دراسة عمرها 80 عاما : الحمَّـامات المعدنية في إمارة شرقي الاردن



في عددها الصادر في جمادى الثانية 1351 هـ ـ تشرين الأول م1932 نشرت مجلة"الحكمة"الشهرية التي كان يصدرها العلامة الشيخ نديم الملاح دراسة علمية عن الحمَّـامات المعدنية في إمارة شرقي الأردن ، ولم تشر المجلة إلى إسم معد الدراسة. جاء في الدراسة:.

للحمَّـامات المعدنية فوائد جمة ، وتأثيرها فعال في إزالة الأمراض الجلدية التي يتعذر على الأطباء معالجتها ، وقد عرف الأقدمون أهميتها فابتنوا حولها منازل لا تزال قائمة ، وفي الإمارة الأردنية حمَّـامات معدنية كثيرة وهي:.

حمَّـامات الحمة

"كانت حمَّـامات الحمَّـة عند إعداد الدراسة ضمن الأراضي الأردنية ، وأصبحت لاحقا ضمن الأراضي الفلسطينية ، ثم أصبحت لاحقا ضمن الأراضي السورية ، ثمَّ أصبحت بعد حرب حزيران م1967 ضمن الأراضي السورية المحتلة" ، وتقع الحمَّـامات في طريق سكة حديد حيفا - درعا - دمشق في وادي اليرموك قرب سمخ وطبرية وأم قيس"جدارا"على الكيلو93 95و ، وهي ثلاثة ينابيع رئيسة تتدفق جارية إلى نهر الاردن ، ويبعد كل منها عن الآخر مسيرة بضع دقائق ويسمى أحدها"المغلي أوالمقلى"ودرجة حرارته 119 ف ، والثاني"حمَّام الجرب"ودرجة حرارته 118 ف ، والثالث"حمَّـام الريح أوالبلسم"يشفي من الأمراض العصبية ودرجة حرارته 82 ف ، ويقصد الناس من الأردن وفلسطين وسوريا هذه الحمامات في أشهر آذار ونيسان وأيار بالقطار والسيارات ويجدون راحة كبرى في نزلها الجديد ومضاربها المعدة للاستئجار ويزداد عدد زواره كل سنة عما قبلها.وبقرب حمامات الحمَّة آثار أماثا الرومانية وملعب"مدرج"أم قيس"جدارا"الروماني الذي يشرف على الحمَّة من الجبال الشاهقة المحيطة بها ، وكان الرومان بعد أن يستحمُّـوا فيها يعودون إلى"جدارا"ليقضوا اوقاتهم باللهوفي مدرجها.

حمَّـامات زرقاء ماعين

حاكم فلسطين الروماني"هيرودس"مرض مرضاً لم يُشفَ منه إلا بعد استحمامه في حمَّامات ماعين.

حمَّـامات زرقاء ماعين هي حمَّـامات معدنية كبريتية اشتهرت قديما باسم"كاليرحو" ، وتجري كنهر في واد سحيق تحيط به الصخور الباسولتية"البازلتية"السوداء ، ويتصل هذا الوادي بالبحر الميت ، وهذه الصخور السوداء يتبدل لونها أحيانا بلون أحمر حديدي ، وكذلك يتبدل لون ترابها إلى اللون الأحمر ، ومعظمها في جهة الينابيع الجنوبية التي تجري فوق سطح الارض ثم تختفي عند تلاقي التراب الاحمر الرملي والتراب الكلسي الأبيض ثم تجري ظاهرة حتى تصبَّ في البحر الميت ، وعدد هذه الينابيع عشرة منها ينبوع ينبع من بين الصخور وهوأقل من غيره من الينابيع الأخرى حرارة وكبريتا"سولفور" ، ومنها ثلاثة ينابيع متتالية تنبع من تحت الأرض النخلية ودرجة حرارتها مختلفة ، ومنها ينبوع خامس هوأحرُّ منها جميعا حيث تبلغ درجة حرارته كما ذكر المستر"تريسترام"مؤلف كتاب"أرض مؤاب"130ف ويتفجر من أعالي الوادي ، أما الينبوعان السابع والثامن فهما أهم ينابيع ماعين إذ أنهما يتدفقان من مخارج متقاربة بقوة وبدرجة حرارة شديدتين على بعد نصف ميل من الينبوع السادس فتنساب المياه منهما في الأرض وتغور إلى أن تصل إلى طبقات الوادي الصخرية فتظهر في كهوف وجبال مثقوبة وتؤلف شلالات يسميها البدو"جبل المنبه" ، والينبوع التاسع كبير وأعلى من غيره غير أن مياهه أبرد ، أما الينبوع العاشر الأخير فتصل درجة حرارته إلى 143 ف وماؤه أكثر من ماء غيره ويؤلف شلالاً اقل روعة من الشلالات المذكورة ، وبعد هذا الينبوع تظل المياه تبرد حتى تصل إلى درجة"70"فهر نهايت ، ويقصد الناس ينابيع ماعين للإستشفاء من أمراضهم الجلدية والعصبية وأعتقد"الكلام لمعد الدراسة المجهول الإسم"أنه لوعُـبًّـدت طريقها للسيارات لرجـَّـحها من يقصدون حمـَّامات الحمَّة ، ولا سيما إذا بني فيها نزل ومساكن كافيه ، وقد علمت"الكلام لمعد الدراسة المجهول الإسم"أن متصرف السلط عبد المهدي بك الشمايله يجمع إعانة مالية من الموظفين والسكان لتعبيد الطريق للسيارات من عمان إلى مادبا وماعين ثمَّ إلى الحمَّـامات ، وقد تبرع سكان ضواحي قرية ماعين ومادبا بأن يعملوا في هذه الطريق مجانا ، وإنه لعمل مجيد مفيد للأهلين ولا سيما للقبائل اذ تستطيع عندئذ أن تبيع الزوار بعض منتجاتها ، حدثني والدي"الكلام لمعد الدراسة المجهول الإسم"فقال: أصيب صديق لي يدعى"أبا سنوبر"بمرض في ظهره أقعده عن المشي وركوب الخيل فوصفت له الاستحمام بحمَّـامات زرقاء ماعين وذهبنا مع رفقة اليها ، وما كدنا نصل حتى أخذنا"أبا سنوبر"إلى كهف شديد الحرارة وعرَّيناه وأمسكناه برغمه من يديه ورجليه وصرنا نغطسه في الينبوع تدريجيا حتى خدر ، ثمَّ رفعناه وغطيناه بالفراء ، فنام حتى صار جسمه يتفصَّد عرقا ، ثم استيقظ بريئا من مرضه نشيطا ، وجئناه بفرس وركبها من غير معاونة أحد ، وذكر"يوسيفس"المؤرًّخ الشهير أن"هيرودس"حاكم فلسطين الروماني مرض مرضاً أعيا أطباء عصره فأشار عليه بعضهم أن يستحم في ينابيع"كاليرحو"المعروفة بحمـَّامات زرقاء ماعين فبنى لنفسه فيها قصرا وبقي يختلف إليها ويستحمُّ فيها حتى أبلَّ"شفي"من مرضه كما أبلَّ صاحبنا"أبوسنوبر".

