(الصمون) الأردني .. الخبز للجميع


عربة "الصمون" أو كما يطلق عليها عربة "خبز الفقراء" باتت علامة واضحة تتميز بها شوارع العاصمة عّمان وجميع محافظات الأردن، على الرغم من تطور عجلة الزمن وانتشار المطاعم الحديثة ومطاعم الوجبات السريعة..

فهذا الخبز منه الدائري والمستطيل، ويغطيه السمسم، مما يعطيه نكهة مميزة، كما يتسم بأسعاره المنخفضة، لذا فأقدام المارة لا تكاد تنقطع عن أماكن تواجد عرباته، ورغم أن هذا الخبز يعمل في مهنة بيعه كبار السن، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت إقبال الشباب على العمل فيها .

.رحلة يومية

من بين هؤلاء الشاب أحمد.. ففي صباح كل يوم يجر عربته الخشبية القديمة بساعديه، ويشد على أسنانه والعرق يتصبب من جبينه، فالعربة ثقيلة وأشعة الشمس ومرارة العيش نالا من عزيمته.. تشاهده في شوارع العاصمة واقفا أمام عربته المليئة بالكعك ذو السمسم، الذي يصنع منه "ساندويشات الزعتر والفلافل والجبنة الصفراء"، التي يبيعها للمواطنين الذين ينطلقون صباحا إلى أشغالهم ولطلاب المدارس والجامعات، فوجبة الفطور التي يصنعها لهم الشاب المسكين تزودهم بالطاقة وتملأ معدتهم الخاوية ليتمكنوا من إتمام أعمالهم وقضاء حاجياتهم على أكمل وجه.

وليس غريبا أن تصادف أحمد وغيره الكثير من الشباب من "باعة الصمون" في مناطق عمان الراقية كالشميساني وعبدون والصويفية، فحتى الأغنياء من أبناء عمان يحنون إلى أيام زمان، وإلى الخبز البلدي في محاولة منهم لكسر الروتين التقليدي لوجبات الطعام المستوردة التي طالما تغزوا موائدهم، حيث تجذبهم رائحة الزعتر والفلافل المنبعثة من العربة.

صمون بالكنافة النابلسية!

المواطنين أنفسهم لهم طقوس مع "عربة الفقراء وكعك السمون"، فقبل أن يشدوا الرحال في الصباح الباكر إلى أعمالهم ومصالحهم يتهافتون على "سائقي عربات السمون" كي يشتروا كعكهم المفضل، ذاهبين بعد ذلك إلى المطاعم المشهورة بتحضير الكنافة النابلسية، مطالبين بائع الكنافة بأن يحشوا لهم خبز السمون بالحلوى النابلسية.. 

محمد، طالب جامعي، يسرع الخطى ممسكا بكتبه ودفاتره الجامعية، محاولا أن يتغلب على تأخره عن محاضرته ليرضي معدته الجائعة التي اعتادت على تناول وجبة الإفطار من عربة "الفقراء الأثرية"، قائلا: "لو ما ألحق ولا محاضرة لازم أشتري كعكتي المفضلة".

أما الشاب جمال، يعمل حدادا، فيوضح أن فطوره اليومي المفضل هو كعكة السمون المتخمة بقطع الكنافة النابلسية!.

بينما يوضح آخر أنه لا يتناول وجبة الإفطار إلا من عربة "خبز الفقراء"، قائلا: "تجبرني رائحة خبز السمون لأن أعرج على سائق العربة وأشتري وجبة إفطاري رغما عني".

تامر الصمادي – الأردن – عشرينات- 10/7/2008

تعليقات