برقش .. من أجمل المغارات الجيولوجية في العالم

برقش .. من أجمل المغارات الجيولوجية في العالم


البرق - جمال خليفة - برقش .. منطقة جميلة بريفها وبيئتها البكر ، وغاباتها الغنّاء ، وجبالها الشاهقة ، وأثارها العريقة ، وبساتينها ، وأوديتها الوافرة المياه والظلال.

وسميت برقش نسبة الى أحد الملوك المسمى بلقادش ، كان له قصر على ذروة برقش ولا تزال معالمه وأركانه بارزة على قمة رأس برقش.

تقع بلدية برقش في الجهة الشمالية الغربية من المملكة وهي تابعة إداريا للواء الكورة ، أحد ألوية محافظة اربد ، حيث تقع في الجزء الجنوبي الغربي من المحافظة.

وفي العام 2000 ، واستجابة للرغبة الملكية السامية "على اثر زيارة جلالته للمنطقة" فقد تمت المباشرة بتجهيزمحمية جديدة للسياحة البيئية ، وتم احضار مجموعة من الغزلان الحوامل من ألمانيا واستراليا ، اضافة الى الايل الاسمر من تركيا وذلك لضمان توالدها وتكاثرها هنا لإعادة توطينها في المنطقة بعد انقراضها منها. كما تم تجهيز مسيجات خاصة "الشبك الازرق" للطيور التي كانت تعيش في هذه المنطقة مثل الفزنت والحجل والحبش والطاووس وغيرها.

معالم سياحية

تضم بلدية برقش الكثير من المعالم السياحية والأثرية والدينية والتي تميز منطقة برقش ..واهمها:

غابات برقش

تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من لواء الكورة ، وإلى الجنوب من محمية برقش للأحياء البرية ، ولهذه الغابات مزايا بيئية تتمثل في وجود قمة لهذه الغابة تعرف بـ (رأس برقش) الذي يرتفع حوالي 875 مترا فوق مستوى سطح البحر. وهذه القمة تطل على مشارف فلسطين ، جنين والقدس وبيسان ونابلس ، ومشرفة على سهول حوران والجولان وجبل الشيخ وقمم جبال عجلون والسلط.

وتضم هذه الغابات أشجارا حرجية تقدر بحوالي مليوني شجرة قديمة من السنديان والبلوط والبطم والزعرور والكثير من الأزهار البرية والأعشاب الطبية.

بينما يقدر عمر الجبل بأكثر من مائة مليون عام وهي الحقبة التي تعود الى العصر الكريتاسي الاعلى "الطباشيري" حسب الدراسات المعمقة. جيولوجية الجبل تتشكل من اربعة تكوينات رئيسية تتعاقب فيها طبقات الصخور الجيرية ، والصوانية ، والجيرية المختلطة بالصوانية ، وتكسوها طبقات من صخور العصر الثلاثي والحديث... كما تحيط بالجبل طبيعة مشكلة من قمم عديدة لجبال وهضاب اقل ارتفاعا ، اضافة الى بعض المناطق السهلية المنتشرة فيما بينها ، حيث تنتشر الاشجار الحرجية والمثمرة والتي يقدر عددها بمئات الآلاف الامر الذي ادى الى انشاء محمية زوبيا والتي تقع الى القرب من جبل برقش العظيم والتي اسستها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عام 1988 وعلى مساحة تبلغ سبعة كيلو مترات.

محمية برقش للأحياء البرية :

تبلغ مساحة المحمية عشرين الف دونم ، وهي متصلة بغابات عجلون ، وتتميز بالمناخ المعتدل صيفا لكثرة أشجارها ، ويعيش فيها انواع من الغزلان ، البرية والأيل الأسمر والخاروف الجبلي ويبلغ عددها حوالي 500 غزال ، بالاضافة الى انواع من الطيور البرية الجميلة منها: فزنت ، ومن انواعه (المذهب والاوروبي والبلدي) ، الحجل ، الحبش ، الطاووس ، ويزيد عددها عن اربعة آلاف طير .

