الحاج منصور الحياري عشق القرآن العظيم وتعلـَّق قلبه به منذ طفولته حتى مماته

في عام 1927 م ولد منصور الحياري في مدينة السلط، وفي سن مبكـِّـرة حرص والده الذي كان يعمل بالتجارة على اصطحابه إلى مجالس علماء السلط وخاصة مجلسي الشيخ فهيم زيد الكيلاني والشيخ عبد الحليم زيد الكيلاني، فتعلـَّـق قلبه منذ نعومة أظفاره بالقرآن الكريم، ولم ينقطع قلبه عن التعلق بالقرآن الكريم حتى غادرنا إلى رحمة الله ورضوانه بإذن الله فجر يوم الجمعة التاسع والعشرين من رجب من عام 1429 / الأول من شهر آب من عام 2008 م وهويتحمل أمانة مسؤولية العديد من الجمعيات التي تهتمُّ بالقرآن الكريم وعلومه، رئيسا للجنة المركزية لشؤون المساجد، ومقررا عاما لجمعية الصالحين لتحفيظ القرآن الكريم، ومشرفا عاما على مسابقة حفظ القرآن الكريم التي كانت تقام سنويا في مسجد أبوقورة على مستوى المملكة.

بعد أن أنهى منصور الحياري دراسته الثانوية في مدرسة السلط الثانوية لم تسعفه الظروف بتحقيق حلمه بالالتحاق بالأزهر الشريف لدراسة العلوم الشرعية التي شغف بها من كثرة مجالسته للعلماء من مشايخ السلط ومن ضيوف السلط من علماء الأردن وفلسطين والشام ومصر والعراق، ولكن طموح الحياري إلى التعلم دفعه إلى الإقبال على مطالعة الكتب الإسلامية التي كان يستعيرها من مكتبة سري العالم البسطامي المجاورة لدُكـَّـان والده، في تلك الفترة كان الشيخ عبد الحليم زيد الكيلاني والصيدلاني عبد الحليم بدران وهما من مؤسِّـسي شعبة الإخوان المسلمين في السلط يتردَّدان على دُكـَّـان أبيه وكان يتأثر بحديثهما عن الجماعة وعن مؤسِّـسها الشيخ حسن البنا، ولم يلبث أن التحق بالجماعة ليصبح بعد وقت قصير عضوا في الهيئة الإدارية لشعبة السلط»1947 م»، وسرعان ما أخذ نشاطه يتمدَّد إلى خارج السلط متنقلا بين شعب الجماعة في عمَّـان والكرك وإربد والزرقاء ومعان ومادبا وجرش وعجلون حتى أصبح أحد أبرز دعاة وخطباء الجماعة، ولم يلبث أن أصبح في عام 1950 وهوالعام الذي التحق فيه موظفا في وزارة الزراعة عضوا في أعلى هيئة قيادية للجماعة في الأردن»المكتب العام»وشغل فيه مركز أمين السر العام، وفي تلك المرحلة كانت الجماعة بقيادة الحاج عبد اللطيف أبوقورة، وكان الحياري يُـكـِّـنُّ للحاج أبوقورة محبـَّـة صادقة تقديرا لإخلاصه وتجرُّده وما كان يبذله من وقته وجهده وماله في في أجل الجماعة، وتقديرا لقيادته متطوعي الإخوان الأردنيين في حرب فلسطين 1947 / 1948 م وبذله من ماله الخاص لتسليحهم، ويروي الحاج الحياري عن تجربته مع أبوقورة قائلا : عملت فترة طويلة مع الحاج عبد اللطيف أبوقورة، وكنت كأحد أبنائه، كان رجلاً مجاهداً ضحى بكل ثروته في سبيل الله، وكان على صلة وثيقة بالشيخ حسن البنا، وقاد بنفسه كتيبة الإخوان المسلمين في حرب 1948، وكان يستقبل مبعوثي الإخوان ويستضيفهم في بيته».

