الوهادنة : ( الخربة ) وما حولها 1 و 2 و 3

الوهادنة : ( الخربة ) وما حولها




تنداح المساحات أمام المتجه الى هناك.. يتتبع تضاريس المكان، وما احتجب في سالف الزمان عن جغرافيته، ثم تكون لحظات راحة في ''حوش'' بيت، أو عند منبر مسجد أو قرب جدار كنيسة، ويكون هناك متسع للاستماع الى بوح يعلن بعضا من سيرة الناس، ويتتبع شيئا من الفسيفساء الاجتماعية لقرية الوهادنة، بعض هذا البوح من أحاديث أهل القرية، وبعضه الآخر من بطون الكتب، وتتشعب القصص والحكايات في هذا المضمار، ويكون لتلقائية السرد مذاق يثري مادة البوح، ويحفز الذاكرة للبحث عن المزيد.
إن العودة الى التعداد السكاني القديم للقرية في سنوات مختلفة في العهد العثماني، وفق ما هو متاح في الوثائق، يشير الى أن الخربة(خربة الوهادنة)، كان يسكنها في عام 1538م 54 خانة(عائلة)، بينما في عام 1596م تراجع عدد سكان الخربة ليصبح 32 خانة، ثم في عام 1871 بلغ عدد سكانها 40 خانة، وقد أشار الدكتور خليف غرايبة أن عدد سكان الخربة كان في عام 1600م حوالي 200 نسمة.
ويضيف الدكتور الغرايبة أن خربة الوهادنة كانت مركزا لحكم جبل عجلون قبل عام 1851م، وهي تعتبر من أكثر أجزاء جبال عجلون كثافة بالسكان، وإنتاجا للزراعة، آنذاك.
وفي موقع آخر يوضح الغرايبة بأنه تعاقب على حكم منطقة جبل عجلون( في الفترة 1516-1850م) ثلاث عائلات هي عرب المشالخة، وعشيرة الخطاطبة، وعشيرة الفريحات، ويذكر بأن عشيرة الخطاطبة هي من عشائر منطقة منحدرات عجلون الغربية وكان مركزها قرية خربة الوهادنة.

الخريطة الاجتماعية

تشير الخريطة الاجتماعية لقرية الوهادنة الى أن العائلات التي تشكل فسيفساء الحياة في القرية هم من الغزو، والشويات، والخطاطبة، والسواعي، وأبو سمرة، وشقاح، وفطيمات، والوحشة، وبدر، وحداد، وأبو احمده، وشقيرات، وزهراوي، شناتوة، والشريدة.
وعند توزيع بعض هذه العائلات على المناطق القديمة في القرية، وتواجدهم، وأراضيهم فيها، يقول كبار القرية بأن الغزوي كانوا في الملول، والحساسنة من الغزو كانوا في الحروث، والفطيمات والسواعي والسمارنة في الصليخات، والشناتوه في الهجيجة، والبدر في نيسه، والحداد في أبو العمايم، ويضيف الكبار بأن عائلة الغزو كانوا موجودين في كل المناطق.
ويكتب فريدريك بيك في كتابه تاريخ شرقي الأردن وقبائلها حول عشيرة الخطاطبة: '' يقولون أنهم من الحجاز، وأنهم من أبناء الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والثابت أنهم كانوا زعماء هذه الناحية قبل الفريحات، وكانت مساكنهم في خربة الوهادنة، ومنها خرج قسم منهم الى قرية كفرنجة، ولعل الخطاطبة الذين في قرية جديتا بناحية الكورة فرع منهم''.
أما عن الغزو فيقول فريدريك أنهم '' من حمايل خربة الوهادنة، يروون أن جدهم من بني صخر، قدم غازيا عجلون ثم قطن فيها، ولهذا أطلق على أعقابه الغزو''.

الشيخ حمد

وعند الحديث عن الذاكرة الاجتماعية لخربة الوهادنة لا بد من الإشارة الى الفريحات، وارتباطهم بها، وهذا المرور من خلال ما كتبه فريدريك بيك حول الفريحات الذي يقول أنهم '' من أكبر حمايل هذه الناحية وأقواها، ومركز زعامتهم قرية كفرنجة. يزعمون أن جدهم فريح من قبيلة اللهيب اليمنية ويروون القصة الآتية عن نزوحه من اليمن وسكناه هذه الديار: لأسباب يجهلونها خرج فريح وأخواه فرح ومقداد من اليمن ونزلوا بجوار سيل الزرقاء، ومن ثم تفرقوا.. ذهب فرح الى فاره بسوريا، ورحل مقداد وهو جد المقداديين الى بصرى اسكي شام. أما فريح فقد أقام في خربة الوهادنة التي كانت مركزا للشيخ حمد جد حمولة الخطاطبة القاطنة اليوم في قرية كفرنجة.
وحدث في ذلك الزمن أن قدم الى جهات عجلون الشيخ سعيفان زعيم عرب المشالخة وحكمها حكما إقطاعيا فاضطهد أهلها وسامهم ضروب العذاب، فهب فريح على رأس الخطاطبة للانتقام من المشالخة. وما زال بهم حتى أخرجهم من عجلون، فكانت هذه الحادثة ابتداء أمر فريح والحجر الأساسي لزعامة أبنائه في ذلك القضاء''.

