التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اوهيدة.. الذاكرة المُطْمَئِنّة (1) (2)..بوح القرى لمفلح العدوان

اوهيدة.. الذاكرة المُطْمَئِنّة (1)

صورة 
 
كتابة وتصوير: مفلح العدوان  بعض الأمكنة تعرفها، وتسبر بواطن أسرارها قبل أن تراها، قبل أن تخطو قدماك ثراها.. بعض الأمكنة يقودك اليها شوق يسكن الوجدان، وإشارات يعبر عنها العقل، فتبقى الروح مسكونة بهذا النداء إلى أن يتحقق.. وهذا ما كان مع قرية اوهيدة.
عندما زرت في تجوالي قبل أشهر قرى قضاء ايل، كنت في كل قرية امر بها، يتم طرح اسم قرية اوهيدة، فصار يتشكل للاسم في الذهن هالة تؤشر إلى المكان لرؤيته ذات زيارة قادمة. وحين كان فضاء البوح في قرية الصدقة كانت النية تتجه لاستكمال درب المسير إلى قرية اوهيدة، خاصة وأن النسيج الاجتماعي للقريتين، يقع في سياق واحد، يعود إلى قبيلة الحويطات، لكن النية لم تتحقق، آنذاك، وكأن اوهيدة لا تقبل إلا أن تكون الزيارة خاصة بها، وهذا ما كان حين كنت في طريقي إلى العقبة، ومعي الصديق نايل خالد العدوان، وكنت قد اتصلت بمدير قضاء أيل، الصديق الأستاذ حسن الشاويش، وعبرت له عن رغبتي في زيارة قرية اوهيدة، وكذلك زيارة الشيخ محمد الحميدي بن رفيفان الذيابات (أبو سلطان) في الصدقة، حيث كان الوعد بيننا في منزله العامر، والكريم، عند أية زيارة إلى المنطقة، وكان هذا، حيث رتب الصديق حسن الشاويش مشوارنا إلى اوهيدة بأن جهّز لنا سيارة قوية، مرتفعة، لتتواءم مع الأماكن الوعرة والجبلية التي سنتجه اليها في اوهيدة، كما أنه أبلغ الشيخ محمد الحميدي بموعد زيارتنا له.

المحطة الزراعية
بدأت مسيرتنا إلى اوهيدة من ايل، حيث أول ما التقينا من معالم تلك القرية هي «محطة اوهيدة الزراعية»، وهو مشروع زراعي، يقع على مساحة حوالي 1700 دونم، وفيه كثير من الأشجار المثمرة، وقد أنشأ الألمان هذا المشروع، بحسب ما أخبرنا أهل المنطقة، وهو الآن تحت مسؤولية وزارة الزراعة، وينتج فيه الصنوبر، والفستق الحلبي، والعنب، ويعتبر هذا العنب المنتج من أفضل أصناف العنب في الشرق الأوسط، وهو خالٍ من الفيروس، كما يزرع في المحطة دراق، ومشمش، وأنواع كثيرة من الأشتال، اضافة إلى البرسيم الذي ينتج لمؤسسة الحق.

