الجرباء: الخربة .. وعين الماء 1 و 2 و 3

بوح القرى .. كتابة وتصوير .. مفلح العدوان : الجرباء: الخربة .. وعين الماء (1-3)



آتيها من البترا، بعد أن أمرّ بأذرح..
ألقي التحية على جبل التحكيم هناك، وأواصل السير نحو القرية التي كنت قبل أشهر لمحت بعض تفاصيل معمارها، أثناء مروري من هناك ذات بوح عن أذرح، وقلت، آنذاك، أنني سأعود ثانية لأستكمل مدونة المكان بتتبع تفاصيل تاريخ قرية الجرباء.
ها أنذا في الجرباء، وها هم الأهل هناك يرحبون بحلولي بينهم، في سبيل ما تيسر من كتابة حول هذه القرية المعتقة التاريخ، والطيبة الناس، والراسخة الأمكنة، حيث استقبلني هناك الصديق المهندس حسين عفاش الجازي، وكان برفقتي كل من الزميل الصحفي زياد الطويسي، ورئيس بلدية الأشعري سالم نصار المراعية، حيث تجولنا قليلا في القرية، قبل أن يكون الاجتماع مع الأهل في الجرباء في مضافة الجازي في القرية، وهناك كان اللقاء الذي جمع كثير من الطيبين الخيرين، ومنهم الشيخ صالح عفاش الجازي، والشيخ مليح صفوق الجازي، والشيخ سالم عايض الجازي، والشيخ عبد الكريم عفاش الجازي، والشيخ محمد صفوق الجازي، إضافة إلى الصديق المهندس حسين عفاش الجازي، الذي رتّب هذا اللقاء الخيّر من أجل إثراء مادة بوح القرى حول قرية الجرباء.

رجم الصحابة

فيض من الرضا، وعبق من الشعور بزخم التاريخ، اجتاحني وأنا أتجول في أرجاء الجرباء، وأول ما توجهت، مع وجوه الخير الذين رافقوني، إلى خربة الجرباء، هناك على مرتفع يطل على القرية، وعي الأماكن المحيطة بها، وهناك مغائر، وحجارة مهدمة، ومبعثرة، وحجم الحجارة المردومة، والمهدمة، وامتدادها على مساحة واسعة من المرتفع، ينبئ بأنها كانت تشكل نقطة مهمة، واستراتيجية في الأزمنة القديمة، ومن على القمة التي تقع فيها الخربة، نبهني المهندس حسين الجازي إلى مرتفع مواز لها، وعلى مسافة منها، وقال بأن التسمية الشعبية لهذا المرتفع، هي «رجم الصحابة»، وتشير الرواية الشفوية التي يتناقلها أهل المنطقة بأنه سمي بهذا الاسم لأن «الصحابة قعدوا عند هذا الرجم لما طلع أبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، على جبل التحكيم، وظلوا هناك ينتظروا لوين(إلى أين) تصل الأمور بين الأشعري والعاص، وعلشان هيك ظل(بقي) اسم هذا الجبل يتسمى على اسم الصحابة، ونسميه رجم الصحابة».

عيون الماء

المدى رحب، والفضاء سكينة حول المرتفع الذي تقع فيه الخربة.
كنا نتأمل كل ما يحيطنا من مواقع، وقلت قبل أن أتجه إلى القرية أستفسر من رفاقي هناك، أدلائي إلى الجرباء، عن تلك المواقع، ، فأوضحوا بعضا من تفاصيل المناطق المعروفة في القرية، حيث التقسيم يكون الجرباء الكبرى، والجرباء الصغرى، وعين الجرباء الفوقا، وعين الجرباء التحتا، والمقبرة، ووادي العرجا، وعيون الماء التي أخبرنا بعد ذلك أهل القرية بأنه قد جف معظمها، وتلك العيون هي: أم زغيله، وأم التتن، وعين مفرّج، وملغان، وأم حماطة، وعين المناصب. كما أن حدود الجرباء يمكن تتبعها كما يصفها كبار القرية على نحو أنه «يحدها من الشمال المنشية ووادي العرجا، ومن الجنوب أبو موسى الأشعري(جبل التحكيم)، ومن الغرب الرصيف المشرف على الوادي، ومن الشرق الطريق المشرف على ا لعقبة (غدير الحاج)».