حمَّـامات المخيبة"الحمًّـة الأردنية"

وهي شبيهة بحمَّـامات الحمًّة"المحتلة حاليا"وقريبة منها ولكنها محرومة من وسائل الراحة والنقل"هذا الكلام قبل 79 عاما".

حمَّـامات الزرقاء

كانت تسمى"اليبوق"وهي غير حمَّـامات زرقاء ماعين ، وينابيعها حارة على ضفاف نهر الزرقاء الفاصل بين منطقتي عجلون والبلقاء قريبا من الغور ويستحمُّ فيها أبناء القبائل وأهل القرى المجاورة لها.

حمَّـامات الزارا"الزارة"

وهي على شاطىء البحر الميت وتبعد عن زرقاء ماعين قريبا من خمسة أميال ، واشتهرت ينابيعها بالمياه المعدنية ومنها الحارة ومنها غير الحارة ، وكبريتها أقل من كبريت زرقاء ماعين ، ولكثرة الماء العذب في سهلها كان الإستحمام فيها منعشا إذ يستطيع المستحم بعد الفراغ منها ان يغتسل بالماء العذب ويزيل ما علق به من أملاح ، وبالقرب من هذه الحمامات آثار نفيسة.

حمَّـامات الموجب"أرنون"

تقع في منتصف الطريق بين البحر الميت وعمان - الكرك ، ومياهها غير حارة تشبه حمَّـام الزرقاء وتنبع من كهفين أسفل واد سحيق والموجب نهير فاصل بين منطقتي البلقاء والكرك.

حمَّـام إبن حمَّـاد أوبني حمَّـاد

يقع على شاطئ مسيل يعرف بهذا الاسم شمال الكرك ويمر ينبوعها بغور المزرعة على الأرض المعروفة باللسان لدخولها كاللسان في البحر الميت ، وقد اشتهرت بنفعها للأمراض العصبية ، وتنبع مياهها الحارة من جبال شاهقة تحفُّ بالوادي وتجري منفردة حتى تنتهي إلى الحديثة في غور المزرعة ، وقبل أن تتلاقى وماء إبن حمَّـاد العذب تؤلف حمَّـاما آخر كما هوالحال في راس النبع ثمَّ تصبُّ في البحر الميت.

حمَّـام "عفرا"

تقع على شاطئ وادي الحسا جنوبي الكرك وتتحول إلى نهير يشكل الحد الطبيعي الفاصل بين منطقتي الكرك ومعان ، وتـنبع مياه هذا الحمَّام من الجبال التي تكتنف الوادي وتجري مستقلة ثم تلتقي مجاري الماء العذب الذي يصب في البحر الميت ، ومياهها حارة جداً اشتهرت بالشفاء من الأمراض الجلدية والعصبية ، ويؤمُّ السيَّاح الإفرنج حمَّامي عفرة وابن حمَّاد لسهولة الوصول اليهما بطريق البحر الميت ، وجميع هذه الحمامات تقع على مجاري الماء العذب في استقامة واحدة تقريبا في المنطقة الجبلية الممتدة إلى أطراف الغور وذلك يدل على أن أصل ينابيعها واحد."انتهت الدراسة التي يعود تاريخ نشرها إلى عام 1932 م".



التاريخ : 15-01-2011

تعليقات