لماذا تم تدمير الزراعة في الأردن ومن فعل ذلك؟؟


لماذا تم تدمير الزراعة في الأردن ومن فعل ذلك؟؟

القطــاع الزراعـــــــي بــين عهدين
∎ بعد تسع سنوات من وضع الإستراتيجية الوطنية للزراعة.. الأمور تسير نحو الأسوأ
∎ أحد عشر تحدياً تحول دون تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للزراعة

∎ الطفرة العمرانية وغياب قانون استخدام الأراضي أدّيا إلى هلاك قطاع الزراعة
∎ سرعة تغيّر المسؤولين تحول دون حل مشكلات القطاعات المختلفة

∎ اللواء - محمد أبو عريضة

يسود اعتقاد على نطاق واسع لدى شريحة كبيرة من الأردنيين, ان القطاع الزراعي هو آخر ما يشغل اهتمامات الحكومات المتعاقبة, خاصة خلال العقد الأخير عبر الانسحاب الممنهج للحكومة من دورة الإنتاج واعتمادها على منهجية اقتصاد السوق, بدعوى ان الأسواق تتوازن لوحدها وفقاً لنظريات "الليبرالية الجديدة", وان متطلبات انضمام الأردن إلى منظمة التجارة العالمية "WTO" وسلسلة التشريعات الاقتصادية التي انجزها الأردن واتفاقيات مناطق التجارة الحرة مع عدد من الدول تستدعي من الحكومات ترك القطاع الزراعي لوحده دون تدخل من الحكومات ليكون قادراً على التكيف مع التحولات العميقة, التي تجتاح العالم, فحسب دعاة التوقف عن دعم القطاع الزراعي ظلوا يرددون من دون كلل ولا ملل مقولة ان القطاع غير القادر على إنتاج سلع وخدمات منافسة في ظل سياسة الأسواق المفتوحة, وعليه إفساح المجال لغيره من القطاعات لأخذ زمام المبادرة والانطلاق أو بمعنى أدق اعتماد نظرية نيتشه حول الضعفاء والاقوياء حينما اعتبر ان الكائن البشري غير القادر على التكيف ومواجهة الواقع, عليه إفساح المجال أمام القوي لأن ما يأكله الضعيف من غير ان يتكيف يذهب هباءً منثوراً, والاقوياء يحتاجونه لتزداد قوتهم.

مناهضو القطاع الزراعي أو أعداؤه لم يكتفوا بمبررات مرتبطة بنظريات "نيتشه" بل تعدّوا ذلك إلى نظريات "دارون" و"لامارك" الخاصة بالتطور وبالنشوء والارتقاء, بل وصل الأمر عند أحد الوزراء من الليبراليين الجدد ان اعتبر القطاع الزراعي الحلقة المفقودة لدى "دارون" وهي القرد في نظريته الخاصة بأصل الأنواع, وعلق يوماً على شكاوى المزارعين المتعلقة بتعويض بعضهم عن أضرار لحقت بهم بسبب الفيضانات بقوله: نحن ندعم المزارع لينتج سلعاً لا تجد أسواقاً, وان وجدت فاسعارها وجودتها لا تنافس, والأولى ان نستورد المنتجات الزراعية لأن كلفتها اقل من انتاجها ناهيك عما تهدره الزراعة من مياه شحيحة, هي جزء من حصة الأجيال المقبلة من الأردنيين.. ويستدرك قائلاً: كيف بامكانكم اقناعي بجدوى دعم قطاع الزراعة وهو قطاع ظلت الدولة الأردنية تنفق عليه على مدى نصف قرن مضى نسبة مرتفعة من مواردها, وهو قطاع بالكاد يساهم بنسبة لا تتجاوز 4% من الناتج المحلي الإجمالي, بينما تساهم القطاعات الأخرى بنسب كبيرة ولا تحظى باهتمام الدولة كما تهتم بالقطاع الزراعي؟

المزارعون حسب وزير الزراعة الأسبق شراري الشخانبة بسبب صوت مناهضي القطاع الزراعي المرتفع وتبوئهم مناصب رفيعة في الحكومات, ظلوا عاجزين عن الرد على المناهضين خاصة بعد ما تبين ان مراكز صناعة القرار لا تجد فيما يردده هؤلاء ما يستدعي التوقف أو المراجعة, حتى وصل الأمر حسب مزارع فضل عدم ذكر اسمه إلى ان أوساطاً زراعية باتت تؤمن بعدم جدوى مقاومة التغيير, وحقائق العصر تؤكد ما ذهب إليه المناهضون واخذوا ينسحبون من دورة الإنتاج بالتدريج, ولولا غريزة حب البقاء وتراث يضرب عميقا داخل الشخصية الأردنية مرتبط بمفردات خاصة بكون الأردني فلاحاً أو بدوياً ابتداءً لانطوت الحيلة على المزارعين, ولتحول ما يقرب من مليون ونصف مواطن أردني من حقولهم ومن تحت اشجارهم ومن خلف شلاياهم من الماشية إلى متعطلين يتلظون أمام مكاتب الاستخدام, أو في طوابير المعونة الوطنية وصناديق الزكاة والمساعدات.

أسئلة
هل القطاع الزراعي عالة على الدولة؟ وإن كان كذلك, فهل هناك ما يبرر دعمه؟ وإن كان كذلك, لماذا ظلت الدولة تدعمه؟ هل القطاع الزراعي مهم برغم ضعف مساهمته بالناتج المحلي الاجمالي؟ وهل هو قطاع مولد للاعمال في القطاعات الأخرى؟ وهل دوره في الأمن الغذائي وبالضرورة بالأمن الاجتماعي يفوق حجم مساهمته الاقتصادية؟ وهل القيمة النسبية للقطاع تتجاوز قيمة الاستثمارات الفعلية فيه؟ وهل يمكن تطويره, أم ان الأمر يحتاج إلى معجزة ليتكيف مع التحديات المستجدة؟ وهل المشكلة تكمن في القطاع نفسه أم ان الأمر يتعلق بالدولة نفسها أم له علاقة بغياب السياسات الحكيمة أم بسبب الفشل في تطبيق السياسات؟ وأسئلة أخرى كثيرة كانت ماثلة امام لجنة اعداد الإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية, وهي تبحث وتدرس واقع القطاع وتضع له الإستراتيجية من 2002 إلى 2010 التي رأت النور بعد مباركة الملك عبد الله بن الحسين لها, وتبني حكومة علي أبو الراغب لها عام 2003 ولكن بعد مرور 9 سنوات على طرحها وعامين على تبني وطرح "الوثيقة الزراعية" ما زال القطاع الزراعي يراوح في ذات المساحة التي راوح بها قبل عشرة سنوات وقبل عشرين وثلاثين.. وستين.. الخ.

الإستراتيجية
بذلت لجنة الإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية جهوداً جبارة لإعدادها, وكانت هي المرة الأولى في تاريخ الأردن التي يتم فيها تلمس مشاكل القطاع الحقيقية في محاولة للإجابة عن أسئلة ملحة كان المزارعون يقفون امامها مشدوهين لا يعرفون لها إجابة, فقد قالت الإستراتيجية انه لم يكن متوقعا من الزراعة ان تبقى القطاع الأهم في الاقتصاد الوطني, كما هو الحال في خمسينيات القرن الماضي. فخلال النصف قرن الماضي نمت القطاعات الصناعية والخدمية والسياحية وغيرها بشكل كبير, فيما ظل القطاع الزراعي بطيء النمو, بل العكس هو الصحيح فقد تراجعت رقعة الأراضي الزراعية برغم انه تم استصلاح اراض لم تكن تزرع حينذاك, فبالتدريج تراجعت مساهمة القطاع الزراعي بالناتج المحلي الاجمالي مما يزيد عن 50% في خمسينيات القرن الماضي إلى 14.4% عام 1971 والى 7.1% عام 1980 و6% عام 1995 والى 3.8% عام 2000.

