هزاع البراري: مازلت ألهج بسفر يعيد إلي دهشتي الأولى.. حسبان تلتصق بمسام العمر لا أكتبها حتى تكتبني

هزاع البراري: مازلت ألهج بسفر يعيد إلي دهشتي الأولى.. حسبان تلتصق بمسام العمر لا أكتبها حتى تكتبني



سميرة عوض

الكاتب هزاع البراري كاتب مكاني بامتياز، مخلص لمكانه الأول، فهو «يبقى يعيد تخييط المكان الأول، متسائلاً على الدوام من يا ترى يلبس الأخر؟. المكان الأول، الخطوة الأولى، بواكير الأحلام، أولى الشقاوات.. حسبان..»، رغم أنه وصل أخر الأرض –اليابان-، في «رحلة تكتظ بالدهشة»، إلا أنه في الصين لم يشعر بالغربة، رغم صعوبة التواصل اللغوي، معللا ذلك بالقول: «كانت تشبهني، ربما تشبهنا».
ومع البراري نجول اليوم في أماكن سكنت في القلب منه، فتونس التي وصلها ممسكاً بسيف هانيبال، ولبنان، ومصر، وغيرها من أماكن زارها وأحبها، إلا انه يظل يحلم بالسفر إلى أماكن جديدة كثيرة، المغرب، البرازيل واستراليا، وغابات أفريقيا ومجاهلها المغرية بالاكتشاف.
فإلى أماكن البراري التي تسكنه أكثر مما يسكنها على حد تعبيره.

«حسبان» مسقط الروح ومنبت الأحلام

ماذا عن مكانك الأول، وكيف يحضر لديك بوصفه مكان صرختك الأولى؟. يشبه إلى حد بعيد الرحم.. التكوين، كونه ليس خياراً، لكنه لا يلبث الناحت الحقيقي والمستمر لملامح وسمات المبدع، هو ليس تكوين محايد، بل منحاز لفضاءات من مثيولوجيات، وما ورائيات، تدفع بهذه الذات المشرئبة للغيبيات والغوامض، وكل ما يبعث على الشك وعدم الطمأنينة، هي «حسبان» مسقط الروح ومنبت الأحلام، فمنذ صغري آمنت أن «الشمس والقمر بحسبان» وما زال ذاك التخيل الفطري يسكنني، وإن اختلفت التفاسير وتضادت الآراء، فالكاتب في طفولته الممتدة حتى تخوم الموت، إن جادت عليه الأقدار بعمر ما، لا يأخذ الركائز باعتبارها ملابس جاهزة، فيبقى يعيد تخييط المكان الأول، متسائلاً على الدوام من يا ترى يلبس الأخر؟. المكان الأول، الخطوة الأولى، بواكير الأحلام، أولى الشقاوات، والشقاء الباقي دون فكاك، حسبان مثل سرير معلق في الفضاء مدجج بالبخور والغوامض، وحكايات الجن والكنوز، والرصد، الذي يرعى جواهره في الفراغ، ويسوق في ليالي الشتاء والجوع، الأحلام إلى وسائد المتعبين، فلا الحلم يصحو ولا التعب ينقشع.
من الملك سيحون أعظم ملوك العصر الحديدي، حيث حشبون – مملكة حسبان ، قال للعبرانيين لا، فكان أول المقاومين، وأول الشهداء، اليوم تنهض بلدة عصرية ترتكز على تاريخ عميق، يلملم المزارعون نداها كل صباح بعباءاتهم، ويسقون سنابل القمح، ويغسلون ثمار الزيتون بعرق الانتظار، أشعر بها تلتصق بمسام العمر، وتغرق في تفاصيل الحكاية، فلا أكتبها حتى تكتبني ألف مرة، فحجارتها شواهد لا تبوح، ورجومها دافن أسرار السحر، وأشجارها ظلال لشيوخ من زمن مجهول، وأنا أمسح وجهي بالتضاريس، وأنغمس بالكتابة والحفر.

