عبد الله عويدات الوزير الذي ظل اكاديميا


بـورتـريـه: عبد الله عويدات الوزير الذي ظل اكاديميا * هشام عودة

في بغداد ، التي حط فيها قدمه منتصف الستينات ، عاصر الطالب في كلية الاداب ثلاثة رؤساء عراقيين ، وحصل عند تخرجه على الترتيب الاول بين زملائه ، وهو الترتيب نفسه الذي حصل عليه في دراسته للماجستير في الجامعة الاردنية.

عبد الله عويدات الذي بدأ حياته الوظيفية مدرسا في الرمثا ومدير مدرسة في المفرق ، اوفدته الجامعة الاردنية لدراسة الدكتوراه في الولايات المتحدة ليعود مدرسا فيها ، ولم ينقطع عنها الا عندما اختاره الرئيس احمد عبيدات وزيرا للثقافة والشباب والاثار في حكومته عام ,1984

تقول الرواية الشفوية المتداولة ان الدكتور عبد الله عويدات ، هو اول وزير ينتمي لقبيلة بني حسن في تاريخ الحكومات الاردنية ، اذا ما استثنينا الحكومة العسكرية التي لم تعمر طويلا ، وبذلك يكون ابو احمد قد فتح الابواب واسعة امام ابناء عمومته للوصول الى الدوار الرابع.

في عام النكبة ، حيث كانت الامة تلملم جراحها ، ولد عبد الله عويدات في المفرق ، وقد تركت تداعيات تلك المرحلة اثرها في حياة هذا الشاب الذي يقدم نفسه قوميا عربيا ، وكان يتصرف على ذلك الاساس اثناء دراسته في جامعة بغداد.

واذا كانت مشاركته في حكومة الرئيس احمد عبيدات قد وضعته تحت الاضواء ، فقد اختاره الدكتور عبد السلام المجالي وزيرا للرياضة والشباب في حكومته الاولى ، وهو الذي تعرف اليه جيدا ، عندما كان رئيسا للجامعة الاردنية ، اذ كلفه حينها بأن يكون عميدا لكلية التربية الرياضية ، رغم انه يحمل تخصصا اكاديميا مغايرا تماما ، الا ان خبرته المتراكمة في ميدان الرياضة التي قاد مركبها للعامين و1984 1985 هي التي دفعت رئيس الجامعة لهذا الاختيار ، ليشغل الدكتور عويدات بعد ذلك حقيبة التنمية الاجتماعية في حكومة الدكتور عدنان بدران ويتعرف الى مواطن الفقر في البلاد.

مثلما تعرف ابو احمد على اسماء الاندية الرياضية وانواع الكؤوس في المسابقات الرياضية ، فقد تعرف كذلك الى هموم المثقفين ومعاناتهم ، ولم يجد حرجا في التعامل مع رموز المعارضة السياسية والثقافية في مرحلة الاحكام العرفية ، حين كانت رابطة الكتاب تمثل حاضنة للمعارضة في غياب الاحزاب السياسية ، فالوزير القادم من خلفية سياسية قومية لم يتقاطع مع المثقفين المعارضين ، بل اسهم في تقليص المسافة بين الوزارة والرابطة.

اثناء قيادته لوزارة الشباب في حكومة عبيدات ، وقع على قرار انشاء مدينة الحسن الرياضية في اربد ، كما عمل على تأسيس مراكز شبابية في مختلف مناطق الاردن ، وصار بحكم رئاسته للجنة الوطنية الاولمبية عارفا بأسرار الرياضة التي تحركها اصابع السياسيين والمؤسسات التي تجد قوتها في فرقة ابناء الوطن.

رغم اغراءات الوظيفة الرسمية العليا ، الا عين ابي احمد ظلت مفتوحة على حرم الجامعة الاردنية ، وظل يعتقد ان دوره كأستاذ جامعي اكثر اهمية ونفوذا ووجاهة اجتماعية من الوظائف الرسمية الاخرى ، لذلك حرص على الحصول على لقب الاستاذية في الجامعة ، ليظل قادرا على العوم في البحر الاكاديمي في كل شواطئه.

في عام 2000 اختاره الدكتور سعيد التل رئيس جامعة عمان العربية للدراسات العليا ، ليكون عميدا لكلية الدراسات التربوية العليا في الجامعة ثم نائبا لرئيسها للشؤون الاكاديمية ، بعد ان عملا معا لسنوات في الجامعة الاردنية ، ولم يغادر مكاتب جامعة عمان العربية في خلدا الا لوزارة التنمية الاجتماعية قرب الدوار الرابع ، ليعود بعد اقل من عام الى وظيفته نفسها نائبا لرئيس الجامعة المتخصصة بالدراسات العليا.

عشرات الدراسات والابحاث والمقالات نشرها الدكتور عبد الله عويدات في مختلف المجلات الاردنية والعربية ، عالجت قضايا تربوية واجتماعية ورياضية ، فيما حملت كتب دراسية في سلطنة عمان توقيعه كمؤلف مختص بالصفوف الابتدائية الاولى.

وتشير سيرته الاكاديمية انه اشرف على عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه في اكثر من جامعة ، ويحمل الدكتور عبد الله عويدات وسام الفارس الفرنسي ووسام الاستقلال.

رغم انسجامه مع الوسط الاجتماعي والسياسي في العاصمة ، الا ان ابا احمد لم يقطع حبل علاقته مع المفرق ، التي تظل قريبه من الروح ، وعلى مرمى لحظة شوق من الاهل والذكريات ، فقد ظل الاكاديمي المسيس حريصا على اداء واجباته الاجتماعية في منطقة ما زال يعتقد انها بحاجة الى مزيد من الرعاية والاهتمام.



التاريخ : 21-08-2008

تعليقات