قالت الإستراتيجية أيضاً ان تراجع مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الاجمالي أدى إلى بروز وجهة نظر ترى في القطاع عبئاً على الاقتصاد الوطني, ويقف أصحاب وجهة النظر هذه موقفا سلبيا ويطالبون بتقليص دوره لصالح قطاعات بديلة بدلا من معالجة أسباب ترديه, وكان لغياب البيانات الاحصائية الدقيقة دورا في تنامي وجهة النظر هذه, وبسبب الموقف السلبي من قطاع جرى احتساب بعض جوانب الإنتاج بأقل من قيمتها الحقيقية واهمال دور القطاع في توليد الأعمال بالقطاعات الأخرى واسقاط دور القطاع في توفير المنتجات الغذائية من الخضار والفواكه واللحوم والالبان والبيض, بأسعار مناسبة. وما يوفر ذلك على الدولة من العملة الصعبة, وما تخلقه هذه المنتجات من حالة أمن واستقرار بسبب الأبعاد الاجتماعية أي ما يلعبه الأمن الغذائي من ادوار في معادلة الأمن الاجتماعي, وحتى السياسي والأمني البحت إضافة إلى الدور المهم في المحافظة على البيئة المهددة بالتحول, خاصة في البعد الخاص بظاهرة التصحر, لهذه الأسباب ولأسباب أخرى جرى التعامل مع القطاع الزراعي وفق الإستراتيجية بمنهجية جديدة مختلفة, ولكن!

تحديات أمام الإستراتيجية
بعد مرور 9 سنوات من تبنى هذه الإستراتيجية, ما زالت الأوضاع كما هي, حتى انها تراجعت, ولعل التحديات التي رافقت مراحل تنفيذ الإستراتيجية قد لعبت دورا في تراجع القطاع وتدني مخرجاته, فحسب "الوثيقة الزراعية" التي اعدتها وزارة الزراعة عام 2009 تمثلت التحديات التي حالت دون تنفيذ ما جاء في الإستراتيجية فيما يلي:
1. ارتفاع تكاليف البرامج والمشاريع الواردة في الإستراتيجية وضعف التمويل.
2. ضعف النشاطات الترويجية. 3. تداخل البرامج والمشاريع مع القطاعات الأخرى.
4. ضعف التنسيق والتعاون بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ الإستراتيجية وداخل القطاع العام نفسه.
5. ضعف الاتصال مع مراكز البحوث والمؤسسات الأكاديمية العالمية.
6. اقتصار مسؤولية التنفيذ على وزارة الزراعة.
7. عدم التزام المؤسسات والوزارات الأخرى بالوفاء بتنفيذ ادوارها في مشاريع وبرامج الإستراتيجية.
8. عدم التقيد بالالية الموضوعية بالاستراتيجية.
9. ضعف الإدارة الفاعلة لتطوير القطاع وغياب اللوبي الزراعي الداعم لها.
10. الاهتمام بالدعم الموجه إلى الإنتاج مباشرة وضعف الدعم الموجّه إلى البحث ونقل التكنولوجيا والبنى التحتية.
11. تغير البيئة الاقتصادية والخارجية.

القطاع بعد عام 1975
طرأت على القطاع الزراعي منذ عام 1975 تحولات نمطية عميقة, فهذا العام يعتبر فاصلا في تاريخ الأردن بقطاعاته كافة, فبسبب الطفرة النفطية الأولى التي حدثت بعد استخدام الدول العربية النفطية سلاح النفط في معركة رمضان عام 1973, وقفز سعره من دولارين للبرميل الواحد منه إلى 8 دولارات وما نتج عن ذلك من خلق تراكماً نقديا كبيرا في هذه الدول, انعكس بشكل مباشر على دول عربية غير نفطية ومنها الأردن, فالمال المتراكم أصاب الأردن بنسبة منه عبر تحويلات الأردنيين العاملين في الدول النفطية أو المساعدات المباشرة لموازنة الدولة من هذه الدول, أو القروض والمنح الموجهة لمشاريع بعينها تبنتها صناديق استثمارية خليجية, فشهد الأردن جراء ذلك طفرة واضحة المعالم في قطاع الانشاءات حتى وصل الأمر إلى درجة ان اعتبرت إحدى البيانات غير المؤكدة ان ما تم بناؤه ما بين عامي 1975 و1980 يعادل ما كان مبنيا في الأردن عبر التاريخ, والغريب ان التوسع في البناء جاء بسبب غياب قانون لاستخدامات الأراضي على حساب الأراضي الزراعية المحدودة في المملكة, وهو ما دفع البعض للاعتقاد بأن الأمر يحمل في طياته مؤامرة حتى لو لم يكن هناك متآمرون.

التغيرات في الموارد
1. المياه: بلغت كمية المياه المتاحة من المياه عام 1975 بحدود 350م مكعب من المياه السطحية و74م مكعب إلى ما مجموع 557م مكعب عام 1978 والى ذات الكمية تقريبا العام الماضي, أي ان كمية المياه المخصصة للزراعة ظلت على حالها برغم ان عدد السكان تضاعف مرتين خلال نفس المدة.
2. الأراضي الزراعية: زادت مساحة الأراضي التي تم الانتهاء من مسحها وتمليكها من حوالي 14 مليون دونم عام 1975 إلى 24 مليون دونم عام 2000, يشار إلى ان ما يقارب من مائة ألف هكتار من الأراضي الزراعية خرجت من عمليات الإنتاج وتضاعفت الحيازات الزراعية من حوالي 50 ألف حيازة عام 1975 إلى ما يقارب من 150 ألف حيازة الآن.
3. الموارد البشرية: في ستينيات القرن الماضي كان القطاع الزراعي يستوعب نحو 33% من مجموع القوى العاملة الأردنية, تراجعت بشكل ملحوظ خلال العقود الخمسة الماضية لتصل إلى ما دون نسبة الـ 5%.

استعمالات الأراضي
1. تراجع مساحة الأراضي البعلية بسبب التوسع العمراني.
2. ازدادت المساحة المزروعة بالاشجار خاصة اشجار الزيتون التي تتجاوز اليوم 11 مليون شجرة في حين لم تكن تصل إلى مليون شجرة عام 1975.
3. تراجع المساحات المزروعة بالبقوليات وتذبذب المساحات المزروعة بالحبوب.
4. ازدياد المساحة المزروعة بالخضروات.
5. ازدياد المساحة التي تترك من دون استغلال "بور". 6. ازدياد الأراضي المروية.
7. ازدياد الأراضي الصخرية المستصلحة. 8. تراجع مساحة أراضي الغابات والحراج.