القلعة.. البرج
 تابعنا مسيرنا بعد ذلك، ووصلنا قرية اوهيدة، وتجولنا فيها، ثم توجهنا نحو شرق القرية، حيث مررنا على محاجر اوهيدة هناك، وشاهدنا موقع عين وهدان، وسرنا في طريق وعرة لنصل قلعة اوهيدة المشهورة، وقد استطعنا للوصول إلى مسافة على مرمى النظر من القلعة، ثم تابعنا مشيا على الأقدام صعود المرتفع، إلى أو وقفنا على قمة التلة، حيث قلعة اوهيدة، التي تفاجأنا من مساحتها الواسعة، لكن المفاجأة الأكثر، كانت من حجم التخريب، والإهمال الذي طالها، فلم يتبق منها إلا بقايا جدران تلامس سطح الأرض، وملامح برج تركي يحاول الصمود، ولعل كثرة ما مر على هذه القلعة من أحداث جعلها بهذا الوضع المزري، اضافة إلى تخريب الباحثين عن الدفائن الذي يعتقدون بوجود كنز مدفون عند أي أثر قديم، وهنا كان حجم الخراب مدمر، حتى أنه على مناطق كثيرة من القلعة كنا نشاهد الفخار القديم المهشم، والمكسر قطعا صغيرة، إضافة إلى حفر كبيرة، وحتى القبور هناك لم تسلم من النبش، حيث أنه توجد في القلعة مقبرة قديمة. ونحن على جبل اوهيدة، الذي تقع عليه قلعة اوهيدة، عرفنا أننا في هذه النقطة نحن في بداية مرتفعات الشراة، وعلى مرمى البصر منا تقع تلال السمنات، القريبة من المحاجر، باتجاه معان، وهي تعتبر حد القسمة بين اوهيدة ومعان.

متاهة
تأخرنا على مضيفنا الشيخ محمد الحميدي الذيابات (أبو سلطان)، وكان الموقع بثرائه التاريخي، وآثاره المتعددة، قد أنسانا موعدنا، غير أن حسن الشاويش، نبهنا إلى ضرورة الانتهاء، والاسراع، حتى لا نتأخر أكثر، فمشينا عائدين إلى السيارة، وسرنا باتجاه درب غير واضحة المعالم، لنختصر الطريق إلى الصدقة، لكننا تهنا قليلا، فتأخرنا أكثر، غير أننا وصلنا في النهاية الدرب الرئيس، وبعدها حللنا ضيوفا عند «أبو سلطان» الذي استقبلنا بكل طيبة، وأصالة، وكرم، هو ومجموعة من الأهل هناك، وكان من ضمن من استقبلنا بمعيته الشاعر مسايل حميدي (ابو صخر)، الذي وعد بأن يزودنا بجانب من تاريخ اوهيدة، من خلال ما يعرفه عن الأهل فيها، وعبر بعض العارفين عن ذاكرة وتاريخ اوهيدة، كما كان ضيفا معنا على الشيخ محمد الحميدي، الحاج سالم العطون (ابو محمد)، من قرية المدورة، وقد كان هناك ترتيب معه للكتابة عن المدورة وتاريخها.

موقع استراتيجي
أول مرة زرت هذه المنطقة، قرأت عن كل القرى الواقعة في قضاء ايل، وكتبت عن بعضها. ولكنني كنت أتوقف كثيرا عند بعض المراجع التي وثقت جانبا من ذاكرة البلاد هناك، ولكنها لم تسترسل في هذا التدوين، وكأن التاريخ توقف عن نقطة ما في تلك الأمكنة، وامتنع المؤرخون عن تجاوز تلك النقطة. أبحث، فلا أجد إلا القليل، ولكنني عند توقفي عن قرية اوهيدة، قلت لا بد من زيارتها، فما كتب عنها، ولو كان قليلا إلا أنه أعطاني مؤشرات، وحوافز، لمشاهدتها عن قرب، لأكتشف استراتيجية موقعها، وأهميتها العسكرية، وتفاصيل تاريخها السياسي، والآثار الموجودة فيها، وقد كان كتب عن جوانب منها في الكتب الذي وثقت للثورة العربية الكبرى، وللتفاصيل العسكرية للمعارك مع الأتراك في المنطقة، وبعد ذلك المفاوضات والمشاورات التي تمت فيها، بأبعادها السياسية حيث كانت مقرا لاستقبال الوفود، وللمحادثات السياسية.

