حلاوة .. قداسة الدير، ولذة العسل (1-3)

بوح القرى .. كتابة وتصوير مفلح العدوان
متفائل بهذا المسير إلى قرية لها مذاق العسل، ولاسمها انعكاس ايجابي عليها، وعلى أهلها، وعلى الطبيعة التي اتسمت بالخير، والخضرة، ونقاء الهواء، وطيب التراب، وصفاء النفوس في تلك البقعة.
هي قرية حلاوة، التي تقع على مسار ''خيط اللبن الغربي'' في عجلون، وتقع معها على ذات المسار أيضا قرى مثل الوهادنة، والهاشمية، ودير الصمادية. زرت ''حلاوة'' بعد تنسيق مع المهندس ضرار العرود، والمهندسة رقية العرود، هذا بعد أن مررت بها عدة مرات حين كتبت ''بوح القرى'' حول كل من قريتي الوهادنة والهاشمية.
ها أنا أعود إلى تلك المنطقة وبرفقتي المهندس ضرار العرود الذي جهز لي ملخصا عن قرية حلاوة، كبحث سريع حول أهم ملامحها المعروفة بها، وهو ابن المكان، ولذا فكل معلوماته موثوقة، وهو كذلك يمتاز بالحرص العلمي والحس الوطني مشيرا إلى ضرورة الحفاظ على السمات البيئية والطبيعية لقرية حلاوة.
أول اللقاء للبدء نشوة المحبة، ودفء الطيبة التي استقبلونا بها أهل القرية، وهنا حتى يكون البوح منسوبا لأهله، نذكر أن الذين التقيناهم في القرية هم كل من: الحاجة آمنة رشيد محمد نجادات(أم يحيى)، والمهندس ضرار العرود، والمهندسة رقية العرود، وأحمد عقاب العرود(أبو نائل)، ومحي الدين أبو جمل العرود(أبو محمد)، والحاج فوزي احمد سليمان العرود(أبو محمد)، والحاج محمد احمد موسى النجادات(أبو أحمد).
استقبلتنا قرية حلاوة..
ورحب بنا أهلها الطيبين المقيمين فيها.. هناك على السلسلة الأخيرة من جبال عجلون تطل على غور الأردن، وبيسان وفلسطين، وتتربع بين الهضاب الممتلئة بأشجار الزيتون والفاكهة، وحين يكون الدخول إلى تلك القرية، يلاحظ الزائر أن البلدة القديمة صارت متراصة ومتلاصقة ومتداخلة في معمارها بين بواقي ملامح الأبنية القديمة وتغول حضور المعمار الحديث.
واعتمادا على ما أورده الباحث المهدي الرواضية في ''مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه'' للباحث المهدي الرواضية، يمكننا إضافة تحديد دقيق للقرية على النحو التالي: '' حلاوة: قرية جبلية من قرى محافظة عجلون، وتقع على بعد 16كم شمال غربي مدينة عجلون. وهي على خط الطول 40-35 شرقا، والعرض 23-32 شمالا''.
العسل اسمها حلاوة..
لكن عند تتتبع تداعيات هذا الاسم، وبالعودة إلى أحاديث أهل القرية، وكبارها، فهناك تتردد إشارة علمية حديثة منذ بداية التسعينات حول دلالة الاسم حيث أنه في تلك الفترة، تم إجراء حفريات أثرية في منطقة وادي الزقيق التابع للقرية، وقد وجدت فيه أرضية فسيفسائية لكنيسة بيزنطية قديمة، وكان مكتوب على هذه الفسيفساء اسم (كلاوه)، وربما يكون هذا هو أصل التسمية للقرية في أنه اسم بيزنطي قديم هو كلاوة، ولكن مع التعاقب الزمني جرى النحت على الاسم لتصبح التسمية حلاوة بدلا من كلاوة. وهناك ترداد شعبي آخر للتسمية بإرجاعها إلى دلالات الخيرات والطيبات الموجودة في القرية من كثرة الفواكه والنعم فيها حتى أخذت اسم حلاوة، وأكثر شيء كان يميزها هو إنتاج العسل، وهنا يكون الربط بين المنتج الزراعي والاسم المكاني مبرر ومسوغ بالمذاق الحلو الشبيه بالعسل، وبعض الكبار يقولون بأنه كان يطلق عليها أحيانا للتحبب، ولكثرة انتاج العسل فيها، فيقال عنها''عسلة''. وهنا نضيف أيضا ما قاله الحاج محمد النجادات (أبو أحمد) في أنه لاسم حلاوة ارتباط بكثرة نسبة العسل في المنطقة، فكان أن سموها حلاوة، كما أنه ''تكثر في هذه النواحي نبتة الحلاوة.. كما أنه لا بد من ذكر بأن المنطقة الأصل التي تقع فيها حلاوة كان اسمها الطنطورة، وهي فيها آثار وفسيفساء، ويقال انه وجد فيها حجر مكتوب عليه كلمة كلاوة، ويمكن يكون هذا اسم الملك اللي كان يحكم المنطقة في الأزمنة القديمة''
الحدود
يمكن تحديد القرية وفق ما هي عليه الآن على نحو أن حدودها من الشمال كفر أبيل، ومن الغرب وادي اليابس(الغور)، ومن الجنوب الهاشمية، ومن الشرق أوصرة، ومساحتها حوالي 5000 دونما.
لكن الحاج محمد النجادات (أبو أحمد) يعطي الحدود بالعودة إلى الذاكرة، ''وزمان أول'' على أساس أن حدود حلاوة القديمة كانت ''من الغرب لحد نهر الأردن، ومن الجنوب لعراق الهاشمية، ومن الشمال لأراضي الكورة، ومن الشرق لعند الحرش اللي يربط في منطقة أوصرة''.