التسمية

وصلت إلى ديوان الأصالة، والنبل، الذي يجتمع فيه أهل القرية، وقلت بعد أن تلمست بعض أثر الحجر والتاريخ في الجرباء، لا بد من أن أجلس معهم لأتلمس سحر قصصهم، وتاريخهم، بالاستماع إلى ما يحفظونه من سرديات حول قريتهم، وتاريخها، وذاكرتها، وترحالهم، إلى أن كان استقرارهم فيها.
وأول ما بدأنا البوح عن الجرباء، وفي أغلب الأحيان يتم نطق الاسم بإسقاط الهمزة، فتصبح الجربا، وعند الكتابة ترد مرة بالألف المقصورة، ومرة بالألف الممدودة، هذا في الكتب، ولكن المتحدثين في مضافة الجازي، كانوا يتتبعون أصل تسمية الجرباء، ويبحرون في تجليات الجغرافيا، والتاريخ فيها، وكأنها مناسبة لاستذكار جوانب عدة من وعيهم في المكان الذي يواطنونه منذ القدم، حيث كان حديث تسمية الجرباء، يدور في إطار أنه «كانت في الجرباء، وبجانبها، عيون ماء، والاسم هو نسبة للأرض الجرداء، لكن كان ينبت حول عين الماء شجر العضو، ولكن بمسافة لا تتجاوز 300م، وقد يكون الاسم الأقدم لها هو الجرداء، وتحولت مع النحت للاسم، وتقلبات الزمن إلى الجرباء، وهناك قول آخر بأنها كانت مكانا لمعالجة الإبل من الجرب، فهي أرض العلاج من هذا المرض، ولذا سميت بالجرباء، وهذه الأرض سكنها الروم قديما، وكانت حاضرة لهم».

حديث الجغرافيين

أعود إلى كتابي الخاص الذي أدون فيه ملاحظاتي حول ما كتب عن قرية الجرباء في الوثائق، والكتب القديمة، والمراجع العلمية، فأجد أنه قد كتب حول وصفها بأنها قرية في جنوب الأردن، غرب معان، وشرق البتراء، حيث يشير إليها البخيت والحمود في كتاب مفصل لواء عجلون بأنه قد «أوردها الهمداني من منازل ذي معاهر من حمير، قال: خورة والحِجر (كدائن صالح) والجرباء لبني ذي معاهر من حمير ولقوم من صداء وبني ماوية فهذه مرخة.
ولعلها هي ذاتها ما عناه المقدسي في وصف بادية العرب، حيث قال : الجربى غدير أو اثنان منتن الماء بين وغل وطرفاء».
وفي مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه، يشير الباحث المهدي عيد الرواضية إلى أنه «قال أبو عبيد البكري: جرباء بفتح الميم وبالباء المعجمة بواحدة، على لفظ تأنيث أجرب: قرية بالشام تذكر مع أذرح، وأتى أهل جرباء وأذرح بجزيتهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك، فأعطوه إياها، وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابات، وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم إن أمامكم حوضي بين جرباء وأذرح. وقال الحازمي: جربى من بلاد الشام، وكتب لهم النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم اليه يحنة ابن رؤبة صاحب أيلة بقوم منهم، ومن أهل أذرح يطلبون الأمان. وقال ياقوت الحموي: الجرباء كأنه تأنيث الأجرب موضع من أعمال عمان بالبلقاء من أرض الشام قرب السراة (وصوابها الشراة) من ناحية الحجاز، وهي قرية من أذرح التي تقدم ذكرها، وبينهما كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري، وروي جربى بالقصر. وفي مادة جربى –بالقصر- أورد كلام الحازمي المتقدم دون إضافة. مع أنهما واحدة. واختصر صاحب المراصد مقالة ياقوت المتقدمة وأثبتها بالمد، وفي مادة جربى بالقصر قال: جمع أجرب: من بلاد الشام».

