القطرانة.. محطة كل العصور (1-3) (2-3) (3-3)

القطرانة.. محطة كل العصور (1-3)


كتبهامفلح العدوان ، في 23 نيسان 2007 الساعة: 17:34 م

مفلح العدوان - جنوباً.. على أكُفّ الطريق الصحراوي.
جنوباً حيث الرمل جناحا المسافر، في ترحاله من صخب العاصمة عمان، إلى سكينة الكثبان، والفضاءات الطيبة!!
وأول الجنوب، محطة، دائماً ننتظر الوصول إليها، كي يركن المشتاق إلى فنجان قهوة، ورشفة ماء، يطفئ بهما تعب الخطوات الأولى نحو المدن التي يبحث عنها، بين ملوحة البحر، وحكمة الصحراء. هي ذي ''القطرانة''، واحدة من منازل حاج الشام القديمة، وهي المحطة الفاتحة، وبوابة الكرك، والعتبة الأولى للمرور إلى محافظات الجنوب.. وهي القطرانة، القرية التي كانت طوال تاريخها ملتقى للقوافل، واستراحة للمسافرين، كأنها الواحة وسط الصحراء.
ولعل المار في القطرانة، لا يرى عبر مروره السريع فيها إلا الاستراحات المحاذية للشارع، أو القلعة التي بقيت متماسكة في موقعها غرب الطريق الصحراوي، ولكن التاريخ العميق للمكان لا يمكن تلمسه مروراً، ولن يستطيع الراغب في معرفة أسرار القطرانة، أن يفض صمتها، إلا بتتبع ذاكرة أماكنها المنتشرة في القرية، وعلى مسافة حولها، كما أنه لا بدَّ له بعد ذلك من أن يجمع قصة القرية من الكتب القديمة، ومن أفواه الناس، وذاكرتهم التي تختزن جزءاً كبيراً من تفاصيل حكاية القطرانة، وسيرتها على مرِّ العصور.

منزل المبارك

لقد ورد ذكر القطرانة في كثير من كتب الرحالة، والكتابات القديمة، وهي في كثير منها تذكر على أنها القطران المادة التي تعالج بها الإبل من أمراض جلودها، وتحديداً الجرب، ولعل ذلك يرجع إلى كونها مركزاً للقوافل، وتتجمع فيها الجمال بأعداد كثيرة، وهي تكتب مرة القطرانة، وأحياناً القطران كما هو مثبت على واجهة مبنى محطة القطار فيها.
ومن الذين مرّوا بالقطرانة، وكتبوا عنها الرحالة إبراهيم بن عبدالرحمن الخياري المدني في رحلته عام 1080هـ/1669م من المدينة إلى الأستانة، ووثقها في ''تحفة الأدباء وسلوة الغرباء'' بقوله: ''ثم سرنا ليلتنا، وهي ليلة الخميس التاسع عشر من شهر صفر، إلى أن أصبحنا بأثناء الطريق، فصلينا به الصبح مغسلين، ثم سرنا حتى ارتفع النهار، ودخل في الساعة الثالثة، وصلنا منزل المبارك المسمى بالقطراني، فإذا هو وادٍ فسيح به عذوبة هواء، ونسيم رطب، ولا أقول ريح. فيه قلعة عظيمة البناء لائحة الإشراق والسناء، وجدناها مغلقة الباب، ولم ندخلها، ولا أحد من الأصحاب. بها جماعة من أهلها، مقيمون بها، يبيعون منها التبن، وما يناسبه بالتدلي من أعلاه. وإلى جانبها بركة عظيمة الوضع، كثيرة النفع، أخبرني بعض من ذرع (قاس) جهاتها الأربع أنها تسعون ذراعاً بذراع العمل، وأن عمقها سبع أذرع، ينقص ماؤها الآن ذراعاً واحداً، وست أذرع مغمورة بالماء، وأن ماءها هكذا يجتمع في السيل، لا من بئر، ولا نهر، ولا عين، وإن لها مدخلين متسعين، وإلى جانبها بركة صغيرة تكون لتصفية الماء.
واخبرني بعض أصحابها، عن بعض الحجاج، أنهم لما وردوها حال الذهاب كانت ملأى، تتدفق ماء، وإن نقصها لشربهم وغيرهم من الواردين هذه الذراع، وهي مربعة الوضع، فهي من أعظم البرك التي رأيناها، وبهذا المنزل يباع كثيراً ما يتعلق بالدواب من الشعير، والمعبوك، والدجاج، واللبن، وأقمنا بها إلى أن صلينا الظهرين جمعاً، وبرزنا (غادرنا) منها بعد أن وجب فرض العصر، أو كاد بحيث صَلاّه بها، من رفقتنا بعض من لم يكن جمع معنا والبعض أخّر أثناء الطريق. فسرنا منها في مسيل لين الموطأ، عذب الهواء، مخضر الجهات والأنحاء، ما أشبهه بمزرعة من مزارع الشعير والحنطة، وهذا هو مسيل الماء الذي يصل منه للبركة المتقدمة، ولا يستغرب كبرها المذكور، بعد أن يكون هذا سيلها، ولا بدع أن كان ذلك الكيل كيلها، فإنه على قدر الإدخال يكون الإخراج''.

