القادر (من صويلح)، ومحمد معصوم (من الزرقاء).
وبعد هذا الشيخ جاء للكتاب خطباء مثل عبد الودود، وبعده محمد عيسى، ثم بعد ذلك تحول هذا الكُتّاب إلى مدرسة، وكانت للذكور، حتى الصف الرابع الابتدائي، وأول أستاذ أدار مدرسة السخنة هو الأستاذ ثابت علي الريماوي (من عام 1948 الى عام 1953م)، وبعده استاذ شركسي هو احمد محمد شاهنكري حتى عام 1960م، ثم الأستاذ غازي خلف حطوط حتى عام 1969م، وتوالت الإدارات والأساتذة في المدرسة بعد ذلك حتى الفترة الحالية.
وعند بداية تأسيس المدرسة، كان أهل السخنة، عندما يتخرج طالب من مدرستهم، يرسلونه ليكملوا دراسته في مدارس أخرى أسستها الدولة، ومنها مدرسة صويلح».
عند هذا المفصل التعليمي يضيف الدكتور طه مراد حول معاناة الدراسة، والطلاب، في تلك المرحلة، فيقول عن دراسته في الزرقاء، قائلا « قبل المدرسة التزمت بالدراسة عند الشيخ عيسى محمد لمدة سنة كاملة، ثم بعد ذلك ذهبت للدراسة في الزرقاء، وكان عمري 8 سنوات، هذا في عام 1942م، حيث درست في الزرقاء من الصف الأول، لأنه لم يكن في الكتّاب في السخنة تدريس للحساب، وكنت أذهب مساء يوم الجمعة مشيا إلى الزرقاء، لمدة ساعتين، حتى أصل عند عائلة من أقاربنا هناك، وأقضي عندهم بقية الأسبوع، وأدرس في مدرسة الزرقاء، حتى مساء الخميس، وأعود مشيا إلى السخنة عند أهلي».

بيك باشا

يستمر في سرد ذاكرته التي تعكس جانبا من تاريخ السخنة، وهذه المرة، يعطي الدكتور طه مراد رمضان مؤشرا له علاقة بالزراعة في القرية، في أنه كان حصة كل واحد بحد أعلى عشرة دونمات، وكان هناك اكتفاء في السخنة من ناحية الخضار والفواكه، إضافة إلى انتشار صيد الأسماك، وكذلك الطيور المهاجرة في مواسمها.
ويقول الدكتور طه قصة حول والده مع فريدريك بيك على هذا النحو «كان بيك باشا يجي على السخنة كثير، وكان هو صُحبة مع والدي، وفي يوم جاب معه خبراء زراعة انجليزيين من حيفا، حتى يحددوا الفوكه الصالحة للزراعة في المنطقة، وجابوا شتل من ايطاليا، مثل التفاح والسفرجل والرمان والجوز والتوت والمشمش، وكلها صارت تزرع في السخنة، بعد ما نجحت عملية زراعتها».

سيرة قرية السخنة

تقع السخنة شمال الزرقاء، على مسافة 10 كيلومترا، وهي تتبع إلى لواء الهاشمية في محافظة الزرقاء، وتعتبر منطقة من مناطق بلدية الهاشمية.

الديموغرافيا

يبلغ عدد سكان السخنة بحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2004م، ما يقدر بـ(12579) ( 6323 ذكور، و6256 إناث)، يشكلون 2316 أسرة، تقيم في 3123 مسكنا.

التربية والتعليم

توجد في السخنة المدارس التالية: مدرسة السخنة الشاملة للبنين، ومدرسة السخنة الشاملة للبنات، ومدرسة سمرقند الأساسية المختلطة، ومدرسة السخنة الأساسية للبنات، ومدرسة السخنة الأساسية للبنين. كما يوجد في مخيم السخنة مدرستان تتبعان الى وكالة الغوث.

الصحة

يوجد في القرية مركز صحي أولي.

المجتمع المدني: يوجد في السخنة فرع للجمعية الخيرية الشيشانية، وجمعية سيدات السخنة، ومركز المجتمع المحلي للمرأة (تابع لوكالة الغوث) ويضم فيه روضة السنافر التي تتبع للمركز، ونادي شباب مخيم السخنة.
يوجد في السخنة مقبرتان عامتان، ومقبرة خاصة بالشيشان.

دعوة للمشاركة

alqora@jpf.com.jo

هذه صفحة تؤسس لكتابة متكاملة حول القرى الأردنية، وتطمح لتأسيس موسوعة جادة شاملة. ولن يتأتى هذا بجهد من طرف واحد، فما يكتب قد يحتاج إلى معلومات للاكتمال، أو قصص أخرى لم يلتقطها الكاتب في زيارة واحدة، وهي مفتوحة للإضافة والتعديل قبل أن ترتسم بشكلها النهائي لتكون وثيقة لكل قرية، والأمل بأن تأتي أية إضافات أو تصويبات أو معلومات أخرى من أهل القرى والمهتمين مع اقتراحاتهم، وعلى العنوان: بوح القرى - الرأي

ص.ب- 6710-عمان-1118-فاكس 5600814
بريد الكتروني alqora@jpf.com.jo


تعليقات