الوهد
كنت بدأت من آثار اوهيدة التي استطعت الوصول لها: قصر اوهيدة (القلعة)، عين الماء (عين وهدان)، المقبرة القديمة على جبل اوهيدة، المحاجر، وقرية اوهيدة التي يواطنها الأهل، ويحيونها بطيبتهم، وتفاعلهم، وأصالتهم، وحسن منبتهم.
وأكمل الكتابة بأن اوهيدة تقع ضمن قضاء ايل، ويحدها من الشرق صفرة اوهيدة، ومن الغرب دوسيلن، ومن الشمال قصر اوهيدة، ومن الجنوب طويّل الخط، وهذا التحديد بحسب بعض المراجع التي وثقت للقرية، ولكن الحدود التي الأكثر اتساعا، ربما تكون بحسب ما قيل لنا، هي في أنه يحد اوهيدة من الشرق معان، ومن الغرب الصدقة، ومن الجنوب مريغة، ومن الشمال أيل.
وتقع منطقة اوهيدة إلى الجنوب الغربي من معان، على بعد سبعة عشر كيلو مترا تقريبا منها. وتقع القرية على خط الطول 35 درجة و 35 دقيقة شرقا، ودائرة العرض 30 درجة و 8 دقائق شمالا.
أما بخصوص التسمية، فإن اسم إوهيدة مشتق من الوهْد أو الوهدة، ومعناه «المطمئن من الأرض، والمكان المنخفض كأنه حفرة.. والوهدة: الهوة تكون في الأرض، ومكان وهد، وأرض وهدة كذلك»، والأصل في اسمها أن يكون وهيدة، غير أنها كتبت كما يلفظها سكانها بتسكين الواو بعد الألف: إوْهيدة.

تلعة سيف
ويشير الباحث ركاد نصير في كتاب (المعاني اللغوية لأسماء المدن والقرى وأحواضها في المملكة الأردنية الهاشمية)، حول وهيدة ما يلي «وهيدة.. الوهدة: الأرض المنخفضة كأنها حفرة؛ أو الهوة تكون في الأرض؛ أو الشغل». ويذكر فيها حوضا واحدا هو «حوض تلعة سيف: التلعة: ما ارتفع من الأرض وأشرف. والسيف: سلاح يضرب به باليد. وسيف: إسم».

نبع ماء
ويورد موقع نادي أبناء الثورة العربية الكبرى معلومات مهمة عن اوهيدة، فهي منطقة ذات طبيعة جبلية يصل ارتفاعها من جهة الغرب إلى 1325 مترا عن سطح البحر، بينما تنحدر من جهة الشرق باتجاه وادي اوهيدة العريض الذي يتجاوز طوله خمسة عشر كيلو مترا. ويوجد في جهتها المنخفضة نبع ماء غزير يروي مساحات واسعة من الأراضي. وتتوفر في اوهيدة اضافة إلى الماء المراعي الطبيعية ذات الأهمية البالغة لإطعام الحيوانات المختلفة.



سيرة قرية اوهيدة



تقع اوهيدة على بعد حوالي 17 كم إلى غرب الجنوب من مدينة معان. وتتبع إلى قضاء ايل من لواء القصبة في محافظة معان، وهي من ضمن بلدية ايل الجديدة.

الديموغرافيا:

يبلغ عدد سكان اوهيدة، بحسب آخر تعداد عام للسكان والمساكن عام 2004م، (499 نسمة) ( 270 ذكور و 229 إناث)، يشكلون 78 أسرة، تقيم في 106 مساكن.

التربية والتعليم:

توجد في اوهيدة المدارس التالية: مدرسة اوهيدة الأساسية للذكور، ومدرسة اوهيدة الأساسية المختلطة، ومدرسة سودة بنت زمعة الأساسية المختلطة.

الصحة:

يوجد في اوهيدة مركز صحي أولي.

المجتمع المدني:

يوجد في اوهيدة جمعية خيرية تحت التأسيس.
* يوجد في القرية 3 مساجد.

