صور قديمة لقصر المشتى | 1906 ميلادي

يتخذ قصر المشتى شكلاً مربعاً طول ضلعه 144م، أقيم في زواياه أبراج دائرية. يبرز عن الجدران المحيطة بالقصر التي يزيد ارتفاعها في بعض الأجزاء عن خمسة أمتار خمسة أبراج نصف دائرية، باستثناء الجدار الجنوبي حيث يوجد أربعة أبراج نصف دائرية وبرجان مضلّعان (شكلهما شبه مثمن) يحيطان بالمدخل الذي فتح في منتصف هذا الجدار. يعتبر مخطط قصر المشتى من أكثر مخططات القصور الأموية تطوراً، فهو ينقسم من الداخل إلى ثلاثة أجنحة أو أقسام بواسطة جدارين يمتدان من الشمال إلى الجنوب. وينقسم الجناح الأوسط بدوره إلى ثلاثة أقسام، الأوسط منها بمثابة ساحة متوسطة مكشوفة. وهذا ما دعى الأستاذ كريزول إلى أن يطلق على هذا المخطط اسم "التقسيمات الثلاثية المتوالية."

   

  

 


تحتل الأبنية الرئيسية القسمين الشمالي والجنوبي من الجناح الأوسط. أما الجناحان الجانبيان فخاليان من أية نتوءات حجرية تبرز من الأسطح الداخلية للجدران الجانبية مما يدل على عدم اكتمال مشروع بناء القصر. يفتح المدخل في الحائط الجنوبي، ويؤدّي إلى ممر متطاول يطل من طرفه البعيد على ساحة مكشوفة كانت تحيط بها سقائف. يحيط بالممر من الشرق مسجد، ومن الغرب بناء غير واضح الوظيفة ربما كان مخصصاً لحرس القصر. أما القسم الشمالي من الجناح الأوسط فقد أقيم فيه ما يمكن أن نطلق عليه اسم الجناح الرسمي. يتكون هذا الجناح من قاعة الاستقبال التي تنتهي بغرفة ذات ثلاث حنيات.

يتم الدخول إلى الجناح الرسمي عبر مدخل ذي ثلاثة عقود تنبثق من أكتاف تعلوها تيجان كورنثية. يؤدي المدخل إلى قاعة الاستقبال التي تتبع مخطط البازيليكا (تنقسم إلى ثلاثة أجنحة بواسطة صفين من الأعمدة)، وتنتهي بغرفة العرش ذي الحنيات الثلاث. يحيط بالجناح الرسمي من الشرق والغرب زوج من الوحدات السكنية (البيوت) تتألف كل واحدة منها من ساحة متوسطة يكتنفها من جانبين غرف مزدوجة فتحت بها بوابات تطل على الساحة المتوسطة المكشوفة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأبنية قد شيدت باستعمال ألواح من الطوب أقيمت فوق قواعد حجرية تتكون من أربعة مداميك من الكتل الحجرية المشذبة.


لعل أهم ما يميز قصر المشتى هو واجهته الحجرية ذات الزخارف الدقيقة التي نقلت في سنة 1904 إلى برلين حيث تعرض في قاعة الفن الإسلامي التابعة لمتحف برغامون. تشتمل العناصر الزخرفية التي تبدو لدقتها وكأنها محفورة في الجص على أوراق العنب والأكانثوس وأقراص وردية تنتشر بينها أشكال طيور وحيوانات أخرى (بعضها حقيقي وبعضها أسطوري) بالإضافة إلى أشكال آدمية. يلاحظ أن الزخارف على الواجهة المقابلة للمسجد تقتصر على الزخارف النباتية، وتخلو من الأشكال الحيوانية والآدمية. تعكس هذه الزخارف تأثيرات ساسانية وأخرى بيزنطية وقبطية، لكنها تمثل في تنوعها وتكاملها أسلوباً فريداً.

طريقة تأريخ المبنى:

أرّخ المبنى استناداً إلى المصادر التاريخية التي تذكر أن الوليد الثاني رعى إنشاء العديد من المشاريع العمرانية في هذه المنطقة، وقد أدى اغتياله إلى توقف تنفيذ مشروع بناء القصر. كذلك فإن أساليب البناء ونمط الأسقف (كالعقود المدببة والأقبية البرميلية)، فضلاً عن وجود مسجد في البناء كلها تؤيد نسبة القصر إلى العصر الأموي. كما أن العثور في داخل القصر على لوح من الطوب نقشت عليه كتابة عربية تحمل اسم سليمان بن كيسان يدل على أن القصر كان قد شيد في نهاية العصر الأموي.


تعليقات