عين زقيق
إن أهم المناطق التي تتبع للقرية هي منطقة البساتين الواقعة على ضفاف وادي الزقيق الذي يبعد عن القرية حوالي 3 كيلومترات غربا، حيث تكثر هناك أشجار الرمان والسفرجل والحور والقصيب الذي كان في الماضي يمثل المصدر الأساسي لبناء أسقف البيوت القديمة. هذه المنطقة ذات طبيعة خلابة، وتتمتع بمياه غزيرة وعذبة، من ماء عين زقيق التي تغذي وادي الزقيق، ولكن هناك معضلة تزحف إلى هذا المصدر من المياه بسبب استغلال مياه هذه العين لتغذي معظم محافظة عجلون ، حيث يتم سحب حوالي 80% من مياه الشرب بمساعدة بئرين ارتوازيين يقع واحد منهما في منطقة أم عرقوب والثاني في منطقة الشيخ حسن، وهناك بئر ثالث يقع في منطقة البساتين ولكن تم إغلاقه لكون مياهه غير صالحة ذات لون أحمر .
مغارة الجمل
ولكن لا بد من تتبع بقية مناطق حلاوة وأحياءها لتكون الصورة أوضح، والخريطة أدق بالنسبة للمكان، فهناك في القرية يوجد كل من حوض السهول، وحوض الخوارج، وحوض العرن، وحوض أبو الشروش، وحوض الدير، وهناك منطقة صبايا ومنطقة البساتين. أما عيون الماء في القرية فهي بالإضافة إلى عين زقيق، هناك عين عبد العزيز، ووادي قراجه، وهذا كانت توجد فيه مياه من عرجان.
بينما الآبار القديمة والكهوف والمغائر في قرية حلاوة فيمكن رصدها من ذاكرة الكبار، وأهل حلاوة، وهي بير اللوزة، وبير الجنانه، وبير الخروبة، وعراق الشيب، ومغارة العبده، ومغارة الجمل، ومغارة سعيد المنديل، وعراق خلّة خريس، وهناك آبار ومغائر في منطقة الدير في حلاوة.
حارس الدير
صعدنا مرتفعا، بعد أن أوقفنا السيارة عند أقرب نقطة متاحة لنتابع بعدها المسير إلى دير حلاوة، وكان معي المهندس ضرار العرود. مشينا مسافة، صعودا، نحو تلك الحجارة البعيدة، على مرتفع يطل على وادي الريان من جهة، ومن الجانب الثاني يطل على قرية حلاوة، وبعدها مرتفعات فلسطين.
وصلنا هناك، فأشار المهندس ضرار إلى شخص يقرفص على صخرة مرتفعة في الدير، وقال هذا هو حارس الدير.. كان شابا، قويا، ومبتسما، وعرفني عليه ضرار بقوله هذا هو أسامة الدير، أخذ الاسم الثاني لالتصاقه بهذا المكان، ولمعرفته الحقيقية بكل تفاصيل الدير، وآباره، وكهوفه، وحجارته، ثم قال ان اسمه الحقيقي الكامل هو أسامة محمد أمين العرود، حارس الدير.
تينة القرد
تابعنا المسير لنكتشف الدير وأساطير في موقعه المرتفع، في هذه البقعة وحيدا، حيث ما زالت الأبنية الحديثة لم تصله، سوى بيت مبني على النمط القديم، بناه واحد من خارج القرية أحب المكان، فاشترى عدة دونمات هناك، وبنى بيتا بمحاذاة الدير. مشى حارس الدير، ومشينا وراءه فبدأ يشير الينا نحو الآبار والمغائر المنثورة على امتداد المرتفع، وفي الدير الذي هو حجارة متناثرة، وموزعة، لكنها تشير إلى ماض لمبان دينية كثيرة كانت مقامة في هذا المكان. قال أسامة أن المغائر والآبار كثيرة في الدير؛ منها بير الجامع، ومغارة القرد/ تينة القرد، وبير جهير، وبير الزيت، وبير التينة، ومغارة الحوّاج، ودخلنا معه مغارة يقال أنها تؤدي منها السراديب إلى سبعة مغر متصلة مع بعضها.. كما أخذنا حارس الدير إلى مغارة، تظهر من أعلى على هيئة بئر، وفي جانب آخر تطل منها شجرة تين، مشينا نزولا أسفل منها، لتتضح أمامنا درب تنزلق حوالي خمسة أمتار إلى أسفل، حيث جذور التينة هناك، وحيث متسع من بركة كبيرة منحوتة في الصخر، وربما فوهة البئر هي مدخل الماء إليها، لتتوارى هي تحت الأرض كحمام مائي، أو بركة محتجبة تحت الأرض. تابعنا المشي بين الآبار، والمغائر والحجارة القديمة، وكنا ونحن نسير نجمع بقايا الفسيفساء التي جرى تكسيرها، وتخريبها هناك، وفخار قديمة متناثر في كل مكان، وحين سألت المهندس ضرار العرود حول تفصيلات عن المكان قال إن هذا المكان لم يصله البنيان لأسباب تتعلق بملكية الأرض في أنها ما زالت أراضيه مشاع وتعود إلى فئة كبيرة من أهل القرية، وهذا المكان يعتبر موقعا أثريا مثبت في دائرة الآثار العامة، وهو غني جدا نتيجة توالي الحضارات عليه من بيزنطية ورومانية وإسلامية وهذا واضح المعالم والمشاهد التي يحتويها المكان عدا عن موقعه المطل على وادي الريان، وقرية حلاوة، ولكنه لم يجر التنقيب في المكان، وأهمل فترة طويلة، وعانى من عبث وحفريات الباحثين عن الدفائن والكنوز، مما أدى إلى تخريبه على هذا الشكل،
كما أن الدير يقع على طريق انتقال القديسين القادمين من فلسطين، حيث أن ه على الطريق المؤدي إلى مارالياس القريبة من هذا المكان، ولذلك فقد أخذ هذا الدير أهميته لموقعه، ولتميز إطلالته، وفيه خلوة وسكينة وهي مطلب للرهبان في تعبدهم وصفاء أذهانهم.