عسكر الشام

أما الرحالة محمد بن عبدالله الحسيني الموسوي، المعروف باسم ابن كبريت المدني، فيذكر في ''رحلة الشتاء والصيف'' أنه مرّ بالقطرانة في طريق عودته من اسطنبول إلى الحجاز، سنة 1040هـ/1630م، قائلاً: ''ثم أتينا على القطراني بعد معاقبة عقبات، ومحاجر، وهو واد فيه قلعة وبركة ماء تفيض على مثلها''. بينما الفقيه الشيخ عبد الغني النابلسي، فقد مر بها، في طريق العودة من أرض الحجاز سنة 1105هـ/1693م، وذكرها في ''الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام''، بقوله: ''ثم ركبنا وسرنا مع الحجاج في ذلك الطريق السهل الواسع بلا اعوجاج، إلى أن أصبح صباح الأحد الثاني والثمانين وثلاثمائة، وهو اليوم الثامن والعشرون من المحرم، فصلينا صلاة الصبح، وأشرفنا على قلعة القطرانة، وهي قلعة متينة البناء، فيها طائفة من عسكر الشام ينطرون الماء فيها، وهناك بركة كبيرة واسعة يجتمع فيها الماء، ولم نزل هناك إلى أن صلينا صلاة العصر''.

خان القطراني

وتستمر سيرة القطرانة في الكتابات القديمة، وكأنها محطة لا بدَّ من المرور بها، والكتابة عنها، في كل زمان، حيث يكمل بعضاً من تلك السيرة الجزيري في ''الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة''، ويذكر ما قاله الصلاح الصفدي من شعر في القطرانة (القطران)، في رحلته للحج سنة 755هـ/1354م:

''رَبِّ خِلٍّ في الرَّكْبِ قدْ قَالَ ظَرفْاً
وَهْوَ في شدَّةِ المشَقَّة عاني
في عَذَابٍ مَنْ بالحِسَاءِ تغَدَّى
وتَعَشَّى في اللَّيلِ بالقَطْرَان''.

كما أنه نزل في القطرانة المؤرخ ابن طولون الصالحي في رحلته إلى الحج في شهر شوال سنة 920هـ/1514م، وكتب عنها قائلاً:''.. ثم على وادي النسور، ثم نزلنا بعد المغرب بفلاة قريب خان القطراني، ووجدت بخط الحافظ ابن ناصر الدين، في مسودة توضيح التشبيه في حرف القاف قوله: والقطراني منزلة معروفة للحاج الشامي بين الحسا، ووادي النسور، وبها خان خراب''.

ضريح عالم

وتذكر كتابات الرحالة والحجاج أيضاً أنه قد مرَّ بها الرحالة ''أبو القاسم الزياني'' سنة 1206هـ/1791م، ووثّقها في ''الترجمانة الكبرى''، قائلاً: ''البلقاء وهي قلعة، ومنها ثماني عشرة ساعة لقلعة قطرانة، وبها يترك الناس أثقالهم إلى الرجوع، فيها بركة عظيمة للماء، وعمارتها العسكر يحرسونها..''. وعندما مرّ بها الرحالة التونسي محمد السنوسي، في رحلة عودته من أرض الحجاز سنة 1299هـ/1881م، فقد كتب عنها في ''الرحلة الحجازية''، قائلاً: ''قلعة قطرانة: وقد قطعنا في هاته المرحلة بوغاز وادي الحصى في أرض منخفضة. ونحن مستضيئون بنور القمر. وسرنا بياض يومنا في أرض سهلة إلى أن نزلنا حول هاته القلعة الخربة، بناها السلطان سليمان. وليس هناك ماء. وهناك ضريح أحد علماء دمشق الشام، الشيخ حامد العطار، وسيأتي له ذكر في اجتماعي مع من اجتمعت بهم من بنيه. وكانت العادة إرسال ذخيرة من الكرك، والشوبك، ولم تبق هذه العادة. وكان الرحيل آخر ليلة السبت الثاني عشر من صفر''.

