عبد الوهـَّاب المجالي .. سحب معه شقيقيه عبد السلام وعبد الهادي إلى المنصب الوزاري

لم يكن الشاب الكركي عطا الله المجالي وهو يتلقى البشرى بينما كان عرقه يتصبَّـب وهو يكدح في أرضه في قرية الياروت / الكرك بولادة بكره عبد الوهـَّـاب في عام 1924 م يتخيَّل أن هذا الطفل سيدخل في قادم الأيام نادي الوزراء ويسحب معه إلى النادي شقيقيه اللاحقين عبد السلام ( 1925 م ) وعبد الهادي ( 1934 م ) ، وعندما أصبح عبد الوهاب في سن الإلتحاق بالمدرسة كان من حسن حظه أن والده بادر إلى تسجيله في مدرسة الكرك خلافا للكثيرين من الآباء الذين كانوا يُحجمون عن تسجيل أبنائهم لتشغيلهم في فلاحة الأرض ورعي الماشية ، وعندما أنهى دراسته في مدرسة الكرك إنتقل إلى السلط ليلتحق بمدرستها التي كانت آنذاك الثانوية الوحيدة في الإمارة ، وبعد إنهائه دراسته الثانوية إلتحق بكلية الحقوق في الجامعة السورية ( جامعة دمشق لاحقا ) وتخرَّج منها في عام 1945 م وعاد إلى الكرك وافتتح مكتبا للمحاماة ، ولكنه لم يلبث أن يممَّ شطر العاصمة عمـَّـان ليلتحق بوزراة الخارجية سكرتيرا للسفارة الأردنية في القدس ثمَّ في السفارة الأردنية في بغداد حتى أواخر الخمسينيات حيث نـُقل إلى وزارة الداخلية مديرا عاما للجوازات ، ثمَّ نـُقل إلى وزارة الاقتصاد الوطني مديرا عاما لمؤسَّـسة ميناء العقبة ورئيسا للجنة تنظيم الميناء فدفعه المنصب الجديد إلى دراسة تخصص جديد في التجارة والتصنيع في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولم يلبث أن دخل معترك العمل النيابي بعد فوزه بأحد مقاعد الكرك في الإنتخابات التي جرت في 27 / 11 / 1962 م لإفراز المجلس النيابي السابع ( 27 / 11 / 1962 ــ 21 / 4 / 1963 م ) ، ثمَّ في المجلس التاسع ( 18 / 4 / 1967 م ــ 7 / 2 / 1976 م ) ، وفي مرحلة غياب المجلس النيابي اختير عضوا في المجلس الوطني الاستشاري ( 1978 م ) ، وبعد عودة المجالس النيابية فاز بعضوية المجلس العاشر ( 16 / 1 / 1984 ــ 30 / 7 / 1988 م ) ، ولم يسعفه الحظ في إنتخابات 1989 م .

على صعيد المشاركة في الحكومات شغل أبو عامر المنصب الوزاري ( 8 ) مرَّات كان أولها إشغاله منصب وزير الاقتصاد في أوَّل حكومةٍ شكـَّـلها الرئيس وصفي التل في 28/1/1962م ، ثمَّ شارك في حكومات الرئيس وصفي التل الثلاثة اللاحقة المشكـَّـلة في 2/12/1962م ، 13/2/1965م ، 22/12/1966م ، ثمَّ شارك في حكومتي الرئيس سعد جمعه الأيوبي المشكـَّــلتين في 23/4/1967م ، 2/8/1967م ، ثمَّ شغل منصبَ وزير الدفاع ووزيرَ دولةٍ لشؤون رئاسة الوزراء في حكومة الرئيس عبد المنعم الرفاعي المشكـَّـلة في 27/6/1970م ، وفي عام 1970 م اختير مديرا عاما لشركة مناجم الفوسفات الأردنية فكان أحد أنجح المدراء الذين تعاقبوا عليها ، وتسلم ذات الموقع في عام 1976 م ، وشغل منصبَ نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم في حكومة الرئيس زيد الرفاعي المشكـَّـلة في 4/4/ 1985 م ، وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ عبد الوهـَّـاب المجالي كاد أن يُشكـِّـل الحكومة ولكن أحداث 1970 / 1971 م حالت دون ذلك .

على صعيد النشاط السياسي تأثر المجالي بطروحات الحركة الوطنية العروبية الوحدوية التي كان أساتذته في مدرسة السلط الثانوية يبثونها في نفوس طلابهم ، وفي أثناء دراسته في الجامعة السورية في دمشق تأثر بأفكار الحركات القومية التي كانت ناشطة بين طلاب الجامعة ، وانتظم مع حركة القوميين العرب في مطلع الخمسينيات ثمَّ ابتعد عنها تنظيميا في أواخر الخمسينيات ، ويُرجع كثير من المحللين مشاركة المجالي في جميع حكومات الرئيس وصفي التل بسبب ما كان يجمعهما من تعاطف مع أفكار وطروحات حركة القوميين العرب ، وفي 11 / 7 / 1991 م إنتقل الأستاذ عبد الوهـَّـاب المجالي « أبو عامر « إلى رحمة الله عزَّ وجلَّ .