التغير في التشريعات والسياسات
1. تم تأسيس مؤسسة الاقراض الزراعي.
2. اقرت الحكومة نظام إفراز الأراضي أي الشركاء.
3. تأسيس المركز الوطني للبحوث الزراعية.
4. سياسات واستراتيجيات في مجالات التصحر وتطوير المراعي وتنمية القطاع والتنوع الحيوي.
5. قانون البيئة.
6. إستراتيجية وطنية للبحوث الزراعية.
7. إعادة هيكلة وزارة الزراعة 1998.
8. تأسيس اتحاد المزارعين عام 1999.
9. تحرير التجارة والانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
اللواء تحاور
"اللواء" التقت للكتابة في هذا الموضوع وزير الزراعة الاسبق شراري الشخابنة وهو ابتداء مزارع أباً عن جد ويمتلك أراضي زراعية, وعمل في التلفزيون الأردني بالإعلام الزراعي وهو أحد مؤسسي الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين, وكان ثاني رئيس له. والتقت رئيس اتحاد المزارعين الحالي عودة الرواشدة, وهو مزارع وعضو الهيئة الإدارية للاتحاد لعدة دورات والتقت الدكتور فيصل عواودة وهو مدير المركز الوطني للبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا والارشاد الزراعي, وكان قد شغل منصب نائب أمين عام وزارة الزراعة, وعمل على مدى ربع قرن في مشاريع بحثية زراعية والتقت عدداً من المزارعين, واحد منهم من الأغوار الجنوبية وهو "أبو علي الهويمل" ومزارعاً من منطقة الواله فضل عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة وعضو اتحاد المزارعين السابق عودة السرور وأمجد عبد محمد من مزارعي الأغوار الشمالية والتقت ثلاثةً من أصحاب الحيازات من الماشية.

مشاكل القطاع
مشاكل القطاع الزراعي تتماثل إلى حد بعيد بين عام وآخر, فحسب العواودة تتكرر المشاكل وتتشابه, لأنها مرتبطة بمتغيرات ثابتة, فالآفات الزراعية لن تنتهي مهما تطور العلم, والأمراض كذلك. وارتباط جودة المواسم بكمية المياه المتاحة وبكمية الهطول المضطرب ومتغيرات أخرى لا يمكن لإرادة البشر التدخل في تفاصيلها, ولكن يمكن التخفيف من وطأتها وتتمثل مشاكل القطاع في:
1. تراجع مساحة الأراضي المزروعة.
2. تنامي ظاهرة البناء على حساب الأراضي الزراعية.
3. تفتت الملكيات الزراعية وما يمكن ان تشعله هذه المشكلة من معيقات امام صغار المزارعين تجعلهم غير قادرين على مواجهة التحديات ومعالجة مشاكلهم.
4. سوء استغلال الأراضي الزراعية وتدمير غطائها النباتي.
5. الرعي الجائر.
6. تذبذب كميات الامطار وتدني كمية مياه الري.
7. استنزاف الاحواض الجوفية.
8. التعدي على الأراضي الحرجية.
9. ضعف التاهيل الفني للعمال الزراعيين.
10. تذبذب الإنتاج في الشفا وتدنيه في الأراضي المروية وتدني الإنتاج الحيواني.
11. تدني جودة بعض مستلزمات الإنتاج.
12. ضعف القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية الوطنية.
13. غياب المواءمة بين احتياجات الأسواق والإنتاج.
14. ضعف التنسيق بين الإنتاج الحيواني والإنتاج النباتي.
15. ضعف استخدام التكنولوجيا الحديثة.
16. ضعف اتحاد المزارعين.
17. اتساع الفجوة السعرية بين المنتج والمستهلك بسبب تعدد حلقات البيع والتوزيع.
18. ارتفاع المخاطرة السعرية.
19. ارتفاع نسبة التالف والفاقد.
20. ضيق السوق المحلية.
21. الضعف في افتتاح اسواق خارجية جديدة.
22. الضعف في الزراعات التعاقدية.
23. ضعف نظام المراقبة على الجودة.
24. تدني جودة البنى التحتية للتسويق من مشاغل تعبئة وتدريج وعمليات الترويج والنقل وغيرها.
25. غياب الخطط الحكومية الشمولية للقطاع.
26. غياب التخطيط الاستراتيجي.
27. ضعف مشاركة القطاع الخاص في التخطيط.
28. ضعف التعاون بين المؤسسات الحكومية.
29. ضعف الموارد اللازمة للتنمية الزراعية.
30. ضعف بنية أنظمة المعلومات الزراعية.
31. ضعف البحوث الزراعية.
32. ضعف التدريب والتأهيل.

بيانات احصائية
يشير الكتاب السنوي الاحصائي الصادر عن دائرة الاحصاء العامة لسنة 2010, ان مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل الحقلية بلغت 1.286 مليون دونم, وبالخضروات 480 ألف دونم, وبالأشجار 827 ألف دونم, وان عدد الماشية في الضان 2.176 مليون رأس, والماعز 752 ألف رأس, والمجموع الكلي لعدد الابقار 65.5 ألف رأس, وان القمح احتل المركز الثاني من حيث مساحة الأراضي المزروعة بالقمح من المحاصيل الحقلية للعام 2010 فقد بلغت 300 ألف دونم, تم حصد ما مساحته 215 ألف دونم منها انتجت 22 ألف طن من القمح, وهذا يعني ان ما مساحته 85 ألف دونم من الأراضي المزروعة بالقمح لم تثمر بشكل جيد, ما دفع أصحابها إلى عدم حصدها وتشكل ما نسبته 22% من المساحة الكلية للأراضي المزروعة بالقمح واحتل الشعير المرتبة الأولى بمساحة مزروعة وصلت إلى 830 ألف دونم, ولكن لم يتم حصد سوى المزروع في مساحة 195 ألف دونم أي ان نسبة ما لم يثمر من الأراضي المزروعة بالشعير بلغت بحدود 79% تقريباً.

بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالبندورة في العام 2010 للزرعات الصيفية والشتوية 141 ألف دونم انتجت بحدود 737 ألف طن, والبندورة المرتبة الأولى بين الخضروات, وتأتي البطاطا بالمرتبة الثانية بمساحة 58 ألف دونم بإنتاج 174 ألف طن والبطيخ في المرتبة الثاثة بمساحة 37 ألف دونم وانتاج 153 ألف طن والكوسا في المرتبة الرابعة بمساحة 34 ألف دونم وانتاج 70 ألف طن, والخيار بالمرتبة الخامسة بمساحة 30 ألف دونم, وانتاج 105 ألف طن, واما بالنسبة للأشجار فقد احتلّ الزيتون المرتبة الأولى بمساحة أرض تتجاوز 600 ألف دونم مزروع فيها بحدود 11 مليون شجرة مثمرة تقريبا انتجت العام الماضي بحدود 171 ألف طن من الزيتون, تأتي الحمضيات في المرتبة الثانية بمساحة 70 ألف دونم مزروع فيها 2.2 مليون شجرة, منها 2 مليون شجرة مثمرة, انتجت العام الماضي 120 ألف طن من الحمضيات, والعنب في المرتبة الثالثة بمساحة 32 ألف دونم مزروع فيها 2.7 مليون شجرة, منها 2.4 مليون شجرة مثمرة, أنتجت 30 ألف طن من العنب العام الماضي, ويأتي التفاح في المرتبة الرابعة بمساحة 23 ألف دونم مزروع فيها 1.5 مليون شجرة 1.34 مليون شجرة منها مثمرة, انتجت 29 ألف طن العام الماضي والموز بالمرتبة الخامسة بمساحة 18.5 ألف دونم, مزروع فيها 1.89 مليون شجرة, 1.46 مليون شجرة مثمرة انتجت 44 ألف طن من الموز العام الماضي.