بدر وحداد

أما عن تواجد العائلات المسيحية في الوهادنة فيمكن البدء في التأشير الى وجودهم في القرية من خلال ما ذكره الدكتور عليان عبد الفتاح الجالودي في كتابه قضاء عجلون حيث كتب بأن القس كلاين الذي زار قضاء عجلون في عام 1868م، أوضح أن ''القرى التي يسكنها مسيحيون في الستينات من القرن التاسع عشر هي: راجب، وبرما، والجزازة، والنبي هود، والكتة، ومقبلة، وخربة الوهادنة، وحلاوة، وأوصرة، وسوف، وريمون، وساكب، وعين جنا، وعنجرة، وكفرنجة، ودبين''، وذكر أن ''هؤلاء يعملون في الأعمال الحرفية التي يحتاجها الفلاحون مثل صناعة المحاريث، وحذو الخيل، مقابل مقدار معين من الحبوب، وجميعهم إغريق أرثوذكس''.
وكذلك يشير خليل رفعت الحوراني في مرحلة زمنية أخرى، بعد 38 سنة على ما كتبه كلاين، الى خربة الوهادنة من ضمن القرى التي يوجد فيها مسيحيون، وهذا موثق في ما كتب في المقتبس بتاريخ 7/11/1910م.
ولكن هذا الاستقرار في بعض القرى كان مؤقتا حيث تمت الهجرة بعد ذلك الى أماكن محددة مثل الحصن وعجلون لظروف متعددة منها مسألة الأمن والحماية.
أما التركيبة السكانية بالنسبة للعائلات المسيحية في الوهادنة فيمكن فرزها على أنه يوجد في القرية عائلتان مسيحيتان هما عائلة بدر وعائلة حداد، وهما مقسمتان الى 85 عائلة لاتين من البدور، و 42 عائلة أرثوذكس من الحداد.
ومسيرة تلك العائلات، بحسب أقاويل أهل القرية الذين يوضحون بأن عائلة بدر كانوا في وادي موسى، ولهم علاقة مع العكشة، ''وراحوا عند المجالي، وقعدوا 18 سنة، وكانوا ثلاثة أخوة هم بدر ومقطش وعويس، ثم انتقلوا الى مناطق أخرى حيث استقر مقطش في عنجرة، وعويس في عجلون، وبدر في الوهادنة.
وبالنسبة لعائلة حداد فإنهم كانوا في كفرنجة وعرجان وعجلون، ويقال أن الأب الأكبر توفي ''وكان عنده ثلاثة أولاد أخذهم الجد وجابهم للوهادنة، وهم أبناء سمور (بني سمور)، واستقروا هنا قبل 200 سنة تقريبا''.
وحول بني سمور، نجد أن فريدريك بيك في تاريخ شرقي الأردن وقبائلها كتب بأنه ''حمولة مسيحية من حمايل عرجان، منقسمون الى ثلاثة مذاهب: روم أرثوذكس، ولاتين، وكاثوليك. ويزعمون أن أصلهم من راشيا بسوريا. وقد خرج منهم فروع الى قرى عجلون وكفرنجة وفارا وخربة الوهادنة''.