نـُبذة ٌ عن المجالية / آل المجالي



هناك روايتان حول نسب عشيرة المجالية / آل المجالي :

الروايةالأولى : تردُّ هذه الرواية المجالية إلى قبيلة تميم النجدية ( تميمُ بن مُر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان ) ، وتقول الرواية كما توردها العديد من المراجع إن جدَّ المجالية رميزان التميمي ( نسبة إلى بني تميم ) ارتحل من الحويزة في نجد إلى ريف بلاد مصر ، ثمَّ ارتحل بعض أحفاد رميزان من مصر إلى الخليل حيث تولـَّـى بعضهم خدمة مقام سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام والإشراف على وقف الصحابي الجليل تميم بن أوس الدَّاري اللخمي ، وبسبب عملية الإشراف على الوقف الدَّاري اختلط الأمر على البعض فنسبوا أعقاب أحفاد رميزان الذين قدموا إلى الخليل من نجد مروراً بمصر إلى الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري ، وتمضي الرواية فتذكر أن أحد أبناء أحد أحفاد رميزان واسمه جلال بن شديد بن رميزان ارتحل من الخليل إلى الكرك حيث تشكـَّـلت من أعقابه عشيرة المجالية الكركية ، ويُـعزِّز الدكتور الصيدلاني عبد الرؤوف الروابدة في كتابه ( معجم العشائر الأردنية ) الرواية التي تردُّ المجالية إلى قبيلة تميم بن مر العدنانية النجدية ، ويضيف أنه عندما قامت ثورة الكرك في منتصف القرن السابع عشر في عهد السلطان سليمان القانوني وأخمدها واليه على نابلس يوسف نمر الشوربجي ، قام الشوربجي بإجبار العديد من عشائر الكرك الذين شاركوا في الثورة إلى النزوح إلى بئر السبع بفلسطين ، أما التميميون فأجلاهم إلى الخليل ، وبعد عشر سنين ( تقول رواية أخرى بعد حوالي سبعين عاما ) عاد التميميون إلى الكرك بقيادة جلال بن شديد فقال الناس : « عاد الذين جلوا ، أي رحلوا « فسميوا المجالي .

الرواية الثانية : تردُّ هذه الرواية التي أوردتها العديد من المراجع أيضا آلَ المجالي ( المجالية ) إلى ِالصحابي الجليل تميم بن أوس الداري اللخمي ( قبيلة لخم القحطانية ) رضي الله عنه ، وقد يُعزِّزُ هذه الرواية الإعلان الذي نشرته الصحفُ الأردنية قبل سنواتٍ قليلةٍ عن تشكيل مجلس ٍعائلي ٍيضمُّ العشائر والعائلات التي تنتسب إلى الصحابي الجليل تميم الدَّاري وفي مقدمتها آل التميمي في الخليل وآل المجالي في الكرك ، وتمَّ انتخاب المهندس عبد الهادي عطا الله المجالي رئيساً للمجلس ، واختير الدكتور نادر اسعد بيُّـوض التميمي نائباً للرئيس ، ويذكر الأستاذ راتب نجل الوزير الأستاذ صالح رفيفان المجالي أنه عثر بين محفوظات والده على مخطوطة يشير إلى أن الأمانة العلمية تدفعه للشك في أن تكون من إعداد والده ، كما يذكر أن الأمانة العلمية تدفعه لإعلان أنه غير مسؤول عن صحة محتوياتها ، وتذكر المخطوطة أن عشيرة ( المجالية / آل المجالي ) تنتمي إلى الصحابي تميم الدَّاري الذي استوطن أحفاده مدينة الخليل وتولوا فيها جمع ما يسمونه ( الودي ) لإصلاح مقامات الإنبياء والرسل في تلك المنطقة ومساعدة الفقراء والمحتاجين ، فتوسعت مناطق نفوذهم بحيث شملت منطقة شرق الأردن ، وفي ذلك الحين انتدب أحد المشرفين على هذه الجباية ويدعى ( شديد ) ليتولى جمع ( الودي ) من قبائل شرقي الأردن ، وتتابعت سفراته إلى تلك المنطقة فلما أنس بهم وتعرف على طباعهم وعاداتهم طاب له المقام فاستوطن في مدينة الكرك وتزوج من امرأتين ، الأولى من عشيرة الشوابكة والثانية من عشيرة اليزايدة من سكان البلقاء فأنجب منهما أربعة أولاد هم : 1 ) جلال جد قبيلة المجالي ، 2 ) ياسين جد عشيرة البيايضة ، 3 ) رشيد جد عشيرة معايطة بتير ، 4 ) عبدالله جد عشيرة معايطة أدر ( ملاحظة : المعايطة يذكرون أنهم من تميم نجد ) ، وبعد أن استوطن شديد في مدينة الكرك استمرَّ في جمع ( الودي ) كعادته ، ويُعزِّز كتاب ( قاموس العشائر في الأردن وفلسطين ) الرواية تقول إن المجالية ينتسبون إلى تميم الداري من بطون قبيلة لخم من كهلان من قطحان ، وإن أصلهم من الخليل وكانوا يُعرفون بالتميمية ، وإنهم جلوا عن الكرك ثم عادوا إليها في سنة 1641 م فأصبحوا يعرفون باسم المجالي / المجالية .

التاريخ : 24-03-2012

تعليقات