بغداد.. روح السفر الأول

أول السفر إلى أين؟. وما مناسبته؟. وكيف يحضر في البال؟.
رحيل الخيال يأتي قبيل وعي العقل بكنه الباب، دائماً ينهبني البعيد وكأني شعاع ضوء ينهيه التوقف، فتنهمر عليه العتمة، سافرت قبل السفر وخلاله وبعده، مازلت ألهج بسفر يعيد إلي دهشتي الأولى، كانت بغداد عندي مدينة رسمها السندباد، وخربش على جدرانها الشعراء، كانت في المتناول، وليست حلماً بعيداً كما هي اليوم، عندما تخرجت في الجامعة الأردنية، رغبت في إكمال دراستي العليا في جامعة بغداد، ركبت حافلة مهترئة من مجمع رغدان صيف عام 1994م، حيث أنغرزنا في الصحراء، التي تغري بالصمت والكآبة، وصلتها مع الفجر، وكان الحصار ينشب مخالبه في أفواه الأطفال، فسكنت فندقاً شعبياً في شارع السعدون، لم أجد أثراً لمركب السندباد، ولم يبقى من «أبو نواس» سوى شارع تفوح منه رائحة النهر، ومخالب حر لاهب، لم تكن بغداد الخيال، لكنها بغداد أخرى حميمة ومتسامحة، حصلت على القبول، لكني لم أعد للجامعة، فلقد صدر قرار سقوطي بالوظيفة الحكومية، كمعلم في مدارس وزارة التربية والتعليم، فالوظيفة إن أجلت قد لا تأتي أبداً، هذا كان قرار والدي رحمه الله، اليوم تأتي بغداد كرؤيا مشوشة تختلط فيها الأحداث والأزمان وتموج التضاريس، لا شيء واضح، لكنها روح السفر الأول، نكهة لا تفارق الذاكرة مهما تراكم السفر والترحال بعد ذلك.

طائر بجناحين.. حسبان ومادبا

مادبا.. المدينة والتاريخ.. كيف تحضر في نصك؟. وحياتك الإبداعية؟.
أحس دائما أنني طائر بجناحين، حسبان ومادبا، ليس بمقدوري التحليق والمضي بواحدة دون الأخرى، فالنسر عندما يحلق في الأعالي فإنه لا يعرف عندها أي الجناحين أحب إليه، فحسبان بوابة مادبا الشمالية، ولم تستطع التقسيمات الإدارية العصرية، التي أتبعت حسبان لمحافظة العاصمة، حتى غدت إحدى مناطق أمانتها، لم تستطع أن تكشط عنها روحها المادباوية، حيث لا بعد عنها أكثر من سبعة كيلومترات، تجولت في شوارعها وأزقتها، في طفولتي وشبابي الباكر، أكثر مما تجولت بشوارع حسبان، وقد أسهمت بتاريخها الحافل في بناء شخصيتي الإبداعية، فلقد تنسمت عبق أنفاس غالب هلسا، وروكس بن زايد العزيزي، ونبش في تاريخها المخبأ، وقد حضرت في كتابتي بقوة، فشخصية فلاح الجندي المقاتل الذي دفن نصفه السفلي في فلسطين وبعد سنوات دفن نصفه الثاني في مادبا مدينته، كان مثل ناقوس كبير، يذكرنا بالجرح النازف، بأن الأرض الواحدة لا تشطر بالأسلاك الشائكة وحقول الألغام والبنادق الغادرة، كان من شخصيات رواية «الغربان» أما رواية «تراب الغريب» فقد لامست هجرة العشائر المسيحية من الكرك إلى مادبا، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تعد مادبا أحد أهم دوافع الإلهام لدي، فلقد احتضنت أول الخربشات، وتعربش الأحلام بيوتها القديمة، وأسواقها الطافحة بأبناء القرى والبوادي المحيطة، حيث ينسجم رنين الأجراس مع إيقاع الأهلة في صورة إبداعية نادرة.

الصين وكأنها حسبان المادباوية!