علي مشهد

قبل الدخول الى الوهادنة، وعلى تلة ظاهرة يسار الشارع، هناك موقع يتبارك به أهل المنطقة..
إنه '' علي مشهد''، وهذا مكان مشهور، ومعروف في الوهادنة، حيث يوجد فيه قبر يقال أنه كان مكتوب على حجر في هذا القبر اسم ''علي مشهد''.
كما أن هناك على بعد حوالي 5 كيلومترات غرب القرية مقام عكرمة بن أبي جهل، الذي يسميه أهل المنطقة مقام عكرم، ويوجد كذلك مقام الشيخ راشد، وهذا كانت الناس '' لما يرحلوا من المنطقة يخزنوا السمن والجميد والأغراض، ويحطوها عنده، وما يصير عليها أي إيشي''.
ويتذكر أهل القرية ''شجرة أبو عبيده''، التي موقعها في حوض (خلال البطم)، وهي شجرة ملول قديمة، كانت مقدسة عند ''الختيارات''، وكانت مطلة على مقام أبو عبيدة في الأغوار.
وفي وسط الوهادنة توجد شجرة المقبرة، ويسمونها كذلك شجرة البطمة (القباه)، وعمرها مئات السنوات، وموقعها في طرف المقبرة، وقد كانت اجتماعات كبار القرية، وأهلها تتم تحت هذه الشجرة الممتدة، ويقال أنه في سنوات ماضية، مالت الشجرة عن مكانها، فقام كبار القرية، بسحبها، ووضع صخرة كبيرة تحتها، وما زالت هذه الشجرة شاهدة على كثير من تفاصيل القرية، وفيها بعض ذاكرتها، وتوجد تحتها، على الصخور، نقوش آثار اللعبة الشعبية(المنقلة) التي كان يتسلى بلعبها ''الختيارية'' في جلساتهم، واجتماعاتهم تحت شجرة البطمة.
ويلفت النظر في مقبرة الوهادنة حجم القبور الكبيرة، والتي هي في الواقع عدة قبور داخل مكان واحد، حيث أنه يتم دفن عدة أشخاص، وعلى فترات متعاقبة، ولكن في نفس القبر. حرق الخربة.
ضمن التداعيات الاجتماعية لسيرة القرية، لا بد من المرور بحدث كان له أثرا كبيرا في ذاكرتها، وما زالت الأجيال المتعاقبة تتحدث به، وهو ''حادثة حرق الوهادنة''، هذه القصة التي تشكل منعطفا دراميا في حكاية خربة الوهادنة التي لاحظنا أن الحاج محمد مصطفى الوحشات''أبو سامي''، كتب بعضا من تفاصيلها في دفتر، هو مذكرات بالنسبة له، ولكنه في الحقيقة جامع لتاريخ المكان، ويمكن أن يشكل في مرحلة قادمة وثيقة لا بد من الاهتمام بها، عند كتابة تاريخ الأردن من بوابة تدوين ذاكرة كل حاضرة وقرية على حدا.
ذكر الحاج أبو سامي في كتابه/المذكرات، وتحت عنوان ''حرق خربة الوهادنة'': الأمير فخر الدين يحسم معركة فارا/ فلسطين شوال عام 1032هـ .
'' كتب محرر الكون العسكري: تسلم فخر الدين المعني( وهو لبناني) هذا العام 1032هـ ما يقارب عام 1622م فرمانا سلطانيا بإسناد سنجقية عجلون لابنه الأمير حسين، وسنجقية نابلس لأميره مصطفى، فقرر إرسال حملة الى فلسطين لانتزاع هاتين السنجقيتين من الأمير بشير قانصوه، أمير عجلون، ومحمد بن فروح أمير نابلس، وفي وقت لاحق توجهت قوات الأمير بعد ما تم احتشادها عند جسر المجامع في الغور الشمالي الى عجلون فدخلتها من دون قتال وانتقل الأمير بشير قانصوه الى جرش، ومنها الى نابلس، حيث تحالف مع متسلّم(يستلم الضرائب) من محمد بن فروخ وتجمعت قواتهما في فارا( هي قرية الهاشمية في الوقت الحالي) الواقعة في جبل عجلون، استعدادا لمناوأت الأمير المغني.. في هذه الأثناء علم الأمير علي الشهابي وحسين، عندئذ قررا منازلتهما في فارا نفسها، وتوجها بقواتهما اليها، فوصلا الى ضواحي القرية عند المغيب''.
ثم بعد ذلك، وتحت عنوان ''مجريات المعركة''، يكمل الحاج أبو سامي كتابته:.
'' ونشب القتال بين الفريقين عند المساء، واستمر حتى هبوط الظلام، وفصل الليل بين المتقاتلين، بعدها انهزمت قوات أميري نابلس وعجلون، فانسحبت من قرية فارا متخلية عنها للمهاجمين الذين حرقوها في الصباح، كما حرقوا خربة الوهادنة، وحلاوة، وهذه القرى هي أهم قرى عجلون وأقواها.
وعندما أخبر الأمير فخر الدين بانتصار قواته في معركة فارا، أمر قائدي هذه القوات بتركيز حامية مدينة عجلون، والعودة بالجيش الى جسر المجامع''.


الوهادنة : ( الخربة ) وما حولها ( 2- 3)

خربة الوهادنه


كتابة وتصوير مفلح العدوان - تنداح المساحات أمام المتجه الى هناك.. يتتبع تضاريس المكان، وما احتجب في سالف الزمان عن جغرافيته، ثم تكون لحظات راحة في ''حوش'' بيت، أو عند منبر مسجد أو قرب جدار كنيسة، ويكون هناك متسع للاستماع الى بوح يعلن بعضا من سيرة الناس، ويتتبع شيئا من الفسيفساء الاجتماعية لقرية الوهادنة، بعض هذا البوح من أحاديث أهل القرية، وبعضه الآخر من بطون الكتب، وتتشعب القصص والحكايات في هذا المضمار، ويكون لتلقائية السرد مذاق يثري مادة البوح، ويحفز الذاكرة للبحث عن المزيد.
إن العودة الى التعداد السكاني القديم للقرية في سنوات مختلفة في العهد العثماني، وفق ما هو متاح في الوثائق، يشير الى أن الخربة(خربة الوهادنة)، كان يسكنها في عام 1538م 54 خانة(عائلة)، بينما في عام 1596م تراجع عدد سكان الخربة ليصبح 32 خانة، ثم في عام 1871 بلغ عدد سكانها 40 خانة، وقد أشار الدكتور خليف غرايبة أن عدد سكان الخربة كان في عام 1600م حوالي 200 نسمة.
ويضيف الدكتور الغرايبة أن خربة الوهادنة كانت مركزا لحكم جبل عجلون قبل عام 1851م، وهي تعتبر من أكثر أجزاء جبال عجلون كثافة بالسكان، وإنتاجا للزراعة، آنذاك.
وفي موقع آخر يوضح الغرايبة بأنه تعاقب على حكم منطقة جبل عجلون( في الفترة 1516-1850م) ثلاث عائلات هي عرب المشالخة، وعشيرة الخطاطبة، وعشيرة الفريحات، ويذكر بأن عشيرة الخطاطبة هي من عشائر منطقة منحدرات عجلون الغربية وكان مركزها قرية خربة الوهادنة.