رَحّالة مجهول

وهناك رحالة دمشقي مجهول مرّ بها في ذي القعدة سنة 1120هـ/1708م مرافقاً للركب الحلبي، وكتب عنها، وقد نشر الباحث ''المهدي عيد الرواضية'' في كتابه ''الأردن في موروث الجغرافيين والرحالة العرب''، المقتطف الخاص بالقطرانة نقلاً عن كتابة هذا الرحالة، والتي نشرتها مجلة العرب، تحت عنوان ''مجهول: رحلة دمشقي إلى الحج''، حيث يقول: ''قلعة القطرانة: هي قلعة لطيفة، ذات عمارة معتبرة، محكمة التربيع، مشيدة البناء بالأحجار البيض والكلس والمون، ولها باب من الجهة القبلية، ووصف ماءها بأنه متغير، لأنه يجتمع من المطر، وفي هذه السنة لم ينزل المطر، وهذا الماء من العام الماضي''.

وثائق عابدين

ويورد الدكتور محمد عدنان البخيت في كتابه ''دراسات في تاريخ بلاد الشام/الأردن- المجلد الأول) ما ذكره حجيج بن قاسم الوحيدي الحلبي عن القطرانة في رحلته إلى مكة المكرمة سنة 992هـ/1584م حيث يشير إليها بعد مروره في الزرقاء بقوله ''.. ثم سرنا منها إلى الزيزة ثم إلى القطرانة، وبها بركة عظيمة تروي الظمآن والظمآنة، ثم سرنا إلى غدير السلطان..''.
كما يشير الدكتور البخيت إلى أن الشيخ ''حسن بن محمد البوريني'' كان قاضياً لقافلة الحاج الشامي لسنة 1020هـ/1611م، وأنه يذكر ''منازل الحاج'' في مخطوط ''تراجم الأعيان من أبناء الزمان''، ومن بينها أنه مرَّ بالمفرق، والزرقاء، حيث يشير لقصر شبيب، ومن هناك توجه إلى البلقاء، فالقطرانة.. ويضيف أيضاً بأن القطرانة وردت في وثائق عابدين، في تقرير مقدم في 27 صفر سنة 1251هـ/24 حزيران 1835م إلى محمد علي باشا متضمناً عدد المنازل والبرك والقلاع التي عني ابنه ابراهيم باشا بترميمها أو أجرى عليه الكشف، ومنها القطرانة، والحسا، ومعان، وعنيزه، وغيرها.

سيرة قرية

تقع القطرانة جنوب عمان على مسافة حوالي 85 كيلومتراً، وهي مركز لواء القطرانة، وفيها بلدية القطرانة، وتتبع إلى محافظة الكرك.
وتحد القطرانة من الشرق المنطقة الصحراوية، ومن الغرب الدبة، ومن الشمال الدامخي، ومن الجنوب سد سلطاني.
الديموغرافيا: يبلغ عدد سكان القطرانة 4633 نسمة (1383 ذكراً و2250 أنثى) يشكلون 728 أسرة، تقطن في 894 مسكناً.
معظم سكان القطرانة من عشائر بني عطية، والحجايا، وهناك قريباً من المحطة من عائلات النعيمات، والشوام، ومعانية، وكركية، ومن عائلات أخرى.
التربية والتعليم: توجد فيها المدارس التالية: مدرسة القطرانة الثانوية للبنين، ومدرسة القطرانة الثانوية للبنات، ومدرسة القطرانة الأساسية الأولى (مختلطة)، ومدرسة القطرانة الأساسية الثانية (مختلطة)، ومدرسة الإسكان الشمالي للإناث، ومدرسة الشريفة زين للإناث، ومدرسة الحجايا للذكور.
الصحة: يوجد في القرية مركز صحي شامل.
المجتمع المدني: توجد في القطرانة جمعية القطرانة الشمالية التعاونية، وجمعية القطرانة الجنوبية التعاونية، وجمعية قصور بشير الخيرية، ومركز للصندوق الهاشمي الخيري، ولا توجد في القطرانة مراكز شبابية ولا نوادٍ رياضية.
* توجد في القطرانة مراكز الخدمات، والدوائر الحكومية للواء القطرانة (مكتب الأحوال المدنية، مركز أمني، مركز دفاع مدني، مؤسسة استهلاكية، مركز زراعة، مركز أرصاد جوية..).
*توجد في القطرانة المعالم السياحية والأثرية والحيوية التالية: قلعة القطرانة، قصور بشير، محطة القطرانة، سد القطرانة، جسر تركي قديم.


