الشوبك .. مـن أقـدم مـدن الأردن تاريخيـا وإداريـا

الشوبك .. مـن أقـدم مـدن الأردن تاريخيـا وإداريـا




البرق - من جمال خليفة - للشوبك ارث تاريخي وأثري وحضاري تزخر به ضارب في القدم يبدأ من العصور الحجرية التي تمثلها مواقع عديدة من اهمها على الاطلاق منطقة الفجيج والتي تعود الى العصر الحجري القديم، حيث تم العثور في هذه المنطقة على الفؤوس الصوانية ذات الوجهين والمطروقة جيدا والتي تعود الى تلك الفترة.

والزائر لهذه المنطقة يجد في سبر اغوار الماضي والوقوف على اطلال الممالك والمدن القديمة متعة لا تضاهيها متعة .

يقع لواء الشوبك في الجزء الجنوبي من المملكه الأردنيه الهاشميه وفي الجزء الشمالي الغربي من محافظة معان. وتقدر مساحتها بـ 640 كم2 أي ما يعادل 2% من مساحة محافظة معان. ويبلغ عدد سكان الشوبك حوالي 15000 نسمة موزعة في 11 قرية هي (نجل، الزبيرية، المقارعية، حواله، الجهير، بئر خداد، المثلث، الفيصلية، المنصورة, بئر الدباغات).

وتعتبر الشوبك من أقدم مدن الأردن تاريخياً وإدارياً حيث تم تأسيس أول ناحيه فيها عام 1894 كحاميه عسكريه تتبع لمتصرفية الكرك وتم ترفيعها إلى مديرية قضاء عام 1973وبموجب نظام التقسيمات الإداريه رقم (31) لسنة 1995 تم إحداث متصرفية لواء الشوبك اعتباراً من 1/1/1996 وذلك بهدف تحقيق مبدأ اللا مركزيه الإداريه وتقديم خدمات أفضل للمواطنين ومتابعة قضاياهم ومطالبهم العامه ضمن اللواء



تاريخ الشوبك

لا يعرف أحد تاريخ بناء الشوبك بالضبط. ولكن ورد ذكرها لأول مرة إبان احتلال القائد الفارسي بغدور إذ أوردت كتب التاريخ إنه بنى فيها حصنا. غابت الشوبك بعد ذلك وارتفع ذكرها إبان مملكة الأنباط إذ كانت جزءا من العاصمة النبطية البتراء وواجهتها الشمالية. وعاد ذكرها للاندثار مرة ثانية.

بقيت الشوبك بلدة أو قرية صغيرة في العصور الإسلامية، وكان معظم أهلها من المسيحيين واليهود، على رغم قربهم من دارالإسلام المتمثلة في معان والمناطق القريبة، ومع بدء الغزوات الصليبية اتخذها الصليبيون في العام 1115 مملكة أطلق عليها اسم (مونتريال ( أي الجبل الملكي، وأصبحت بمكانة رأس حربة هي والكرك في وجه المسلمين في الجنوب الحجاز والجنوب الغربي حيث مصر.

إستمر الاحتلال الصليبي للشوبك حتى 1189 إذ حررها صلاح الدين الأيوبي وأصبحت مملكة إسلامية، ولأن سكانها من المسيحيين واليهود وقفوا إلى جانب السلطان المسلم ميزهم بلباس المسلمين تقديرا لهم على جهدهم، بحسب كتب التاريخ.

أصبحت الشوبك مركزا مهما ومدينة ضاهت في ذلك الزمان دمشق ببساتينها ومائها. وفي عام 1516م أصبحت الشوبك تابعة للحكم العثماني. وفي العام 1562 بدأت في الإنحدار مرة ثانية، واصبحت قرية صغيرة معرضة لهجمات البدو من كل ناحية.

حروب الشوبك

تعرضت الشوبك خلال القرنين 1700 و1800 ومطلع 1900 لغزوات بدوية وظروف مناخية وطبيعية تسببت في تهجير عدد كبير من سكانها إلى مصر وفلسطين وسورية وإلى شمال المملكة ووسطها طلبا للأمن والعيش بسلام.

هذه الطبيعة والظروف علمت أبناء الشوبك صفات ما زال أحفادهم يتصفون بها، كالدهاء والذكاء والدبلوماسية وحتى تغيير اللهجة وتقمص الشخصيات للتأقلم مع أي شخص أو مجموعة، فهم مع البدو بُدوان، ومع الفلاحين فلاحين، ومع اهالي المدن مدنيين، وهو ما سمح بتعايشهم مع كل مكان عاشوا فيه، سواء في يافا أو الرملة أو غزة أو قلقيلية أو الخليل أو بيت جبرين أو دمشق أو مع قبائل البدو في منطقة مادبا أو في السلط أو في مصر أو في الحجاز.

ويروي الكبار أن حصارا ضربته القبائل البدوية على الشوبك بقلعتها التي كانت تضم تجارا وسكانا من عائلات مختلفة، إضافة إلى سكان منطقة الجاية أسفل القلعة، واستمر الحصار على أسوار القلعة سنة كاملة، دون أن يستطيع البدو اقتحام القلعة فما كان من الشوبكيين إلا أن قام أحدهم برمي الماء من فوق الأسوار دلالة على كثرته في البئر العميقة الموجودة لديهم ما أصاب البدو بالإحباط وسحبوا رجالهم المتناثرين حول القلعة.