متفائل بهذا المسير إلى قرية لها مذاق العسل، ولاسمها انعكاس ايجابي عليها، وعلى أهلها، وعلى الطبيعة التي اتسمت بالخير، والخضرة، ونقاء الهواء، وطيب التراب، وصفاء النفوس في تلك البقعة.
هي قرية حلاوة، التي تقع على مسار ''خيط اللبن الغربي'' في عجلون، وتقع معها على ذات المسار أيضا قرى مثل الوهادنة، والهاشمية، ودير الصمادية. زرت ''حلاوة'' بعد تنسيق مع المهندس ضرار العرود، والمهندسة رقية العرود، هذا بعد أن مررت بها عدة مرات حين كتبت ''بوح القرى'' حول كل من قريتي الوهادنة والهاشمية.
ها أنا أعود إلى تلك المنطقة وبرفقتي المهندس ضرار العرود الذي جهز لي ملخصا عن قرية حلاوة، كبحث سريع حول أهم ملامحها المعروفة بها، وهو ابن المكان، ولذا فكل معلوماته موثوقة، وهو كذلك يمتاز بالحرص العلمي والحس الوطني مشيرا إلى ضرورة الحفاظ على السمات البيئية والطبيعية لقرية حلاوة.
أول اللقاء للبدء نشوة المحبة، ودفء الطيبة التي استقبلونا بها أهل القرية، وهنا حتى يكون البوح منسوبا لأهله، نذكر أن الذين التقيناهم في القرية هم كل من: الحاجة آمنة رشيد محمد نجادات(أم يحيى)، والمهندس ضرار العرود، والمهندسة رقية العرود، وأحمد عقاب العرود(أبو نائل)، ومحي الدين أبو جمل العرود(أبو محمد)، والحاج فوزي احمد سليمان العرود(أبو محمد)، والحاج محمد احمد موسى النجادات(أبو أحمد).
استقبلتنا قرية حلاوة..
ورحب بنا أهلها الطيبين المقيمين فيها.. هناك على السلسلة الأخيرة من جبال عجلون تطل على غور الأردن، وبيسان وفلسطين، وتتربع بين الهضاب الممتلئة بأشجار الزيتون والفاكهة، وحين يكون الدخول إلى تلك القرية، يلاحظ الزائر أن البلدة القديمة صارت متراصة ومتلاصقة ومتداخلة في معمارها بين بواقي ملامح الأبنية القديمة وتغول حضور المعمار الحديث.
واعتمادا على ما أورده الباحث المهدي الرواضية في ''مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه'' للباحث المهدي الرواضية، يمكننا إضافة تحديد دقيق للقرية على النحو التالي: '' حلاوة: قرية جبلية من قرى محافظة عجلون، وتقع على بعد 16كم شمال غربي مدينة عجلون. وهي على خط الطول 40-35 شرقا، والعرض 23-32 شمالا''.
العسل اسمها حلاوة..
لكن عند تتتبع تداعيات هذا الاسم، وبالعودة إلى أحاديث أهل القرية، وكبارها، فهناك تتردد إشارة علمية حديثة منذ بداية التسعينات حول دلالة الاسم حيث أنه في تلك الفترة، تم إجراء حفريات أثرية في منطقة وادي الزقيق التابع للقرية، وقد وجدت فيه أرضية فسيفسائية لكنيسة بيزنطية قديمة، وكان مكتوب على هذه الفسيفساء اسم (كلاوه)، وربما يكون هذا هو أصل التسمية للقرية في أنه اسم بيزنطي قديم هو كلاوة، ولكن مع التعاقب الزمني جرى النحت على الاسم لتصبح التسمية حلاوة بدلا من كلاوة. وهناك ترداد شعبي آخر للتسمية بإرجاعها إلى دلالات الخيرات والطيبات الموجودة في القرية من كثرة الفواكه والنعم فيها حتى أخذت اسم حلاوة، وأكثر شيء كان يميزها هو إنتاج العسل، وهنا يكون الربط بين المنتج الزراعي والاسم المكاني مبرر ومسوغ بالمذاق الحلو الشبيه بالعسل، وبعض الكبار يقولون بأنه كان يطلق عليها أحيانا للتحبب، ولكثرة انتاج العسل فيها، فيقال عنها''عسلة''. وهنا نضيف أيضا ما قاله الحاج محمد النجادات (أبو أحمد) في أنه لاسم حلاوة ارتباط بكثرة نسبة العسل في المنطقة، فكان أن سموها حلاوة، كما أنه ''تكثر في هذه النواحي نبتة الحلاوة.. كما أنه لا بد من ذكر بأن المنطقة الأصل التي تقع فيها حلاوة كان اسمها الطنطورة، وهي فيها آثار وفسيفساء، ويقال انه وجد فيها حجر مكتوب عليه كلمة كلاوة، ويمكن يكون هذا اسم الملك اللي كان يحكم المنطقة في الأزمنة القديمة''
الحدود
يمكن تحديد القرية وفق ما هي عليه الآن على نحو أن حدودها من الشمال كفر أبيل، ومن الغرب وادي اليابس(الغور)، ومن الجنوب الهاشمية، ومن الشرق أوصرة، ومساحتها حوالي 5000 دونما.
لكن الحاج محمد النجادات (أبو أحمد) يعطي الحدود بالعودة إلى الذاكرة، ''وزمان أول'' على أساس أن حدود حلاوة القديمة كانت ''من الغرب لحد نهر الأردن، ومن الجنوب لعراق الهاشمية، ومن الشمال لأراضي الكورة، ومن الشرق لعند الحرش اللي يربط في منطقة أوصرة''.