القطرانة.. محطة كل العصور (2-3)


كتبهامفلح العدوان ، في 28 نيسان 2007 الساعة: 09:54 ص


مفلح العدوان - الذاكرة تتجدد كلما أوغلنا بحثا في المكان..
والقطرانة، تجدد ذاكرتها أيضا، عندما يتم تقليب دفاترها القديمة، والمشي في دروبها التي توصل الباحث الى تفاصيل تثري الكتابة عن هذه القرية التي تتداخل سيرتها مع ذاكرة قلاع/قصور أخرى وجدت ذات زمان قريبا من ذات موقعها، وهي على مسافة كيلومترات غرب القرية، ويسميها أهل القطرانة ب''قصور بْشير'' وهي ثلاثة قصور أكبرها هو ''قصر بشير''، والبقية اسمها ''قصر أبو الخرق''، و''قصر أبو العال''، وهي قصور ليست قريبة من بعضها، بل هناك مساحات تفصل بينها.
وإن أكثر هذه القصور اكتمالا وضخامة هو ''قصر بْشير''، وقد أوصلني إليه دليلي في هذا المكان، وهو المختار ''عبد العزيز هويمل بني عطية''، وكانت الطريق أمامنا في غالبيتها ترابية، ومحفّرة، وتعترضنا فيها ''شلايا من الغنم''، ويلوّح لنا بأيديهم سلاما رعاتها الى أن كان الوصول الى القصر الضخم(قصر بشير)، ليلتقينا بحجارته السوداء والمكتملة في جزء كبير منها.

الحاميات

تبوح ذاكرة هذه القصور بأنها كانت من ضمن الواجهة العشائرية شرق الكرك، وكان أهل القطرانة يخيمون حول هذه القصور في بعض ترحالهم خلال السنة قبل أن تبنى لهم الوحدات السكنية، ويستقروا في قرية القطرانة.
كما أنه قد أشار المختار عبد العزيز لي بيده الى مجموعة رجوم على تلال متفاوتة ومنتشرة حول هذه القصور، وكانت تشبه الأبراج، وقال إن أهل المنطقة يسمونها ''الحاميات'' ويعتبرونها في ما مضى من الزمان كانت تشكل أبراج مراقبة، عندما كانت هذه القصور عامرة بالحياة، وبالناس، وكان لها وظيفة دفاعية وعسكرية بحتة في تلك الفترة الماضية.

القلعة.. والبركة

عودا الى القرية، بعد هذا الترحال الى قصور بشير..
عودا مرة أخرى الى قلعة القطرانة التي تعتبر من أهم وأقدم معالم المكان، منذ قديم الزمان.
ها هي القلعة تتجسد بموقعها إلى الشمال الغربي من القرية، وبجانبها تتضح بركة الماء القديمة والتي يرتبط تاريخها بالقلعة، وبالقرية، وبحضور البشر الى هذا الموقع منذ أزمنة بعيدة.
ولعل أفضل وصف تفصيلي لهذه القلعة هو ما أوردته مفتشة الآثار حنان الكردي في كتابها القلاع الأثرية في الأردن، والمنشور عام 1974م، وكان هذا قبل أن يتم ترميمها، وتظهر بالصورة التي هي عليه الآن، حيث كتبت عن قلعة القطرانة وبركتها قائلة:'' عندما يصل الزائر إلى القلعة فإن أول ما يسترعي انتباهه بالإضافة إلى البناء، هو ذلك الخزان، (أو البركة) المستطيل الشكل الذي يقع في الناحية الشمالية من القلعة، ويقوم بتغذية هذا الخزان بالماء قناتان اصطناعيتان، ويعتقد أن هذه البركة رومانية الأصل، أعيد استعمالها في عهد الأتراك، حيث أن هذه القلعة كانت إحدى المراحل الرئيسية على طريق الحج مثلها مثل القسطل، وزيزياء، وقلعة الحساء، وكما هو معروف فإن طريق الحج هذه تقع على الطريق الرومانية القديمة، لذلك فإنه من الممكن أن تكون القطرانة قد بنيت على آثار إحدى القلاع الرومانية''.

كُوّة لإطلاق القذائف

وتعطي الباحثة الكردي مخططا تقريبيا للقلعة حيث تشير إلى أن القلعة تتبع مخططا مستطيل الشكل أطوال أضلاعه (10,22 *20,17 ). ويقع المدخل في الواجهة الجنوبية الشرقية، وترتفع البوابة حوالي 3 أمتار، حيث يعلوها عقد مستديرة. ويزين البوابة ثلاث نتوءات حجرية يعلوها شرفة ذات كوة لإطلاق القذائف على المهاجمين، ولصب الزيت الحار عليهم.. تقودنا هذه البوابة إلى ردهة صغيرة المساحة يعلوها سقف تتقاطع فيه العقود الجانبية المدببة. ثم نصل إلى الساحة الداخلية أو الفناء المكشوف، وهو مستطيل الشكل تتركز في كل زاوية من زواياه الأربعة غرف أربعة ثم يرتفع فوق هذا الطابق الأرضي غرف أربعة أخرى، على العقود التي تكون سقف الطابق الأرضي، ولم يعثر على بقايا الدرج الذي يوصل بين الطابقين.ثم من الطابق العلوي يقودنا درج حجري إلى ممر كان يستخدم لوقوف الحراس لتسهيل مهمة المراقبة من القلعة بالإضافة إلى نوافذ السهام التي ما تزال آثار القصارة واضحة عليها.
وعن الرحالة الذين مروا بالقلعة، في سبيل تحديد تاريخ تقريبي لبنائها، تقول الكردي:'' هذا وقد قام رحالة عديدون بزيارة هذه القلعة منذ أوائل هذا القرن، ومنهم ستزن الألماني، وبركهارت السويسري، وجراي هيل، والألماني برونوف عام 1898م.وبما أنه وللأسف ليس هناك حتى الآن تاريخ واضح لبناء القلعة فإننا نستنتج من تقارير هؤلاء الرحالة أنها كانت قائمة منذ عام 1805م، وربما تكون قد بنيت قبل هذا التاريخ، أي في القرن الثامن عشر''.