قرية أثرية

وعند تصفح كتاب آخر، هو الجزء الثاني من «جولة بين الآثار» للشيخ حمزة العربي، يمر فيه على الجرباء، ويكتب حولها قائلا: «قرية أثرية بينها وبين أذرح ميل واحد الى الشمال، بحيث أن الواقف في أحدهما ينظر الى الأخرى. وبأذرح الى الجرباء كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري «رضي الله عنهما»، على أصح الروايات. ويؤيد ذلك قول ذي الرمة يمدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري:
أبوك تلافى الدين والناس بعدما
تساؤوا، وبيت الدين منقطع الكسر
فشدوا آصار الدين، أيام أذرح
وردّ حروبا قد لقحن الى عقر
وقد كان الأصمعي يلعن كعب بن جعيل لقوله في عمرو بن العاص:
كان أبا موسى عشية أذرح
يطيف بلقمان الحكيم يواربه
فلما تلاقوا في تراث محمد
سمت بابن هند في قريش مضاربه
يعني بلقمان الحكيم الحكيم عمرو بن العاص «رضي الله عنه»، وقال الأسود بن الهيثم:
لما تداركت الوفود بأذرح
وفي أشعري لا يحل له غدر
أدّى أمانته ووفى نذره
عنه، وأصبح غادرا عمرو
يا عمرو إن تدع القضية تعترف
ذل الحياة وينزع النصر
ترك القرآن فما تأول آية
وارتاب إذ جعلت له مصر
وفتحت أذرح والجرباء في حياة رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وبين أذرح والجرباء تتوسط رابية شاهقة تسمى إلى عهدنا هذا بالأشعر، ولعله كان منزلا لأبي موسى يوم التحكيم».

سيرة قرية الجربا

تقع الجربا جنوب الأردن، الى الغرب من معان على مسافة نحو 25كم، على خط الطول 35 دقيقة و36 ثانية، شرقا، وخط العرض 30 دقيقة و22 ثانية شمالا. وتتبع إداريا إلى بلدية الأشعري، وهي من ضمن قضاء أذرح، لواء القصبة في محافظة معان.
الديموغرافيا:
يبلغ عدد سكان الجربا(الكبيرة والصغيرة) بحسب التعداد العام للسكان والمساكن الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة عام 2004م 624 نسمة، يتم تقسيمها على النحو التالي: الجرباء الكبيرة 446 نسمة(2162 ذكورا و 230 إناثا) يشكلون 71 أسرة، تقطن في 141 مسكنا. الجرباء الضغيرة 178 نسمة(100 ذكورا و 78 اناثا) يشكلون 28 أسرة، تقطن في 28 مسكنا.
وجميع أهل القرية من عشائر الجازي، ويعملون في تربية المواشي، والزراعة، والوظائف الحكومية..
التربية والتعليم:
توجد في قرية الجرباء مدرستان هما مدرسة الجرباء الثانوية للبنات، ومدرسة أبو موسى الأشعري الثانوية للذكور.
الصحة:
يوجد في القرية مركز صحي أولي.
المجتمع المدني:
يوجد في القرية جمعية الجرباء الخيرية، وجمعية الجرباء التعاونية الزراعية، وجمعية الجرباء التعاونية، وجمعية عين ام الحماط التعاونية، وجمعية سيدات الجرباء الصغيرة،


الجرباء: الخربة .. وعين الماء (2-3)



أعرف أن المكان يحمل في إهابة مهابة تطغى على الجغرافية، وتشكل مفاصل مهمة في ذاكرة الناس، ومحطات التاريخ، وهنا عندما يكون البوح عن الجرباء، يكون هذا التحدي في صياغة تلك المعادلة التي توازن بين عبقرية المكان، وتجليات الإنسان، على هذه الأرض.

سلة غذاء

أكمل ما بدأت حول الجرباء، وهنا أقلّب كتاب «فلسطين في العهد الإسلامي» لكاتبه لي سترانج، وفيه يذكر بأن الجرباء «مكان في إقليم عمان في مقاطعة البلقاء، قرب جبال الشراة، على الحدود الحجازية، قريبة من أذرح». وهذه الفقرة متممة لما كنا كتبناه حول الرحالة والجغرافيين الذين كتبوا، وأشاروا، أو زاروا الجرباء في برامج ترحالهم واكتشافهم للأردن، والمنطقة العربية بشكل عام، غير أنه لا بد في هذا الإطار من تدوين الحديث الشفوي الذي أفاض به لي مفتش آثار معان الباحث هاني الفلاحات، حول الأهمية الاستراتيجية لقرية الجرباء، في كونها تصنف بالمقام الأول عبر التاريخ بأنها منطقة زراعية، كثيرة الماء، وفيرة الزرع، غنية التربة، مما جعل بينها وبين أذرح تبادلية في الأدوار، ونوعا من شبه التخصص، من حيث تفصيل الواجبات، في أن تكون أذرح هي الحامية، والقلعة عسكرية، ومكان السكن والخدمات، بينما تكون الجرباء هي مكان الزرع، وسلة غذاء المنطقة المحيطة بها، ولعل التلة المطلة على قرية الجرباء، والموجودة فيها الخربة الأثرية القديمة، كانت في الماضي موقعا للاستطلاع ولحماية المزارع، وللدفاع عن هذه الثروة، كبرج للمراقبة، استخدمه الأنباط، والرومان، لهذا الغرض.