تفيد البيانات الاحصائية أيضاً ان البندورة تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة كمية الإنتاج إلى كمية المستهلك محليا, فنسبة ا لاكتفاء الذاتي بلغت العام الماضي في البندورة 201%, ويأتي بيض المائدة بنسبة 116%, وزيت الزيتون بنسبة 107%, والزيتون المحفوظ بنسبة 105%, والزيتون 102%, والحليب الطازج 100%, أي ان الأردن مكتفٍ ذاتيا فقط بالمواد السابقة, وهي البندورة وبيض المائدة والزيتون وزيته والحليب, وأما الفجوة الغذائية في المواد الأخرى فأعلاها بالمواد الأساسية التي لا ينتج الأردن منها شيئا مثل الأرز والسكر والفاصولياء والقهوة والشاي وهذه نسبة الاكتفاء الذاتي صفر بالمئة يأتي العدس بعدها بنسبة 2.6% فالقمح 4.3% فالشعير 4.4% فالاسماك 4.5% فلحوم الابقار 8.9% فالحمص 12.9% فلحوم الضان 24.3% فالبرتقال 60.9% فالليمون 82.4% فالبطاطا 83.8% فلحوم الدجاج 87.3% فلحوم الماعز 98.7%.

الشخابنة
يعتبر وزير الزراعة الأسبق شراري الشخابنة ان المشاكل الزراعية تراوح مكانها منذ أمد بعيد بسبب عدم وضوح الرؤية الصحيحة للتنمية الزراعية, والتغيير السريع للقيادات الزراعية, فالمسؤول الذي لا يمكث في منصبه سوى أشهر غير قادر على تمثل احتياجات القطاع الحقيقية والالمام بتفاصيلها, ووضع الخطط الإستراتيجية وتنفيذها, فبالكاد يتسلم المسؤول مهام منصبه والبدء في التعرف على مفاصل العمل حتى يتم استبداله, يشار في هذا السياق ان أحد رؤساء الوزارات حينما كلف بتشكيل حكومة اتصل بشخصية طالباً منها الانضمام إلى التشكيلة الجديدة للحكومة, إلا انه اشترط ان يتسلم منصب وزير الزراعة, وان يضمن له الرئيس المكلف ان يبقى في منصبه 4 سنوات ليتسنى له تحقيق بعض النتائج, إلا ان الرئيس اعتذر منه قائلاً: أنا إلا اضمن نفسي الجلوس 4 سنوات, فما بالك ان اضمن غيري فاعتذر الشخصية عن المشاركة في الحكومة, وهذه القصة ليست على لسان الشخانبة, وأراد كاتب السطور لتاكيد ما ذهب إليه الشخانبة في هذا السياق, فالوزير الذي لا يمكث اربع سنوات أو أكثر في منصبه غير قادر على تحقيق شيء.

التسويق
يقول الشخابنة: ان الاختناقات التسويقية التي يعاني منها القطاع الزراعي ما زالت قائمة منذ سبعينيات القرن الماضي, صحيح ان الحكومة اتجهت منذ عشر سنوات تقريباً إلى تاسيس شركة تسويق زراعية كبرى تقوم بمهمة الترويج وفتح الأسواق والتسويق والغت مؤسسة التسويق الزراعي وقانونها حتى يتسنى للقطاع الخاص المبادرة وتشكيل هذه الشركة وقامت وزارة الزراعة باعداد دراسة تفصيلية بهذا الخصوص, ولكن القطاع الخاص لم يبادر ولم يشكل الشركة, وما زالت الأمور على حالها منذ عشرة سنوات, مشكلات التسويق الزراعي ما زالت قائمة, وعمليا لا يمكن للقطاع الخاص ان يؤسس شركة تسويق كبرى من دون ان يكون للحكومة دور, حتى لو كان في البداية على اقل تقدير, ويعتقد الشخابنة ان جهات متنفذة تقف ضد إنشاء شركة التسويق.

مشاكل أخرى
يعاني القطاع من مشاكل أخرى مستعصية كما يقول الشخابنة, فمستلزمات الإنتاج على سبيل المثال تدفع ما نسبته 4% ضريبة مبيعات, وهو ما يرفع من كلفة الإنتاج, ويرفع أسعار المنتجات الزراعية ويفقدها القدرة على المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية في ظل تجارة حرة, ومنتجات تدخل الأردن من دول أخرى تقدم للقطاع الزراعي دعما مباشرا عبر دعم الصادرات الزراعية, مثل تركيا ودعما غير مباشر, ويقول الشخابنة انه على الرغم من توفر العلاجات بالمجان في عيادات وزارة الزراعة البيطرية ووجود أطباء بيطريين ومهندسين زراعيين يرشدون المزارعين إلا ان الأمراض التي كانت موجودة ما زالت موجودة, وبرغم التوعية والارشاد ما زال المزارعون يقعون في نفس المشاكل التي كانت في السابق في هذا السياق.

كميات مهدورة
تصل كمية الخضروات التي تذهب هدرا إلى 400 ألف طن كل عام تقريبا, وتتجاوز هذا الرقم في بعض الأحيان, فالأردن ينتج كمية يستهلك نصفها, ويصدر ربعها, والربع الأخير يتم اتلافه, وذلك لأسباب عدة, من أبرزها غياب التوعية والارشاد بشكل صحيح لدى المزارعين, وعدم قدرة القطاع على فتح أسواق جديدة, وارتفاع كلف الإنتاج ومنافسة البضائع المستوردة للمنتجات المحلية, وغياب الصناعات الغذائية القادرة على تصنيع ما يزيد من الخضار والفواكه.

التاريخ : 2011/12/27




لماذا تم تدمير الزراعة ومَن فعل ذلك؟-2- الأردن يتلف سنوياً نصف مليون طن من المنتجات الزراعية قيمتها 50 مليون دينار


القطــاع الزراعـــــــي بــين عهدين
∎ حكومة الإستراتيجية الزراعية هي التي حملت معول هدمها
∎ في مشروع صندوق المخاطر الزراعية صار المدير أهم من الصندوق
∎ السياسة الضريبية للحكومة أسهمت في ذبح القطاع الزراعي
∎ مطلوب إقامة أسواق كبرى وأخرى موازية للتخفيف على المزارع والمستهلك
∎ الأمن الغذائي هو الحلقة الأخطر في منظومة الأمن الوطني
∎ غياب قانون لاستخدام الأراضي ساهم في القضاء على الأراضي الزراعية
∎ رب العمل الوافد خطر حقيقي على الزراعة ومخالفة قانونية واضحة