المحطة

لا بد عند الحديث عن القطرانة من المرور بمحطة القطار، لأنه عند هذه المحطة يمكن رسم صورة عن جزء من الواقع الاجتماعي للقرية، كما أن هذا الموقع مرتبط ارتباطا جذريا بمعارك الثورة العربية الكبرى، وقد كانت هذه القلعة نقطة استراتيجية بالنسبة للأتراك وحشودهم في المنطقة.
وإن هذه المحطة منذ إنشائها تعتبر بوابة الكرك نحو الغرب، ومفتاح الصحراء نحو الشرق، وتقع عند الكيلو 327 من خط سكة حديد الحجاز.
ويكتب حول هذه المحطة الدكتور بكر خازر المجالي في كتابه ''المسارات العربية للثورة العربية الكبرى في الأردن'' قائلا أنها ''من محطات الصنف الثاني، تستند الى قلعة عثمانية كبيرة، وبركة ماء ضخمة تقعان غرب المحطة، ولا زال نظام ضخ المياه باستخدام البخار من البركة الى المحطة ماثلا لليوم. شهدت هذه المحطة أحداثا عديدة أهمها الحشد التركي''.

الأمير زيد

ولسوف يكون البوح عن البعد الاجتماعي لهذه المحطة، وأثرها، في مساحة لاحقة، ندخل منها الى دراسة المجتمع حول المحطة، وكيفية تشكله، ولكن سيكون البدء أولا من أثر هذه المحطة في العمليات العسكرية للثورة العربية الكبرى في القطرانة، والمناطق المحيطة بها، حيث تسجل الكتابات التي وثقت لمجريات المعارك، وتحركات الجنود إبان الثورة صفحات من الذاكرة المتعلقة بالقطرانة، إذ أنه عندما اشتدت معارك جيوش الثورة العربية، في داخل حدود الأردن، أخذ الأتراك يحشدوا قواتهم، وكان من محطاتهم المهمة في هذا الاتجاه محطة القطرانة، وكان فيها قوات تركية ونمساوية وألمان، وجنود هذه القوات هم من كانوا يديرون المحطة، ولديهم أسلحة ثقيلة، وطائرات.
في الجبهة المقابلة كان من مهمة الأمير زيد أن يتولى قيادة القوات التي كان من ضمن مسؤولياتها مهاجمة محطة القطرانة، إضافة الى الحسا وجرف الدراويش وعنيزة، وقد قاد عدة عمليات ضد محطة القطرانة في شهر أيار 1918م، وأسر مجموعة من الجنود لكنه لم يستطع الإستيلاء على المحطة.

هزيمة الأتراك

تشير الوثائق أيضا الى أن مسارات الجنود الأتراك في محاولتهم لاستعاد الطفيلة التي احتلها العرب في 15/1/1918م كانت قد بدأت من القطرانة، كنقطة تجمع لها، بتاريخ 23/1/1918م، حيث تقدمت الى الطفيلة من هناك قوات الفرقة 48 التي كان قائدها التركي حامد فخري.
تقول سيرة تلك المرحلة أن هذه القوات وصلت بالقطار الى محطة القطرانة، وانطلقت باتجاه الغرب، الى العينا، ثم جنوبا الى وادي الحسا فوادي اللعبان، وكانت طريقا صعبا خاصة في منطقة وادي الحسا، التي قامت قوات الثورة العربية بمناوشتها هناك، واستمر القتال على هذا الخط باتجاه الطفيلة حتى كانت هزيمة الأتراك في 25/1/1918م.

الملك عبد الله الأول

كما أنه قد زارها الملك عبدالله في بداية عهد الامارة حيث تم ذكر ذالك في الآثار الكاملة للملك عبد الله الأول بن الحسين إلى أنه بعد أن أقام في معان فترة من الزمان، قرر أن يغادر منها إلى عمان، وبالفعل، فإنه في يوم الاثنين 20 جمادي الثاني سنة 1339ه/28 شباط 1921م، غادر معان متوجها إلى عمان، لكنه مرّ بالقطرانة، وتوقف فيها ليلتقي وفود الكرك والطفيلة هناك.