الخريطة الاجتماعية

تشير الخريطة الاجتماعية لقرية الوهادنة الى أن العائلات التي تشكل فسيفساء الحياة في القرية هم من الغزو، والشويات، والخطاطبة، والسواعي، وأبو سمرة، وشقاح، وفطيمات، والوحشة، وبدر، وحداد، وأبو احمده، وشقيرات، وزهراوي، شناتوة، والشريدة.
وعند توزيع بعض هذه العائلات على المناطق القديمة في القرية، وتواجدهم، وأراضيهم فيها، يقول كبار القرية بأن الغزوي كانوا في الملول، والحساسنة من الغزو كانوا في الحروث، والفطيمات والسواعي والسمارنة في الصليخات، والشناتوه في الهجيجة، والبدر في نيسه، والحداد في أبو العمايم، ويضيف الكبار بأن عائلة الغزو كانوا موجودين في كل المناطق.
ويكتب فريدريك بيك في كتابه تاريخ شرقي الأردن وقبائلها حول عشيرة الخطاطبة: '' يقولون أنهم من الحجاز، وأنهم من أبناء الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والثابت أنهم كانوا زعماء هذه الناحية قبل الفريحات، وكانت مساكنهم في خربة الوهادنة، ومنها خرج قسم منهم الى قرية كفرنجة، ولعل الخطاطبة الذين في قرية جديتا بناحية الكورة فرع منهم''.
أما عن الغزو فيقول فريدريك أنهم '' من حمايل خربة الوهادنة، يروون أن جدهم من بني صخر، قدم غازيا عجلون ثم قطن فيها، ولهذا أطلق على أعقابه الغزو''.

الشيخ حمد

وعند الحديث عن الذاكرة الاجتماعية لخربة الوهادنة لا بد من الإشارة الى الفريحات، وارتباطهم بها، وهذا المرور من خلال ما كتبه فريدريك بيك حول الفريحات الذي يقول أنهم '' من أكبر حمايل هذه الناحية وأقواها، ومركز زعامتهم قرية كفرنجة. يزعمون أن جدهم فريح من قبيلة اللهيب اليمنية ويروون القصة الآتية عن نزوحه من اليمن وسكناه هذه الديار: لأسباب يجهلونها خرج فريح وأخواه فرح ومقداد من اليمن ونزلوا بجوار سيل الزرقاء، ومن ثم تفرقوا.. ذهب فرح الى فاره بسوريا، ورحل مقداد وهو جد المقداديين الى بصرى اسكي شام. أما فريح فقد أقام في خربة الوهادنة التي كانت مركزا للشيخ حمد جد حمولة الخطاطبة القاطنة اليوم في قرية كفرنجة.
وحدث في ذلك الزمن أن قدم الى جهات عجلون الشيخ سعيفان زعيم عرب المشالخة وحكمها حكما إقطاعيا فاضطهد أهلها وسامهم ضروب العذاب، فهب فريح على رأس الخطاطبة للانتقام من المشالخة. وما زال بهم حتى أخرجهم من عجلون، فكانت هذه الحادثة ابتداء أمر فريح والحجر الأساسي لزعامة أبنائه في ذلك القضاء''.