بالتأكيد حملك الإبداع إلى كثير من أرجاء العالم.. أي أماكن منها ظل في البال؟. ولماذا؟.
الإبداع مثل راحلة خرافية لا تكل السفر، وأنا ولدت على ظهر براقية تهز رأسها نحو الأفق كلما لاحت طريق، وصلت آخر الأرض، عندما وصلت اليابان وأقمت فيها قرابة الشهر، في رحلة تكتظ بالدهشة، بالرغم من ذلك فأن الصين يحضر دائماً بقوة لا أدري لماذا؟. لم أشعر فيها بالغربة رغم صعوبة التواصل اللغوي، كانت تشبهني، ربما تشبهنا، بلد متطور لكنه من دول العالم الثالث، يكره ما نكره، وينتصر للضعفاء، ويعتمد على قواه الذاتية، شعبه لطيف بطبعه، ودود حد الخجل، تنهض حضارته العصرية على ارث ثقافي وحضاري كبير وغني، لذا فقد ارتبط جزء مني بهذا البلد البعيد، فمكانه ملهم، لا عقد ولا تعقيد، تأخذ بقدر ما تعطي، فعندما تتزاحم الأمكنة في داخلي، تأتي الصين وكأنها حسبان المادباوية. وتبقى «اللماذا» معلقة دون إجابة واضحة.

وجناح الشابي يظللني...

كيف هو ارتباطك المكاني بتونس، وأنت الفائز بجائزة شاعرها أبو القاسم الشابي عن النص المسرحي «قلادة الدم»؟.
ارتبطت بتونس منذ «هانيبال»، أقصد منذ سكنتني شخصية هذا القائد القرطاجي الأسطوري، الذي خاض حرباً مجنونة، وأذل روما في عقر دارها، وروما ألف روما، لكل زمن روما، فكتبت مسرحية هانيبال قبل سفري لتونس بسنوات، فالعلاقة إبداعية بالدرجة الأولى، وبقيت كذلك، فقد زرتها لأول عام 2007 عندما كنت رئيساً لوفد رابطة الكتاب الأردنيين المشارك في اجتماعات المكتب الدائم للإتحاد العام للكتاب العرب، وهناك سرت باحثاً عن صهيل حصان هانيبال، وقفت على هياكل قرطاجة التي أحرقها الرومان، وقتلوا أهلها، كان الرماد ينبئ بجمر ما تحت رماد ما، في العام التالي فزت بجائزة أبو القاسم الشابي، فوجدت تونس كلها تفتح لي بواباتها، فلم أكن فيها ذاك الغريب الغريب، كانت الشوارع والمقاهي ولون الخلجان لي، تشبهني، فأبو القاسم صاحب الوجع المتوالد فينا، يمد يده لي وعينه ترشح بالمحبة والود، فتونس اليوم مكان حميم، كان لي مثل تغريبة أبو زيد الهلالي، وصلته ممسكاً بسيف هانيبال، وجناح الشابي يظللني يوم لا أجد في الأمكنة ملامح غير ملامحي الشاحبة.

لبنان حصن أخير للمقاومة

وماذا عن لبنان.. وأنت الحائز على جائزة عويدات اللبنانية لأفضل رواية.. هل تسهم الجائزة في تعميق علاقتك بالمكان؟.
مثل جرح ساخن هي لبنان، تصرخ حين يأكلنا الصمت، تقاتل حين تكبلنا الخسائر الكثيرة، تنتصر حين نلوح بالاستسلام، حصن أخير للمقاومة، وهي مفتاح النص وروحه ومآله الأخير، كانت بالنسبة لي فردوس مفقود، تندس في فوهة القلم كلما هممت بالكتابة، لقد سمح لي الفوز بالجائزة، أن أتعرف على هذا البلد المصاغ من مهج الشعراء وأخيلة الروائيين، شعرت أن الجائزة الحقيقية هي أن أزر لبنان لأول مرة، وأغرق في تفاصيل بيروت، التي لم تعد بعد ذلك مجرد رمز ضبابي، سيدة الأرض، والخنجر المزروع في رأس معتدٍ يسير كالمسطول، كانت قد جمعت المبدعين في سنوات الحرب والغليان، قبل أن يخرج المقاتلين، ويتفرق الصحب، فأسير في بيروت وحيداً أحاول أن أستذكر حياة لم أشهدها، وأقاوم وجعاً تسرب من مسام الذاكرة ولم يغادرني، حتى بعد أن كتبت حرب لبنان في رواية «تراب الغريب» ومسرحية «العرض المجهول».