في عام 1953 م آثر الحاج عبد اللطبف أبوقورة بما عُرف عنه من تجرُّد وإيثار إخلاء موقعه في قيادة الجماعة، وعُرضت رئاسة الجماعة على القاضي نايف الخطيب فاعتذر، فوقع اختيار الإخوان على الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة النسور الذي كان يعمل مدَّعيا عاما في محكمة مادبا ليخلف الحاج عبد اللطيف أبوقورة في قيادة الجماعة، واستمرَّ الحاج أبوقورة في عضوية الهيئة التأسيسة للجماعة في مصر وعندما زار المرشد العام الأستاذ حسن الهضيبي الأردن في عام 1954 اصطحبه الحاج منصور الحياري في زيارة للحاج أبوقورة في منزله حيث شرح الهضيبي للحاج أبوقورة- بصفته عضواً في الهيئة التأسيسية للجماعة الأم- ظروف اختياره مرشداً عاماً.

في منتصف الخمسينيات أطلق الحاج منصور الحياري فكرة ضخ دماء جديدة في قيادات الجماعة في الأردن لإفساح المجال أمام شباب الإخوان الذين بدأوا يعودون إلى الأردن بعد إكمال دراساتهم الجامعية، ولم يلبث أن أتبع القول بالعمل فاستقال من عضوية المكتب العام للجماعة، ثمَّ توجـَّه إلى العمل الإسلامي العام فركـَّـز نشاطه في المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس الذي كان الإخوان قد أسَّـسوه في عام 1953 م واختاروا الدكتور سعيد رمضان أمينا عاما له ثمَّ خلفه الأستاذ كامل الشريف بعد أن أضطرَّ الدكتور رمضان إلى مغادرة الأردن تحت ضغط الضابط الإنجليزي كلوب باشا الذي كان قائدا للجيش العربي الأردني والذي لم يلبث أن طرده الملك الراحل في منتصف الخمسينيات، وعندما أصدر الإخوان صحيفتهم»الكفاح الإسلامي»كان الحاج منصور من كُـتـَّـابها وكان متخصصا في التحليل السياسي لأحداث تلك المرحلة.

يصف الحاج منصور الحياري أحد تلاميذه ومحبيه الصحفي الأستاذ فوز الدين البسُّـومي بقوله :»كما قضى منصور الحياري حياته صامتا متأملا وعابدا متبتلا لا يرد على لسانه الا ذكر الله والكلمة الطيبة رحل منصور الحياري عن هذه الدنيا الفانية بصمت، كانت دمعته على باب مقلتيه فما ان يسمع آية قرآنية من الإمام في الصلاة الداعية مسعود علي مسعود إلا ودموعه تسبقه على خديه، ولم يكن هذا ديدن منصور الحياري في الصلاة فحسب بل كان ديدنه في كل تعامله مع اخوانه واصدقائه وكل من يلتقيهم حتى ليخال المرء حين يرى أويسمع أويجتمع بمنصور الحياري انه نموذج فريد من البشر، نموذج من نماذج الاوائل الذين عاشوا بواكير الدعوة فأحبوها وساروا في ركبها».

ويصفه أحد محبيه الأستاذ عبد الله شبيب بقوله :»لقد عرفنا أبا الحسن منذ عرفناه في مطالع خمسينيات القرن الماضي عاملا للإسلام في أي ميدان يتاح له، مخلصا متفانيا في سبيل الله يُسابق في أعمال الخير والبرِّ وخدمة المساجد والقرآن وحفاظه وطلابه، عرفناه متواضعا خافض الجناح، لا يبحث عن شهرة ولا أضواء ولا بهرجة إعلامية شأن العاملين المخلصين المتجردين لله».