بدر وحداد

أما عن تواجد العائلات المسيحية في الوهادنة فيمكن البدء في التأشير الى وجودهم في القرية من خلال ما ذكره الدكتور عليان عبد الفتاح الجالودي في كتابه قضاء عجلون حيث كتب بأن القس كلاين الذي زار قضاء عجلون في عام 1868م، أوضح أن ''القرى التي يسكنها مسيحيون في الستينات من القرن التاسع عشر هي: راجب، وبرما، والجزازة، والنبي هود، والكتة، ومقبلة، وخربة الوهادنة، وحلاوة، وأوصرة، وسوف، وريمون، وساكب، وعين جنا، وعنجرة، وكفرنجة، ودبين''، وذكر أن ''هؤلاء يعملون في الأعمال الحرفية التي يحتاجها الفلاحون مثل صناعة المحاريث، وحذو الخيل، مقابل مقدار معين من الحبوب، وجميعهم إغريق أرثوذكس''.
وكذلك يشير خليل رفعت الحوراني في مرحلة زمنية أخرى، بعد 38 سنة على ما كتبه كلاين، الى خربة الوهادنة من ضمن القرى التي يوجد فيها مسيحيون، وهذا موثق في ما كتب في المقتبس بتاريخ 7/11/1910م.
ولكن هذا الاستقرار في بعض القرى كان مؤقتا حيث تمت الهجرة بعد ذلك الى أماكن محددة مثل الحصن وعجلون لظروف متعددة منها مسألة الأمن والحماية.
أما التركيبة السكانية بالنسبة للعائلات المسيحية في الوهادنة فيمكن فرزها على أنه يوجد في القرية عائلتان مسيحيتان هما عائلة بدر وعائلة حداد، وهما مقسمتان الى 85 عائلة لاتين من البدور، و 42 عائلة أرثوذكس من الحداد.
ومسيرة تلك العائلات، بحسب أقاويل أهل القرية الذين يوضحون بأن عائلة بدر كانوا في وادي موسى، ولهم علاقة مع العكشة، ''وراحوا عند المجالي، وقعدوا 18 سنة، وكانوا ثلاثة أخوة هم بدر ومقطش وعويس، ثم انتقلوا الى مناطق أخرى حيث استقر مقطش في عنجرة، وعويس في عجلون، وبدر في الوهادنة.
وبالنسبة لعائلة حداد فإنهم كانوا في كفرنجة وعرجان وعجلون، ويقال أن الأب الأكبر توفي ''وكان عنده ثلاثة أولاد أخذهم الجد وجابهم للوهادنة، وهم أبناء سمور (بني سمور)، واستقروا هنا قبل 200 سنة تقريبا''.
وحول بني سمور، نجد أن فريدريك بيك في تاريخ شرقي الأردن وقبائلها كتب بأنه ''حمولة مسيحية من حمايل عرجان، منقسمون الى ثلاثة مذاهب: روم أرثوذكس، ولاتين، وكاثوليك. ويزعمون أن أصلهم من راشيا بسوريا. وقد خرج منهم فروع الى قرى عجلون وكفرنجة وفارا وخربة الوهادنة''.

علي مشهد

قبل الدخول الى الوهادنة، وعلى تلة ظاهرة يسار الشارع، هناك موقع يتبارك به أهل المنطقة..
إنه '' علي مشهد''، وهذا مكان مشهور، ومعروف في الوهادنة، حيث يوجد فيه قبر يقال أنه كان مكتوب على حجر في هذا القبر اسم ''علي مشهد''.
كما أن هناك على بعد حوالي 5 كيلومترات غرب القرية مقام عكرمة بن أبي جهل، الذي يسميه أهل المنطقة مقام عكرم، ويوجد كذلك مقام الشيخ راشد، وهذا كانت الناس '' لما يرحلوا من المنطقة يخزنوا السمن والجميد والأغراض، ويحطوها عنده، وما يصير عليها أي إيشي''.
ويتذكر أهل القرية ''شجرة أبو عبيده''، التي موقعها في حوض (خلال البطم)، وهي شجرة ملول قديمة، كانت مقدسة عند ''الختيارات''، وكانت مطلة على مقام أبو عبيدة في الأغوار.
وفي وسط الوهادنة توجد شجرة المقبرة، ويسمونها كذلك شجرة البطمة (القباه)، وعمرها مئات السنوات، وموقعها في طرف المقبرة، وقد كانت اجتماعات كبار القرية، وأهلها تتم تحت هذه الشجرة الممتدة، ويقال أنه في سنوات ماضية، مالت الشجرة عن مكانها، فقام كبار القرية، بسحبها، ووضع صخرة كبيرة تحتها، وما زالت هذه الشجرة شاهدة على كثير من تفاصيل القرية، وفيها بعض ذاكرتها، وتوجد تحتها، على الصخور، نقوش آثار اللعبة الشعبية(المنقلة) التي كان يتسلى بلعبها ''الختيارية'' في جلساتهم، واجتماعاتهم تحت شجرة البطمة.
ويلفت النظر في مقبرة الوهادنة حجم القبور الكبيرة، والتي هي في الواقع عدة قبور داخل مكان واحد، حيث أنه يتم دفن عدة أشخاص، وعلى فترات متعاقبة، ولكن في نفس القبر. حرق الخربة.
ضمن التداعيات الاجتماعية لسيرة القرية، لا بد من المرور بحدث كان له أثرا كبيرا في ذاكرتها، وما زالت الأجيال المتعاقبة تتحدث به، وهو ''حادثة حرق الوهادنة''، هذه القصة التي تشكل منعطفا دراميا في حكاية خربة الوهادنة التي لاحظنا أن الحاج محمد مصطفى الوحشات''أبو سامي''، كتب بعضا من تفاصيلها في دفتر، هو مذكرات بالنسبة له، ولكنه في الحقيقة جامع لتاريخ المكان، ويمكن أن يشكل في مرحلة قادمة وثيقة لا بد من الاهتمام بها، عند كتابة تاريخ الأردن من بوابة تدوين ذاكرة كل حاضرة وقرية على حدا.
ذكر الحاج أبو سامي في كتابه/المذكرات، وتحت عنوان ''حرق خربة الوهادنة'': الأمير فخر الدين يحسم معركة فارا/ فلسطين شوال عام 1032هـ .
'' كتب محرر الكون العسكري: تسلم فخر الدين المعني( وهو لبناني) هذا العام 1032هـ ما يقارب عام 1622م فرمانا سلطانيا بإسناد سنجقية عجلون لابنه الأمير حسين، وسنجقية نابلس لأميره مصطفى، فقرر إرسال حملة الى فلسطين لانتزاع هاتين السنجقيتين من الأمير بشير قانصوه، أمير عجلون، ومحمد بن فروح أمير نابلس، وفي وقت لاحق توجهت قوات الأمير بعد ما تم احتشادها عند جسر المجامع في الغور الشمالي الى عجلون فدخلتها من دون قتال وانتقل الأمير بشير قانصوه الى جرش، ومنها الى نابلس، حيث تحالف مع متسلّم(يستلم الضرائب) من محمد بن فروخ وتجمعت قواتهما في فارا( هي قرية الهاشمية في الوقت الحالي) الواقعة في جبل عجلون، استعدادا لمناوأت الأمير المغني.. في هذه الأثناء علم الأمير علي الشهابي وحسين، عندئذ قررا منازلتهما في فارا نفسها، وتوجها بقواتهما اليها، فوصلا الى ضواحي القرية عند المغيب''.
ثم بعد ذلك، وتحت عنوان ''مجريات المعركة''، يكمل الحاج أبو سامي كتابته:.
'' ونشب القتال بين الفريقين عند المساء، واستمر حتى هبوط الظلام، وفصل الليل بين المتقاتلين، بعدها انهزمت قوات أميري نابلس وعجلون، فانسحبت من قرية فارا متخلية عنها للمهاجمين الذين حرقوها في الصباح، كما حرقوا خربة الوهادنة، وحلاوة، وهذه القرى هي أهم قرى عجلون وأقواها.
وعندما أخبر الأمير فخر الدين بانتصار قواته في معركة فارا، أمر قائدي هذه القوات بتركيز حامية مدينة عجلون، والعودة بالجيش الى جسر المجامع''.