منطقة محايدة

ومن جانب آخر، يكمل الباحث هاني الفلاحات، تحليله لأهمية الجرباء، معززا هذا التصور للقيمة الإستراتيجية لموقع الجرباء، في أن جبل الأشعري، الواقع بين اذرح والجرباء، والذي كان حاضنا للتحكيم بين جيش علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان، وكان فيه المحكمان هما أبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، كان قد تم اختيار موقعه لأسباب مدروسة بعناية، منها أن هذه المنطقة كانت محايدة بالنسبة للطرفين، لكون الذين يقطنونها كانوا من أهل الذمة، وغير محسوبين على طرف من الأطراف.
كما أنه كان من شروط التحكيم أن يحضر كل طرف من الاثنين معه 400 فارس، ليكون مجمل العدد 800 فارس، ويخيموا على مسافة من الحكمين، ولمدة أربعين يوما، حتى تتم عملية التحكيم، بحسب الكتابات التاريخية، وهنا يمكن تذكر التلة القريبة المحاذية للجرباء، والتي يسميها أهل القرية «رجم الصحابة»، والتي قد يكون تم تخييم هؤلاء الفرسان عليها، أو جزء منهم، ولكن بخصوص الأهمية للقرية، فإن مثل هذا العدد من الفرسان، وتخييمهم لهذه الفترة من الزمن، يحتاج إلى غذاء، وتموين، لهم ولخيولهم، ولأهمية الجرباء الزراعية كان اختيار الموقع قريبا منها.

الثلجة

لسمرة الوجوه رسائل تحمل عمق الصحراء، والتماعة الشمس، ومسيرة الترحال التي تشكل خريطة مسير الأهل هناك، إلى أن كان استقرارهم في الجرباء.
هنا كانت الجلسة ما تزال مع الجمع الطيب من أهل القرية، وكل منهم يضيف جانبا من تاريخ تأسيس الجرباء، والاستقرار فيها، وبنائها بيتا بيتا، وكيف امتدت ليكون فيها المدارس والجمعيات وكل البنى المؤسسية التي تليق بالقرية وبأهلها.
يتذكرون بأن الأجداد والآباء كان مكان ترحالهم في الجنوب من الأردن، كانوا يقيمون هناك، ويخيمون أحيانا عند الجرباء، قريبا من عين ماء، وكان تجمع الحويطات عندها، لأنها أرض سهل.
ومن تتبع سيرة الناس والمكان، مما يبوح به أهل القرية، يمكن ملاحظة توقفهم عند عام 1959م حيث «كان في ثلجة كبيرة، وتوفي في المناطق اللي كنا بيها 11 واحد، هذول من المطالقة والنعيمات والحجايا.. وبعدين نقلونا بالقطار الى عنيزة، بواسطة القوات المسلحة، وجمعونا (الجازي) في عنيزة، وانتقلنا بعدين للجربا..لكن فيصل الجازي كان في الرشادية، وبعدين استقر بالحسينية».
ويضاف أيضا الى ذلك بأنه في الجرباء، كان من أوائل من بنى بيتا فيها كل من مفلح فرحان واخوانه، ومحمد صفوق واخوانه، وعايض خلف واخوانه، وأول البناء كان 6 غرف، ولكن قبل ذلك وفي الفترة الماضية كان قد تم «استغلال الخربة والمغر اللي في القرية».