نـُبذة عن نسب عشيرة الحيارات «آل الحياري»



يذكر المؤرِّخ مصطفى مراد الدبَّاغ في كتابه»القبائل العربية وسلائلها في بلادنا فلسطين»أن عشيرة الحيارات تنحدر من نسل الفضل بن ربيعة من العرب القحطانية وأنهم يلتقون في هذا النسب مع آل الريماوي في بيت ريما بفلسطين ومع آل طوقان في نابلس ومع آل أبي ريشه في سوريا ومع آل العابد والفاعور وكعوش»صفد»بفلسطين، ويذكر الدبَّاغ في الجزء الثاني من القسم الثاني من كتابه»بلادنا فلسطين»عن أحد أمراء الحياريين»آل الحياري»مدلج بن ظاهر الحياري الذي كان أميراً على عرب الشام أنه كان ذا قوة وبطش وكان يمسك الدرهم من الفضة بإصبعيه ويفركه فيذهب نقشه، وكان يفتت الحنطة بين أصابعه، وتوفي في عام 945 هـ في إحدى قرى حماة بسوريا والأرجح أنها قرية»سلميِّة»، ويذكر المؤرِّخ الدبَّاغ في الجزء الرابع من القسم الثاني من كتابه»بلادنا فلسطين»أن الأمير مهنا من آل الفضل بن ربيعة من طيء من كهلان اشترك في معركة عين جالوت في عام 658هـ، ونظراً لشجاعته في المعركة أقطعه الملك المظفر قطز قائد الجيوش الإسلامية التي خاضت معركة عين جالوت قرية»سلميِّة»وخلفه في زعامتها ابنه عيسى وأعقابهما، ومع مرور الزمن تغير اسم آل عيسى بن مهنا في القرن التاسع الهجري فأصبحوا يعرفون باسم آل الحياري نسبة إلى أحد أجدادهم حـِـيَـار، ثمَّ دعوا في القرن العاشر الهجري بآل أبي ريشه.

ويذكر كتاب»قاموس العشائر في الأردن وفلسطين»لمؤلفه الباحث حنا عمَّـاري أن جد الحيارات هو»حـِـيَـار»»بكسر الحاء وفتح الياء»وكان أميراً على العرب في عام 752 هـ، ويشير إلى أنهم ارتحلوا إلى السلط في القرن الثامن عشر الميلادي من صمد وإيدون في شمال الأردن حيث كانوا يعرفون باسم»الدلاوه»، ويُعزِّز الكتاب الرواية التي تردُّ جذورهم إلى الفضل بن ربيعة، ويشير عمَّاري إلى أن عشيرة»أبودلو»/ الدلاوة من عشائر الأردن وهم فرع من عشيرة الحيارات السلطية وأنهم يتوزَّعون بين صمد وإيدون والصريح، ويذكر كتاب»العشائر الأردنية والفلسطينية ووشائج القربى بينها»لمؤلفه الباحث أحمد أبوخوصة أن عشيرة»الدلاوة»في صمد وإيدون هم أقارب لعشيرة الحيارات السلطية الذين ارتحلوا إلى السلط من صمد وإيدون، وينقل أبوخوصة هذه الرواية من كتاب»القبائل العربية وسلائلها في بلدنا فلسطين»لمؤلفه المؤرِّخ مصطفى مراد الدبَّاغ، ويُعزِّز الأديب المؤرِّخ روكس بن زائد العُـزيزي في الجزء الرابع من كتابه»معلمة للتراث الأردني»الرواية التي تربط بصلات القرابة بين عشيرة الحيارات السلطية وبين عشيرة الدلاوة «أبودلو» في صمد وإيدون، ويُعزِّز العـُـزيزي الرواية التي تنسب الحيارات الى آل الفضل ولكنه لا يجزم إلى أي من عشائر الفضل ينسب الحيارات، عشائر الفضل من عشائر الشام، أم عشائر الفضل من المحميات التسع، أم عشائر الفضل بن ربيعة من طيء من العرب القحطانية.؟، ويميل العـُـزيزي إلى الرواية التي تنسبهم إلى عشائر الفضل من عشائر الشام معللاً ميله إ لى ارتحالهم من صمد وإيدون وهما من منطقة شمال الأردن التي تــُعدُّ من بلاد الشام.

ويُعزِّز فردريك. ج. بيك في كتابه»تاريخ شرقي الأردن وقبائلها»الرواية التي تقول إن الحيارات ارتحلوا إلى السلط من صمد وإيدون قبل حوالي «200» عام، ويذكر أن قسما منهم لا يزال في صمد وإيدون ويعرفون باسم الدلاوة.

التاريخ : 17-09-2011

تعليقات