الوهادنة: ( الخربة ) وما حولها ( 3-3 )

خربة الوهادنه عجلون


أكثر من مرة زرت الوهادنة.. واحدة كان معي فيها صديقي الدكتور يوسف ربايعة، وجلسنا في تلك المرة مع رئيس البلدية مصطفى سليم الغزو''أبو سليم''، وفي مشوار آخر كان الدليل هو المختار محمود مصطفى الغزو ''أبو عدي''، وكانت معه إطلالة أخرى على القرية، ثم جلسنا مع الأب بسام الدير راهب كنيسة دير اللاتين، فاتسعت الرؤية معه، وبعدها كانت الذاكرة الشفوية، والتاريخ الذي ما زال يتذكره واحد من كبار الوهادنة وهو ا لحاج محمد مصطفى الوحشات '' أبو سامي''، كل هؤلاء أضافوا على ما حاولنا تدوينه من قصة الوهادنة.
لكن عندما قدمت لنا مديرة مركز الأميرة بسمة للتنمية في القرية، إيمان الفطيمات، إطلالة على بعض جوانب العمل التطوعي في الوهادنة، وجدنا أن هذه الشخصية لا بد من الإشارة إليها، في كونها أول رئيسة بلدية منتخبة على مستوى الأردن والشرق الأوسط، حيث تم انتخابها لرئاسة بلدية الوهادنة عام 1995م، وما زالت تعمل في الوهادنة، حتى بعد أن انتهت مدة رئاستها تلك.

المجلس البلدي

هذا المفتتح ينقلنا للحديث عن فترات سابقة للعمل الإداري في الوهادنة، وللبلدية والمجلس القروي، حيث تشير الوثائق الرسمية إلى أن أول مجلس قروي للوهادنة تأسس في 15/7/1972م تقريبا، وكان رئيسه سليم محمد الغزوي، أما أول مجلس بلدي فقد تأسس في 29/1/1981م، وأول انتخابات بلدية حدثت في الوهادنة كانت عام 1983م.
وفي ذات السياق بالنسبة للخدمات يشير الكبار في الوهادنة إلى أن أول شعبة بريد افتتحت في القرية كان في عام 1967م، بينما أول مكتب بريد في عام 1987م، وأول تيار كهربائي وصل القرية في عام 1984م، ولكن أول عيادة صحية افتتحت في الوهادنة كان في عام 1965م، وكان الطبيب يمرّ عليها مرة واحدة في الأسبوع، ويتذكر كبار القرية أن التمرجي الذي كان في تلك العيادة اسمه ''خالد مساعدة'' من اربد.