∎ اللواء - محمد أبو عريضة
الإستراتيجية الزراعية
الشخابنة يعتقد انه لو قيض للمشاريع الواردة في الإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية ان تنفذ لتحقق نمو حقيقي في القطاع يفوق التوقعات، ولكن ما جرى يغلب عليه الخيال فالحكومة التي تبنَّت الإستراتيجية عام 2002 كانت تحمل معاول لتدمير القطاع، ولا سيما ان الجهات المعنية بتمويل المشاريع الزراعية يرأسها من لا يؤمن بالقطاع الزراعي، ويعتقد انه عبء على الدولة ولم يكن موقف الحكومات اللاحقة أفضل حالاً من حكومة أبي الراغب، فقد بدى القطاع الزراعي وكأنه يتيم بلا أب يحميه أو أم تحنو عليه، فالمزارعون والمواطنون على السواء لم يروا أية فروقات ما بين الأوضاع الخاصة بالقطاع الزراعي و/أو بالأمن الغذائي قبل اقرار الإستراتيجية وبعد الاقرار، فلسان حالهم يقول (أسمع جعجعة ولا أرى طحنا).
صندوق المخاطر
من بين المشاريع المهمة التي اقرتها الإستراتيجية الزراعية وينسحب عليه الإهمال كما ينسحب على غيره من مشاريع، هو صندوق المخاطر الزراعية فمنذ بدأ الإنسان باستئناس الطبيعة واكتشف الزراعة وهو يواجه اعتباط الطبيعة وغلوائها كالفيضانات والصقيع والسيول والانجرافات والحرائق والجراد والزلازل.. الخ وما ينتج من هذه المخاطر من أثار كارثية على زراعته، لذلك فانه بات من الضرورة بمكان إيجاد وسيلة لحماية المشاريع الزراعية من أخطار تهددها لا تتدخل فيها إرادة البشر، وكان من المفترض ان يباشر العمل بهذ الصندوق منذ عام 2005 فالشخابنة حينما كان وزيراً للزراعة حتى نيسان 2005 كان صندوق المخاطر على وشك رؤية النور، فقد استعرض الشخابنة حينذاك مع زملائه في الوزارة تجاربا لدول عدة اجتهدت في هذا السياق أو نجحت في إيجاد حماية للمشاريع الزراعية عبر صناديق للمخاطر الزراعية، وتقرر ان يبدأ العمل بالصندوق عام 2005 وكانت الحكومة على وشك دفع مبلغ 5 ملايين دينار للبدء بهذا الصندوق ومنحه محطتين لتدريج وتعبئة المنتجات الزراعية، لتوفير مصادر دخل له، ليكون قادرا على الاستمرار إلا ان قصة الصندوق ضاعت مع الوقت في أروقة وزارة الزراعة، وأصبحت قضية مدير الصندوق أهم من الصندوق نفسه ولا بواكي للمزارعين.
ضريبة الـ 4٪
في الوقت الذي تتراجع فيه دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية عن مبدأ روجت له كثيراً يتمثل في وقف الدعم عن القطاع الزراعي، ليكون قادراً على الاستمرار بفضل قواه الذاتية، ما زال الأردن مصرا على ذات المبدأ بل ان الحكومات المتعاقبة لم تكتف بالتخلي عن القطاع، بل ذهبت إلى ابعد من ذلك، وفرضت على مدخلات الإنتاج ضريبة مبيعات بقيمة 4٪ ما يرفع من كلفة الإنتاج ويجعل المنتجات الزراعية الوطنية غير قادرة على منافسة مثيلاتها في الأسواق الخارجية والأسواق المحلية أيضاً، فالبطاطا المستوردة من تركيا على سبيل المثال لا تزيد كلفتها على المنتج التركي عن 60٪ من كلفتها على المنتج الأردني، لأن المنتج التركي معفي من الرسوم والضرائب، ناهيك عن الدعم المالي المباشر المقدم للصادرات من المنتجات الزراعية، لذلك فإن البطاطا التركية واللبنانية أحياناً تكون ارخص من المحلية.
أسواق موازية
ينسحب أمر ضريبة الـ 4٪ على رسوم 4٪ الخاصة، لذلك فانه من الضروري اليوم إدخال القطاع التعاوني ليكون رديفاً للقطاع الزراعي عبر شراكات حقيقية، ليكون قادرا على توفير مستلزمات الإنتاج باسعار مقبولة تمهيدا لكسر حلقتين من حلقات استيراد والاتجار بالمستلزمات الزراعية، هما حلقتا المستورد وتاجر الجملة، والشخابنة على قناعة انه لو تم إلغاء ضريبة الـ 4٪ وبادر القطاع التعاوني وأسس جمعيات لاستيراد وانتاج مستلزمات الإنتاج، فإن كلفة إنتاج المحاصيل الزراعية ستنخفض بنسبة لن تقل عن 25٪.
أسواق موازية
ما ينطبق على أمر ضريبة الـ 4٪ ينسحب على رسوم الـ 4٪ الخاصة بالمنتجات الزراعية التي تتقاضاها اسواق الجملة ونسبة الـ 13٪ التي يتقاضاها ''الكومسنجية'' ما يستدعي العمل بسرعة لإقامة اسواق كبرى في مواقع الإنتاج على غرار سوق العارضة، ليتسنى للمزارعين عرض منتجاتهم مباشرة امام الجمهور من دون وسطاء لتخفيض الكلفة على المستهلكين، ورفع أرباح المزارعين، كما انه بات من الضروري إلزام تجار الأسواق المركزية بفتح اسواق موازية للبيع بشكل مباشر للمستهلكين لكسر إحدى حلقات التوزيع والتخفيف عن كاهل المواطنين.
جيش المزارعين
يعتقد الشخابنة ان الدور العظيم الذي يقوم به المزارعون في توفير السلع الزراعية باسعار في متناول يد الغني والفقير على السواء وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي، وهو الأمن الذي يحتل مكانة مرموقة له في مصفوفة الأمن الاجتماعي والأمن السياسي، دور يشبه إلى حد بعيد دور الجيش في حماية أمن الوطن وحدوده، فحسبه حينما تشتري أسرة أردنية مكونة من 5-6 أفراد صندوق باذنجان وآخر بندورة وثالث زهرة ورابع بطاطا بعشرة دنانير تكفي لإطعام أفراد الأسرة لمدة أسبوع، فإن هذه الأسرة والأخرى التي تشبهها تستطيع توفير متطلبات أفرادها من الغذاء باسعار تتناسب مع دخلها، وبذلك يتوفر أحد أهم عناصر الأمن الغذائي وهو الخضار.
الصناعات الغذائية
تقدر كمية التالف من المنتجات الزراعية بحدود 400-500 ألف طن سنويا، وهذا يتكرر سنويا، وهذ يمكن ان تتجاوز كلفة انتاجها 50 مليون دينار، أي ان القطاع الزراعي يتلف سنويا منتجات زراعية بمبلغ يزيد عن 50 مليون دينار، والأمر لا يتعلق فقط بهذا المبلغ بل بكميات المياه المستهلكة لانتاج سلع زراعية يتم إتلافها، وكمية المياه بالملايين أيضاً، وهي كمية كبيرة حتى لو كانت قليلة بمقياس الكميات الكلية التي يستهلكها الأردنيون من المياه سنوياً، لأن الأردن اليوم بات الأفقر مائياً على المستوى العالمي.
لتفادي تكرار تجارب فاشلة فانه بات من الضروري اليوم العمل على وضع خطط قابلة للتنفيذ لايجاد منافذ تسويقية للكميات الزائدة عن الحاجة من المنتجات الزراعية أو التوقف عن زراعة نسبة من الأراضي الزراعية التي تنتج فواكه وخضاراً يتم إتلاف جزء منها، والأفضل من هذا وذاك هو تشجيع مبادرات القطاع الخاص لتاسيس مصانع لانتاج مواد غذائية عبر الحفظ والتعليب والعصر وخلافها.