سيرة التعليم

تشير ذاكرة التعليم في القرية الى أن أول المدارس تم بناؤها في عام 1963م، وقد سميت بمدرسة ابو موسى الأشعري، وكانت ابتدائية في البداية، حيث أنه «عندما تم الاستقرار، كان الشيخ عفاش صفوق الجازي، يسعى ومعه كاسب صفوق الجازي، لاستفادة ابناء القرية والمنطقة من التعليم، ومع المطالبة، وبدعم من المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله، تم الاستقرار في القرية، وبناء مدرسة مكونة من 3 غرف، وكان عدد الطلاب فيها 13 طالب، درسوا وكانت اعمارهم متقدمة بين 10 و 11 سنة». ويضيف الى ذلك أحد رجال القرية، بأنه «لما اجا الشيخ عفاش من التربية والتعليم، وجاب الكتب، كان حاظنهن في عباته، وكنا عند عين الميه، وسلمهن النا، وكنت واحد من الطلاب، وكنا فرحانين بالتعلم.. وكان أول مدرس هو حموده درويش الخطيب من القدس، وكان يسكن مع اهل القرية، وينام ببيوت الشعر.. في البداية كان القراية للصف الأول، وبعدين لما زاد المعلمين صارت التعليم للصف السادس، وكانت كل عيله تحط عندها استاذ بالدار يسكن هناك، وبعض بعض المعلمين كان يجيب اولاده، وكان هناك رغبه عالية في التعلم عند أهل القرية حيث الأب كان يجيب ابنه للمدرسة ويقول للاستاذ هذا ابني بين ايديك (يا استاذ الك اللحم والنا العظم).. واستمرت المدرسة للاعدادي حتى 1979م، حيث تحولت الى مدرسة ثانوية للذكور، ولكن قبل هذا كان تكملة التعليم الثانوي يكون للطلاب في معان.. في عام 1968م صارت المدرسة مختلطة علشان تشجيع البنات على التعليم.. وبعد ذلك تم فتح مدرسة البنات في عام 1973م». وبعد كل هذه السنوات الآن يوجد في القرية مدرستان ثانويتان واحدة للذكور وأخرى للاناث.. ويتحدث أهل القرية حتى الآن بأن مدرسة ابو موسى الأشعري الثانوية للذكور، ورغم أنها تعتبر مدرسة معارف، تابعة للتربية والتعليم، الا انها ما تزال حتى الآن يتم تزويدها بأرزاق يومية من الجيش، وهي المدرسة الوحيدة في الأردن التي يتم تزويدها بالأرزاق هذه، لأنها جاءت بمكرمة ملكية من المغفور له الملك حسين رحمه الله في عام 1968م.

«البير اس 104»

وبعد المرور بملف التعليم في الجرباء، لا بد، وفي ذات السياق، من التعريج الى المشروع الزراعي في الجرباء، حيث يشير كبار القرية الى أنه كان قد بدأ الألمان في حفر مجموعة من الآبار في المنطقة، في قضاء اذرح، وواحد من هذه الآبار جاء في قرية الجرباء، في ارض الجذوان (الجازي)، وبعد ذلك تم تفويض هذا البئر باسم عشيرة الجذوان (الجازي) بإرادة ملكية، وكان اسم البير (أس 104)، ولوجود هذا البئر، انتعشت المنطقة حوله زراعيا، وصارت مزارع، وتم تأسيس جمعية الجرباء التعاونية الزراعية، وكانت برئاسة المرحوم الشيخ عفاش راعي الجذوة الجازي.

الطبابة

ويشار، في سياق تكون المؤسسات في القرية، إلى أن أول مجلس قروي كان في عام 1979 ، أما عن الطبابة فقد كان هناك يوجد عياده في القرية، مكونة من غرفة واحدة، هذا في عام 1965م/1966م، ويتحدث كبار القرية حول العيادة بأنه «اخذنا من التربية غرفة من المدرسة للعيادة، وظلت 7 سنين، وبعدين عمّرت وزارة الصحة مبنى صغير للعيادة، فيه 3 غرف، وبعدين صار بناء المركز الصحي في عام 2000م، بواسطة الباشا كسّاب صفوق الجازي، وصار بعد هيك بجانبه مركز دفاع مدني، ونادي، وتم تطويب 16 دونم من الدولة، لكن في المقابل تم تطويب 82 دونم من ارض العشيرة لمدرسة الذكور، 26 دونم لمدرسة البنات، و13 دونم لمدرسة ابتدائية».

سيرة قرية الجربا

تقع الجربا جنوب الأردن، الى الغرب من معان على مسافة نحو 25كم، على خط الطول 35 دقيقة و36 ثانية، شرقا، وخط العرض 30 دقيقة و22 ثانية شمالا. وتتبع إداريا إلى بلدية الأشعري، وهي من ضمن قضاء أذرح، لواء القصبة في محافظة معان.
الديموغرافيا:
يبلغ عدد سكان الجربا(الكبيرة والصغيرة) بحسب التعداد العام للسكان والمساكن الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة عام 2004م 624 نسمة، يتم تقسيمها على النحو التالي: الجرباء الكبيرة 446 نسمة(2162 ذكورا و 230 إناثا) يشكلون 71 أسرة، تقطن في 141 مسكنا. الجرباء الضغيرة 178 نسمة(100 ذكورا و 78 اناثا) يشكلون 28 أسرة، تقطن في 28 مسكنا.
وجميع أهل القرية من عشائر الجازي، ويعملون في تربية المواشي، والزراعة، والوظائف الحكومية..
التربية والتعليم:
توجد في قرية الجرباء مدرستان هما مدرسة الجرباء الثانوية للبنات، ومدرسة أبو موسى الأشعري الثانوية للذكور.
الصحة:
يوجد في القرية مركز صحي أولي.
المجتمع المدني:
يوجد في القرية جمعية الجرباء الخيرية، وجمعية الجرباء التعاونية الزراعية، وجمعية الجرباء التعاونية، وجمعية عين ام الحماط التعاونية، وجمعية سيدات الجرباء الصغيرة،