مدرسة أميرية

كما يتحدث كبار القرية عن أول مدرسة في القرية..
يقولون متحمسين بأنها كانت في غرف الجامع القديم، وكان هذا في عام 1926م، حيث ''كان شيخ الجامع هو الخطيب، وكانت المدرسة في الجامع''، وكان فيها الصفوف التاليةخربة الوهادنه عجلون تمهيدي، وأول، وثاني)، وبعد ذلك تطورت المدرسة.
يبوح الحاج محمد الوحشات (أبو سامي)، بعض ذاكرة، عن التعليم القديم قائلا: ''كانوا يدرسوا جغرافية شرق الأردن الطبيعية، والحساب، والجمع، والطرح، والضرب، والقسمة، والكسور العشرية، هذا ندرسه في الصف الثاني، ومن اللي درسونا، الشيخ جميل حسن برقاوي، هذا كان يدرس في المدرسة على حساب المعارف، وكانت المدرسة غرفتين بجانب المسجد، ومن المعلمين بين سنة 1932م و1937م كان الأستاذ محمد حجازي من اربد، والأستاذ محمد حسن العبابنة من بشرى، وكان عند المسيحيين مدرسة مختلطة سنة 1932م، لكن مدرسة البنات للقرية تم تأسيسها سنة 1966م''.
وأيضا من مراجعة الوثائق المتاحة حول التعليم في السنوات الماضية، نلاحظ ما ورد في التقرير السنوي نهاية عام 1934م الصادر عن إدارة معارف شرق الأردن، في الصفحة 15 بأنه تأسست مدرسة أميرية في خربة الوهادنة، عام 1934م، وفيها معلم واحد، 25 طالب مقسمين على النحو التالي: 14 طالبا تمهيديا، و6 طلاب في الصف الأول، و5 طلاب في الصف الثاني.

oسبعة كهنةa

كما يظهر في ذات التقرير(لعام 1934م) أنه توجد في خربة الوهادنة مدرسة اللاتين، وفيها 27 طالبا مسيحيا، ومعلم واحد، كما أنه تم إنشاء مدرسة الروم الكاثوليك في خربة الوهادنة عام 1930م.
ولعلنا هنا سنلاحظ الإنعكاس الإيجابي لهذا الوقت المبكر في التعليم، وتأسيس المدارس المسيحية في الوهادنة، حيث تشير الوثائق الكنسية في القرية الى أنه يوجد فيها سبعة كهنة كلهم من اللاتين، وأكبرهم هو الأب منويل بدر، هو في ألمانيا، ثم الأب غالب بدر رئيس المحكمة الكنسية الآن، والأب فايز بدر الذي توفي بعد التخرج بحادث سيارة، والأب رفعت بدر الناطق الإعلامي باسم الكنيسة الكاثوليكية في الأردن، والأب بشير بدر وهو موسيقار وفي قرية أدر في الكرك الآن، والأب عدنان بدر وهو في مجلس الكهنة، والأب إياد بدر هو في ايطاليا.

oرهونات الأراضيa

الوثائق العثمانية التي تم تحقيقها ونشرها في كتب، تعطي مؤشرات مهمة، وخطيرة، حول الحراك السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي في الوهادنة، والقرى المحيطة بها، وهنا نتكئ في بحثنا حول ما ورد عن الوهادنة على الدكتورة هند أبو الشعر في كتابها ''اربد وجوارها''، إضافة الى الدكتور عليان الجالودي وما ورد في كتابه ''قضاء عجلون''، ولتكن البداية من حالة الأمن، وانعدامها في نهاية الفترة العثمانية، حيث توثق الدكتورة هند أبو الشعر ما نشر في جريد المقتبس في 7 تشرين ثاني 1910م، مشيرة الى رأي مراسل الصحيفة في انعدام الأمن في تلك الفترة، وفي مواقع عديدة، مطالبا بإنشاء مخافر في عدة قرى يذكر منها الخربة (خربة الوهادنة).
وبالإضافة الى القضية الأمنية في تلك الفترة تشير الدكتورة أيضا في ''اربد وجوارها'' الى مسألة خطيرة، وتحتاج الى بحث ودراسة، وهي قضية بيع حصص من أراضي خربة الوهادنة، الى تجار، من خارج المنطقة، حيث تعطي مثالا على حجة وكالة من سجلات المحكمة الشرعية أن خمسة من أفراد من أبناء خربة الوهادنة أعطوا توكيلا لنجيب أفندي بن حنا فركوح لبيع (جميع الحصة ونصف حصة و3/4 القيراط من أصل 69 حصة ونصف حصة، من جميع أراضي خربة الوهادنة) الى حاوي بن حبيب بن حوى وأولاده وهم من تجار من أهالي عكا، بمبلغ وقدره 153 ليرة عثمانية ذهبية، وهذا مؤشر الى حركة استثمار في تلك الفترة من تجار عكا في منطقة غور الوهادنة.
وهناك أيضا حالات رهونات في تلك الفترة الزمنية من بداية القرن الماضي إذ أنه وجد في السجل الشرعي رقم 4 بتاريخ 9 تموز 1928م حالة رهن في خربة الوهادنة، وقيمة الرهن 60 ليرة عثماني، وليرتين فرنساوي، وليرتين فلسطيني، كما أنه قبل ذلك وفي بداية القرن العشرين كان هناك رهونات أرض، وبيع أراضي، متعددة في خربة الوهادنة، ومناطق أخرى محيطة بها، ويذكر الدكتور عليان الجالودي ذلك بالأسماء مثل أن ''اسكندر أفندي كساب استثمر ملكياته الواسعة في الغور عن طريق وكيل له من أهالي قرية خربة الوهادنة''، وهنا يطرح الدكتور الجالودي سؤالا خطيرا حول حركة الرهن، والبيع في تلك الفترة، في أنه '' هل كانت لعمليات بيع الأراضي تلك علاقة بالهجرة، وبدايات الاستيطان الصهيوني وعمليات شراء الأراضي التي شهدتها الأجزاء الأخرى الواقعة غربي نهر الأردن؟''، يبقى سؤال، ولكنه بحاجة الى دراسة ورصد، خاصة وأنه يوجد هناك وقائع وأسماء وحالات رهونات عديدة في مناطق أخرى غير قرية الوهادنة.

