لماذا أغلقت قمة الخليج ملف انضمام الأردن؟


لماذا أغلقت قمة الخليج ملف انضمام الأردن؟

∎ قضية فلسطين وتركيبة الأردن السياسية والعمالة.. قضايا لا يريد الخليجيون الاقتراب منها
∎ مخاوف من اهتزاز استقرار الأردن خلال السنوات القادمة
∎ كفة الرافضين لانضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي فازت وطوي الملف

∎ اللواء - الشؤون المحلية

اثار موضوع عدم تطرق القمة الخليجية الأخيرة لموضوع انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي ردود فعل متباينة ومتعددة في الشارع الأردني بين سخط واستياء وعدم تقبل لهذه الطريقة التي تعاطت فيها دول مجلس التعاون مع هذا الملف عبر دعوة العاهل السعودي لها للانضمام للمجلس في القمة قبل الأخيرة وبين عدم التطرق للموضوع بأي شكل من الأشكال في القمة الأخيرة بما تم تفسيره على أنه تراجع عن الدعوة السابقة في تصرف أزعج الكثيرين من المواطنين الأردنيين اللذين رأوا في هذا التصرف أمراً غير مقبول في التعامل مع دولة شقيقة وجارة ولها مكانتها كالأردن. اللواء استطلعت مجموعة من الآراء حول الموضوع: حيث قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك الدكتور وليد عبد الحي: انه كان يعتقد منذ توجيه الدعوة لانضمام الأردن إلى المجلس بأن هذه الدعوة لن يتم تنفيذها لمجموعة من الأسباب لعلّ من أهمها بحسب رأيه اعتقاد دول الخليج بان انضمام الأردن لدول الخليج يعني بأنه في كل اجتماع للمجلس ستكون القضية الفلسطينية بنداً على جدول الأعمال بسبب التداخل الشديد بين الأردن والقضية الفلسطينية بما تشمله القضية من العمالة والإخوان المسلمين وحماس وجميع القضايا المرتبطة فيها، وهذه قضايا دول الخليج غير متحمسة لأن تكون مطروحاً عليها من قبل أحد أعضاء المجلس.
تركيبة سياسية
السبب الثاني كما يقول الدكتور عبد الحي هو أن التركيبة السياسية في الأردن متقدمة جداً على دول الخليج لأنها تتضمن نقابات وأحزاب وصحافة بسقف مرتفع، وقضية قبول مثل هذه القوى والأحزاب من قوميين ويساريين مسألة ليست مغرية بالنسبة لهم الآن.

ولفت الدكتور عبد الحي إلى أن هناك جانباً آخر يتمثل في النسبة الكبيرة من العمالة التي في الخليج هي عمالة آسيوية والدول التي منها هذه العمالة وخاصة الهند تمارس ضغوطات كبيرة حتى لا يفتح الخليج لدول أخرى حتى لا يؤثر على نسبة العمالة التي يصدرونها لهم.
استفزاز
وأوضح الدكتور عبد الحي أن الاتكاء على أن الأردن قد تساعد دول الخليج عسكرياً في ضل الوجود العسكري الأمريكي في دول الخليج وفي ضل وجود درع الجزيرة غير منطقي أساساً، علاوة على أن قبول الأردن سيستفز دولتين أخريين وهما اليمن والبحرين ويثير تساؤلاتهما حول قبول الأردن والمغرب وهما دولتان غير خليجيتان وعدم قبول اليمن والعراق وهما جزء استراتيجي من بنية الخليج بالرغم من تقديمهم طلبات منذ فترة طويلة.

وأضاف الدكتور عبد الحي إلى عقبات أخرى مثل التركيبة السكانية والجمارك وبالتالي فهناك عقبات سياسية واقتصادية واجتماعية تجعل دول الخليج مترددة في قبول عضوية الأردن.

وقال الدكتور عبد الحي أن الأردن بحسب دراسات أجريت حول الدول العربية يأتي من حيث مستوى الاستقرار في الوسط، لكن من الممكن أن يميل عدم الاستقرار تدريجياً خلال الخمس سنوات القادمة ما لم يتم انقاذه اقتصادياً، وقد يكون لدى دول الخليج استعداد لإنقاذ الوضع الاقتصادي في الأردني للحيلولة دون اضطرابها، لكن هناك فرق بين المساعدة لضمان الاستقرار وبين العضوية الكاملة في مجلس التعاون الخليجي.
ترجيح
الكاتب الصحفي الزميل نبيل غيشان قال إن العرض منذ البداية كان مفاجئاً للمواطنين الأردنيين وللقيادة الأردنية أيضاً لأن الطلب قديم، لكن من الواضح أنه بعد أخذ ورد بين الدول التي كانت متحمسة للفكرة وتلك التي لم تكن كذلك رجحت كفة الرافضين لانضمام الأردن إلى المجلس هذا ما ظهر جلياً في قمة المجلس الأخيرة.