مصر.. عشق صوفي عتيق

ومصر أم الدنيا، وأنت أيضا فزت بجائزة محمد تيمور لأفضل جائزة نص مسرحي؟.
وكأن حبي للأماكن يكافئني، فأفوز بجوائز أدبية من مدن اشتقتها منذ طفولة معفرة بالتراب والرعي، فمصر مكان يفرض اختلافه، فيه سحر الفراعنة، وعظمة الغموض، من يشرب من نيلها يسري في أحشائه داء الحب الأبدي لمصر من الصعيد الجوّاني إلى الإسكندرية الهادئة، فأنا مفتون بتاريخ مصر القديم، ولي مع أهراماتها ومعابدها ونقوشها، عشق صوفي عتيق، ولا يمكنني أن أفصل مصر اليوم عن ماضيها البعيد أو القريب، أنا الآن أرى الزحام والفوضى وضنك العيش، والقدرة المدهشة على الفرح واستدرار الضحك المقاوم للكآبة، كلها عوامل تعلن إتقان المصريين للحياة، تلك هي سر عظمة مصر عبر العصور، لقد زرت مصر مرات عديدة، ووصلت حتى الأقصر في أقصى الجنوب، وأشعر أنني بشوق لا ينتهي، ورغبة بسفر جديد إليها، وكأنها في كل مرة أطرق بابها، تأخذني إلي حديقة غير مكتشفة، مسكونة بالغوامض والأسرار، التي ما أن تراني حتى تنداح مثل بواكير المطر.

المكان يسكنني أكثر مما أسكنه

ماذا عن حضور المكان في أعمالك المسرحية والروائية وحتى القصصية؟.
أعتقد أن المكان يسكنني أكثر مما أسكنه، أدرك أني أنا مجرد عابر، وهو مستقِر ومستَقر، لذا فأنا أؤثث النص بالمكان، هو مثل خطوط الوجه، لا ملامح له من دونها، فأنا مكاني حتى التراب، ولا أتعامل مع المكان بوصفه مجرد وعاء أو حاضنة، بل هو الشخصية المهيمنة والمحركة للشخصيات والأفكار والرؤى، كما أن إعادة بناء مكان ما فنياً هي، بالنسبة لي العامل الحاسم في نجاح أو فشل أي نص إبداعي، ولأن المكان في النص المسرحي، يختلف إذا مثل من عرض إلى آخر ومن مخرج إلى مخرج آخر، وله اشتراطاته المتعددة، فأن المكان في الرواية، تكوين أبداعي ساحر، كاللغة الشعرية، أن أخذتك حسبت عليك وأن أخذتها حسبت لك، فالمكان عندي حقل ألغام لا يمكن أن تمشي فيه دون معرفة ببواطن الإنفجارات.

أرى في المشي سر المعرفة

لكل منا أسلوبه الخاص في التعرف على المدينة.. ماذا عن طقسك؟.
أدخل المدينة من بؤرة القلب، من القاع صعوداً إلى الأحياء المستحدثة، والتي قد أحبها كثيراً وقد لا أحبها مطلقاً، وأترك لخطاي حرية الجس واللمس، فلا يمكن أن أعرف مدينة ما إلا سيراً على الأقدام، وأسجل في ذاكرتي المنعطفات، والعلامات، وأحفظ نقاط تعريف بطريق العودة، حتى إذا أتقنت معظم المداخل والمخارج، أمنت للمدينة وأسلمتها سهوي، وأنا جغرافي متميز، سريع التعرف على المدن، بالإضافة أنني مشاء من طراز رفيع، أرى في المشي سر المعرفة، فأن أتقنت معرفة القاع سهل عليك قضم باقي المدينة، حيث أجد أن أجمل ما في المدن، الشوارع والمقاهي الشعبية، والحدائق القديمة.