د. فيصل العواودة
يعتقد مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية د. فيصل العواودة أن المشاكل الزراعية متكررة، والقول إن المزارعين اليوم يعانون من مشاكل كان يعاني منها آباؤهم وأجدادهم ما يدل على ان الزراعة لم تتقدم ''قيد انملة'' قول غير دقيق، فإذا ما عاد المرء إلى ما قبل 40 أو 50 عاماً فانه يكتشف ان النمط الزراعي الأردني تغير بشكل ملحوظ، فما كان سائدا هو زراعة الحبوب في ظل مدن صغيرة قليلة السكان، ولكن بسبب جفاف نهر الأردن - نهر الأردن جف بسبب سرقة إسرائيل ما يصل إلى مليار متر مكعب كل عام من النهر ومن روافده ومصادره ''المحرر''- والتغير الملحوظ في المناخ وارتفاع عدد السكان واحتلال الضفة الغربية، كل ذلك تسبب في حدوث تحولات نمطية عميقة في النمط الزراعي ابتدأت مطلع سبعينات القرن الماضي، وعلى مدى 40 عاماً تغير الواقع وأصبحت الصورة العامة عن الزراعة مختلفة كلياً.
الجامعات الأردنية
ينفي العواودة وجود سياق محدد في السياسات الزراعية دفع باتجاه اختيار أحسن أراضي المملكة لزراعة الحبوب لتشييد مباني الجامعات الأردنية الرسمية عليها، الجامعة الأردنية كان مكانها مستنبتات تابعة لوزارة الزراعة، وجامعة اليرموك التي كان مكانها مديرية زراعة إربد، وجامعة مؤتة التي كانت أرضها تغل قمحاً في معظم السنوات، وجامعة العلوم والتكنولوجيا التي كانت الأراضي التي تحتلها اليوم تنتج في بعض الاعوام كميات مناسبة من الحبوب برغم انها تقع على سيف البادية، ولا تهطل عليها كميات كبيرة من الأمطار مقارنة بمثيلاتها من الأراضي الغربية والوسطى في محافظة إربد.
قانون استخدام الأراضي
العواودة يعتقد ان نسق الإدارة العامة في الدولة الأردنية كان يأخذ بعين الاعتبار وهو يتخذ القرارات ويفكر بالمصالح العليا للدولة ما هو أهم من ألف دونم يزرع بالقمح أو بالشعير، ومع ذلك فإن غياب قانون لاستخدامات الأراضي سمح بالتغول على الأراضي الزراعية وأدى إلى استبدال المزروعات من الحبوب والخضار والفواكه بالخرسانة، وإذا بالعمران يمتد إلى المناطق غرب المدن بدلاً من الاتجاه شرقاً حيث الأراضي اقل خصوبة، وكمية الأمطار اقل، وبدلاً من ان يلعب العمران دوراً في مقاومة زحف الصحراء عبر الاتجاه إلى التعمير في الأراضي الصحراوية أو المحاذية لها التي يصعب استصلاحها، وليس هناك أفق لتوفير كميات مناسبة من المياه لاستزراعها حدث العكس، وإذا بالعمران يلعب دوراً معاكساً لصالح التصحر، فلو توفر قانون لاستخدامات الأراضي قبل خمسين عاماً على سبيل المثال، لما وصلت الأوضاع الزراعية إلى ما وصلت إليه اليوم خاصة في البعد المتعلق بالاراضي الزراعية البعلية التي كانت تعتمد على مياه الامطار لري المزروعت فيها.
ظروف معاكسة
العواودة يعتقد ان البكاء على الطلال لا يفيد إلا بقدر الاستفادة من التجربة لعدم تكرارها ووقف التدهور، والمطلوب اليوم مواجهة الظروف المعاكسة التي تحول دون تطور القطاع الزراعي وتتمثل في:
1. الزحف العمراني 2. التحديات التسويقية 3. التغيرات المناخية 4. شح المياه -الأردن افقر دولة في العالم 5. ارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج 6. الكوارث الطبيعية ما يستدعي العمل بسرعة ليرى صندوق المخاطر الضوء.
إدماج المزارعين
يتساءل العواودة: لماذا لم نتمكن من المحافظة على المزارعين وعلى المزارع على السواء؟ يقول: إن الدولة لم تتمكن من إحداث قفزات نوعية في التنمية الزراعية أسوة بدول العالم ولا سيما ان التطورات المذهلة في التقنيات الزراعية التي حدثت خلال العقود الثلاثة الماضية، كانت يمكن لها ان تحقق نتائج عظيمة لو انتهجت الدولة سياسات زراعية أخرى، فالاستثمار في الزراعة له مخاطر جمة لا تضاهيها مخاطر الاستثمار في القطاعات الأخرى، ما يجعل عوائد الاستثمار الزراعي متدنية مقارنة بغيرها، لذا فإن احجام القطاع الخاص عن المبادرة للاستثمار في القطاع الزراعي مفهوم، ولكن غير مبرر، فلو ان الدولة تنبهت في السابق ووضعت سياسات للقطاع تجعل الاستثمار في الزراعة ذا جدوى مثل باقي القطاعات، وعملت على إدماج المزارعين في مؤسسة الضمان الاجتماعي ووفرت لهم التأمين الصحي، لكانت الصورة اليوم مختلفة تماماً، فمن أهم أسباب عزوف شريحة واسعة من المزارعين عن زراعة اراضيهم وخروجهم من دورة الإنتاج غياب ضمانات للشيخوخة والتامين الصحي في ظل ظروف صعبة إثر التحولات العميقة في نمط الحياة.
الميزات النسبية
قبل عقدين تغيرت الأحوال ولم يعد المزارعون ملزمين باتباع النمط الزراعي الذي كانت وزارة الزراعة تفرضه على المزارعين، وهو الذي كان المزارعون ملزمين بموجبه بزراعة أصناف محددة في أراضيهم، ولكن الأمور تغيرت اليوم، ولا سيما ان القطاع الزراعي غدا اليوم أكثر الماما بالميزات النسبية التي يتمتع بها الأردن بشكل عام، وكل منطقة منه بشكل خاص، خاصة في المناطق الغورية والصحراوية، فقد أخذ المزارعون ينتجون من اراضيهم منتجات لم يكن أحد يحلم بانتاجها في الأردن، مثل ''الفراولة'' و/أو ''الفطر'' وغيرهما بكميات تجارية، فالمزارعون اليوم مع استخدام تكنولوجيا حديثة في الزراعة المحمية، ووسائل الري عظموا الإنتاجية المتأتية من المتر المربع من الأرض من المتر المكعب من المياه.
النمط الزراعي الحديث
تغيرت الأحوال اليوم حسب العواودة، فلم يعد نمط الزراعة الذي ساد قروناً وهو زراعة الحبوب وبعض الخضروات في الأغوار واشجار الزيتون وبكمية اقل العنب والتين واللوزيات في الجبال موجودا اليوم، فالزراعة بعد سبعينيات القرن الماضي أخذت تتجه إلى زراعة الخضروات بكميات كبيرة ومع الوقت وتفتت الحيازات الزراعية ودخول مستثمرين إلى القطاع وادخالهم التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج، باتت نسبة مرتفعة من الأراضي الزراعية لا تدار على ذات نسق إدارة الاسر الزراعية بل أصبحت "Full Computerized" كما هو الحال في المزارع الحديثة ولكن هذا لا يعني ان العمل الزراعي الأسري اختفى، فهو ما زال موجودا، صحيح ان حيازات هذه الاسر تتقلص من جيل إلى آخر، ولكنها لن تختفي بالمطلق خاصة في بعدين اثنين، أولهما امتلاك الأسرة (لشلية ماشية) وامتلاكها عدداً من الدونمات مزروعة باشجار الزيتون بشكل رئيسي، وبشكل عام فإن الثروة الحيوانية تساهم بـ 50٪ من الدخل المتأتي من العمل الزراعي، وان 70٪ من الأراضي المزروعة بالاشجار مزروعة باشجار الزيتون.