عين زقيق
إن أهم المناطق التي تتبع للقرية هي منطقة البساتين الواقعة على ضفاف وادي الزقيق الذي يبعد عن القرية حوالي 3 كيلومترات غربا، حيث تكثر هناك أشجار الرمان والسفرجل والحور والقصيب الذي كان في الماضي يمثل المصدر الأساسي لبناء أسقف البيوت القديمة. هذه المنطقة ذات طبيعة خلابة، وتتمتع بمياه غزيرة وعذبة، من ماء عين زقيق التي تغذي وادي الزقيق، ولكن هناك معضلة تزحف إلى هذا المصدر من المياه بسبب استغلال مياه هذه العين لتغذي معظم محافظة عجلون ، حيث يتم سحب حوالي 80% من مياه الشرب بمساعدة بئرين ارتوازيين يقع واحد منهما في منطقة أم عرقوب والثاني في منطقة الشيخ حسن، وهناك بئر ثالث يقع في منطقة البساتين ولكن تم إغلاقه لكون مياهه غير صالحة ذات لون أحمر .
مغارة الجمل
ولكن لا بد من تتبع بقية مناطق حلاوة وأحياءها لتكون الصورة أوضح، والخريطة أدق بالنسبة للمكان، فهناك في القرية يوجد كل من حوض السهول، وحوض الخوارج، وحوض العرن، وحوض أبو الشروش، وحوض الدير، وهناك منطقة صبايا ومنطقة البساتين. أما عيون الماء في القرية فهي بالإضافة إلى عين زقيق، هناك عين عبد العزيز، ووادي قراجه، وهذا كانت توجد فيه مياه من عرجان.
بينما الآبار القديمة والكهوف والمغائر في قرية حلاوة فيمكن رصدها من ذاكرة الكبار، وأهل حلاوة، وهي بير اللوزة، وبير الجنانه، وبير الخروبة، وعراق الشيب، ومغارة العبده، ومغارة الجمل، ومغارة سعيد المنديل، وعراق خلّة خريس، وهناك آبار ومغائر في منطقة الدير في حلاوة.
حارس الدير
صعدنا مرتفعا، بعد أن أوقفنا السيارة عند أقرب نقطة متاحة لنتابع بعدها المسير إلى دير حلاوة، وكان معي المهندس ضرار العرود. مشينا مسافة، صعودا، نحو تلك الحجارة البعيدة، على مرتفع يطل على وادي الريان من جهة، ومن الجانب الثاني يطل على قرية حلاوة، وبعدها مرتفعات فلسطين.
وصلنا هناك، فأشار المهندس ضرار إلى شخص يقرفص على صخرة مرتفعة في الدير، وقال هذا هو حارس الدير.. كان شابا، قويا، ومبتسما، وعرفني عليه ضرار بقوله هذا هو أسامة الدير، أخذ الاسم الثاني لالتصاقه بهذا المكان، ولمعرفته الحقيقية بكل تفاصيل الدير، وآباره، وكهوفه، وحجارته، ثم قال ان اسمه الحقيقي الكامل هو أسامة محمد أمين العرود، حارس الدير.
تينة القرد
تابعنا المسير لنكتشف الدير وأساطير في موقعه المرتفع، في هذه البقعة وحيدا، حيث ما زالت الأبنية الحديثة لم تصله، سوى بيت مبني على النمط القديم، بناه واحد من خارج القرية أحب المكان، فاشترى عدة دونمات هناك، وبنى بيتا بمحاذاة الدير. مشى حارس الدير، ومشينا وراءه فبدأ يشير الينا نحو الآبار والمغائر المنثورة على امتداد المرتفع، وفي الدير الذي هو حجارة متناثرة، وموزعة، لكنها تشير إلى ماض لمبان دينية كثيرة كانت مقامة في هذا المكان. قال أسامة أن المغائر والآبار كثيرة في الدير؛ منها بير الجامع، ومغارة القرد/ تينة القرد، وبير جهير، وبير الزيت، وبير التينة، ومغارة الحوّاج، ودخلنا معه مغارة يقال أنها تؤدي منها السراديب إلى سبعة مغر متصلة مع بعضها.. كما أخذنا حارس الدير إلى مغارة، تظهر من أعلى على هيئة بئر، وفي جانب آخر تطل منها شجرة تين، مشينا نزولا أسفل منها، لتتضح أمامنا درب تنزلق حوالي خمسة أمتار إلى أسفل، حيث جذور التينة هناك، وحيث متسع من بركة كبيرة منحوتة في الصخر، وربما فوهة البئر هي مدخل الماء إليها، لتتوارى هي تحت الأرض كحمام مائي، أو بركة محتجبة تحت الأرض. تابعنا المشي بين الآبار، والمغائر والحجارة القديمة، وكنا ونحن نسير نجمع بقايا الفسيفساء التي جرى تكسيرها، وتخريبها هناك، وفخار قديمة متناثر في كل مكان، وحين سألت المهندس ضرار العرود حول تفصيلات عن المكان قال إن هذا المكان لم يصله البنيان لأسباب تتعلق بملكية الأرض في أنها ما زالت أراضيه مشاع وتعود إلى فئة كبيرة من أهل القرية، وهذا المكان يعتبر موقعا أثريا مثبت في دائرة الآثار العامة، وهو غني جدا نتيجة توالي الحضارات عليه من بيزنطية ورومانية وإسلامية وهذا واضح المعالم والمشاهد التي يحتويها المكان عدا عن موقعه المطل على وادي الريان، وقرية حلاوة، ولكنه لم يجر التنقيب في المكان، وأهمل فترة طويلة، وعانى من عبث وحفريات الباحثين عن الدفائن والكنوز، مما أدى إلى تخريبه على هذا الشكل،
كما أن الدير يقع على طريق انتقال القديسين القادمين من فلسطين، حيث أن ه على الطريق المؤدي إلى مارالياس القريبة من هذا المكان، ولذلك فقد أخذ هذا الدير أهميته لموقعه، ولتميز إطلالته، وفيه خلوة وسكينة وهي مطلب للرهبان في تعبدهم وصفاء أذهانهم.