القطرانة.. محطة كل العصور (3-3)


كتبهامفلح العدوان ، في 5 أيار 2007 الساعة: 16:58 م

نبض القطرانة، هو هؤلاء الطيبين المقيمين فيها، ولذا فإنه عند تصفح وجوه الناس، والحديث معهم، يتم اكتشاف الخريطة الاجتماعية للقطرانة، حيث البنية الإنسانية في أسمى تعبيراتها، وتعدديتها، في هذه القرية التي يمكن اعتبارها نموذجا، في هذا المضمار.
إن فسيفساء العائلات في القطرانة تتكون من ”بني عطية والحجايا والنعيمات ومعانية وشوام وفلسطينيين وغيرهم”، وهذا يعبر عنه على لسان أهل القرية الذين يرصدون ذات التشكيلات بتقسيم آخر لها بحسب الكثافة لكل تكتل اجتماعي حيث بني عطية في شمال القرية، والحجايا في جنوبها، وهم يشيرون إلى حد قديم متفق عليه بين العشيرتين، وهو وادي الحفيرة الذي يمر في القطرانة، وهو يبدأ جغرافيا من شرق جهة باير، ثم يمتد بعد القرية إلى وادي الموجب، وبعدة إلى البحر الميت، أما بقية البنية المجتمعية لأهالي القطرانة فتتوزع عند محطة القطار والبلد والمناطق الأخرى من القرية.
وعندما يتم التمعن في التقسيم الداخلي لأحياء القرية سيلاحظ انسجام الديموغرافيا التي اشرنا اليها مع توزيعات هذه حيث حي البلد، وحي المحطة، وحي الحجايا (الجهة الجنوبية)، والمنطقة الشمالية (التلة)، والوحدات الشمالية (بني عطية)، وحي الظاهرية الجديد، والذي سمي بهذا الاسم لأنه يستقر على موقع مرتفع وظاهر، ويسكنه خليط اجتماعي يشكل فسيفساء القرية بكل تعدديتها.

الجامع الكبير

مثلها مثل كثير من القرى، فإن القطرانة يوجد في وسط البلدة منها مسجد كبير، يسمى جامع القطرانة الكبير، كما أن هناك حوالي خمسة مساجد أخرى تتوزع على بقية أحياء القرية.
وعند العودة إلى تداعيات الاستقرار في القطرانة، فإن ذاكرة المجتمع تشير إلى أن الاستقرار الفعلي في القرية كان بعد مشروع التوطين الذي أمر به المغفور له الملك حسين، وهو سكن ووحدة زراعية، مع توفير المرافق العامة، فصار هناك مشروعان سكنيان في جنوب القرية، وآخر في شمالها، حيث كانت المكرمة الملكية تشمل الجميع من بني عطية والحجايا في تلك الفترة، وما زال أهل القرية ينعمون بخير مشروع القطرانة الزراعي الشمالي، ومشروع القطرانة الزراعي الجنوبي، ومشروع وادي نخيلة، ولكن تفاصيل استقرار كل عشيرة سيكون أكثر دقة عند المرور على تاريخ كل واحدة منها على حدى، فتكون بذلك الصورة أدق وأوضح.

الجد الأول..oمعازa

oيا رم افزع لشيحانa..
هذه المقولة تلخص جزءا من أسباب ترحال عشيرة بني عطية التي كان مستقرها قبل ذلك في مناطق رم، ويشير إلى ذلك عرار ببيت الشعر الشهير:

”يا أخت رم كيف رم
وكيف حال بنو عطية”

وللبدء بتوثيق ما تيسر من سيرة بني عطية في القطرانة، جلسنا في مضافة المرحوم الشيخ حامد الأصفر، وكان مضيفنا ابنه الشيخ فواز، وبرفقتي المختار ”عبد العزيز هويمل”، وبدأنا نسج تلك السيرة العطرة، والتي أكملناها فيما بعد من أفواه رجال كبار آخرين من أبناء العشيرة في القطرانة.
يقول الشيخ فواز أن الحد المتعارف عليه بين بني عطية والحجايا في القطرانة، هو وادي الحفيرة، ”وزمان أول كان عالجهة الشمالية جدي الشيخ عودة بن حامي الأصفر، وعالجهة الجنوبية الشيخ مفرح العلياني الحجايا”، ويضيف بأن عشائر بني عطية تمتد من منطقة تبوك إلى الأردن، وإلى الكرك، حيث أنه أيام حروب القبايل، ”اجت بني عطية، رحيل بنزيل، عشان تفزع للي متحالفه معهم من عشاير الكرك”، ولهذا فقد استقر أفراد بني عطية في هذه المنطقة حول القطرانة، وقصور بشير، بعد أن هدأت وتيرة الغزوات العشائرية.
ويضيف كل من الحاج حمدان عبد الله سليمان”ابو عبد الله”، وجمعة ابنية محسن”ابو ابنية”، تفاصيل تكمل سيرة العشيرة بقولهم: (الجد الأول كان اسمه معاز وهو من عيال ربيعة بن أسد، وانتشرت منه القبائل، لكن عطية (جد بني عطية) اجا واستقر في العقبة، وجزء من العشيرة الكبيرة ارتحل إلى مصر، وبقي هذا الفرع متمسك بالاسم الأقدم وهو ”المعازة”، وموجود حتى الآن هناك. لكن بالنسبة لعطية اللي تنتسب له العشيرة فظل بالعقبة وكانت القوافل تمر من الجزيرة العربية إلى افريقيا من هناك، ويمروا على عطية اللي كانوا يسموه بهذاك الوقت ”آذن العير”).