الأسر الزراعية
النسق الاقتصادي الاجتماعي للمجتمع الأردني ما زال نسقاً بدوياً أو ريفياً أو مختلطاً وبشكل عام فإن سمات خاصة يتمتع بها المجتمع الأردني تشكل ركائز أمنه واستقراره منشأها هذا النسق صحيح ان سكان قصبات المدن الذين يفترض ان يطلق عليهم صفة ''''مدنيين'' -من المدينة- لجهة اندماجهم في أعمال خاصة بالمدينة، إلا انهم لم يفكوا ارتباطهم بنسقهم الاجتماعي بعد، والمطلوب وفقاً للعواودة العمل الدؤوب للمحافظة على نمط العمل الأسري في الزراعة لأن اندثار هذا الشكل من العمل الزراعي من دون حدوث تحولات تخلق نسقا اقتصادياً اجتماعياً متجانساً من شأنه ليس فقط الأضرار بالقطاع الزراعي، بل إحداث تشققات في النسيج الاجتماعي الأردني، وتفسخات في البنى الاجتماعية الفوقية، لذلك فانه من الضروري اليوم الدفع باتجاه اعتماد الاسر الزراعية على وسائل حديثة في الزراعة لتمكينها من الاستمرار، مثل إدخال تقنية ''الزراعة المحافظة'' التي تحول دون تبخر المياه وفقدان الأرض لرطوبتها، والعمل على تأسيس جمعيات تعاونية، لأن الأسرة الواحدة غير قادرة على توفير المتطلبات الزراعية كافة، مثل التراكتورات والجرارات الزراعية وخلافها، والتركيز على الري بالتنقيط خاصة بالقرب من مصادر المياه الشحيحة، والتركيز على المكافحة الحيوية، وعلى الزراعة العضوية، والتركيز على المؤشر الجغرافي مثل زيت الكفارات، ورمان جديتا، وجميد كركي، وسمن بلقاوي.. الخ.
لماذا تهمل الزراعة؟
يتساءل العواودة: لماذا تهمل الزراعة؟ فالأردن حسبه لا ينقصه كفاءات علمية، ولا عقول تفكر وتضع استراتيجيات وسياسات، بل يحتاج إلى إرادة حقيقية لتطبيق سياسات التنمية بالكامل، ومنها الزراعية فالاردن يحتاج إلى قطاع صناعي قوي وسياحي قوي وشركات تكنولوجية قوية وقطاع تجاري قوي أيضاً، ولكن التنمية -أي تنمية في أي بلد من دون قاعدة زراعية حيوية بوصفها الكفيلة باحداث الاستقرارلن تحدث تنمية حقيقية، حتى لو كانت القطاعات الأخرى متطورة ومتقدمة.
فاقد ما بعد الحصاد
يرى العواودة ان إمكانية السيطرة على فاقد ما بعد الحصاد متوفرة وممكنة، خلافاً للسيطرة على فاقد ما قبل الحصاد، صحيح انه يمكن التخفيف من أثار الآفات الزراعية عبر حسن استخدام منهج المكافحة الوقائية، ويمكن تخفيف آثار الصقيع والسيول وانجرافات التربة وغيرها من الكوارث الطبيعية، ولكن لا يمكن تفادي آثار هذه الكوارث بالكامل، ولكن يمكن السيطرة على حلقات الإنتاج. خاصة ما بعد الحصاد لتقليل الفاقد المتأتي بسبب قصور في أدوات ووسائل الإنتاج، وذلك عبر آليات القطاف الصحيحة، والتوقف عن قطف الزيتون بالعصي على سبيل المثال، والاحتراف في عمليات التعبئة والتدريج، والتوقف عن آلية ''توجيه التعبئة'' التقليدية، التي ظلت تفترض في المستهلك الجهل، فتضع الصنف الأول من المنتج على وجه صندوق الخضار أو الفواكه، والاصناف الثانية في أسفل الصندوق.
عودة الرواشدة
رئيس اتحاد المزارعين عودة الرواشدة استرسل في حديثه مع ''اللواء'' عن اتحاد المزارعين، وعن المشاكل التي يعاني منها، وعن ضعف قدرته على مواجهة ا لاستحقاقات المترتبة على وجوده بسبب غياب التمويل اللازم.
قانون الاتحاد
يقول الرواشدة: ان المعضلة الكبرى أمام اتحاد المزارعين تتمثل في المادة 16 من قانون الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين، فهذه المادة حددت موارد الاتحاد فيما يلي:
1. المساهمات السنوية النوعية من الفروع والاتحاد.
2. المساعدات والهبات والمنح التي يحصل عليها الاتحاد، بشرط موافقة مجلس الوزراء ان كانت خارجية.
3. أية إيرادات أخرى تأتي للاتحاد مقابل نشاطاته المختلفة مما يدخل في أهدافه.
طالب الاتحاد خلال السنوات الماضية أكثر من مرة ولأكثر من حكومة، بضرورة إجراء تعديل على هذه المادة في قانونه، وذلك عبر تعديل المادة بإضافة نص يعطي الاتحاد ما نسبته 15٪ من قيمة الرسوم المستوفاة من إدارة أسواق الجملة المركزية للخضار والفواكه عند بيع المنتجات الزراعية، وهذه الأسواق تابعة لأمانة عمان الكبرى وللبلديات، وإضافة نص يعطي الاتحاد ما نسبته 1٪ من قيمة الرسوم المستوفاة في المسالخ التابعة لأمانة عمان وللبلديات عند ذبح الماشية، ونص يسمح للاتحاد بالاتجار بالمستلزمات الزراعية، ونص يسمح للاتحاد بالاستثمار في الأموال المنقولة وغير المنقولة، ولكن بعد مرور 9 سنوات على مطالبة الاتحاد بتعديل المادة 16 من قانونه ما زالت المادة كما هي، والحكومات تعد بالتعديل وتخلف وعودها، فحسبه هنالك أطراف صوتها مسموع أكثر من صوت الاتحاد لا ترغب في إجراء التعديلات المطلوبة على قانون الاتحاد، لأن مصالحها تتضرر جراء ذلك، والقانون اليوم في ديوان التشريع منذ شهر حزيران الماضي.
موازنة الاتحاد
يقدر الرواشدة المبلغ المطلوب للاتحاد حسب الموازنة التقديرية للعام المقبل بمليون دينار.. يشار ان مجلس الوزراء كان عام 2005 قد اتخذ قراراً بتخصيص مبلغ 200 ألف دينار للاتحاد، تدفعها أمانة عمان الكبرى، واتخذ قراراً قبل ثلاثة أعوام بتخصيص مبلغ 100 ألف دينار من الموازنة العامة تدخل في موازنة وزارة الزراعة ومع ان مبلغ الـ 200 ألف دينار التي من المفترض ان يتقاضاها الاتحاد كل عام من أمانة عمان الكبرى، لا تشكل سوى 2٪ تقريباً من دخل الأسواق المركزية في عمان والمحافظات من رسوم الـ 4٪، إلا ان هذا المبلغ لم يأت خلال السنوات السبع الماضية سوى مرة واحدة، فالعام الماضي 2010 وصل الاتحاد من هذا المبلغ 102 ألف دينار فقط، وبشكل عام فانه من المفترض ان يصل الاتحاد خلال السنوات الماضية من أمانة عمان الكبرى مبلغ مليون وأربعمائة ألف دينار، وصل منها 900 ألف دينار فقط.
الفروع