حلاوة .. قداسة الدير، ولذة العسل (2-3)

لا يكتمل السرد حول قرية حلاوة من خلال مرور عابر، لهذه البلدة التي تحمل في داخلها قصصا، وذكريات، وتاريخ من مروا بها، ومن واطنوها، ولذا فإن تجميع كل تلك الذاكرة ليس يسيرا، ليكون مكتملا بشكل جامع، وملم بكل جوانب تاريخ المكان، ولكن هي محاولة لاسترجاع ما هو متاح، وما يمكن التقاطه مما يتوفر من وثيقة مكتوبة أو تاريخ شفوي، ولذا فعند العودة إلى الوثائق العثمانية، نجد بعضا من بوح القرية مسطورا في (مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه) للباحث المهدي الرواضية، حيث يدون فيها ما ورد عن حلاوة في دفتر الطابو رقم 970(سنة 970هـ/1538م) الذي يشير إلى أن: ''قرية حلاوة في لواء عجلون، تابعة لبني علوان، تيمار(إقطاع) أحمد بن محمود، فيها تسع عشرة خانة، ومجرد واحد، وإمام واحد، وحاصلها في قسم من الربع: أربعة آلاف وثلاثمائة وخمس وسبعون آقجة. من الحنطة: خمس وعشرون غرارة قيمتها ثلاثة آلاف ومائتان وخمسون آقجة. ومن الشعير: خمس عشرة غرارة قيمتها ألف وخمسون آقجة. ورسم الزيت 35 آقجة. ورسم المعزة(الماعز) والنحل: أربعون آقجة''.
كما أنها ترد أيضا في دفتر الطابو رقم 185(سنة 1005هـ/1596م) على نحو أن: ''قرية حلاوة عن زعامة إبراهيم جاوش القصر السلطاني العالي مع شريكه، تابع ناحية عجلون، وفيها أربع عشرة خانة ومجرد واحد، وحاصل قسم من الربع؛ من الحنطة: عشر غرارات قيمتها ألف وأربعمائة آقجة. من الشعير: عشر غرارات قيمتها ثمانمائة آقجة. وعشر الزيت مائتا آقجة. ورسم المعزة والنحل: مائة آقجة وبادهوا: ثلاثمائة وستون آقجة، فيكون المتحصل ثلاثة آلاف وسبعمائة وستون آقجة''.
تربية النحل
وعودا إلى ما تم الإشارة إليه حول تسمية حلاوة، وعلاقة بعض التفسيرات للاسم بارتباطه بإنتاج العسل في القرية، سيلاحظ الباحث في هذا الجانب أنه قد أشار إلى هذه الناحية بعض الرحالة الذين مرّوا على المنطقة، ويفيدنا في ذلك ما ذكره الدكتور عليان عبد الفتاح الجالودي في كتاب (قضاء عجلون) حول تربية النحل، وإنتاج العسل في حلاوة موثقا ذلك بأنه قد '' ذكر الرحالة ميرل أنه شاهد النحل يربى في قرية حلاوة ولكنه لم يستطع أن يحدد فيما إذا كان الفلاحون يستغلون العسل بكميات تجارية أم لا.. وأيد إشارته تلك الرحالة شوماخر الذي قال: إن تربية النحل هي إحدى صناعات عجلون المهمة التي توجد في كل بيت تقريبا..''.
بيئة انتقالية
أما بالنسبة للتوصيف الجغرافي لحلاوة فهناك دراسة مهمة في هذا الاتجاه يوردها الدكتور خليف غرايبة في كتاب (الجغرافية التاريخية للمنطقة الغربية من جبل عجلون)، ويشير إلى قرية حلاوة في سياق مروره على بقية قرى جبال عجلون، ذاكرا بأن حلاوة تعتبر من القرى الشفاغورية التي اتخذت من قمم التلال مواقع لها، وذلك كوسيلة دفاعية ضد الهجمات والغزوات، ''وتمثل بيئة انتقالية بين أٌدام الجبال(الاستبس) غربا، وقمم الجبال التي تنتمي لإقليم البحر المتوسط شرقا. ومن أهم المراكز العمرانية في هذه المنطقة: خربة الزقيق، حلاوة، فاره، دير الصمادية الشمالي والجنوبي، خربة الوهادنة، خربة الشيخ راشد''.
محبس الدم
ويكتب عن التفاصيل الداخلية لقرية حلاوة في تتبع لبعض المظاهر الأثرية، والمعالم في قرية حلاوة الباحث الأستاذ أحمد مصطفى القضاة في كتابه (صفحات من جبال عجلون) قائلا بأنه '' يوجد في وسط بلدة حلاوة مسجد قديم يعود ببنائه إلى أكثر من مائة وخمسين عاما، وهو صغير الحجم، وفي منطقة المسجد الحالي ظهرت أحجار قديمة أثناء القيام بحفر جورة امتصاصية، كما يوجد في الجبل الواقع بين بلدة حلاوة ووادي اليابس آثار مسجد قديم متهدم، وفي منطقته قبور كثيرة وآبار وكهوف، ويظهر من بين هذه الكهوف سبعة كهوف متداخلة، وما زالت بعض الكهوف تأخذ الأسماء الغريبة، فيذكر كهف محبس الدم، وكهف المشنقة، كل هذه الآثار تدل على عمران ذلك الجبل وكثرة سكانه، وتدل آثار المسجد على سكنى المسلمين للجبل، والواقف على قمته يشاهد جبال فلسطين، وسهول بيسان، كما يوجد في المنطقة الواقعة شمال بلدة حلاوة في وادي الازقيق آثار قنطرة تصل بين طرفي الوادي، وهي تشير إلى سكنى الوادي واشتهار منطقته والمنطقة التي تحته بالزراعة والري''.