بوح القرى ..الجرباء: الخربة .. وعين الماء (3-3)



كتابة وتصوير .. مفلح العدوان
تهيأت لوداع الجرباء..
لكن هناك كلام كثير لم يقال عنها، أو أن بعضه قيل ذات بوح عن قرى أخرى سكنها أبناء عشيرة الجازي حين زرت الحسينية القابعة عند مدخل محافظة معان، وأذرح على مرمى «حَي هَلا» من قرية الجرباء.
إذن سيكون هناك، قبل الخروج من حدود القرية، حديث مضاف على ما كان قد قيل، بعضه بوح تذكار، والبعض الآخر تأمل واستذكار، وكثير منه فيض من «سواليف» الطيبين الذين حفظوا عن ظهر قلب نبض المكان، وتاريخ الإنسان، على هذه التربة الغنية بقصص وفضائل مَنْ واطنها.

سيرة الناس

ما زال أهل القرية حولي، ملامحهم ستبقى في الذاكرة، أهلا طيبين، هم: الشيخ صالح عفاش الجازي، والشيخ مليح صفوان الجازي، والشيخ عايض الجازي، والشيخ عبد الكريم عفاش الجازي، والشيخ محمد صفوق الجازي، والصديق المهندس حسين عفاش الجازي. وفي هذا المقام أستحضر ما كنت وثقته عندما كنت في قرية الحسينة واستمعت هناك الى الشيخ محمد جدوع العودات (أبو عيسى)، وأيضا في قرية اذرح حيث تحدث لي هناك الحاج عبد الله ذياب حرب الجازي (أبو حسين)، ولذا فمن بوح كل هؤلاء وما قرأته من كتابة حول السيرة الاجتماعية للجازي والحويطات، أحاول كتابة ما تيسر من ذاكرة الأهل هناك.
قالوا أن «الحويطات اجو انطلاقا من بلاد الجزيرة، من الحجاز، واستقروا في المنطقة، من زمان، يعني من أكثر من 500 سنة، وكان حدود أراضي العشيرة تصل لمنطقة سواقه، مع بني صخر، وتسمى منطقة عرب الحويطات، ومعهم الحجايا، وبني عطية، وغيرهم من عشاير المنطقة هذه».
ويشير اللفتننت كولونيل فريدريك ج بيك في كتابه «تاريخ شرقي الأردن وقبائلها» الى الجازي قائلا: «إنهم يعودون الى الحويطات، وهؤلاء لهم ارتباط قديم ببني عطية».. ويكمل في موقع آخر تفاصيل الحكاية القديمة حول الحويطات، وهي أنه «مر ثلاثة حجاج من العقبة قادمين من الحجاز بطريقهم الى القدس، وكان يرافقهم ولد صغير..ولما كانوا في العقبة مرض الولد، ولم يتمكن من متابعة السفر، فعهدوا بتطبيبه والاعتناء به الى أسرة عربية كانت تسكن هناك.وترعرع الولد في أحضان هذه الأسرة وتعلق بها، ولما رجع صحبه من القدس، أخفي الولد وقيل لهم أنه مات، فانطلت الكذبة عليهم، وذهبوا الى أوطانهم غير عالمين أنهم تركوا وراءهم جدا لقبيلة كبيرة .. كان اسم الولد غازي، واسم رب الأسرة التي تعهدته معاذ، وهو جد قبيلة بني عطية.».

