متعب الصقار .. «الوطن ما هو أغاني وشماغ مدلى ع الكتفين»



الدستور ـ طلعت شناعة

لا فرق بين متعب الصقار الانسان أو «مِتعب» الفنان. نفس الشخص ونفس الشخصية. «فلاّح» يسكن روح مطرب اختصر تراث «سهول حوران» في «بحّة» صوته.

وربما كان الحوار معه «مُتعِب» لهذا السبب. كلماته تذهب الى الامثال الشعبية والى اغانيه التي يرددها. وحين تجلس معه، تشعر بطيبة الطفل الذي يعيش في جسده. يقول ما يفكر به فورا ودون تردد.

كان اللقاء معه وكما قال أشبه ب «فشّة غُلّ»، ولم يكن حوارا «تقليديا»، واعترف انني لأول مرة أُجري لقاء مع صاحب أُغنية «هلا يا عين ابونا»، رغم أننا أصدقاء منذ زمن بعيد. ولهذا تركتُ الفنان «متعب» يبوح بما لديه متناولا تجربته وما يفكر به بصوت منخفض ومرتفع، وكذلك «حال الأُغنية» الاردنية واغنيات زملائه وما يحب منها. وحضر اللقاء الشاعر خالد الوريكات الذي وصفه متعب ب «محمد حمزة» مقارنة بالشاعر محمد حمزة شاعر عبد الحليم حافظ والذي كان يشعر باحساسه ويعبّر عنه كما لو كانا روح واحدة في جسدين.

طفولة في «الرمثا»



* لنبدأ من طفولتك، لماذا أسموك «متعب».. هل كنت طفلا متعبا؟

ـ «يضحك»، لا طبعا. بل لوجود خالي الذي كان يدرس الطب في اسبانيا وأرادت والدتي رحمها الله ان تسميني على اسم شقيقها. وهي عادة متبعة في القرى.



* وكيف اكتشفت «الفنان» منذ صغرك؟



ـ من أيام المدرسة، كنت أُغني واشارك في النشاطات المدرسية. كنا نطلق النكات ونحكي القصص ونقوم بالتمثيل.

كنا نذهب مع الحصادين ونغني وندبك مثل كل الناس. وكان الناس يأكلون من طبق واحد.



* هل كنت طالبا متفوقا؟

ـ لا أظن ذلك، بل كنت مهملا. كان لوالدي «دكان» بسيط ولعله كان «أول» محل تجاري في «الرمثا».

كنا عددا من الأولاد والبنات في عائلة واحدة وكان الأب مهتما بتجارته وعمله. وكان لدينا ماشية. ولم أُكمل دراستي بسبب حبي للفن وأشعر بالندم لذلك. بقي الفن بالنسبة لي هواية والان أعزف على آلة موسيقية واتدرب واتعلم.



الاغنية الوطنية



* كيف تنظر الى ما يطلقون عليها «أُغنية وطنية»، هل اختلطت الامور؟

ـ لدينا أغان بلا حسيب او رقيب. هناك أُغنيات لمؤسسات ولا أعتبرها أُغنيات وطنية.



* لكنك ساهمت في هذا النوع من الغناء، ما رأيك؟

ـ نعم. أنا غنيت للوطن ولقائد الوطن. ولم أستغل صوتي وفني لصالح أشخاص ولم أذهب الى «خيَّم النواب» رغم ان ذلك كان يمكن ان يفيدني ماديا.



* قدمت أغاني تحمل مفردات آنية ومرتبطة بأحداث قد لا يراها كثيرون مهمة مثل أغنية «مهند ولميس» وغيرها، كيف تفسر ذلك؟

ـ غنيت للوحدة الوطنية. غنيت للفيصلي وللوحدات وللمنتخب الوطني. كان في غنائي رسالة ما سواء سياسية او اجتماعية.

قدمت ما أشعر به بالفطرة.



فساد



* ما ينقص الاغنية الاردنية؟

ـ بصراحة نحتاج الى تعزيز الجيد ونبذ ونقد السيّء وهذا دوركم ـ وسائل الاعلام ـ. لا بد أن تقوموا بدوركم كما ينبغي وبقسوة حتى يظهر الجيد من سواه. لقد ضاع حقنا الادبي في كثير من الاحيان. حق الشاعر والكاتب للاغاني وحق المطرب.

* هل ترى أننا نعاني من «فساد» ما في في الفن؟

ـ نعم وهو جزء من الفساد العام. وهناك شخصيات واثرياء ومتنفذين ورجال أعمال واموال يساهمون في افساد الفن والاغنية. ولهذا تجد مطرب ارتفع سعره الى حد لا يستحقه والعكس صحيح بالنسبة لغيره من المطربين.