بسبب ضيق حال الاتحاد وعدم قدرته على مساعدة الفروع كما يقول الرواشدة، فإن ستة فروع للاتحاد من أصل 13 فرعاً اغلقت مكاتبها لعدم قدرتها على دفع ايجارات هذه المكاتب، وهي فروع إربد والعاصمة والعقبة ومعان والطفيلة والزرقاء، كما ان الاتحادات النوعية الخمسة وهي اتحادات مربي النحل ومزارعي الموز والنباتات الطبية والعطرية ومربي الدواجن والمحميات من دون مقار، ومن دون موظفين، والأسباب النوعية لا تتمثل فقط في عجز الاتحاد العام والفروع والاتحاد المالي لتغطية النفقات، بل في أسباب أخرى قد تكون عدم إلزامية العضوية في الاتحاد من أبرز الأسباب، فمن بين ما يزيد عن مئتي ألف عائلة تعمل في القطاع الزراعي، لم يتجاوز عضوية الاتحاد العام 15 ألف عضو.
شركة التسويق
الرواشدة يعتبر مشكلة التسويق أخطر ما يواجه القطاع الزراعي، ولعل ما طرحه الاتحاد منذ امد بعيد بتأسيس شركة تسويق يمتلكها الاتحاد أو يمتلك حصة كبيرة من رأسمالها حل توفيقي مناسب للاطراف كافة، فهذه الشركة موضوعيا مزيج ما بين ادارتي القطاع العام والخاص، فلا هي مكبلة بقيود ''البيروقراط''، ولا هي منفتحة من دون قيود، ناهيك عما يمكن ان توفره هذه الشركة من موارد مالية مرتفعة للاتحاد ليتعزز دوره ويتوسع في نشاطاته، ولكن ا ي شركة تسويق فعّالة تحتاج لتقوم بدورها على أكمل وجه إلى رأسمال مرتفع حالة كان الطموح كبيرا قد يصل إلى مئة مليون دينار .
الاستلاب
الرواشدة يتمسك بضرورة ان يكون للمزارعين دورٌ في تسويق منتجاتهم، وفي إدارة شركة التسويق الزراعي، ليس فقط للحيلولة دون تغول القطاع الخاص وتكلس القطاع العام، وليس فقط لتوفير موارد للاتحاد ليرتقي بدوره بل أيضاً لمعالجة معضلة المزارعين المستعصية المتعلقة بعلاقاتهم غير السوية مع تجار اسواق الجملة، والرواشدة لا يلوم هؤلاء التجار إلا بقدر اسهامهم في تكبيل أيادي المزارعين وتحكمهم في تسويق منتجات المزارعين لضمان استردادهم أموالاً كان المزارعون قد استدانوها منهم خلال أشهر العام لشراء مستلزمات الإنتاج وللانفاق على أسرهم، ولكنه يحمل المسؤولية الأكبر للمزارعين الذين لا ينظمون أنفسهم وغير قادرين على تحمل المسؤولية تجاه اراضيهم المزروعة وتجاه أسرهم.
الرواشدة لا يرى في العلاقة العادية بين المزارع وتاجر الجملة حتى لو اضطر المزارع في بعض المواسم إلى الاستدانة من التاجر ولكن بشرط ان لا تتحول المديونية هي جوهر العلاقة، فحين ذاك لا يعود المزارع قادراً على جني ثمار تعبه بشكل عادل، خاصة إذا ما دخل ''الربا'' في العلاقة بين الطرفين، فحسب ما يعرف يلجأ عدد من تجار اسواق الخضار والفواكه المركزية وتجار المستلزمات الزراعية، إلى إضافة نسبة محددة على قيمة الدين، وغالباً ما تساوى اضعاف نسبة الفائدة البنكية بحجة انهم يحصلون عليها من البنوك على شكل قروض ويدفعون عليها الفائدة البنكية والرسوم، ويتحملون عناصر المخاطرة، لأنهم ملزمون امام البنوك بالدفع في أوقات محددة، ناهيك عما يقدمونه حسب أقوالهم من ضمانات للبنوك، والطريقة المتبعة لحصول المزارع على قرض من تاجر الجملة أو لشراء مستلزمات إنتاج بالآجل تتمثل في توقيع كمبيالة يحدد التاجر تاريخ استحقاقها بما يتواءم مع موعد قطاف ثمار التاجر، وقد يلجأ بعض التجار من الأسواق المركزية ومن تجار المستلزمات الزراعية إلى وضع عبارة ''غب الطلب'' على الكمبيالة وتعني ان الدين مستحق الدفع عندما يطلبه صاحبه.
العمالة الزراعية
من المشاكل المزمنة في القطاع الزراعي حسب الرواشدة، مشكلة العمالة الزراعية، فالعمال الزراعيون يحضرون من مصر على اسم المزارعين، ويلجأ بعضهم بعد مرور أيام أو اسابيع من بدء العمل مع المزارعين إلى الهرب للعمل في قطاع الانشاءات، لأن الأجر الذي يحصلون عليه من عملهم عمالاً في هذا القطاع يعادل أكثر من ضعف ما يحصلون عليه من العمل الزراعي، فمياومة عامل ''الباطون'' على سبيل المثال قد تتجاوز 15 ديناراً، بينما لا يتجاوز راتب عامل الزراعة مائتي دينار في أحسن الأحوال، لذلك فإن الرواشدة قام بتكثيف حملات التفتيش على العمالة الوافدة لإعادة من هرب إلى أصحاب العمل الحقيقيين، أو تسفيرهم خاصة ان المزارعين لا يستطيعون الاحتفاظ بوثائق العمال الوافدين لمنعهم من الانتقال إلى صاحب عمل آخر كما يحدث في دول عربية أخرى.
مشاكل العمالة الزراعية الوافدة لا تقتصر على هرب العمال من مزارعهم فقط، فظاهرة ''رب العمل الوافد'' أصبحت شائعة في الأغوار الشمالية والمناطق الصحراوية فعدد من أصحاب المزارع أو الحيازات من الأراضي الزراعية يؤجرون اراضيهم ومزارعهم بنظام ''الضمان'' لعمال من مصر ومن باكستان، وإذا بالعامل الوافد بين ليلة وضحاها يتحول من عامل إلى صاحب عمل، وهذا الأمر فيه ابتداءً مخالفة قانونية، لجهة ان هذا الشخص دخل الأردن للعمل كعامل زراعي وليس كمستثمر وضرر اقتصادي لجهة ان العامل الزراعي لا يمكن له في أفضل الأحوال ان يوفر أكثر من مئة إلى مئة وخمسين دولارا شهريا لتحويلها إلى بلده، ولكن في حالة عمله كمستثمر فانه يمكن ان يحول آلاف الدولارات شهريا إلى بلده، وهذه لا تخضع لأية ضرائب أو رسوم أو خلافه.
المزارعون يعانون من مشاكل أخرى كثيرة من أبرزها حسب الرواشدة ارتفاع كلفة فاتورة الكهرباء على أصحاب الآبار الجوفية خاصة بعد رفع سعر ''الكيلوواط'' من 48 فلساً إلى 61 فلساً إضافة إلى معاناة أصحاب الآبار الجوفية من ارتفاع فاتورة المياه فحسب نظام مراقبة المياه الجوفية فإن صاحب البئر الجوفي يدفع أثماناً للمياه بعد أول 150 ألف متر مكعب يضخها سنويا لعمل بئر. ويطالب الرواشدة برفع الكمية المجانية إلى 250 ألف أو 200 ألف كحد أدنى، ويطالب بتخفيض أسعار الأعلاف لتبقى شريحة مربي الماشية قادرة على مواجهة ظروف الجفاف، ويطالب بمنح هذه الشريحة قروضاً ميسرة من دون فوائد أو بفوائد متدنية، ومنحهم فترة تسهيلات. هذا ''غيض من فيض'' من مشاكل المزارعين كان رئيس الاتحاد الرواشدة وعدد من القيادات الزراعية قد تدارسوا حولها إلى حين تمكنهم من لقاء رئيس الحكومة لوضعها أمامه.
لأسباب فنية بحتة، فإن ''اللواء'' تكتفي بهذا القدر من الحديث عن الشأن الزراعي، فبرغم انها التقت عدداً آخر من المزارعين، إلا أن ما قالوه تم تضمينه في أحاديث الشخابنة والعواودة والرواشدة.

التاريخ : 2012/01/03

تعليقات