لكن غيشان بين أن المهم ليس انضمام الأردن إلى المجلس وإنما نتائج العلاقات الجديدة، مشيراً إلى أن الأردن بالنسبة لدول الخليج مهم جداً لأنه يقع في خاصرة أكبر دولة خليجية ولذلك فأمن الأردن من أمن المملكة العربية السعودية وواجب دول المجلس أن لا تقدم مساعدات لمدة زمنية محددة فقط لأن الوضع يتطلب مشروع اعمار كامل كمشروع اعمار أوروبا لأن الزلزال الذي ضرب المنطقة العربية زلزال كبير جداً ولا بد من استيعاب هذا الزلزال سياسياً واقتصادياً.
اتحاد جمركي
وطالب غيشان بضرورة وجود اتحاد عربي للجمرك والتنقل والطاقة وإحلال العمال العربية مكان الأسيوية في دول الخليج بهدف مساعدة الأردن وبقية الدول التي تعاني من أزمات لأن أي خطر يهدد الأردن يهدد جميع الدول المجاورة له، فالأصل أن يكون هناك برنامج كبير من دول الخليج لاستيعاب الهزات التي تضرب المنطقة سواء من خلال انضمام الأردن للمجلس أو بأي طريقة أخرى لأن قضية الانضمام للمجلس هي قضية شكلية فالمهم هو طبيعة العلاقات وطبيعة الدعم الذي ستقدمه دول الخليج، وهل هذه الدول بصدد مد يد العون للأردن أم لا؟.

وشدد غيشان على أن العادات التقاليد والتجانس الخليجي ليست سبباً مقنعاً لتحفظ بعض الدول على انضمام الأردن لأن التجانس العربي الشامل بين العرب في المشرق والمغرب أعظم واهم من التجانس الصغير بين الدول الخليجية.
خوف
الكاتب سلطان الحطاب أشار إلى أن الأردن تقدم لعضوية نادي سياسي وأي جهة تقدم لها طلبات عضوية تشترط جملة من الاشتراطات وهذه الاشتراطات قد تكون صعبة وقد سهلة، قد يكون العضو المتقدم للعضوية قادراً على تنفيذها وقد لا يكون، ومن الظاهر أن مجلس التعاون الخليجي تتغير سياساته بين الحين والآخر.

وبين الحطاب أن هناك ظروف سابقة هي التي أملت على دول الخليج دعوة الأردن للانضمام للمجلس قد تكون هذه الظروف تغيرت ولم تعد هذه الدول على نفس الدرجة من الرغبة في انضمام الأردن، وقد تكون وجدت بدائل من دول عربية أو إسلامية مثل معاهدة الدفاع المشترك التي وقعتها دولة الإمارات العربية المتحدة مع الباكستان، بالإضافة إلى توقيت الرغبة الخليجية في ضم الأردن والتي كانت عشية أحداث البحرين، الآن المسألة اختلفت ودول الخليج بدأت تفكر جدياً بأن لا تكون دعوتها للأردن بهذا الحماس لأنهم أبدوا ملاحظات على التركيبة الداخلية الأردنية فهم يقولون أن في الأردن أحزاب ونقابات وإضرابات ومطالبات وألوان عديدة من الأطياف السياسية والمعارضات وهذه أمور لا يرغبون في وجودها بحال انضمام الأردن للمجلس لأنهم أنظمة تقليدية وشعوب متجانسة ومتفهمة لواقعها، وبالتالي فهم يعتقدون أنهم لا يستطيعون احتواء الأردن الأمر الذي سيؤثر على تراكيبهم الداخلية السياسية والاجتماعية على حد سواء.

وقال الحطاب أن دول الخليج تعتقد أنها تلعب دوراً ايجابياً في الوطن العربي أكثر من أي بلد آخر، ويضربون أمثلة على قتال القطريين في ليبي، وأن مجلس التعاون الخليجي هو من قدم المبادرة المتعلقة باليمن، وهم من يعملون من خلال الجامعة العربية لصالح الشعب السوري، بمعنى أنهم يملكون فائضاً من القدرة على العطاء لذلك هم الآن ليسوا بحاجة لمساعدة من الأردن آو غيرها.

الزميل الحطاب لا يتفق مع الرأي القائل بأن التيار الذي كان منذ البداية معارضاً لانضمام الأردن أو متحفظ عليه انتصر على التيار الذي كان متحمساً للفكرة، مؤكداً أن الجميع كان متحفظاً وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية إذ أن الحماس السعودي كان مجرد مبادرة ملكية من قبل العاهل السعودي حين دعا الأردن للانضمام ولكن عند تنفيذ هذه المبادرة بدأوا هم يثقلوها بشروط صعبة، والسعودية نفسها على لسان وزير خارجيتها هي صاحبة المثال الذي يقول بأن دخول دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي هو الذي أضعف اليورو وسببت الكارثة الاقتصادية، ولو كان السعودية متحمسة فعلاً لسمعنا رأياً جديداً منه في القمة الأخيرة.

وختم الحطاب قوله بأن الدول الخليجية جميعهاً متحفظة على دخول الأردن للمجلس وإن بدرجات مختلفة لكنها في ذات الوقت حريصة على علاقات ثنائية مع الأردن ومساعدته اقتصادياً.

التاريخ : 2011/12/27

تعليقات