شيدوا الأبراج

أما عن عشيرة الجازي فقد وردت الإشارة اليهم عند الرحالة والسواح حيث وثق بعضا من مشاهداته عنهم السائح بورخارد وأشار الى أنهم كانوا نازلين في جبال الشراة حول قرى ضانا والبصيرة والطفيلة، وقد شيدوا أبراجا عديدة حول هذه الأماكن، انتهوا من بناء أحدها، برج الطفيلة، حوالي عام 1800م.
وبالنسبة لتاريخهم الأقرب، سوف أعود هنا الى ما قاله الشيخ محمد العودات، ذات بوح عن قرية الحسينية، حيث قال:» قبل ما يجوا الجازي هان، للحسينية، كانوا سكان الشراه الجنوبية، وبالتحديد أذرح والجربا.. كان أذرح هو البلد الأساسي للجميع. وكانوا بدو رحل، ولما سكنوا الحسينية، استقر بيها ثلاث عشاير من الجازي، وهم العودات والذيابات والجازي.. أما في أذرح فالعشاير الموجوده فيها هم العودات والجازي وأهل الوضحا، والشراتحه، وفي الجربا موجود الجذوان الجازي، لكن أكثر عدد سكان من عشاير الجازي هم موجودون في الحسينية».
ومن تتبع شجرة الجازي، وبالعودة الى كتاب فريدريك بيك، نجد أن جازي وعودة هما إبنا صباح بن مطلق بن سلامة بن علوان بن قبال بن حويط.
والجد الأكبر جازي، خَلّف نصر وحمد، ونصر ينتمي له الذيابات، بينما حمد خلّف ثلاثة هم عوده ومنه العودات، وكذلك محمد وفرعه يقال لهم أهل الوضحى. أما جازي فقد عقّب نصر، ونصر عقّب عرار وعبطان، وهؤلاء يفصل نسلهم فريدريك في كتابه فيذكر أن عرار عقّب حمد، وحمد عقّب نائل، أما عبطان فخلّف اثنين هما عناد ومتعب.

مفاتيح الكلام

ما زلت في الجرباء.. وما زال الأهل حولي يتحدثون عن تفاصيل قريتهم، والمنطقة، في سبيل توثيق مخطوط المكان والإنسان هنا.. وقبل أن أنهي جلستي معهم، قال واحد من أهل الخير، وكلهم نبع خير: للشهداء، والأفاضل، من الذين نحبهم، وقضوا نحبهم، حق علينا في أن نستحضرهم، كجزء من ذاكرة الجرباء، والقرى الأخرى، ليتم توثيق ما كانوا قد أنجزوا.
لاقت الفكرة قبولا، وتمت مباركة هذا التوجه بإجماع كل الحاضرين. وأضاف آخر بأن للأحياء، أيضا، فضل، ومنجزات، لا بد من ذكرها، وسرد تفاصيلها، وتدوين سيرة عطائهم. ولاقى هذا الاقتراح، أيضا، قبولا واستحسانا من الموجودين، فبدأوا بتوزيع مفاتيح الكلام بينهم، وأخذت أبواب الذاكرة تتفتح عبر ألسنتهم عن أسماء وأحداث، أبطالها من أهل تلك القرى، من عشيرة الجازي، وأخذت أدوّن في البداية سيرة «المناضلية» الذين ساروا من على هذه الأرض، للدفاع عن فلسطين، في حرب حزيران عام 1948م، وكان منهم كل من الشيخ هارون بن سحيمان الجازي، وقد كان قائد المناضلين في باب الواد، والشيخ ممدوح بن عوده الجازي، صامد الذيابات الجازي، ومليح راعي الجذوه الجازي، ونايل بن حمد الجازي، ومحمد راعي الوضحا الجازي، وفرحان كايد الجازي، والشيخ محمد صفوق الجازي، وعايض راعي الجذوة الجازي، وحتمل بن نهار بن عودة الجازي، وصبيح راعي الوضحا الجازي، وجارد ذياب الجازي، وجزاع محمد الجازي. وقد التحق بهم في تلك الفترة كل من الشيخ جدوع بن عودة الجازي، والشيخ فيصل بن حمد الجازي، والشيخ عفاش راعي الجذوة الجازي. وقد استشهد من المناضلية كل من نايل بن حمد الجازي، وحتمل بن نهار بن عودة الجازي.

شهداء الجيش العربي

كما يشير أهل المنطقة الى شهداء الجيش العربي في «حرب الثمانية وأربعين» من أبناء الجازي، حيث يتذكرون علي جويعد راعي الوضحا الجازي، وسالم سعود راعي الجذوة الجازي، وعبد الله زعل الكليبات الجازي، وحامد قيله الذيابات الجازي، وسلطان عليق بن عودة الجازي، ونصار صياح بن عوده الجازي، ومحمد ضيف الله الصباحين الجازي، ومدلول راعي الحصان الجازي، وعلي رفيفان بن ذياب الجازي.
ويضيف كبار القرية كذلك أسماء شهداء في القوات المسلحة الأردنية، استشهدوا في ميادين الدفاع عن ثرى الوطن، ومنهم فواز جزاع صياحين الجازي، وعناد عارف راعي الجذوة الجازي، وعبد الهادي حسين بن عودة الجازي.