رواية عشق خرافي كتبت بالصخر

أي الأماكن العربية، والغربية كان له حضور خاص لديك؟.
الحضور الخاص لأي مكان، يرتبط بدرجة كبيرة بحدث خاص يجري داخل هذا المكان، ومن هنا تنشأ الحميمية الخاصة، فلقد كان للأماكن التي حصلت فيها على جوائز أدبية مكانة خاصة تبقى في الذاكرة، كبيروت والقاهرة وتونس، وتأتي خصوصية الأماكن الأخرى، لأسباب شتى، فمثلاً لاسطنبول لها وقعها المميز داخلي فهي مدينة مختلفة ومرحبة ولنا معها نحن العرب تاريخ متناقض، لكنه ما زال يثيرنا بحنو قد لا يفسر بسهولة، وأعتقد أنها من أكثر المدن التي ظلمت بعيد الحرب العالمية الأولى. أما مدينة «أقرا» الهندية التي تضم تاج محل فهي كالجوهرة الثمينة المخبأة وسط عالم من الفوضى والبؤس، هي رواية عشق خرافي كتبت بالصخر، لتخبر الزائرين دائماً عن عظمة المشاعر الإنسانية الصادقة، عندما تنتج وفاءً وتقديساً يبقيان أمد الدهر، فلقد تعلقت مشاهد ذلك الموقع في داخلي وتزداد وضوحاً مع مرور الأيام، ولا شك أن لحظة وقوفي على سور الصين العظيم تشبه الدخول في زمن مخدر بالنشوة، أن تقف منتصباً على أولى عجائب الدنيا السبع الجديدة، وتلمس تلك العظمة القادمة من زمن غابر، فأنك تحتاج لفترة من الزمن لتستوعب ذلك كله في دفقة إبداعية مذهلة تعبر تلك المشاعر المتضاربة.

حضور واضح للمكان الأردني في النص..

ماذا عن المكان الأردني، وهل تعتقد أن المكان الأردني أخذ حقه في حقول الإبداع.. كيف يمكن الالتفات إليه بشكل حقيقي؟.

عاش المكان الأردني فترات إهمال التفت خلالها الكتاب إلى الحواضر الثقافية البارزة كالقاهرة وبيروت ودمشق وبغداد، وقد أسهمت البنية العشائرية للمجتمع وقلة عدد السكان، في هرب الكاتب إلى المدن الكبيرة لبناء نصه، أو افتراض مكان هلامي بلا ملامح يمكن أن يكون أي مكان وأن لا يكون أي مكان، لكن في العقدين الأخيرين، وربما العقد الأخير الأكثر وضوحاً، شهد حضوراً واضحاً للمكان الأردني في النص الإبداعي الشعري والسردي، حتى وصل الأمر حد الافتعال، واعتقد أن المكان المحلي لم يعد مغفلاً، لكن الأهم من ذلك أن يتم أنتاج مكان فني يندغم مع العمل الإبداعي، وأن يكون في سياق الإبداع دون أن نغفل المتعة والمصداقية، والإقناع الفني الكافي.

الكتابة اختراق للزمان والمكان

بما أن الأسطورة بوصفها ابنة المكان، وأنت تجيد توظيفها في نصوصك.. كما في أعمالك.. هانيبال، ميشع يبقى حيا؟.
الأسطورة أهم مكون في المكان، فالكاتب لا ينظر للمكان كونه مجموعة من الحجارة والتراب والتضاريس، هو سجل مدون بحبر سحري لا يصل إلى مفاتيحه إلا من نظر داخل التفاصيل المألوفة، ليرى ما لا يرى، ويجوس ما هو غير متاح، لذا فأنا أرى الكتابة اختراق للزمان والمكان، والمثيولوجيا باب موارب يوصل إلى الجانب الأخر من الحكاية، ويكشف عوالم نفسية واجتماعية أسهمت قيام أحداث غيرت وجه العالم لقرون طويلة.