اوهيدة.. الذاكرة المُطْمَئِنّة (2)


صورة

كتابة وتصوير: مفلح العدوان  فرح بما اكتشفه في كتاب الأمكنة..
حالة من الانتشاء، والفخر، تزداد هذه الحالة لتفرز حماسا، وتوقا، لمعرفة المزيد، وأكثر، عن صفحات التاريخ، وسطور الذاكرة، حول المكان والإنسان، في قرية مثل اوهيدة.
ها أنا أتابع تفاصيل اوهيدة، وأقرأ كل ما استطيع الوصول اليه من مراجع، وكتب، رصدت بعضا من تاريخها، خاصة في المجال العسكري، والسياسي، والاستراتيجي، حيث أنه يمكن توضيح أهمية اوهيدة في بداية القرن الماضي، من الاطلاع على ما كتبه سليمان موسى في كتاب تاريخ الأردن بين الماضي والحاضر، وكتاب دراسات في تاريخ بلاد الشام للدكتور محمد عدنان البخيت، وما تم توثيقه في موقع نادي أبناء الثورة العربية الكبرى، وما كتبه الدكتور بكر خازر المجالي في كتابه «المسارات العسكرية للثورة العربية الكبرى في الأرض الأردنية»، وأيضا كتاب «لورنس والعرب/ وجهة نظر عربية» لسليمان موسى، تشير تلك الكتب إلى أنه ترجع أهمية اوهيدة في تلك المرحلة إلى أنها اتخذت خلال الثورة العربية الكبرى التي قام بها الشريف الحسين بن علي ضد الأتراك في أوائل القرن العشرين الميلادي، مركزا للقيادة الحربية والإدارية والسياسية للثورة، وقد كانت أسباب اختيارها لهذا الغرض هي وجود مصدر مياه دائم فيها، وتوافر المراعي من أجل الحصول على الأعلاف للخيول والبغال والجمال التي كانت من وسائل النقل الرئيسية أثناء الثورة، وتميز المنطقة بحماية طبيعية لانخفاضها عما حولها.

مركز القيادة السادس
يقدم الدكتور بكر خازر المجالي تفاصيل مختلفة حول اوهيدة، وأهميتها في كتابه «المسارات العسكرية للثورة العربية الكبرى في الأرض الأردنية»، حيث يصفها في معرض تقديمه ل»وهيدة»، كونها مركز القيادة السادس للثورة العربية الكبرى في ميدان الأردن، فيقول «أواهد هو يوم الاثنين عند العرب قديما، وأما اوهيدة فهي الحفرة أو الأرض المنخفضة، وينطبق ذلك على اوهيدة المنطقة التي تقع إلى الغرب من معان.. وهي منطقة ذات طبيعة جبلية تتوسطها اوهيدة التي تنخفض فعلا لتتوسطها الجبال من جميع الجهات التي ترتفع لأكثر من 1370 مترا من جهة الغرب لكن تنخفض من الشرق لتنحدر باتجاه وادي اوهيدة العريض الذي يتجاوز طوله 15 كلم. اوهيدة المنخفضة هي أرض سهلية فيها بعض التحديب في وسطها نبع ماء غزير يستعمل حاليا لإرواء المزروعات التي تأخذ مساحة واسعة من الأرض وجرى تطوير هذا النبع، بتركيب مضخة مياه ومحبس مياه لتعبئة الصهاريج حاليا. تكاد اوهيدة أن تكون في القلب الذي يتوسط غرب معان، وهي الأقرب، وبها مصدر مياه غزير ومراعي طبيعية ذات الأهمية لاطعام الحيوانات المختلفة اضافة إلى توفير الحماية الطبيعية من الجبال المحيطة بها من هنا كانت موضع اهتمام للقوات العسكرية في المنطقة وهي موضعنا الرئيسي».