«طخوهم بعد ما أسروهم»

وتحدث الحاضرون، في سياق فضاءات الشهادة، عن اثنين من الشهداء المدنيين كانا من سكان في منطقة الأشعري، «وهذول هم ناعور ابو شريتح، وعطا الله ابو شريتح، كانوا بالغور في غور فيفا، وكانت معركة الكرامة في هذاك الوقت، وكانوا مواطنين مدنيين، ما هم عسكريين، ولما مرت طياره هيلوكوبتر اسرائيلية فوقهم، قاموا يطخوا عليها، كانوا متحمسين للمعركة، فهبطت الطيارة عندهم، وقاموا أسروهم، وكان معهم شاب هو ابن واحد منهم، فقام الاسرائيليين، طخوهم بعد ما اسروهم، واطلقوا الشاب اللي معهم، واستشهد الاثنين عطا الله، وناعور.. الله يرحمهم».

الذكر الطيب

ويذكر أهل القرية بكل خير واحداً بينهم كان من قادة معركة الكرامة، وهو اللواء المتقاعد كساب الصفوق الجازي، الذي يتحدثون عنه بكل خير ومحبة لما له من حضور في كثير من محطات تاريخ البلد والوطن بشكل عام.
وكذلك يشيرون الى العميد قاسم ابو شريتح، في منطقة الطميعه، الذي شارك في العديد من المعارك وواجبات الشرف على ثرى الأردن الغالي. وأيضا يتحدث أهل القرية عن سيرة المرحوم الشيخ عفاش راعي الجذوة الجازي، وقد كان قاضيا عشائريا، يعنى بإصلاح ذات البين، وكان عضوا في الاتحاد الوطني، بإرادة ملكية، في عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله، ويروي كبار القرية عن الشيخ عفاش انه «أعطى ملابسه لمحتاج، وروّح بالعباية، على فرسه، ومرّ بالطريق على محمد صفوق واعطاه ثوب حتى يلبسه لما يصل بيته».

سيرة قرية الجربا

تقع الجربا جنوب الأردن، الى الغرب من معان على مسافة نحو 25كم، على خط الطول 35 دقيقة و36 ثانية، شرقا، وخط العرض 30 دقيقة و22 ثانية شمالا. وتتبع إداريا إلى بلدية الأشعري، وهي من ضمن قضاء أذرح، لواء القصبة في محافظة معان.
الديموغرافيا:
يبلغ عدد سكان الجربا(الكبيرة والصغيرة) بحسب التعداد العام للسكان والمساكن الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة عام 2004م 624 نسمة، يتم تقسيمها على النحو التالي: الجرباء الكبيرة 446 نسمة(2162 ذكورا و 230 إناثا) يشكلون 71 أسرة، تقطن في 141 مسكنا. الجرباء الضغيرة 178 نسمة(100 ذكورا و 78 اناثا) يشكلون 28 أسرة، تقطن في 28 مسكنا.
وجميع أهل القرية من عشائر الجازي، ويعملون في تربية المواشي، والزراعة، والوظائف الحكومية..
التربية والتعليم:
توجد في قرية الجرباء مدرستان هما مدرسة الجرباء الثانوية للبنات، ومدرسة أبو موسى الأشعري الثانوية للذكور.
الصحة:
يوجد في القرية مركز صحي أولي.
المجتمع المدني:
يوجد في القرية جمعية الجرباء الخيرية، وجمعية الجرباء التعاونية الزراعية، وجمعية الجرباء التعاونية، وجمعية عين ام الحماط التعاونية، وجمعية سيدات الجرباء الصغيرة،

دعوة للمشاركة

alqora@jpf.com.jo

هذه صفحة تؤسس لكتابة متكاملة حول القرى الأردنية، وتطمح لتأسيس موسوعة جادة شاملة. ولن يتأتى هذا بجهد من طرف واحد، فما يكتب قد يحتاج إلى معلومات للاكتمال، أو قصص أخرى لم يلتقطها الكاتب في زيارة واحدة، وهي مفتوحة للإضافة والتعديل قبل أن ترتسم بشكلها النهائي لتكون وثيقة لكل قرية، والأمل بأن تأتي أية إضافات أو تصويبات أو معلومات أخرى من أهل القرى والمهتمين مع اقتراحاتهم، وعلى العنوان: بوح القرى - الرأي

ص.ب- 6710-عمان-1118-فاكس 5600814
بريد الكتروني alqora@jpf.com.jo




تعليقات