* تعني وجود «طرف ثالث» خفي، يمارس هذا الدور السلبي؟

ـ نعم . واقول لهؤلاء: أُتركونا بحالنا.

تخيل أن هناك من انتحل اسمي على «الفيس بوك» وانا لا علاقة لي بذلك، بل أنني لا اتعامل مع الانترنت والفيس بوك وغيره اطلاقا.

* كيف تنظر الى المهرجانات، هل تسهم بصناعة مطربين؟

ـ لا بد ان نضع أُسسا لهذه المهرجانات وخاصة المهرجانات الغنائية. فنكرس الجيد ونحارب الرديء.



* وبرامج المسابقات «الفضائية» ؟

ـ هذا جزء من الغزو الفكري. فائدة مثل هذه البرامج انها تدر أموالا على شركات الاتصالات وتسهم بخلق التفرقة بين ابناء الدول العربية عبر الانحياز لهذا المطرب او ذلك. اعتقد ان هذه البرامج جاءت لتهينا عن قضايانا المصيرية.



* ما عيوب الغناء في الأعراس وانت واحد ممن يفعلون ذلك؟

ـ عادة ما أدرس وضع العريس وأهله ومنطقته قبل الموافقة على المشاركة في العرس. كما أنني ضد الغناء وتقديم الأغاني الوطنية في الأعراس، ومن يفعل ذلك من المطربين لا يكون متمكنا من برنامج حفلته. انا اقدم الاغاني الشعبية.



روح التنافس



* علاقتك بزملائك المطربين، كيف تراها؟

ـ جيدة ولكن هناك من يسعى لافساد ذات البين باطلاق الشائعات والالقاب.



* هل سبق وأُعجبت بأُغنية لزميل لك؟

ـ نعم.. اغنية عمر العبدالات «جيشنا» واغنية اللوزيين «يا بيرقنا العالي». وعادة ما أقوم بالاتصال بالزملاء واهنئهم على اغنياتهم الجيدة والناجحة. ما عندي مشكلة ان فعلت ذلك. انا مع التنافس الشريف.



* مع من تعاملت من الشعراء وكتاب الاغاني واعجبوك؟

ـ بدأت مع حبيب الزيودي في اغنية «هلا يا عين ابونا». وماجد زريقات وحسين غرايبة ورائد شطناوي وخضر الأحمد وخالد وريكات الذي يفش غلي في كلماته.

ان كل موضوع يستهويني اقوم بتفصيل اغنية خاصة له، لاني لا احب الأعمال الجاهزة، اكثر ما يشغل بالي الأن هو موضوع عن البيئة، حيث كنت اتابع برنامجا على احد الفضائيات الأردنية، ولمست الاستهتار الذي يقوم به الناس في المنتزهات العامة من ترك النفايات وقطع الازهار والاشجار وغيرها من المخالفات البيئية التي تؤثر على الانسان بشكل عام والمصلحة الوطنية بشكل خاص.

المواطن الأردني تجذبه الكلمة الحلوة وضرب مثالاً على احد المواقف حيث قال: نحن ما زلنا نعيش مناسبات الاعراس في عاداتها وتقاليها الجميلة ومن احد الطقوس ان ندخل الى منزل العريس بعد خلع الأحذية وفي احد المرات كنا في زفة لصديق مقرب، ودخلنا دون ان نخلع الأحذية فما كان من والد العريس ليلفت نظرنا بطريقة لا تجرح احدنا، فقال: دوسوا في احذيتكم حبايبي العريس غالي علينا كثير، فما كان منا الا العودة الى الوراء وخلع الأحذية، لو كان الأسلوب استفزازيا او غير لائق لكان هناك مواقف مغايرة.



تكريم



* يتم تكريم بعض الفنانين احيانا، واحيانا لا تكون من بينهم، هل يضايقك ذلك؟.

ـ الشمس لا تغطى بالغربال. لذلك فأنا لا الوم أحدا لأن الحق الأول والأخير على الفنان نفسه.

وحين يكرم اي شخص يجب ان يكون على قدر هذا التكريم ليأخذ كل انسان حقه، وما يؤرقني أكثر هو الفنان «الممثل الدرامي» لأن المطرب يمكن ان يعمل في أي مكان أو مناسبة لكن الممثل لا يمكنه ذلك.. وذلك يعود لأسباب قاهرة مثل عدم التواصل فيما بين الفنانين الاردنيين ومنهم من يعيش حالة من الحرب ضد بعضهم البعض .