الوطن..تحبه بما لا يشبه أي حب

أي أمكنة الأرض أقرب إليك؟. وأيها تحلم بالسفر إليه؟.
لا يوجد أقرب من الوطن إلي في أي زمان أو أي مكان، والوطن هو المكان الوحيد الذي تملك حق العتب عليه، ولا تملك إلا أن تحبه بما لا يشبه أي حب، واعتقد أن من يتنصل من وطنه، إنما ينسلخ من ذاته، ويعلن انتسابه للعدم، وأجد أن الوطن هو الهوية الحقيقية التي لا تمحى بالهجرة وتغيير الجنسية، كلون البشرة وشكل خطوط البصمة.
وأنا أحلم بالسفر إلى أماكن جديدة كثيراً، عربياً أخطط لزيارة المغرب، فأنا أحب هذا البلد لكن لم تتح لي الفرصة لزيارته، في حين أرغب بالسفر إلى بلدان بعيدة كالبرازيل واستراليا، وغابات أفريقيا، تغريني المجاهل التي تحتاج إلى مغامرة من نوع خاص، لكن الوظيفة وسبل العيش لا تجعل من تلك الأمنيات متحققة بسهولة أو حتى بصعوبة، لكن القادم مجهول دائماً.

مقاطع من السيرة

الكاتب هزاع البراري (هزاع ضامن عبد العزيز البراري)، مواليد 5/4/1971، حسبان /ناعور، يحمل بكالوريوس علوم اجتماعية/ الجامعة الأردنية، يعمل مديراً لمديرية الدراسات والنشر/ وزارة الثقافة، وهو عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين/ الدورة السابقة، عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، عضو مؤسس لفرقة طقوس المسرحية، وعضو مؤسس جمعية حسبان الثقافية.
نال الكاتب الحسبان العديد من الجوائز، فهو حائز على جائزة عويدات اللبنانية لأفضل رواية في الوطن العربي لعام 2001. جائزة محمد تيمور المصرية لأفضل نص مسرحي عربي 2004، جائزة أفضل تأليف مسرحي عن مسرحية ميشع يبقى حياً ، في الأردن لعام 2001 ، جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عن السيناريو للعام 2008، صدرت بإرادة ملكية سامية.
كما نال البراري جائزة أبو القاسم الشابي التونسية لأفضل نص مسرحي عن نص قلادة الدم 2009، جائزة مهرجان المسرح الأردني 2009 لأفضل نص مسرحي عن مسرحية ميشع يبقى حياً (فوز للمرة الثانية). فضلا عن بعض الجوائز المحلية الأخرى مثل جائزة رابطة الكتاب للرواية لغير الأعضاء عام 1995.
وللبراري عدد من الإصدارات منها: الجبل الخالد (رواية) 1993، حواء مرة أخرى (رواية) 1995، الغربان (رواية) 2000 ، الممسوس (مجموعة قصصية)2001، العُصاة (نصوص مسرحية) 2002، قلادة الدم (مسرحية)2007، تراب الغريب (رواية) 2007.
كما كتب في الدراما، دروب الحنة ( مسلسل ) تم بثه، مسلسل (نقطة وسطر جديد) تم بثه، أزمنة الحب و الحنين (مسلسل) قيد الإنجاز، وكتب للإذاعة مسلسل إذاعي (قصة وحكاية) تم بثه، مسلسل إذاعي (صور اجتماعية) تم بثه، تمثيلية إذاعية (دفن المرحوم) تم بثه، فضلا عن
المشاركة في كتابة دراما البرنامج التلفزيوني (الحكي إلنا).
وفي المسرح كتب: مسرحية (العرض المجهول) مهرجان المسرح 1997، مسرحية (حلم أخير) مهرجان المسرح 1998، مسرحية (مرثية الذئب الأخيرة) 2000، مسرحية (العُصاة) مهرجان المسرح 2003، مسرحية (الناي والنهر) مهرجان المسرح 2004، مسرحية (قلادة الدم) مهرجان المسرح 2003، ومسرحية (هانيبال) مهرجان المسرح 2005.
وهو إلى ذلك كاتب زاوية ثابتة في جريدة الرأي بعنوان «خارج النسيان»، وله كتابات ومقالات مختلفة في الصحافة الاردنية والعربية، وإعداد برامج ثقافية للإذاعة الأردنية، كما له مشاركات واسعة في العديد من البرامج الثقافية في الفضائيات العربية.
شارك في عدد كبير من الدورات المختلفة في اليابان والصين والهند ولبنان ومصر، وفي الأردن.


تعليقات