حارس الجسر

بعد ذلك استقرت العشيرة في هذه المنطقة على البوابة الشرقية لمحافظة الكرك، وأمر الملك عبد الله الأول في الخمسة وأربعين (1945م)، بأن تكون قصور بشير، والواجهة من جهة الكرك، لبني عطية، فتوافد أيضا إلى هذا الموقع بقية افراد العشيرة، للحصول على أرض الواجهات العشائرية هنا، وكانوا ” في البداية بيوت الشعر، وتمت القسمة، وتأسست المنطقة، وكل فخذ من هذه العشيرة عرف حقه، وتم قسمتها عن العشائر الثانية، وصار هذا في الستينات (من القرن الماضي). أما فروع بني عطية الموجودين في القطرانة فهم مزايدة، وعقيلات، وخمايسة”.
وتعود ذاكرة الاستقرار لأبناء العشيرة في تداعياتها هنا، كما يتحدث الشيخ فواز إلى أنه الجد الأكبر، وهو المرحوم الشيخ عودة بن حامي الأصفر، نزل قريبا من مركز سكة حديد الحجاز في القطرانة، ثم استقر حوله أبناء ربعه، في هذا الموقع، وتشير الذاكرة إلى ان هذا الجد كان موقعه بالقرب من المركز الأمني القريب من وادي الحفير، في المنطقة الشرقية، وكان يحرس الجسر، والقلعة، فكانت اقامته بالقرب من الجسر، في بيت له، وكانت الدولة التركية تعطيه مقابل عمله هذا في نهاية العهد التركي.وصار بيته مجمعا، ومحطة، للذاهبين والآتين من عمان، والعقبة، هذا بالإضافة إلى كونه شيخ مشايخ.

المناضلية

أما عن بني عطية أيضا، ومساهمتهم في الثورة العربية الكبرى، يذكر لورنس كتابه أنه كان هناك 4000 رجل من أفراد بني عطية شاركوا في الثورة ضد الأتراك، كما أنه وامتداد لسيرة الثورة، تشير ذاكرة كبار بني عطية إلى أنه في عام 1948م، كان هناك ”حركة المناضلية”، هؤلاء الذين يشاركون في الجهاد ضد المحتلين لفلسطين، وكان ”اللي يختم له ورقة الشيخ عودة، كانت الدولة تعطيه سلاح عشان الحرب بفلسطين”.

الحجايا

ان ذاكرة القطرانة مثلما هي مرتبطة ببني عطية، ترتبط ارتباطا جذريا، وتاريخيا بعشيرة الحجايا، ويبوح بجزء من هذا الإرث الشيخ سالم مفرح العلياني”أبو سفيان”، مسلطا الضوء على ذاكرة القرية بشكل عام، ومفصلا المداميك الأهم في ذاكرة الحجايا المتعلقة بقرية القطرانة.
يشير تاريخ العشيرة إلى أنها ممتدة في قرى اخرى هي الحسا، وجرف الدراويش، وسواقه، والأبيض، وغيرها، ووجودهم في القطرانة هو جزء من تواجدهم في المنطقة المحيطة بهذه القرية.
يقول أبو سفيان:”الحجايا في القطرانة معظمهم من العلياني والاذينات وكانوا في القطرانة راعيين حلال واجت الدولة وبنت الهم مساكن ووحدات زارعية، وكانت أكوام الحبوب مثل الجبال فيها، وتتصدر من هان لحيفا، وللمناطق الثانية، وفيه كان عسكر فرسان مشرفين على الحبوب، وفيه قصة كان يحكيها إلي والدي في انه كان واحد من هالفرسان اسمه ”صدقي القاسم”، وطلب من والدي يحط حراس على القمح، غصب عنهم، وقام والدي راح لعند كلوب باشا، وقال له، إذا كان مزعجكم وجودنا بهالبلد ترى ندشرها، ونهج عالسعودية، فكان رد كلوب انه قال خلينا يا شيخ بكره نلتقي بالمركز الأمني، ، ولما أجا ثاني يوم قام بهدل صدقي باشا، وقال له، هذول مثل الطير، وإذا حطيته بقفص هذا الطير يموت”.