بناتي



* كونك أبا لثلاث زهرات ماذا تعني لك كل واحدة منهن وهل تحب ان يطلق عليك ابو البنات؟.

ـ انا أرى الفصول الأربعة مع بناتي.. «شهد» 8 سنوات، هي احساسي الصادق ومعها غنيت باحساس صادق لا يمكن ان أوصله الا لها.. اما «غالية» 6 سنوات - ناقد ورقيب - فهي منحازة لي وكثيراً ما تردد أعمالي وتنتقدها ولا تسمح لأحد ان يتعدى عليها. وأخر العنقود.. «بيسان» سنة ونصف السنة، هي اشتياقي، كما انها مستمعة جيدة تحفظ وتردد كل ما تسمعه مني وتفاجئني كثيراً حين تكمل جملة أكون قد بدأت ارددها في البيت واحياناً «اتهاوش» معها خاصة اذا كان صوتي عالياً في المنزل.



* ماذا اضاف لك الغناء لمقدمة بعض الأعمال الدرامية، وهل تؤيدها؟

ـ لقد شاركت في عملين مع الفنان وليد الهشيم من خلال المركز العربي وهما مسلسل «راس غليص» و»عودة ابو تايه»، واستفدت كثيراً من هذه التجربة التي أرى انها من حق اي فنان، فهي تعرّف المتلقي بالفنان والعكس. ومن المواقف الجميلة التي كانت ردة فعل لهذه الأعمال حين ذهبت الى الامارات العربية المتحدة لأغني للجالية الأردنية بمناسبة عيد الاستقلال، وهناك كانت لي صداقات حاولت الاتصال بهم فلم اجد من يجيبني وغنيت في أحد المولات «ألا يا أهل ابو ظبي كيف المحبة تهون» ودخلت الى أحد المحلات لأشتري ثوبا لزوجتي وكان البائع اسمه عبد الرحمن فغنيت له موالا يقول «راعيني يا عبد الرحمن» فأستوقفتني فتاة في المحل وقالت لي هذا الصوت أعرفه جيداً الست انت الفنان الأردني الذي غنى مقدمة مسلسل «راس غليص».



متعصب



* لك لونك الخاص، ألن تحيد عنه؟

ـ انا «متعصبّ للهجتي»، وكل فنان له خطه وأعتز بهذا اللون المحلي المعبرعن واقعنا وتراثنا ولا غنى لي عنه، ماذا تريدني ان اقول للمستمع في أغنية «اكذب عليك»، «اتشذب عليك» هكذا انا ولن اتغير. اما الأغنية التراثية فهي تزداد قوة في الخارج أكثر من الداخل وممكن أن ترى فنانا أردنيا على فضائية لكن لن ترى أغنية أردنية، ولذلك هناك أمور كثيرة نحن بحاجة ماسة لها واهمها التكاتف والتعارف مع الجهات الاعلامية وأبناء الوطن في الخارج، لأننا فقدنا ثقتنا في مؤسساتنا المحلية.



* كيف ينظر متعب الى المرأة عامة ؟

ـ المرأة في الغالب اليوم لا تشبه أمي، لكن هي الأم والحبيبة والزوجة وهي ممكن ان تهمل الجميع لكنها لا تهمل الزوج وتحرص على ما يحبه ويرضاه، وانا حريص على ارضاء زوجتي جداً، ومع الأسف الشديد هذه الأيام الرجل «يغلط» كثيراً في حق المرأة ويتعرض لها بالضرب والاهانة وعدم احترام العلاقة، وهؤلاء اعتبرهم شياطين الأرض، وتلك الأسباب تعود لبعدنا وعدم تمسكنا بالدين الحنيف.



* ما هي برأيك طرق دعم الفنان الاردني؟

ـ الفنان يصنف من خلال تحليل أعماله، اما بالنسبة لتقديم الدعم فاسألوا اهل العلاقة، وهناك طرق كثيرة يمكننا القيام بها لدعم الفن الأردني، اولاً يجب دعم نقابة الفنانين الأردنيين، كما يجب ان يعمل الفنان الأردني على احياء وتعزيز مواقفه مع اخيه الفنان من خلال الزيارة والتواصل ليس فقط معنوياً ومادياً ايضاً، وهناك طرق كثيرة، مثلاً ان يكون لدينا صندوق للحالات الخاصة والطارئة، وبامكان عدد من الفنانين احياء حفل خاص ويكون مردوده المادي لدعم زملائنا الفنانين وهذا لن يتم بالشكل الصحيح الا اذا انقذنا الجسم الفني الذي يعاني من الشللية لأن كثيرين يعملون لمصالحهم الخاصة.
التاريخ : 27-03-2012

تعليقات