'العسل بالصاع''

يذكر الرحالة مرل أثناء مروره في المنطقة بتاريخ 12 آذار 1876م أن خربة الوهادنة تشتهر بإنتاج العسل، حيث كتب:'' إن سكان خربة الوهادنة اشتهروا بتربية النحل، وكان العسل لكثرته يباع بالصاع''.
ويوثق الدكتور خليف الغرايبة في كتابه ''الجغرافية التاريخية للمنطقة الغربية من جبال عجلون'' أن متوسط أمطار الوهادنة كان في الفترة الزمنية(1901-1930م) قد بلغ حوالي 479ملم/سنة، وأهم أشجار الوهادنة الخروب، والبطم، واللوز البري، والبلوط.

''تطير الحصوة''

هذه الإطلالة على الحراك الاقتصادي في مراحل سابقة من تاريخ الوهادنة، يجعل أية معلومة تصبح مفيدة في رسم البنية المجتمعية للوهادنة على هذه الأرض، بمن عليها. وفي ذات السياق تلفت نظرنا الباحثة فرحة غنام في رسالتها الماجستير حول ملكية الأراضي والزعامة سنة 1988م، الى جانب مهم له علاقة بأراضي القرية وتوزيعها، حيث تعود الى آلية توزيع الأراضي المشاع في القرى، وذلك من خلال ما استقرأته الباحثة من روايات المعمرين في قرية خربة الوهادنة، حيث تقول:''يجتمع في بداية الموسم الزراعي وجهاء الحمايل الموجودة في القرية ويقومون بتقسيم أراضي القرية الى قسمين ''الحمرا'' و ''فقارس''، ومن يملك حصة من أحدهما يملك حصة في أحدهما يملك حصة في الثانية حيث جرت العادة في كل سنة أن يزرع جزء من الأرض وتترك الأخرى لكي ترتاح، وتسترد خصوبتها.. ثم تقسم الى أرباع بطريقة القرعة، أو ''تطير الحصوة'' وتأخذ كل حمولة ربعتها أو حصتها، ثم توزع الأرض مرة أخرى على الحمولة الواحدة، فيأخذ كل فلاح مساحة مساوية للحصة التي يملكها ويتم تقسيمها الى موارس، ويتم تطيير الحصوة، وذلك بتحديد عدد الحجارة الذي يكون مساويا لعدد الأشخاص المشتركين ويختار كل منهم حصوة، ثم يرمى الحجر الأول على أن تكون له الحصة المحددة، أو يقوم شخص ما بسحب الحجارة وتسمية القطعة، حتى يأخذ الجميع حصصهم، ويمكن استخدام العيدان بدلا من الحجارة، أو كتابة أوراق تشير كل منها الى قطعة ما''.
وهذا التقسيم للمشاع، هناك ما يشير اليه، أو يدلل عليه في السجلات الشرعية بداية القرن الماضي، التي توضح أن مشاع القرى كان يتم تقسيمه الى حصص على ضوء مساحة المشاع المخصص للقرية، وعلى ضوء العائلات الأساسية فيها، حيث أن قسم مشاع غور الحصون التابع لقرية فارة، وغور خربة الوهادنة لكل منها سبع وأربعون حصة ونصف هذا بحسب السجل الشرعي في عام 1911م.

مناجم البترول

من الطريف في الجانب الاقتصادي لقرية الوهادنة الإشارة الى أنه في عام 1910م قرر مجلس الولاية العمومي الموافقة على ترخيص للبحث عن مناجم البترول والحديد في مناطق متعددة في المنطقة، شرق الأردن، ومنها الخربة(خربة الوهادنة)، ''لشركة التعدين السورية، ووكلائها عبد القادر القباني من بيروت، وسعيد بك العظم، ومحمد أفندي أسعد، واسكندر أفندي كساب، وسليم وجاد حوى، وأنيس بيبرص، والمهندس الدكتور جوتليب شوماخر(من رعايا ألمانيا)، المقيمين في حيفا، واشترطت الولاية في الترخيص أن لا يكون هناك أي ضرر للأهالي وإدارة السكة الحجازية والخزينة من جراء البحث والتنقيب''

تعليقات