تمتاز المحمية بتنوع حيوي وهي تضم عددا من الأشجار البرية بالاضافة إلى :

200 نوع من النباتات والإزهار البرية (شقائق النعمان ، الدحنون ، الزعمطوط ، اللوف ، الحميض ، الصفير ، السوسنة السوداء ، الأقحوان ، وغيرها). 30

نوعا من النباتات الطبية (الجعدة ، رجل الحمامة ، القدحة ، الختمية ، القرصعنة ، العنصل ، وغيرها).

8 أنواع من المفترسات (الذئب ، الضبع ، القط البري ، الثعلب الأحمر ، السمور ، الغريري ، الواوي ، الفساية).

4 أنواع من القوارض (فأر الحقل ، السنجاب الفارسي ، النيص ، الخلند). 16

نوعا من الزواحف (السلحفاء الاغريقية ، الأفعى الفلسطينية ، السحلية الخضراء وغيرها). 40

نوعا من الطيور(الصقرالحوام ، عقاب الحيات ، الحجل ، الهدهد ، البلبل وغيرها).

مغارة برقش

وسط غابات برقش ، 80 كم شمال عمان المنتشرة على مساحة 20 ألف دونم تقع مغارة (الظهر) برقش على مسافة 30 كيلو مترا الى الغرب من اربد ، وهي تكوين جيولوجي طبيعي يعود للعصر الاكرياتيسي 35 - 40 مليون سنة ، وبالتالي فإن العمر المقدر لها هو 40 مليون سنة وتتكون من عدة مغارات ودهاليز متصلة ببعضها البعض وتقدر مساحتها بـ4 - 5 دونمات ، وقد تختلف هذه الارقام لاحقا تبعا لاكتشاف المزيد فيها. وتعد المغارة من اجمل المغارات الجيولوجية في العالم وتضاهي بجمالها وشكلها مغارة جعيتا في لبنان.

وتقع المغارة دون مستوى سطح الارض ما بين 20 الى 30 مترا ضمن تكوين صخري سماكته 50 - 60 مترا ويتراوح ارتفاعها من المتر الى العشرين مترا ، وتبعد عن الشارع العام حوالي 150 مترا.

وتشكل المغارة معلما سياحيا بارزا بما تحتويه من مخاريط من الصواعد في أرضيتها ومخاريط النوازل والهوابط المدلاة من سقفها بلونها القرمزي ، اضافة الى لوحات جدارية طبيعية متدرجة في الالوان والاطاريف ذات جمال طبيعي نادر تشكلت في دهاليزها التي يزيد طول بعضها عن المائة متر عبر ملايين السنين.

وتشكلت الصواعد والنوازل في صور اعمدة كلسية يصل طول بعضها الى 170 سنتمترا في حين ما يزال بعضها في طور التشكيل. وتتدلى النوازل التي تلتصق بالسقف بطريقة رائعة وبالوان وردية تشبه تماما صخور خزنة البتراء الاثرية.

واكتشفت المغارة في العام 1995 ، وتحتوي على سراديب ضيقة يمر منها جسم الانسان بصعوبة. وكان الدخول اليها يقتضي الزحف لمسافة 3 امتار عبر "عنق" صخري لا يتجاوز قطره نصف متر قبل ان يتم في العام 2003 توسعته وتكسيره بحيث اصبح بالامكان الدخول اليها وقوفا بقامة منتصبة ، وكان هذا العنق يشكل حائلا طبيعيا وقف دون دخول الناس اليها ما أسهم في الحفاظ عليها ، وحال دون إستخدام البشر لها مسكنا في القدم حيث لم يعثر بداخل المغارة على ما يشير الى ان أحدا سكنها.