الطاحونة
كما أنه هناك ذكر لوجود طاحونة قديمة في قرية حلاوة، حيث يذكر هذا الدكتور محمد عدنان البخيت في كتابه (دراسات في تاريخ بلاد الشام/الأردن)، ضمن دراسته للمرافق العامة في منطقة شرق الأردن، حيث يقول :'' إن دفتر طابو لواء عجلون رقم 970 المؤرخ ب 1570م يشير إلى وجود 66 طاحونة في اللواء موزعة في كل من عجلون، وعين الجد العفيف، وحلاوة، وساكب، وبيتان، ودير علي، وحسينية، والكرك وبدان، ومحيل، وعراق، والطفيلة، وقد بلغ مجموع ما جبته الدولة من رسوم عن أحجار هذه الطواحين 4700 آقجة''.
سليم زغير
إن المسير مع خط الزمن للقرية يجعل تتبع الاستقرار الحديث فيها مرتبطا بقسمة الأراضي، وافرازها، وتوزيعها بين المواطنين هناك، ولذا فهناك حصة لهم في المناطق والخرب الموزعة على امتداد مساحة القرية، وفي هذا المضمار لا بد من نبش ما يتذكره كبار القرية حول تقسيم الأراضي في حلاوة حيث يقولون بأن المساح الذي قسم الأراضي وافرزها في القرية كان اسمه سليم الزغير وهو من الحصن.
ويذكرون بأنه يوجد لأهالي حلاوة حصة في منطقة كركمة، ولهم جزء من الخربة، غير أنهم يعترفون بأنهم أهملوا في حقهم فيها حيث أنهم عند توزيع الأراضي، وتقسيمها ''ما حظروا القسمة، وانحسبت إلى الهاشمية، وضاعت عليهم حصتهم في الخربة''، وهذه الخربة '' كان مأخوذ إلها قناة ماء من بركة زقيق، من الطنطورة، وفوق الشلال، حتى تتم سقاية كركمة''.
المجلس القروي
لكن القرية بقيت تنمو، وازداد سكانها، وتنامى وعيهم، فعمّروها، بعد أن تمت القسمة، وصارت البيوت، وباتت بحاجة إلى توفير الطرق والخدمات المختلفة لتكون على سوية متقدمة في البنية التحتية مثلها مثل بقية القرى، وهذا احتاج من أهل حلاوة أن يتشاورون، ويقررون تأسيس مجلس قروي لحلاوة.
تشير ذاكرة كبار القرية إلى أن هذا المجلس القروي في حلاوة تأسس عام 1981م، بجهود الخيّرين الطيبين الذين يتداعون للخدمة، وللمصلحة العامة، واتفق أهل القرية في ذلك الوقت على اختيار المرحوم محمد أبو جمل كي يرأس المجلس القروي بعد أن تم تأسيسه، واستمر في موقعه هذا رئيسا له لمدة ست سنوات حتى عام 1987م، وبعد ذلك صارت انتخابات، وترأس المجلس عبد الكريم محمد أحمد نجادات، واستمر أربع سنوات، وبعده جاء محي الدين محمد أبو جمل، وبعد ذلك صارت انتخابات، وجاء إدريس محمد علي نجادات، وبعده محمد علي الحواج العرود، ثم بعد ذلك تحول المجلس القروي وصار منطقة تتبع إلى بلدية الشفا، وصارت هناك لجنة تديره، وكان يرأس اللجنة مهندس من عشيرة العتوم.
ذاكرة القداسة
هناك ملامح للقرى في الشمال من الأردن، وبعض تلك الصفات يمكن تعميمها على معظم قرى الأردن، وهو خصوصية دينية، مقدسة، ترتبط في كل قرية بزاوية منها، يكون فيها شجرة، أو مقاما صالحا، وبعضها يمكن ملاحظته عند أول إطلالة في مقبرة القرية حيث شجرة ضخمة، أو قبر مهيب فيها، أو عدة حجارة متناثرة يسمونها بقايا مقام كان يقيم في تلك البقعة.
وفي قرية حلاوة هناك موقعان ارتبطا بتلك القداسة التي تشكل هالة يتبارك بها، وبقصصها القديمة أهل القرية، حيث ترتبط سيرة القداسة في حلاوة بالدير، وما يحتوي من قصص وحكايات، قديمة حوله، وما فيه من مسميات لها دلالات دينية وأسطورية مرتبطة بحفريات الذاكرة في أذهان الناس في القرية. كما أن هؤلاء الناس في حلاوة يتذكرون في ذات السياق مقامات أخرى موجودة في القرية مثل شجرة الشيخ حسن، وهي شجرة سدر، وغير موجودة الآن، ويقال أنه كان تحتها مقام لرجل صالح هو الشيخ حسن. وكذلك هناك موقع آخر هو شجرة الشيخ صبّاح، ولها حضور في الوجدان المجتمعي في حلاوة.