رسائل.. ويوميات
أورد سليمان موسى في كتابه «تاريخ الأردن بين الماضي والحاضر» أن القوات العربية قد دخلت إلى اوهيدة في 17 تموز 1917م، وبعد ذلك، وفي أوائل تشرين الثاني 1917م انتقلت القيادة العسكرية العربية إلى اوهيدة. ويرصد الدكتور بكر خاز المجالي عدة رسائل ويوميات، تؤشر إلى هذه القيادة الحربية، حيث يقول بأنه «يظهر من يوميات الامير زيد بن الحسين انه يتحرك من اوهيدة ويعود اليها. ويظهر من رسالة من الأمير فيصل إلى الملك الحسين بن علي المؤرخة في 23/3/1918م الصادرة في العقبة ما نصه (ستكون الجبهة ممتدة من تبوك إلى عمان غربي السكة، وعلى هذه سنجمع الجيش النظامي في موقع اوهيدة ونهاجم معان وسكة الحديد..). وفي رسالة اخرى مؤرخة في 15 أيار 1918م من الأمير زيد إلى الملك حسين بن علي ورد ما نصه (.. في 20 نيسان توجهت من وهيدة عند الخط الحديدي وهاجمنا الجسور من معان وابو الجرذان ودمرنا ما يقارب خمسة كيلو مترات). وكان يتمركز في وهيدة 700 رجل مشاة حسبما ذكر لورنس في رسالته إلى الملك الحسين مؤرخة في 25 حزيران 1918م وتعتبر اوهيدة قاعدة عمليات عسكرية تنطلق منها القوات وتعود اليها، ففي 13/4/1918م وجه الأمير فيصل رسالة إلى الملك حسين بن علي يخبره فيها ان القوات العربية بقيادة الشريف (فهد) ونوري السعيد، وعودة ابو تايه، احتلت محطة غدير الحاج في 10/4/1918م، وأخذت 150 أسيرا، وعادت إلى معسكرها في اوهيدة لكن نفس العملية يوردها كركبرايد على أنها بقيادة مولود مخلص واخذت 30 أسيرا».

مولود مخلص
ويذكر سليمان موسى في كتابه «لورنس والعرب/ وجهة نظر عربية»، بأنه « في أواخر تشرين الثاني حشد الترك حملة جديدة من معان مؤلفة من كتيبتي بغّالة ومدفعين وسرية رشاشات. وقد زحفت هذه الحملة نحو القويرة. ولكن قيادة الجيش العربي أعدت حملة بقيادة مولود مخلص لمواجهة الترك، وكان قوامها فوج مشاة وسرية رشاش ورعيل خيالة. واصطدمت الحملتان في المريغة فتراجع الترك إلى عين وهيدة. ثم استؤنف القتال وصال العرب على مواقع الترك فأجلوهم عن وهيدة بعد أن كبدوهم خسائر من الرجال والمعدات. وأعد الترك حملة أخرى في أواسط شهر كانون الأول لاسترجاع الوهيدة. وكانت الحملة تتألف من كتيبتي بغالة وفوجي مشاة وبطاريتي مدافع، فقابلتهم القوة العربية نفسها وردتهم إلى سمنه. والمسافة بينها وبين وهيدة ثمانية كيلو مترات. لذا كان الفريقان يتبادلان الهجمات المباغتة».

الباشا
يرد في مذكرات عودة القسوس أن محمد جمال باشا استطاع أن يجمع في معان حوالي 500 فارس من أهل الكرك وأرفقهم بثلاثة ضباط أتراك فساروا من معان في 17 تموز إلى وهيدة ثم الفويلة حيث اشتبكوا باحدى العشائر الموالية للثورة واستولوا على مواشيها. ولكن اهل الكرك لم يلبثوا أن فطنوا لمكيدة جمال باشا، من أنه يريد ايقاع العداء بين قبائل البلاد حتى يقضي على الثورة، لذلك عادوا فجأة إلى معان فدهش الباشا، ولكنه لم يستطع ان يفعل شيئا. وبعد ذلك بأسبوع زحف بجنوده فنزل على ماء وهيدة ثم تقدم إلى أبو اللسن.