وتسنى للشوبكيين إبان حروب البدو بين بعضهم البعض إلى الالتفات إلى زراعتهم وتعليمهم بعيدا عن الحروب التي عانوا منها على مدى السنوات الماضية. ونتيجة الحروب والظروف أندثرت مدينة الشوبك ونشأ بدلا منها قرى عديدة.

قلعة الشوبك

تقع قلعة الشوبك على ارتفاع 1330م عن سطح البحر، وتبعد حوالي نصف ساعة عن مدينة البتراء على الطريق الصحراوي. ويعتقد بأن المنطقة سكنت في الفترة الادومية ثم اعيد ترميمها في الفترة النبطية, ويبدو انها استخدمت كدير صغير للرهبان حتى اعاد بناءها الامير الصليبي بلدوين الاول حاكم الرها ومن ثم ملك القدس وذلك في عام 1115م، وقصد من وراء هذه القلعة قطع الاتصال البري بين المصريين والسوريين بعد ان قطع الاتصال البحري باستيلائه على الساحل السوري اضافة لرغبته الزحف جنوبا والاستيلاء على تجارة البحر الاحمر، وقد اطلق على هذه القلعة اسم (مونتريال – Montreal).

دخلت القلعة تحت الحكم الايوبي بعد تحريرها على يد السلطان صلاح الدين عام 1189م وعثر على بعض النقوش التي تعود لهذه الفترة ثم دخلت تحت النفوذ المملوكي عام 1253م، تم تجديد بعض اجزائها في فترة المماليك أواخر القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر للميلاد، كتبت النقوش بالخط الكوفي المزهر وتذكر بعضها السلطانين المملوكين بيبرس 1260-1277 م ولاجين 1296م.

ومن هذه القلعة الراسية على قمة جبل واضحة للعيان كان الصليبيون يغيرون على القوافل العربية والإسلامية التي كانت تسير بين القاهرة ودمشق والحجاز.

وقد اعتنى السلطان ابن الملك العادل الأيوبي الآتي ذكره بأمر الشوبك، فجلب إليها غرائب الأشجار المثمرة حيث تركها تضاهي دمشق في بساتينها وتدفق أنهارها ووصف هذه البلد (أبو الفداء) صاحب حماة المتوفى عام 732، بقوله «الشوبك بلد صغير كثير البساتين غالبية ساكنيه من النصارى وهو في شرق الأردن في الغور على طريق الشام من جهة الحجاز وتنبع من ذيل قلعتها عينان احداهما على يمين القلعة والأخرى على يسارها كالعينين للوجه، وتخترقان بلدتها ومنها شرب بساتينها وهي من غرب البلد، وفواكهها من المشمش والتين مفضلة وتنتقل إلى ديار مصر. وقلعتها مبنية من الحجر الأبيض وهي على تل مرتفع ابيض مطل على الغور».

ونتيجة لكثرة الحروب وتوالي الزلازل فقد هدم قسم كبير من القلعة حتى قام الصالح نجم الدين أيوب بترميمها فكتب تاريخ ذلك على جدرانها بهذه العبارة: «بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عمر في أيام مولانا السلطان الأعظم العادل الملك الصالح (نجم الدين أيوب)». وتضم القلعة تسعة ابراج منها الدائري والمستطيل والمربع، تزينها الكتابات والزخارف من الخارج ومدخلها الرئيسي في الشرق.

معوقات سياحية

يعاني القطاع السياحي في لواء الشوبك من إهمال ومعوقات كثيرة سببت في تراجع أعداد السياح الى هذه المنطقة.. وأهمها:

ضعف التسويق والترويج، وعدم توافر استراتيجية مخططة للتنمية السياحية .

عدم كفاية النقل القائم حاليا وعدم تعاون شركات النقل السياحي وغياب القطاع الفندقي لاستقبال السواح .

تحديد الشركات المنظمة لرحلات المجموعات السياحية الوافدة في برنامج الزيارة، ثم اقتصارها على جولة في الموقع الأثري لمدة لا تتعدى الساعتين، وهي فترة إقامة قصيرة جداً .

غياب الموارد المالية في السياحة التنموية والتي تهييء أرضية لمشاركة السكان في الاستثمارات المرتبطة بالنشاط السياحي .

البطء في تطوير وتجهيز المواقع الهامة سياحيا كمنطقة شماخ الجاية الهيشة وقلعة الشوبك .

الضعف في اظهار المنتج القائم على توفير حزمة متكاملة تشتمل على الفندق والمعلم التاريخي والانشطة الثقافية والترفيهية والتجارية .

عدم تنويع المنتجات السياحية وذلك بفتح افاق جديدة للتنمية السياحية مثل السياحة البيئية والسياحة العلمية والثقافية والحضارية، وانعدام الاستثمار السياحي .

انعدام التسويق والترويج السياحي للشوبك ، من خلال مكاتب سياحية متخصصة داخل اللواء نفسه وخارجه على حد سواء وتوفير معلومات ونشرات توضيحية عن الاماكن من اجل التعريف بها .

قلة الوعي العام بأهمية التراث الحضاري والأثري، وانخفاض كفاءة الاستغلال، حيث نلاحظ ان كثيرا من المواقع الأثرية والتراثية في الشوبك غير مستغلة .الدستور

التاريخ : 6/20/2011 7:09:12 AM
.

تعليقات