حابس المجالي
تتحدث الحاجة آمنة رشيد محمد النجادات (أم يحيى)، وهي أكبر نساء قرية حلاوة، عن بعض ذكريات القرية في أيام زمان، وبعض الشخصيات وأسماء من زار حلاوة حيث تقول أنه زار القرية عدة مرات الأمير الحسن بن طلال، وفي السبعينات صلى الأمير في الجامع الكبير في حلاوة، وزارها بعدين عدة مرات، ومنها كان يمشي إلى وادي زقيق. كما أن المرحوم حابس المجالي، جاء أيام الإمارة إلى حلاوة وقد كان آنذاك ملازما أول، و'' أجا أيام الثورة الفلسطينية للقرية، وكان معه قوة مهمتها إيقاف بعض الممارسات التي كانت تصدر من بعض الثوار في تلك الفترة، واللي كانو ياخذوا الخاوة من أهل المنطقة بالقوة، ولما أجا بات في حلاوة، ونام على ظهر دار المختار أبو جمل( وهو زوجها)، بعد ما طلع على السلم، كان ينتخي ويقول أنا اخو خضرا''.
كما وأيضا مرّ عليها راشد الخزاعي، وكان يجي كل مرة إلى حلاوة، وكان هو الباشا في المنطقة.
وتضيف الحاجة آمنة أنه بالنسبة للقرية كانت نابلس أقرب من عمان، فكان أهل القرية يشتروا ويبيعوا في نابلس، ويتزودوا بالكسوة من هناك.
كما أنها ترد أيضا في دفتر الطابو رقم 185(سنة 1005هـ/1596م) على نحو أن: ''قرية حلاوة عن زعامة إبراهيم جاوش القصر السلطاني العالي مع شريكه، تابع ناحية عجلون، وفيها أربع عشرة خانة ومجرد واحد، وحاصل قسم من الربع؛ من الحنطة: عشر غرارات قيمتها ألف وأربعمائة آقجة. من الشعير: عشر غرارات قيمتها ثمانمائة آقجة. وعشر الزيت مائتا آقجة. ورسم المعزة والنحل: مائة آقجة وبادهوا: ثلاثمائة وستون آقجة، فيكون المتحصل ثلاثة آلاف وسبعمائة وستون آقجة''.
تربية النحل
وعودا إلى ما تم الإشارة إليه حول تسمية حلاوة، وعلاقة بعض التفسيرات للاسم بارتباطه بإنتاج العسل في القرية، سيلاحظ الباحث في هذا الجانب أنه قد أشار إلى هذه الناحية بعض الرحالة الذين مرّوا على المنطقة، ويفيدنا في ذلك ما ذكره الدكتور عليان عبد الفتاح الجالودي في كتاب (قضاء عجلون) حول تربية النحل، وإنتاج العسل في حلاوة موثقا ذلك بأنه قد '' ذكر الرحالة ميرل أنه شاهد النحل يربى في قرية حلاوة ولكنه لم يستطع أن يحدد فيما إذا كان الفلاحون يستغلون العسل بكميات تجارية أم لا.. وأيد إشارته تلك الرحالة شوماخر الذي قال: إن تربية النحل هي إحدى صناعات عجلون المهمة التي توجد في كل بيت تقريبا..''.
بيئة انتقالية
أما بالنسبة للتوصيف الجغرافي لحلاوة فهناك دراسة مهمة في هذا الاتجاه يوردها الدكتور خليف غرايبة في كتاب (الجغرافية التاريخية للمنطقة الغربية من جبل عجلون)، ويشير إلى قرية حلاوة في سياق مروره على بقية قرى جبال عجلون، ذاكرا بأن حلاوة تعتبر من القرى الشفاغورية التي اتخذت من قمم التلال مواقع لها، وذلك كوسيلة دفاعية ضد الهجمات والغزوات، ''وتمثل بيئة انتقالية بين أٌدام الجبال(الاستبس) غربا، وقمم الجبال التي تنتمي لإقليم البحر المتوسط شرقا. ومن أهم المراكز العمرانية في هذه المنطقة: خربة الزقيق، حلاوة، فاره، دير الصمادية الشمالي والجنوبي، خربة الوهادنة، خربة الشيخ راشد''.
محبس الدم
ويكتب عن التفاصيل الداخلية لقرية حلاوة في تتبع لبعض المظاهر الأثرية، والمعالم في قرية حلاوة الباحث الأستاذ أحمد مصطفى القضاة في كتابه (صفحات من جبال عجلون) قائلا بأنه '' يوجد في وسط بلدة حلاوة مسجد قديم يعود ببنائه إلى أكثر من مائة وخمسين عاما، وهو صغير الحجم، وفي منطقة المسجد الحالي ظهرت أحجار قديمة أثناء القيام بحفر جورة امتصاصية، كما يوجد في الجبل الواقع بين بلدة حلاوة ووادي اليابس آثار مسجد قديم متهدم، وفي منطقته قبور كثيرة وآبار وكهوف، ويظهر من بين هذه الكهوف سبعة كهوف متداخلة، وما زالت بعض الكهوف تأخذ الأسماء الغريبة، فيذكر كهف محبس الدم، وكهف المشنقة، كل هذه الآثار تدل على عمران ذلك الجبل وكثرة سكانه، وتدل آثار المسجد على سكنى المسلمين للجبل، والواقف على قمته يشاهد جبال فلسطين، وسهول بيسان، كما يوجد في المنطقة الواقعة شمال بلدة حلاوة في وادي الازقيق آثار قنطرة تصل بين طرفي الوادي، وهي تشير إلى سكنى الوادي واشتهار منطقته والمنطقة التي تحته بالزراعة والري''.
الطاحونة
كما أنه هناك ذكر لوجود طاحونة قديمة في قرية حلاوة، حيث يذكر هذا الدكتور محمد عدنان البخيت في كتابه (دراسات في تاريخ بلاد الشام/الأردن)، ضمن دراسته للمرافق العامة في منطقة شرق الأردن، حيث يقول :'' إن دفتر طابو لواء عجلون رقم 970 المؤرخ ب 1570م يشير إلى وجود 66 طاحونة في اللواء موزعة في كل من عجلون، وعين الجد العفيف، وحلاوة، وساكب، وبيتان، ودير علي، وحسينية، والكرك وبدان، ومحيل، وعراق، والطفيلة، وقد بلغ مجموع ما جبته الدولة من رسوم عن أحجار هذه الطواحين 4700 آقجة''.