مواجهة الوهابيين

يتابع الشيخ ”ابو سفيان” عن الماضي الأبعد ونضالات عشيرة الحجايا في مرات عدة من تاريخ الأردن، واحدة منها في الدفاع عن المنطقة أمام موجة الوهابيين، حيث يقول:” اجو هذول المدينية(الوهابيين)، وكانوا 8 بيارق، كانوا جيش كبير جاي عالأردن، ووقعوا مع الحجايا في منطقة شرق القطرانة، وكان العربان ما بيها غير 27 بواردي (الماني وعصملي)، وانذبح من العربان اثنين، وفكوا حالهم وحلالهم، وبعديها اتوجهوا المدينية لعمان، وواجهتهم عشيرة بني صخر في أم العمد”.
كما تشير ذاكرة الحجايا إلى انه عندما حدثت ثورة الكرك، شاركوا في الثورة، وتم سجن وإعدام رجال منهم في قلعة الكرك، يتذكر أهل القرية منهم ”حمدان هويمل العلياني”، و”رشيد حمد العلياني”، و”حمدان سلامه العلياني”، و”مطلق شرشب”، كما يتذكرون أن ”موسى الرشيدان العلياني” هو اللي هرب بطريقة أسطورية، وهو الذي أخبر عما حدث لرفاقه.
وهناك وثائق عثمانية تشير الى العقوبات التي فرضت على القبائل بعد الثورة وتذكر ان الحجايا كانت غرامتهم 7500 ليرة ذهب، هذا بعد أن تم تخفيضها بعد الاسترحام الذي قدموه للباب العالي، وقد كانت قيمتها الضعف، أي 15000 ليرة ذهب، ويعود هذا بسبب أن الحجايا أغلقوا الطريق من القطرانة إلى جسر الدية أمام الأتراك، وقد تم دفع هذه الغرامة بالتساوي ما بين كل من حمد هليل العليان (وكان قبل ذلك يأخذ الصر من القطرانة إلى الدية)،وابن هداية ، والمناعيين.

أبو طربوش

أما الجزء الثالث من القرية، وهو المحطة، وتاريخها الإجتماعي فيسرد مختار بلدة القطرانة ”سميح محمد أبو طربوش” ”أبو محمد”، بعض ذاكرته الخاصة التي تلامس جزءا من ذاكرة المكان، فيقول أن جده كان صاحب أول بقالة في المحطة، وهذا كان زمن الأتراك، ” وهو(أي جده) اجا بالبداية وكان تاجر جمال، يجي من سوريا للسعودية، ولفلسطين، فلما وصل هان لقي في هذه المنطقة جيش تركي، ففتح فيها الدكان، وبعدين اجا اخوانه، وأنا واعمامي كلنا من مواليد القطرانة، لكن أخوالي انا معانية، والمهم استقرينا ، وكانت أول منطقة بالقطرانة بجنب المحطة، وكان طواقم سكة الحديد يجو ويبنوا بجنب المحطة، وكانوا يشتروا البناء، وما يستأجروا، والطابو كان ورقه، والعمله كانت جنيه فلسطيني، وجدي كان مع شغله بالدكان، يبيع ويشتري بالبيوت كمان، لأنه كان مستقر، يعني اللي تخلص خدمته من المحطه ويرحل كان يشتري منه، واللي يجي جديد كان يبيعه بيوت، وجدي تم منحه الجنسية الأردنية من الجنسية العثمانية”.

السيل

ويضيف المختار ابو طربوش عن توزيع القرية حول المحطة، فيقول:” الله على القرية وأيام أول، لكن ما ظل من بيوتها القديمة أشي، لأن السيل بسنة الثلاثة وثمانين داهم البيوت، بعد ما صار السد بطل يلحق (سد القطرانة أنشئ عام 1962م)، والميه زادت فيه، فصارت تتسرب من بين الشارع وسكة الحديد، وداهم منطقة المحطة اللي كانت بيوتها من طين، وصارت الميه على ارتفاع متر، وراحوا أهل المحطة لمنطقة الحجايا بجنوب القرية، كانت مداهمة السيل إلنا بعد المغرب، وأخليت المنطقة من السكان، وما ارتحنا إلا بعد ما انفجر السد، ورجعت الميه لجريانها، ولكن كان كثير من البيوت الطينية منهار، وبعضها ذايب، وكان في بجنب المحطة جامع تركي وراح بعد السيل، وبعدين لما رجعوا الناس بعد السيل، كانت بيوتهم خرابه، فصاروا يبنوا بعيد عنها، وظلت البيوت الباقية أطلال، ولما اجت البلدية بعدين جرفت كل اللي ظل منها، وبدون حتى ما تستشير اصحابها”.

تعليقات