ويسود الظلام الدامس اجواء المغارة فيما تتواجد بقع صغيرة من الماء هنا وهناك احداها تعود اصلا لما كانت عين ماء صغيرة.

وتتصف المغارة بالبرودة صيفا والدفء شتاء ، بحرارة معدلها 18 درجة مئوية ، فيما تفيد اجواؤها المنعشة المصابين بالازمة التنفسية.

وتتميز المغارة بتشكيلاتها الصخرية والتي تكونت عبر ملايين السنين بألوان متعددة اضفتها المعادن الذائبة في المياه التي تسربت عبر الشقوق مسببة تآكل وذوبان الصخور الجيرية ومن ثم تبخرها مكونة الصواعد stalagmite والهوابط stalactite والتي يحتاج كل سم منها الى ما يتراوح ما بين 200 الى 300 سنة ليتكون قطرة قطرة.

مخطط للمغارة

وقد تم وضع مخطط كامل لدهاليز وممرات وباحات المغارة ، ويشير المخطط الى بعض المواقع في المغارة مثل ما اطلق عليه المعبر برقش ويقع الى الجهة الشمالية من المغارة و"قاعة الملكة" والتي تعتبر القاعة الاكبر والاوسع داخلها والمزدانة بما يسمى بالصواعد والهوابط ذات الاشكال الهندسية المتنوعة والبديعة والتي منها الاسطواني المتدرج والذي يبلغ قطر قاعدته حوالي المتر ليتدرج الى الاعلى ضيق قطري ليصل الى بضعة سنتمترات معطيا زخارف طولية على هيئة اعمدة بينها فرزات تشابه شكل برج "بيزا" في ايطاليا واخرى هوابط لها اشكال صفائحية او رقائقية مشابهة لاوراق شجر الموز ، وهي ميزة عالمية لا تتوفر الا في كهوف ومغائر قليلة في العالم.

والى الجنوب من قاعة الملكة يتوسط المغارة كهف اطلق عليه كهف "السمر" والذي يفصله عن القاعة المجاورة ممر ضيق مؤديا الى فناء فسيح ، وفي النهاية الجنوبية للمغارة يوجد "كهف الوطواط" وسمي بذلك لكثرة تواجد الخفافيش فيه ، والى جانبه يوجد "كهف النبعة" حيث تتدفق المياه الجوفية التي تغذي "عين زوبيا" الواقعة خارج المغارة. وقد أسهمت المياه الجوفية المشبعة بالاكاسيد بتلوين جوانب المغارة والصواعد والهوابط داخلها.

إهمال وتخريب

بالرغم من ان مغارة برقش هي المغارة الطبيعية الوحيدة المميزة في الاردن التي تحوي صواعد وهوابط يمكن استغلالها عالميا وبما لا يقل عن مستوى نظيراتها (كمغارة جعيتا) إلا ان الاهمال لا زال يلفها ، ناهيك عن اعمال العبث البشري المتعمد من قبل بعض الزائرين .

المغارة بأمس الحاجة للمحافظة على شواهدها الجيولوجية وذلك عن طريق اعتمادها كمحمية طبيعية ، ووضعها على خريطة السياحة الجيولوجية والبيئية في الاردن ، وتسويقها محليا وعالميا كمحطة للباحثين لتشجيع سياحة العائلة ، والسياحة التعليمية (المدرسية والجامعية) ، الامر الذي يتطلب انشاء ممر من الطريق الرئيسة الى باب المغارة ، والعمل على تحسين الساحة الواقعة امام مدخلها عن طريق انشاء استراحة سياحية تقوم بتوزيع منشورات توعوية ، ومخطط يبين تضاريس المغارة من الداخل.. ولا بد من ترميم المدخل عن طريق انشاء درج يقود الى داخل المغارة ، والعمل على تنظيف ارضياتها ، وتزويدها بالبنية التحتية كالاضاءة ، والماء. الدستور

التاريخ : 10/29/2010 1:16:22 PM

تعليقات