سليم زغير
إن المسير مع خط الزمن للقرية يجعل تتبع الاستقرار الحديث فيها مرتبطا بقسمة الأراضي، وافرازها، وتوزيعها بين المواطنين هناك، ولذا فهناك حصة لهم في المناطق والخرب الموزعة على امتداد مساحة القرية، وفي هذا المضمار لا بد من نبش ما يتذكره كبار القرية حول تقسيم الأراضي في حلاوة حيث يقولون بأن المساح الذي قسم الأراضي وافرزها في القرية كان اسمه سليم الزغير وهو من الحصن.
ويذكرون بأنه يوجد لأهالي حلاوة حصة في منطقة كركمة، ولهم جزء من الخربة، غير أنهم يعترفون بأنهم أهملوا في حقهم فيها حيث أنهم عند توزيع الأراضي، وتقسيمها ''ما حظروا القسمة، وانحسبت إلى الهاشمية، وضاعت عليهم حصتهم في الخربة''، وهذه الخربة '' كان مأخوذ إلها قناة ماء من بركة زقيق، من الطنطورة، وفوق الشلال، حتى تتم سقاية كركمة''.
المجلس القروي
لكن القرية بقيت تنمو، وازداد سكانها، وتنامى وعيهم، فعمّروها، بعد أن تمت القسمة، وصارت البيوت، وباتت بحاجة إلى توفير الطرق والخدمات المختلفة لتكون على سوية متقدمة في البنية التحتية مثلها مثل بقية القرى، وهذا احتاج من أهل حلاوة أن يتشاورون، ويقررون تأسيس مجلس قروي لحلاوة.
تشير ذاكرة كبار القرية إلى أن هذا المجلس القروي في حلاوة تأسس عام 1981م، بجهود الخيّرين الطيبين الذين يتداعون للخدمة، وللمصلحة العامة، واتفق أهل القرية في ذلك الوقت على اختيار المرحوم محمد أبو جمل كي يرأس المجلس القروي بعد أن تم تأسيسه، واستمر في موقعه هذا رئيسا له لمدة ست سنوات حتى عام 1987م، وبعد ذلك صارت انتخابات، وترأس المجلس عبد الكريم محمد أحمد نجادات، واستمر أربع سنوات، وبعده جاء محي الدين محمد أبو جمل، وبعد ذلك صارت انتخابات، وجاء إدريس محمد علي نجادات، وبعده محمد علي الحواج العرود، ثم بعد ذلك تحول المجلس القروي وصار منطقة تتبع إلى بلدية الشفا، وصارت هناك لجنة تديره، وكان يرأس اللجنة مهندس من عشيرة العتوم.
ذاكرة القداسة
هناك ملامح للقرى في الشمال من الأردن، وبعض تلك الصفات يمكن تعميمها على معظم قرى الأردن، وهو خصوصية دينية، مقدسة، ترتبط في كل قرية بزاوية منها، يكون فيها شجرة، أو مقاما صالحا، وبعضها يمكن ملاحظته عند أول إطلالة في مقبرة القرية حيث شجرة ضخمة، أو قبر مهيب فيها، أو عدة حجارة متناثرة يسمونها بقايا مقام كان يقيم في تلك البقعة.
وفي قرية حلاوة هناك موقعان ارتبطا بتلك القداسة التي تشكل هالة يتبارك بها، وبقصصها القديمة أهل القرية، حيث ترتبط سيرة القداسة في حلاوة بالدير، وما يحتوي من قصص وحكايات، قديمة حوله، وما فيه من مسميات لها دلالات دينية وأسطورية مرتبطة بحفريات الذاكرة في أذهان الناس في القرية. كما أن هؤلاء الناس في حلاوة يتذكرون في ذات السياق مقامات أخرى موجودة في القرية مثل شجرة الشيخ حسن، وهي شجرة سدر، وغير موجودة الآن، ويقال أنه كان تحتها مقام لرجل صالح هو الشيخ حسن. وكذلك هناك موقع آخر هو شجرة الشيخ صبّاح، ولها حضور في الوجدان المجتمعي في حلاوة.
حابس المجالي
تتحدث الحاجة آمنة رشيد محمد النجادات (أم يحيى)، وهي أكبر نساء قرية حلاوة، عن بعض ذكريات القرية في أيام زمان، وبعض الشخصيات وأسماء من زار حلاوة حيث تقول أنه زار القرية عدة مرات الأمير الحسن بن طلال، وفي السبعينات صلى الأمير في الجامع الكبير في حلاوة، وزارها بعدين عدة مرات، ومنها كان يمشي إلى وادي زقيق. كما أن المرحوم حابس المجالي، جاء أيام الإمارة إلى حلاوة وقد كان آنذاك ملازما أول، و'' أجا أيام الثورة الفلسطينية للقرية، وكان معه قوة مهمتها إيقاف بعض الممارسات التي كانت تصدر من بعض الثوار في تلك الفترة، واللي كانو ياخذوا الخاوة من أهل المنطقة بالقوة، ولما أجا بات في حلاوة، ونام على ظهر دار المختار أبو جمل( وهو زوجها)، بعد ما طلع على السلم، كان ينتخي ويقول أنا اخو خضرا''.
كما وأيضا مرّ عليها راشد الخزاعي، وكان يجي كل مرة إلى حلاوة، وكان هو الباشا في المنطقة.
وتضيف الحاجة آمنة أنه بالنسبة للقرية كانت نابلس أقرب من عمان، فكان أهل القرية يشتروا ويبيعوا في نابلس، ويتزودوا بالكسوة من هناك.
تعليقات