نقطة جمع أسرى
كما أن اوهيدة، وأبو اللسن كانت تمثل القيادات الرئيسية في المنطقة حول معان وفي مسرح العمليات الجنوبية، حيث أنه صادف يوم 9 تموز 1918م اليوم الأول من عيد رمضان فجرت مراسيم العيد في ابو اللسن أولا، ثم في أوهيدة في ذلك اليوم. ويضيف الدكتور بكر خازر المجالي بأنه «لم تكن اوهيدة بعيدة عن خط الأتراك والألمان فقد استطلعتها طائرات المانية في 17 أيلول 1918م، وحشد الأتراك طابورين بهدف الهجوم على اوهيدة، وكانت اوهيدة تستخدم كنقطة جمع أسرى فكل القيادات العسكرية الميدانية كانت ترسل أسراها إلى اوهيدة مثلما عمل الشريف ناصر في 31 أيار 1918م عندما أسر 35 هجانا وثلاثة ضباط وطيار..».

مقر استقبال الوفود
ومن جانب آخر «تنفرد اوهيدة في أنها كانت أيضا مركزا للمفاوضات السياسية، ومقرا لاستقبال الزائرين والوفود، فقد استقبل الأمير فيصل، الأمير سعيد الجزائري في 30 أيلول 1918م كرسول من جمال باشا يسعى لعقد صلح بين العرب والأتراك على خلفية نتائج الحرب العالمية الأولى والتي أصبحت واضحة تماما، لكن الأمير فيصل طلب من الأمير سعيد أن يعود إلى دمشق ليعلن استقلال العرب، وليرفع الرايات العربية هناك. وتلقى فيصل رسالة من كلايتون وهو مقدم في دائرة الاستخبارات البريطانية العاملة في الشرق الأوسط تتحدث حول التعاون مع شعوب المنطقة والبحث في مستقبل الجميع فيها. واستقبل الامير فيصل فيها وفي أبو اللسن السير اليك كركبرايد ضابط الاركان البريطاني الذي اصبح فيما بعد من المعتمدين البريطانيين في المنطقة والذي كتب حول النهضة العربية، وله كتاب يتحدث عن المنطقة اسمه خشخشة الأشواك».

الجانب الاجتماعي
وقبل أن نصل نهاية بوح اوهيدة، لا بد من المرور على الجانب الاجتماعي في القرية، لنشير هنا إلى أنه كان عدد سكان اوهيدة في عام 1994م 344 نسمة، ووصل عدد سكانها في عام 2004م إلى 551 نسمة، وينتمي معظمهم إلى عشائر الحويطات، حيث يشار إلى أن الموجودين في اوهيدة هم من الربايعة، ومن السليمانيين: العمامرة والعجالين، وكذلك من النواصرة.
ويدخل الدكتور محمد عبده حتاملة في الجزء الأول من «موسوعة الديار الأردنية»، إلى تفصيلات دقيقة حول تقسيمات عشائر الحويطات، معتمدا في كتابته على كتاب عشائر الأردن للدكتور احمد عويدي العبادي، وكتاب العشائر الأردنية والفلسطينية ووشائج القربى بينها لأحمد أبو خوصة، وقاموس العشائر في الأردن وفلسطين لحنا عماري، حيث يقسم الحويطات إلى المطالقة (وهم عشرة أقسام)، والفريجات (الفرارجة أو عربان أبو تايه) وهم قسمان، والمحلف (عربان ابن نجاد) وهم قسمان، والسعيديين، والمناجعة والرواجفة (الغنيمات والعطيات والعوضات والهرامسة)، والبدول، والربايعة. ولكل تفصيلة من هذه التفاصيل تفرعات كثيرة يذكرها الدكتور حتاملة في كتابه.

تعليقات

‏قال غير معرف…
مشكور يا مفلح العدوان على جهودك
لكن !!!الربايعه لاهم حويطات ولا بعلم حويط الاول ولا يسكنون ₩أوهيده₩والمشروع الزراعي انشأه في العصر البيزنطي
حسن أبو ربيع
‏قال غير معرف…
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